آدبرئيسي

ندوة: غالب غانم قامة قانونية وأدبية ووطنية

عقدت «ندوة الإبداع» في «مركز توفيق طباره» في بيروت، ندوة حاشدة حول المسيرة القانونية والأدبية والوطنية للقاضي الدكتور غالب غانم (الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى- الرئيس الأول لمحكمة التمييز شرفاً). قدّم الندوة وأدارها الإعلامي الناقد سليمان بختي.

قيل الكثير في هذه الندوة، عن العائلة الغانمية وعلى رأسها الشاعر والمفكر عبدلله غانم، التي أعطت بسخاء، أدباً وشعراً وفكراً وقانوناً… كما قيل الكثير الكثير عن الدكتور غالب غانم أحد أفراد هذه العائلة، وهو الذي صال وجال في ميادين أدبية وقانونية عديدة، وتبوأ أعلى المراكز في الجمهورية اللبنانية، التي مازالت تنتظر منه المزيد، وذلك كما أشار الأديب والمحامي رفيق غانم. وفي الواقع، فإن غالب غانم، يعتبر قامة من قامات هذا الوطن الذي يحتاج الى أمثاله.

شعلة نور وضياء وإبداع
افتتحت الندوة الدكتورة سلوى الخليل الأمين معتبرة ان القاضي الرئيس الدكتور غالب غانم، ابن الدوحة الغانمية، أنصف الناس قاضياً، وأنصف الكلمة أدباً، وأنصف الهوية مواطناً سوياً، فكان رافع ميزان العدالة الى رحاب نور الحق الذي يعلو في فكره وعقله ومسيرته، ولا يعلى عليه، حين لزوم الحق والصبر والكلمة الطيبة صفات نبيلة، حملها إرثاً، تجلى على رحاب الوطن، شعلة نور وضياء وإبداع.

ابن الطبيعة الحرّة والعائلة المثال
الأديبة الدكتورة الهام كلّاب البساط، استهلت كلامها بالقول، يتشبه الناس بالأرض التي تحتضن خطواتهم كما بالغيوم التي تلاعب ظلالهم… وعلى تراب خصيب، واديم عريق، وفي ظلال غيوم تتبرك بصنين، وتتماهى بكماله ونقائه، ازهرت موهبة وريثة مواهب… وشبّت أرزة شامخة علماً، وحكمة، وعدلاً، وفكراً، وأدباً ووطنية… تتجذر في عراقتها، وتستلهم الكبر من جبل ملهم…
في جماليات هذا المكان الأول، وسحره الفردوسي، ومتانة أواصره، نشأ غالب غانم.. نشأ ابناً للطبيعة الحرة، للعائلة المثال، لأم حنونة كيمامة وحامية كصقر، لأب وارف كغابة في شخصه وإبداعه، نشأ محلّقاً مع أحلام الصبا التي توسّع السماء بطائرات الورق الملّون، كما بالشغف والطموح والانطلاق. إلى هذا المكان الأثير، يعود غالب غانم دوماً مشبعاً نظره الرضي بالمركز الثقافي الذي شاده بعناية وحب… مباركاً باسم والده عبدلله كل أحجاره… خاشعاً، عند زهر بري عابر، نما حول مرقد جورج، حيث تتحول دموع الملائكة إلى ندى صباحي… في مكان حوّلته الفصول الى قصيدة…
إلى أن قالت، توزعت خطوات غالب غانم، باتقان، وتفاعل، واكتمال، بين ضفتي ماء جوفي واحد… ضفة لهيبة ميزان الحق والعدل والضمير.. وضفة لخفقان أجنحة الوحي والحرية… لانت لغالب غانم الكلمة القانونية الدقيقة المفحمة، ولونت لغته وأسلوبه غزارة الوحي وبلاغة الكلمة، فكان مجدداً وكان أميناً لمسيرة كبار من لبنان، من أدباء ومحامين –أدباء، صنعوا فرادة وإبداع هذا الوطن.

ابن الجبال يقرأ في مدرسة الأرض
وممّا قاله الدكتور دياب يونس، مضى ابن الجبال يتصفح الحقول، يرافق طيور البراري، يقرأ في مدرسة الأرض كتاب الغابات والعواصف، تبوح إليه السواقي بسرّ الينابيع، ينصت لتنهدات الأعاصير وهينمات النّسمات وأغنيات الطواحين، يمتّـع الطّرف برقص الأنوار على جبهة صنّين، وبجلال النسور في أعاليه، وبرؤية الغزالة تبزع من «معبور الغزال».

كما النبع الذي يأخذ من ذاته ويتدفق
وتحدث الدكتور خالد قباني قائلاً، أين للكلمات، بل كيف للكلمات أن تختصر صفات إنسان، بل حياة إنسان، كانت مليئة بالإنجازات والعطاءات الأدبية والفكرية والقانونية والإنسانية، كما النبع الذي يأخذ من ذاته ويتدفق مكوناً جداول وسواقي وأنهاراً، متنوعة المذاق، غذاء للفكر والعقل والروح، تروي عطش العاشق للعلم والمعرفة والتنور، لذة للشاربين، أدباً وشعراً ونثراً وقانوناً، تجللها حكمة وروية ورؤى،كما الحالم المتفكر الذي لا يغيب عن إدراكه أمر او حدث.
ولفت الدكتور خالد قباني، الى ان القاضي الدكتور غالب غانم، تمرس في القانون وكتب فيه بأسلوبه الأدبي الرشيق، حتى كاد أن يتحول القانون عنده إلى أدب جم، وأبحر في أعماق بحار الشعر والأدب حتى كاد الأدب والشعر أن يتحولا بين يديه، إلى لوحات قانونية مزخرفة بألوان الشعر والأدب الراقي، وعندما تقرأ في كتبه القانونية، تخال نفسك، من شدة انشدادك إليها، أنك تقرأ مؤلفاً أدبياً، حتى باتت الأحكام القضائية، على رصانتها ودقتها، قطعة من الأدب الرائع او قصيدة شعر.

مسيرة صاعدة دوماً
البروفسور ابرهيم نجار شهد عن حقبة ذهبية نادرة في القضاء والعدل… معتبراً ان عمل القاضي غالب غانم متواصل، لا ينقطع، يتميز بالموضوعية، كلامه قليل إلا عندما يقول قناعاته، بكل حرية واحترام وأناقة, لا تراجع في مسيرته الصاعدة دوماً، حتى لو عرف كيف يراعي الضرورات إلتماساً للمصلحة العليا. وهو يتمتع بقدرة نادرة على التركيز والتمحيص والتعمق في المسائل الشائكة التي تطرحها الاشكالات القانونية، فكان حازماً حيث كان يجب، ومرناً حيث تدعو التوازنات الضرورية.

اسكندر داغر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق