رئيسيسياسة عربية

لاجئون غير شرعيين في ليبيا ينتظرون مصيراً غامضاً

يخرج لاجئون الواحد تلو الاخر من مركز امني في مدينة مصراتة الليبية ويتوجهون الى ساحة حيث يجلسون في صفوف طويلة بانتظار معرفة مصيرهم بعدما اعتقلوا في البحر خلال محاولتهم الهجرة الى اوروبا.


وفي الساحة الصغيرة، يسير عناصر امن وضعوا اقنعة طبية بيضاء تغطي انوفهم وافواههم قرب هؤلاء المهاجرين الذي خاطروا بحياتهم، بعضهم حفاة، وبعضهم بلا قمصان، املا ببلوغ اوروبا انطلاقا من سواحل ليبيا.
يقول عبد الرشيد وهو احد افراد مجموعة المهاجرين هذه وعددهم 261 لوكالة فرانس برس الاربعاء «كنا نريد ان نسافر الى اوروبا، فاتينا الى ليبيا، ثم قبضوا علينا (…) هناك مرضى بيننا حالياً».
وتابع هذا الشاب الصومالي الذي ارتدى سترة برتقالية وسروالاً احمر «الظروف الصعبة والحرب تدفعنا الى الهجرة. دفع كل منا 600 دولار ولم نصل. كل ما نريده الان هو ان يأخذونا الى مفوضية اللاجئين. هذا كل ما نريده».
القت قوات خفر السواحل في مصراتة على بعد حوالي 200 كلم شرق طرابلس الاحد القبض على عبد الحليم والمهاجرين الاخرين حين كانوا على متن قارب متجه الى سواحل اوروبا الجنوبية التي لا تبعد سوى بضعة مئات من الكيلومترات عن السواحل الليبية.
وعلى مقربة من عبد الرشيد، جلس محمد بصمت بين المهاجرين الاخرين، يبتسم حيناً، ويضع يديه على وجهه حيناً اخر.
ويقول محمد الاتي من السنغال متحدثاً بالانكليزية «اردت ان اذهب الى ايطاليا. لا يمكنني الذهاب مباشرة فاتيت الى هنا، لكنني لم اتمكن من القيام بذلك اذ قبضوا علينا في وسط البحر واعادونا الى هنا».
ويتابع محمد ذو البشرة السمراء والذي قضى عاما في ليبيا قبل ان يحاول الهجرة الاحد «الان لا نعرف ماذا نفعل، او الى اين سيأخذوننا. لسنا مرتاحين هنا، لا اكل ولا شرب لدينا، والحمامات وسخة جداً».
ويحاول مئات الاف الاشخاص الهجرة من شمال افريقيا الى اوروبا سنوياً، وتشير المنظمة الدولية للهجرة الى ان اعداد المهاجرين الذين وصلوا الى ايطاليا وحدها منذ بداية العام الحالي يبلغ 15 الف شخص.
وفي 2014 بلغ عدد الذين دخلوا بصورة غير قانونية الى الاتحاد الاوروبي 276 الفاً، اي اكثر بثلاث مرات من العام السابق. ووصل منهم 220 الفاً عبر المتوسط بحسب الوكالة الاوروبية لمراقبة الحدود «فرونتكس».
وياتي معظم المهاجرين من دول افريقية، بينها مالي وغانا وتشاد، لكن بعضهم الاخر يأتي من العراق الذي يشهد اعمال عنف متواصلة منذ العام 2003، وسوريا التي تعيش على وقع نزاع مسلح منذ 2011.
وتشهد ليبيا فوضى امنية ونزاعاً مسلحاً سمحا بتزايد الهجرة غير الشرعية عبر سواحلها التي تفتقد للرقابة الفعلية.
وقال صالح ابو دبوس رئيس الشؤون الادارية ومكتب التحقيقات في مركز مصراتة لمكافحة الهجرة غير الشرعية لفرانس برس «عدد المهاجرين غير الشرعيين في المركز حالياً يتجاوز الـ 900 شخص».
واضاف «انقذنا هؤلاء في وسط البحر».
وتتراوح الاسعار التي يتقاضاها مهربو المهاجرين غير الشرعيين من 400 دولار الى 1500 دولار للحصول على مكان في قارب. وعند وصولهم الى ليبيا يمكن ان يبقى المهاجرون هناك اياماً عدة او يبقوا سنوات عدة كعمال، قبل ان يحاولوا الهجرة.
وغالباً ما تكون المراكب غير مؤهلة للسفر او تحمل عدداً اكبر بكثير من الحمولة المسموح بها، ما يؤدي الى غرقها، لتقوم عندها مراكب من جنوب اوروبا بالانطلاق الى مكان الحادثة ومحاولة انقاذ من يمكن انقاذه بعد تلقيها نداءات استغاثة تكون احياناً من المهربين انفسهم.
والاحد فقد نحو 400 مهاجر غير شرعي بعد غرق مركبهم في المتوسط بحسب ما ابلغ ناجون منظمة الهجرة الدولية ومنظمة «سيف ذي تشيلدرن» غير الحكومية بعد وصولهم الثلاثاء الى ايطاليا.
وكان خفر السواحل الايطاليون الذين ساعدوا 42 زورقاً تقل اكثر من 6500 مهاجر الاحد والاثنين، اعلنوا انهم تمكنوا من انقاذ 145 شخصاً وانتشلوا تسع جثث بعد غرق احد هذه الزوارق المنطلقة من ليبيا.
وفي مركز التوقيف في مصراتة، يشكو موسى السنغالي من الظروف التي يعيش فيها حالياً، ويطلب عدم معاملته كرهينة.
ويقول متحدثاً بالفرنسية «جئت الى ليبيا منذ سبعة اشهر وواجهت صعوبات كثيرة. اريد ان احصل على بعض المال لعائلتي فقط، ولذا قررت ان اغادر الى اوروبا».
ويضيف وهو يحاول حبس دموعه «عثروا على مركبنا وعدنا الى هنا مساء الاحد حيث لا مكان ننام فيه. نعامل كرهائن في الوقت الحالي، لكننا لسنا رهائن، نحن بشر نريد ان نطعم عائلاتنا كغيرنا».

ا ف ب
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق