سياسة لبنانية

كيف ينظر حزبا الكتائب والمردة الى حوار القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر؟

الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية  تكتمل تحضيراته وظروفه… كيف ينظر حلفاء الطرفين: المردة والكتائب الى هذا الحوار الذي أطلق عليه اسم «الحوار المسيحي – المسيحي» من دون أن يكون شاملاً كل القوى المسيحية؟! هل يتوجس المردة والكتائب من محور ثنائي ومن نزعة الى احتكار الموقف والقرار على الساحة المسيحية على غرار ما هو جارٍ على الساحة الشيعية؟!
يرى محلل متخصص في الشأن المسيحي أن الكتائب والمردة يرحبان  بحوار رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، في الشكل، إلا أنهما يتوجسان من محاولة إلغاء أو تغييب قد يُقدم عليها الرجلان في حال إتفقا، على رغم أن التجارب السابقة غير مشجعة بسبب التنافس والتطاحن على زعامة الشارع المسيحي.
ملاحظات «المردة» على أداء عون وتصرفاته كثيرة، فيما مخاوف الكتائب من تمدد «القوات» وظهورها في موقع الممثل المسيحي الفعلي والأول لمسيحيي 14 آذار، تطرح تساؤلات داخل البيئة الكتائبية عن مستقبل العلاقة بين «الحزبين الشقيقين».
كل هذه المعطيات، أُضيف إليها الحوار الثنائي بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، جعل الأمور تتوتر بين الحلفاء المسيحيين، خصوصاً أن لا لقاء قريباً للأقطاب الموارنة في بكركي يعطي ضمانات لجميع الاقطاب الموارنة، ولا يحصر المنافسة أو تقاسم الحصص المفترض بين قطبين بعدما وصلت الى مسامع «المردة» والكتائب تسريبات عن سيناريوهات محتمَلة لتقاسم الساحة المسيحية في حال إتفق جعجع وعون، في وقت لم يُؤتَ على ذكر الحلفاء أو دورهما في أي تسوية مسيحية مفترضة، وكأن الضمانات الواجب أن تكون موجودة بعد لقاءات المصالحة التي عقدت في بكركي بعد انتخاب الراعي، ذهبت أدراج الرياح.
وفي انتظار أن تنجلي صورة اللقاء المنتظر بين عون وجعجع والنتائج التي ستنتج عنه، يبقى هامش تحرك الرئيس أمين الجميل وفرنجية ضيّقاً، خصوصاً أن أي إتفاق بين هذين الزعيمين لن يحل مشكلة الرئاسة، والحل المنتظر سيكون إقليمياً – دولياً شاملاً، وبالتالي فإن فرنجية الذي أيد التمديد لمجلس النواب خلافاً لرغبة عون لن يكون همّاً للجنرال في أي تسوية، و«القوات» التي أيدت التمديد لن تقيم حساباً للكتائب التي دخلت الحكومة وهي بقيت خارجاً.
من هذا المنطلق، لن يحدث أي تقارب بين الكتائب و«المردة» تغييراً في الخريطة السياسية والإنتخابية المسيحية، لأن لا انتخابات نيابية في المدى المنظور، ومراكز حضورهما وقوتهما بعيدة من بعضها جغرافياً، مع العلم أن إشكالية تمركز الاقطاب الموارنة مطروحة بعد الإنتخابات إضافة الى دور كل قطب وحجمه في المعادلة المسيحية والوطنية.
من جهة اخرى قالت مصادر مواكبة للقاءات التمهيدية لاجتماع عون وجعجع إنه جرى تبادل ورقتي عمل أعدهما كل من الفريقين نصتا على تصور كل منهما للمواضيع السياسية التي سيناقشها القطبان المسيحيان (مسائل الاستقرار في لبنان ومتطلباته، والخلل في تطبيق الطائف على مستوى المؤسسات الدستورية والتمثيل المسيحي، ومسائل أخرى تتعلق بتداعيات الأزمة السورية على لبنان والسلاح غير الشرعي).
وأوضحت المصادر أن عون طرح أسئلة رداً على الهواجس التي لديه في شأن دور المسيحيين في السلطة والإدارة ومستقبل الوضع السياسي في البلد. وأضافت: «نقل رياشي إلى جعجع ورقة التيار الوطني الحر لديها مقابل التدقيق الذي يجريه العماد عون بورقة القوات، واللقاءات فتحت باباً جديداً في العلاقة الشخصية بين الزعيمين اللذين يبديان ارتياحهما إلى منهجية اللقاءات التمهيدية، بحيث يتطرقان إلى ما هو مختلف عليه».
وتفيد معلومات سياسية أن اللقاء المرتقب بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع بات وشيكاً جداً ومن الممكن أن ينعقد في غضون الأيام القليلة المقبلة في الرابية على الأرجح. وهذا اللقاء سيبدأ رباعياً (عون – جعجع – كنعان – رياشي) ولكنه سيتحول سريعاً الى «خلوة ثنائية» يقال فيها «الكلام الجوهري»… اللقاء ليس لقاء مصالحة، وإنما لقاء مصارحة ومكاشفة. فالمصالحة سبق وأن تمت على مرحلتين: عام 2005 في لقاء «اليرزة الشهير» عندما زار عون جعجع في سجنه السياسي، وعام 2013 عندما التقيا تحت سقف بكركي في إطار «لقاء الأقطاب الأربعة». وما تغيّر خلال عامين أن اللقاءات انتقلت الى خارج بكركي وأن انتخابات رئاسة الجمهورية فرزت الأقطاب الأربعة بين قطبين درجة أولى هما المرشحان الحصريان للرئاسة مع اختلاف في الطريقة العلنية والمضمرة… وقطبين درجة ثانية يجلسان في مقاعد الاحتياط الرئاسي هما الجميل وفرنجية المتفهمين على مضض حوار حليفيهما، المنزعجين من اختزال الوضع المسيحي بهما، غير المتفائلين بالنتائج وبإمكانية الوصول الى اتفاق وتحديداً على مستوى رئاسة الجمهورية.
وتقول مصادر مسيحية مواكبة للتحضيرات إن حوار التيار – القوات ليس رد فعل على حوار حزب الله – المستقبل، ولكن الحوار السني – الشيعي ساهم في تسريع وإنضاج الحوار المسيحي، إذ من الصعب أن يظل القادة المسيحيون في هذه الحال متفرجين ومكتوفي الأيدي وغير مبادرين، وأن يتجاهلوا واقع أن جزءاً من «أزمة الرئاسة» موجود في ملعبهم… والى ضغط الحوار الإسلامي، يضاف ضغط الموقف المسيحي العام الذي يشكو من حال وهن  وضعف وقد ضاق ذرعاً بالخلافات المستحكمة التي أسهمت في الوصول الى الفراغ الرئاسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق