الاقتصادمفكرة الأسبوع

صناعة السيجار تشق طريقها في سوريا متحدية الحرب

في احدى صالات المؤسسة العامة للتبغ في وسط مدينة اللاذقية في غرب سوريا، ينهمك عمال في لف اوراق التبغ تمهيدا لانتاج كميات من السيجار، في صناعة جديدة بدأت تشق طريقها رغم الحرب المدمرة التي تعصف بالبلاد.

واعلن المدير العام للمؤسسة ناصر عبدالله في نهاية شباط (فبراير) ان هذه المبادرة ستسمح بخلق الف فرصة عمل في البلاد التي اودى النزاع المستمر فيها منذ اربع سنوات بحياة اكثر من 215 الف شخص، ودفع الاقتصاد الى وضع مزر.
ويوضح معاون المدير سلمان العباس لوكالة فرانس برس ان «الشركة ستطرح منتجاتها في السوق الداخلية وستحاول تصديرها الى الدول الصديقة».
وتخضع المؤسسة العامة للتبغ على غرار عدد من المؤسسات الحكومية في سوريا لعقوبات اقتصادية بعدما جمد الاتحاد الاوروبي ارصدتها العام 2012، متهماً اياها بتقديم الدعم المادي للنظام السوري. وفرضت دول غربية عديدة عقوبات اقتصادية على سوريا رداً على قمع الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت ضدها في منتصف آذار (مارس) 2014، بعنف.
وكانت الشركة التي يعود تإسيسها الى العام 1935، تعد قبل اندلاع الازمة من الشركات الاكثر ازدهاراً في البلاد، وكانت وارداتها تؤمن ملايين الدولارات لخزينة الدولة.
ويقول مدير المصنع شادي معلاً «قررنا اطلاق منتج جديد بدون خبرة اجنبية» بهدف تعويض الخسائر الناجمة عن النزاع والعقوبات الاقتصادية، مندداً بـ «حرب اقتصادية» يشنها الغرب على سوريا.
وبعد ثلاثة اعوام من المحاولات، باتت صناعة سيجار «مطابق للمواصفات الدولية» ممكنة في المصنع التابع للمؤسسة في اللاذقية التي يزرع التبغ في اريافها.
وتروي ام علي وهي عاملة خمسينية يغطي منديل ابيض رأسها، ان الامر لم يكن سهلاً، وقد تطلب منها اتقان فن لف السيجار ثلاثة اعوام كاملة.
وتقول لفرانس برس «في بداية الامر لم تكن لدي ادنى فكرة عما هو السيجار»، مشيرة الى ان مهندس الميكانيك حسام محمود خاطبها يوماً قائلاً «انتن النساء ماهرات في لف ورق العنب المحشي، حاولي اذن لف سيجار».
وتقول انها استعانت بالانترنت لتحسين عملها. «شاهدت مقاطع فيديو حول طريقة صنع السيجار في كوبا وشرح لي المهندس طريقة جمع اوراق التبغ».
وتضيف وهي تنفخ في سيجار من انتاج المصنع انه «سوري مئة في المئة»، مضيفة «له مذاق التبغ السوري ومصنع بايدي عمال سوريين».
وتضيف «العام 2015 هو الاجمل في حياتي لاننا اعلنا خلاله بدء انتاح السيجار السوري».
في الصالة الكبرى المزينة جدرانها بصور كل من الرئيس السوري بشار الاسد ووالده الراحل حافظ الاسد، تعمل 130 عاملة وستة رجال على فرز اوراق التبغ البنية النضرة وتكديسها ولفها.
ويتراوح الانتاج اليومي بين 400 الى 500 سيجار حالياً، يجري توزيع جزء منه على عدد من الشخصيات لتذوق نكهته والتحقق من نوعيته.
وتقول ام علي انها تلف نحو خمسين سيجاراً في اليوم، بعدما كان انتاجها في المرحلة الاولى يتراوح من خمسة الى عشرة فقط.
ويوضح حسام محمود ان الهدف من اطلاق هذه الصناعة «هو مواجهة الحصار المفروض عبر تصنيع منتج جديد يعود بالخير على المؤسسة ويدعم اقتصاد البلد، بالاضافة الى تشغيل اليد العاملة».
اما العباس فيقول انه يمكن تصدير هذا السيجار الى الدول الصديقة كايران وروسيا والصين الداعمة لدمشق… وحتى الى افريقيا.
ويعرب عن فخره بجودة «السيجار السوري»، مؤكداً انه سينافس العلامات التجارية الاكثر شهرة وحتى الكوبية منها. ويقول «هذا السيجار له مذاق طبيعي خاص لا يشبه اي سيجار آخر في العالم (…) مذاقه خفيف لا يزعج».

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق