دولياتسياسة عربية

إردوغان رجل تركيا القوي… تغير الدستور أم لا!

قصر فخم جديد ومعارضة منزوعة الأنياب وحزب حاكم يؤكد تأييده في كل مناسبة… كل هذه العوامل ساعدت رجب طيب إردوغان على صياغة دور قوي لنفسه كرئيس للدولة في تركيا. غير أن الانتخابات قد تحرمه من هدف تحويل نظام الحكم إلى رئاسة تنفيذية كاملة وتغلف الحياة السياسية بالشكوك.
وهذا الأسبوع قال إردوغان الذي يتهمه منتقدوه بقمع أي تحديات لسلطته في القضاء والإعلام إن مسألة التعديل الدستوري لتدعيم الرئاسة ستكون قضية محورية في الانتخابات التي تجري بحلول أوائل حزيران (يونيو).
وقال «أكبر ميزة… ستكون إلغاء عملية صنع السياسة من خلال قنوات متعددة».
ولا يزال كثير من الأتراك يذكرون الائتلافات السياسية الضعيفة التي شهدتها البلاد في التسعينات قبل صعود إردوغان للسلطة وما صاحب ذلك من حكم الحزب الواحد واستقرار اقتصادي.
غير أن السلطة أصبحت في نظر خصومه مركزية وتسممت الأجواء باتهامات بالفساد وكذلك حملات التطهير لخصومه في الشرطة والقضاء.
ولأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيواجه صعوبات في تحقيق الأغلبية التي يحتاجها يبدو أن إردوغان يعول على الخطة البديلة المتمثلة في نظام حكم رئاسي كأمر واقع يقول المحللون إنه يحمل في طياته بذور عدم الاستقرار.
انتخب إردوغان رئيسا لتركيا في آب (أغسطس) الماضي بعد أن قضى أكثر من عشر سنوات رئيسا للوزراء. وتعهد باستخدام التفويض الشعبي لتقوية منصبه الذي ظل شرفيا إلى حد كبير والسعي لإجراء تعديل دستوري للتحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
ولم يضيع وقتاً فبدأ يستعرض عضلاته السياسية واستضاف أول اجتماع لمجلس الوزراء بصفته رئيساً هذا الشهر وأحاط نفسه بمستشارين من ذوي النفوذ فيما اعتبره بعض المسؤولين «مجلس وزراء الظل».
ويرى فادي حاكورة الخبير في شؤون تركيا في تشاتام هاوس بلندن إن هذه التصرفات تجعله مخالفاً لروح الدستور الذي ينص على أن يتصرف الرئيس دون انحياز لطرف من الأطراف وكذلك التقاليد المرعية التي تضع الرئاسة فوق السياسة.
وقال حاكورة لرويترز «إردوغان يتصرف بما يتجاوز أكثر التفسيرات للدستور تحرراً». وتنبأ بإمكانية ظهور شروخ داخل الحزب الحاكم بعد الانتخابات إذا لم يتم تحديد الأدوار بوضوح.
وأضاف «سيتزايد التوتر داخل النظام بين السياسة ومجلس الوزراء بمرور الوقت ما لم يتغير الدستور».
ويدرك إردوغان قيمة المسرح السياسي في بلد يواجه جيرانه أزمات ويستضيف ما يقرب من مليوني لاجىء سوري.
وفي الآونة الأخيرة وقف الرئيس التركي على درجات سلم قصره الجديد المكون من 1150 حجرة يستعرض الحرس الرئاسي الذي ارتدى أفراده أزياء من مختلف العصور في التاريخ التركي في خطوة وصفها أيكان إردمير النائب عن حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري بأنها محاولة لاستمالة الناخبين من التيار اليميني.
وقال «هو يحاول إقامة البنية التحتية غير أن الأهم أنه يحاول بشدة تأسيس شرعية رئاسة تنفيذية. والرموز هنا في غاية الأهمية».

اوغلو ينفي وجود توتر
وينفي رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو وجود أي توتر مع إردوغان الذي أسس حزب العدالة والتنمية واضطر إلى الاستقالة منه كي يتولى الرئاسة لكنه ظل شخصية مهيمنة.
وقال داود أوغلو «نحن ننتمي إلى تراث سياسي واحد. وفي المستقبل إذا حدث أي تغيير دستوري سنرى. لكن في الوقت الحالي هذا هو تقسيم السلطة وهو واضح من الناحية القانونية… والمسؤولية السياسية».
ويحتاج حزب العدالة والتنمية أغلبية الثلثين لتغيير الدستور مباشرة.
وتحدثت رويترز مع مؤسستين لاستطلاعات الرأي قدرتا التأييد الذي يحظى به الحزب بين 37 و49 في المئة. وهذا يجعل الحزب أكبر الأحزب بكل ارتياح لكنه لا يتيح له الأغلبية المطلوبة وهي 366 مقعداً في البرلمان.
وربما لا يقابل تشديد إردوغان قبضته على السلطة بمقاومة تذكر من الحلفاء الغربيين في ضوء موقع تركيا المتاخم للعراق وسوريا وإيران ورئاستها لمجموعة العشرين وضرورة تعاونها في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.

الصوت الكردي
وربما يكون لأصوات الأكراد أهمية خاصة.
ينص القانون الانتخابي على ضرورة حصول الأحزاب على نسبة عشرة في المئة من الأصوات لدخول البرلمان. وإذا لم يحصل حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد على هذه النسبة فسيعاد توزيع أصواته بالتناسب على الأحزاب الفائزة الأخرى ومنها حزب العدالة والتنمية.
وإذا وصل حزب الشعب الديمقراطي للبرلمان فإن احتمالات إحراز تقدم في إنهاء التمرد الكردي المستمر منذ 30 عاماً قد تكون عاملاً في جذب التأييد الكردي.
وربما يحاول إردوغان استهداف الحصول على الأصوات المطلوبة لإجراء استفتاء وعددها 330 صوتاً ليتجه مباشرة إلى الناخبين الذين أوصلوه لمقعد الرئاسة وحققوا لحزبه انتصارات متوالية منذ عام 2002.
ولأن كثيرين من الحرس القديم في الحزب بلغوا الحد البرلماني الذي فرضه الحزب على أعضائه وهو ثلاثة أعوام فمن المتوقع أن يفرض إردوغان سيطرة لصيقة على من سيخلفونهم.
وقال مراد يتكين رئيس تحرير صحيفة حريت اليومية «في العهد الأول…كان الولاء للقضية هو الأهم». أما في العهد الثاني فيبدو أن الولاء «للزعيم» سيكون الأهم.

رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق