دولياتسياسة عربية

الانتخابات الإقليمية في فرنسا: أرقام ونتائج

بعض المفاتيح لفهم نتائج الدورة الأولى للانتخابات الإقليمية، ورهانات الدورة الثانية، التي ستجري يوم الأحد المقبل بجميع أنحاء فرنسا، عدا مدينتي باريس وليون.

1- كيف يمكن قراءة نتائج الدورة الأولى التي جرت أمس الأحد؟
في الظاهر وفي انتظار ما ستسفر عنه نتائج الدورة الثانية الأحد المقبل، يمكن القول أن معسكر اليمين الجمهوري (حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية وحزب الوحدة الديمقراطية المستقلة) خرج منتصرا في هذه الانتخابات بعد حصوله على 30،20 بالمئة من الأصوات. وبهذه النتيجة، يكون اليمين الجمهوري قد استعاد عافيته السياسية بعد الهزيمة التي مني بها خلال الانتخابات الرئاسية في 2012.
ويعود الفضل حسب بعض المتتبعين لشؤون الأحزاب الفرنسية إلى الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي تمكن من توحيد صفوف اليمين رغم الخلافات الإيديولوجية القائمة بين المسؤولين الكبار في هذا الحزب، مثل آلان جوبيه وفرانسوا فيون وبرينو لومير وآخرين.
نيكولا ساركوزي، الرئيس الحالي لحزب الاتحاد من اجل حركة شعبية، يبدو أن مرونته الأخيرة نجحت في إعادة بناء البيت اليميني وقيادته نحو انتصارات سياسية مقبلة.
هذا التسيير المشترك والمحكم للحزب جعله يفرض نفسه كمسؤول لا يمكن تجنبه أو تجاوزه في المرحلة الحالية. وفي التصريح الذي أدلى به أمس عقب الدورة الأولى، أكد ساركوزي أن انتصار اليمين في الدورة الأولى من الانتخابات الإقليمية يشكل خطوة أولى نحو العودة إلى السلطة في المستقبل القريب، مضيفاً أنه لا يوجد عائق حقيقي لتحقيق ذلك.

2- ما هو موقع حزب «الجبهة الوطنية» المتطرف بعد الدورة الأولى؟


رغم النتيجة القوية التي حصل عليها هذا الحزب في الدورة الأولى (أكثر من 25 بالمئة من الأصوات) مقارنة بالانتخابات الإقليمية التي جرت في 2011، إلا أن هذا الحزب لم يتمكن من أن يفرض نفسه كأول قوة سياسية في فرنسا كما وعدت رئيسته مارين لوبان وكما توقعته معاهد استطلاع الرأي.
ما نستخلصه اليوم هو أن حزب «الجبهة الوطنية» ليس في منحنى متصاعد كما كانت تحلم به مارين لوبان، وهو منحنى كان من المفترض أن يقودها مباشرة في 2017 إلى هرم السلطة. تصدر اليمين الجمهوري لنتائج الدورة الأولى خلط أوراق اليمين المتطرف الذي أصبح يشك في قدرته على الوصول إلى هرم السلطة في يوم من الأيام.

3- وما هي الأسباب التي حالت دون تصدر اليمين المتطرف نتائج الانتخابات؟
حسب دومنيك رينيي، مدرس في معهد العلوم السياسية بباريس ومحلل سياسي، أصبح الفرنسيون يتساءلون حول جدوى التصويت لمصلحة اليمين المتطرف من جهة، وحول فعالية ومدى تطبيق الأفكار والحلول التي يقترحها لإخراج فرنسا من الأزمة التي تمر بها، من جهة أخرى.
ولعل وصول حزب «سيريزا» (اليسار المتطرف) في اليونان إلى السلطة، واصطدامه بالواقع الأوروبي، وعدم قدرته على تنفيذ وعوده هي أبرز الأمثلة التي جعلت الفرنسيين ينظرون إلى اليمين المتطرف بأنه غير قادر على تحقيق وعوده في حال وصوله إلى السلطة.

4- كيف يمكن تحليل النتائج التي حصل عليها الحزب الاشتراكي الحاكم؟

دون شك لم يخرج الحزب الاشتراكي منتصراً في الدورة الأولى. والدليل أنه جاء في المرتبة الثالثة. لكن مسؤولي هذا الحزب، مثل السكرتير الأول جان كرستوف كومبادليس ورئيس الحكومة مانويل فالس يعتقدان أن الحزب، رغم جميع الصعوبات التي يواجهها، تمكن من تجنب الخسارة الفادحة التي تحدثت عنها معاهد استطلاع الرأي ومارين لوبان.
في الحقيقة، الحزب الاشتراكي وقع ضحية الانقسامات والخلافات القائمة بين أحزاب اليسار، مثل الحزب الشيوعي وحزب الخضر وحتى جبهة اليسار.
ولتفادي انهيار الحزب بشكل كامل، دعا مانويل فالس في خطابه أمس الأحد جميع الفرنسيين ومناضلي اليسار إلى التعبئة والوحدة وإلى التصويت بكثافة الأحد المقبل. لكن مهما كانت طبيعة السيناريو الذي ستكتبه الدورة الثانية للحزب الاشتراكي، إلا أن تراجع هذا الأخير بدا كأنه أمر محتوم، بعدما تراجع في الانتخابات البلدية والأوروبية. وتشير تقديرات بعض مراكز الاستطلاع إلى أن الحزب الاشتراكي يمكن أن يفقد أكثر من 54 إقليماً بعدما تربع على معظم الأقاليم الفرنسية في 2011. الحزب الاشتراكي يدفع ثمن عدم الوفاء بوعوده الانتخابية.

5- ما هي السيناريوهات المحتملة في الدورة الثانية الأحد المقبل؟
بعد فوزه بأكثر من 25 بالمئة من الأصوات، يتوقع أن يبقى اليمين المتطرف في المنافسة في أكثر من 1000 إقليم. وهو مرشح بالفوز في أقاليم عدة، لا سيما في منطقة الجنوب الشرقي مثل مدينة فريجوس وبعض أقاليم في مرسيليا وتولون وأقاليم أخرى في الشمال الفرنسي مثل إقليم «با دو كالي». لذا سيلعب هذا الحزب دور الحكم في العديد من الأقاليم وسيواجه بالأحرى اليمين الجمهوري.
وتعددت الإستراتيجيات إزاء الدورة الثانية من حزب إلى آخر. فبينما دعا مانويل فالس الناخبين إلى التصويت لمصلحة الأحزاب الجمهورية (الحزب الاشتراكي أو أحزاب اليمين الجمهوري) لقطع الطريق أمام الجبهة الوطنية، أخذ نيكولا ساركوزي موقفا مغايرا تماما، إذ دعا مناضلي حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية وأحزاب الوسط إلى عدم التصويت لمصلحة الحزب الاشتراكي ولا لليمين المتطرف في حال حتم الأمر ذلك. وهو رأي لا يتقاسمه منافسه داخل الحزب والمرشح لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في 2017 آلان جوبيه الذي دعا إلى عدم التصويت لمصلحة الجبهة الوطنية، لكنه ترك الخيار حرا للناخبين للتصويت أم لا لصالح الحزب الاشتراكي.

6- الدورة الأولى للانتخابات الإقليمية بالأرقام؟
على ضوء نتائج الدورة الأولى، تم انتخاب 58 مرشحاً من اليمين الجمهوري مقابل 4 مرشحين فقط من اليمين المتطرف و38 مرشحاً من اليسار. وتشير التقديرات إلى إمكانية تعميق اليمين الجمهوري الفارق مع منافسيه ( اليمين المتطرف) في الجولة الثانية، فيما بات من شبه المؤكد أن الحزب الاشتراكي سيفقد حوالي 50 إقليماً على الأقل لصالح منافسه من اليمين الجمهوري. أما حزب «الجبهة الوطنية» فهو يملك أيضاً حظوظاً كبيرة في الفوز ببعض الأقاليم الجنوبية. وفي حال تحققت التنبؤات، فحزب مارين لوبان يمكن أن يعزز حصيلته بـ 9 منتخبين آخرين.

7- ماهي الخطة التي سيعتمدها الرئيس فرانسوا هولاند ورئيس الحكومة مانويل فالس قبل الدورة الثانية؟

كلاهما يريدان إعادة استخدام الخطاب عينه الذي استعمل في الدورة الأولى. ومفاده أن اليمين المتطرف خطر على فرنسا ولا يأتي بحلول للمشاكل التي تمر بها البلاد، بل يعقد الوضع أكثر.
ولتوصيل هذه الفكرة، قرر فالس المشاركة في مهرجانين انتخابيين خلال هذا الأسبوع بهدف تعبئة جماهير اليسار.
الرسالة الثانية التي يريد إيصالها هولاند ومانويل فالس هو أن الحزب الاشتراكي يبقى الحزب الوحيد الذي يمثل بقوة معسكر اليسار، انطلاقاً من أن الأحزاب اليسارية المتطرفة وجبهة اليسار ليس لهم تجربة في ممارسة الحكم، وبالتالي لا ينبغي التصويت لصالحهم.
في النهاية، بالرغم من التعليقات التي كانت تتوقع الانهيار الكامل للحزب الاشتراكي في الدورة الأولى، إلا أنه استطاع أن ينقذ نفسه من الهاوية وهذا ما أعطى قوة إضافة لفالس وهولاند للذهاب بعيداً في إقناع الفرنسيين بأن الحزب الاشتراكي لم ينقرض بعد.

فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق