أبرز الأخبارسياسة عربية

سلام من الكويت: النتيجة الاخطر للنزوح السوري هي الوضع الامني

اكد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، في «المؤتمر الثالث للمانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا»، المنعقد في الكويت، «ان العلاج المطلوب يكمن في إدارة الوجود السوري بحزمة من الإجراءات العملية والفاعلة»، مشيراً الى «خطة مفصلة للحكومة اللبنانية تفوق قيمتها مليار دولار، تتضمن قائمة برامج موزعة قطاعياً، ومترجمة في شكل مشاريع تنموية ضرورية. وأعلن «ان هذا المقترح، القابل لأي تعديلات يأتي في إطار «خطة الاستجابة للأزمة» للعامين 2015 و2016، التي وضعت بالتنسيق مع المنظمات الدولية والتي تبلغ قيمتها مليارين ومئة مليون دولار».
كلمة سلام
وقال سلام في كلمته: «إنه لمن دواعي سروري أن أكون بينكم اليوم في هذا المؤتمر البالغ الأهمية الذي تنظمه دولة الكويت الشقيقة، للعام الثالث على التوالي، تأكيداً لدورها الطليعي في الجهود الانسانية المبذولة لمساندة النازحين السوريين الهاربين من جحيم الحرب في سوريا، وفي وقوفها الى جانب دول الجوار، لمساعدتها على تحمل الأعباء الهائلة للنزوح… فشكراً لدولة الكويت، ولأميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي كان دائماً سباقاً في الحدب على لبنان واللبنانيين، ورائداً في العمل الإنساني في العالم العربي وفي العالم ككل».
اضاف: «وأود أن أتوجه بالشكر أيضاً إلى جميع الدول المانحة، وكذلك إلى المنظمات الدولية الفاعلة وخصوصاً المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التي وقفت جميعاً إلى جانب لبنان وساندته في التعامل مع التحدي غير المسبوق، الذي شكله النزوح السوري بالنسبة الى بلدنا».
وأعلن سلام «ان الأزمة السورية المؤلمة دخلت عامها الخامس. وقد سببت هذه المأساة حتى الآن، سلسلة من التداعيات المتعددة الأوجه، على السوريين وبلدهم أولاً، ثم على الدول المجاورة وشعوبها»، مشيراً الى «ان لبنان يستضيف اليوم حوالي مليون ونصف مليون نازح، أي ما يوازي ثلث عدد اللبنانيين المقيمين. وقد وقع هذا الدفق البشري المفاجىء، على بلد يشكو أساساً من هشاشة في بنيته التحتية، وضعف في أوضاعه الاقتصادية، ويواجه تحديات سياسية وأمنية كثيرة».
وقال: «لقد عاينت المنظمات الدولية المرموقة، الممثلة على أعلى مستوى في هذا المؤتمر، النتائج الكارثية لوجود هذا العدد الهائل من النازحين، ووثقت بدقة احتياجات لبنان المتأتية عن هذا الواقع وانعكاساته المريعة على الأوضاع الإنسانية. وتعلمون جميعاً أن النتيجة الأخطر للنزوح هي الوضع الأمني الذي شكل ويشكل تهديداً مباشراً للاستقرار. وقد شهدنا تسلل مسلحين إرهابيين إلى لبنان وتمركزهم في بؤر على الأراضي اللبنانية، وفي بعض تجمعات اللاجئين».
وتابع: «لذلك، واستناداً إلى الوقائع الأمنية والإجتماعية والإقتصادية – وعلى وجه الخصوص ارتفاع نسبة البطالة في صفوف شبابنا – قلنا وما زلنا نكرر على مسامع العالم، إن الثمن الذي يدفعه بلدنا، يتخطى قدرته على التحمل، ويحتاج من كل أصحاب النيات الطيبة وكل الحريصين على حفظ استقراره، وعدم خروج الأمور عن السيطرة فيه، إلى مقاربات جديدة تنطلق من قراءة واقعية بأن الأزمة السورية المسببة للنزوح، غير مرشحة للأسف للإنتهاء في القريب المنظور».

دفعنا ثمن الجوار
وأكد سلام انه «منذ اندلاع الشرارة الأولى للأزمة السورية، دفع شعبنا اللبناني طوعاً وبلا تردد، ثمن الجوار الجغرافي وثمن الأخوة مع الشعب السوري. لكن التحولات التي طرأت على طبيعة هذه الأزمة والمخاطر الأمنية الهائلة التي ما فتئت تولدها، ظلمت بلدنا الصغير ووضعته في موقع المطالب بحفظ السلم والاستقرار في منطقتنا برمتها». وقال: «من هنا، فإن سعينا اليوم وراء اسهاماتكم الكريمة في تحمل عبء النزوح، هو في الواقع دعوة الى الأسرة الدولية بأكملها للأسهام في مهمة صون السلم الاقليمي، عبر منع مشكلة النازحين من التحول الى مأساة أمنية وديموغرافية».
وأضاف: «لقد بات مطلوبا تخطي الإعتقاد الواهم بأن المساعدات المالية المباشرة التي تقدم دفعة واحدة ولمرة واحدة، تشكل علاجاً حقيقياً لكل المشكلات. إن العلاج المرتجى يكمن في وضع خريطة للمستقبل تتضمن إطلاق برامج تتميز بمتانتها واستدامتها. وهذه البرامج يجب أن تهدف، في آن واحد، الى التصدي للأوضاع المتدهورة ذات البعد الفوري والمباشر، وإلى تلبية المتطلبات الملحة الاقتصادية والاجتماعية الأبعد مدى والأعمق تأثيراً».
وتابع: «بكلام آخر، إن المساعدات المالية يجب أن تقدم الى النازحين وأن تستهدف القضايا الإنسانية في المجتمعات المضيفة على حد سواء، لكن الأهم هو أنها يجب أن تهدف الى إحداث نمو ملحوظ ومستدام للإقتصاد اللبناني المنهك. وبهذه الطريقة فقط، يمكن أن نخفف من محنة الشعب اللبناني ومن التداعيات الهائلة لوجود النازحين السوريين المؤقت في لبنان».
وقال: «إتخذت حكومتنا إجراءات نجحت في تخفيف النزوح الجديد إلى الأراضي اللبنانية. لكن ذلك لا يشكل علاجاً جذرياً للمشكلة. إن العلاج المطلوب، لا يكمن في تجاهل المشكلة أو إشاحة الوجه عنها، بل في إدارة الوجود السوري بحزمة من الإجراءات العملية والفاعلة. وتحقيقاً لهذه المقاربة الجديدة، تضع الحكومة اللبنانية بين أيديكم خطة مفصلة تفوق قيمتها مليار دولار، تتضمن قائمة برامج موزعة قطاعيا، ومترجمة في شكل مشاريع تنموية ضرورية تشمل المياه والصرف الصحي والنفايات الصلبة والزراعة والطاقة والنقل والصحة والتربية وغيرها».
واكد «ان هذا المقترح، القابل لأي تعديلات قد ترون من المناسب إدخالها على آليات تطبيقه، يأتي في إطار «خطة الاستجابة للأزمة» للعامين 2015 و2016، التي وضعت بالتنسيق مع المنظمات الدولية والتي تبلغ قيمتها مليارين ومئة مليون دولار».
وقال: «ان لبنان يتوسم خيرا بهذا المؤتمر، ويعول كثيراً على كرمكم وتحسسكم لحجم المشكلة التي يكابدها، متمنياً أن تكون مساهماتكم على قدر الآمال المعقودة عليكم، وبمستوى المعاناة التي يعيشها النازحون السوريون، وإخوانهم ومضيفوهم اللبنانيون».
وختم: «باسم الشعب اللبناني، أشكر مجدداً دولة الكويت أميراً وحكومة وشعباً، وكل أشقائنا العرب المشاركين في هذا المؤتمر، ومنظمة الأمم المتحدة وجميع الدول والهيئات المانحة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق