سياسة لبنانية

قلق دولي على لبنان وعلى ان يخسر الموارنة رئاسة الجمهورية

أبلغ أكثر من ديبلوماسي معتمد في لبنان الى مسؤولين حكوميين وسياسيين وبعض رجال الدين تحذيرات مفادها أن «2015 ستكون صعبة بكل المعايير الأمنية أولاً، والاقتصادية والاجتماعية، وعلى اللبنانيين التحضّر لما يعنيه استمرار القتال في سوريا، وازدياد حدة الصراعات في المنطقة وما له من تداعيات خطيرة على بلدهم».
وتشير أوساط سياسية مواكبة لزيارة الوفود الدولية إلى لبنان الى مخاوف غربية كبيرة على دور المسيحيين وموقعهم في النظام اللبناني. وهذه المخاوف عبّر عنها كبار الموفدين الدوليين في خلال جلساتهم المغلقة مع بعض المسؤو
لين اللبنانيين الذين استهابوا هذه المخاوف خصوصاً أن مسألة طرح أسماء المرشحين باتت تفصيلاً عابراً أمام مسألة مدى قدرة النظام السياسي اللبناني على الإستمرار بصيغته الحالية في ظل استفحال الفراغ في موقع رأس الدولة المهددة بكل مفاصلها بتمدد هذا الفراغ ليشمل في وقت لاحق بقية مؤسساتها الدستورية. المصادر أكدت بأن من استمع بدقة إلى ما تم طرحه من قبل كبار الزوار الدبلوماسيين لبيروت لا يمكن أن يستنتج سوى أن هناك خوفاً دولياً كبيراً وجدياً من خسارة الموارنة المسيحيين في لبنان لموقع رئاسة الجمهورية، كما أنه لا يمكن لمن استمع أيضاً إلى طروحات كبار الزوار الدبلوماسيين لبيروت سوى أن يستنتج بأن هناك خوفاً دولياً كبيراً من الخطر الإرهابي التكفيري الذي يتهدد المسيحيين في لبنان.

تحذيرات استخباراتية
وتحذر تقارير استخباراتية وأمنية عديدة من حصول اعتداءات من قبل التنظيمات الإرهابية التكفيرية على قرى وبلدات مسيحية بقاعاً قريبة من الحدود السورية. وبالتالي فإن المسؤولين الدوليين يدعون الدولة اللبنانية والقيادات السياسية وعلى وجه الخصوص المسيحية منها الى أن تتعاطى مع هذا الخطر الحقيقي بكل جدية، وذلك على قاعدة أخذ كل ما يلزم من خطوات وإجراءات لمواجهة وقوع الأسوأ في تلك المناطق التي تتربص بها التنظيمات الإرهابية التكفيرية شراً.

لا خطر
غير ان مراجع بارزة تؤكد بأن الوضع الأمني في لبنان سيبقى على ما هو عليه ولن يتجاوز السقف الذي فرضته وتفرضه المعطيات الداخلية والقرار الدولي غير المعلن، وبالتالي لا خوف من حصول أحداث أمنية في الساحة الداخلية.
ومما لا شك فيه أن الأنظار تتجه بعد منطقة عرسال الى منطقة شبعا التي تكتسب أهمية جغرافية خاصة نظراً الى وجودها على الحدود السورية والإسرائيلية.
وتقول المصادر «إذا كان هناك خطر على بيروت هناك خطر على شبعا»، مستبعداً مثل هذا الخطر رغم محاولات المجموعات الإرهابية التسرب الى الحدود الشرقية للبلدة. ويضيف أن هناك اسباباً عديدة تؤكد هذا الأمر لعل أبرزها أن البلدة والمنطقة لا تشكلان بيئة حاضنة للإرهاب والإرهابيين، وأن أي محاولة للنيل من أمن شبعا والجوار يعني أن أمن إسرائيل سيكون موضع استهداف فوري ومباشر، وهذا ما يحسب له العدو كل الحسابات.
ولا يخفي متابعون تحسب حزب الله والقوى الحزبية التي تنشط في فلكه لإمكانية تقدم مسلحين الى الربوع اللبنانية وأن ثمة احتياطات جرى اتخاذها ومضاعفتها بدءاً من تلال البقاع الغربي في راشيا وصولاً الى شبعا.
وبات من الواضح أنه في حال تقدم هذه المجموعات الى العرقوب فإن الأهالي سيستعيدون صوراً من مشاهد حضور الفصائل الفلسطينية في الثمانينيات من القرن الفائت، وأن إسرائيل ستكون أول المتضررين في حال انفلات الوضع في المنطقة الممسوكة من الجيش وحزب الله.
وثمة عامل آخر ادخل الاطمئنان في نفوس أبناء العرقوب هو مضاعفة الجيش حضور وحداته في المراكز التي ينتشر فيها والتي يوليها العماد جان قهوجي عناية خاصة بسبب قربها من شريط المعارك السورية.
وتتابع أجهزة استخبارات البلدان المشاركة في «اليونفيل» تطورات الوضع في العرقوب وهي تسأل تباعاً ماذا سيفعل حزب الله في حال تدفق أعداد من المسلحين الى بلدات مرجعيون وحاصبيا، وكان رد مرجع أمني على السائلين أن «الوضع في العرقوب جيد وحزب الله مرتاح الى ما يجري في المنطقة على غرار اطمئنانه على حال بئر العبد في قلب الضاحية الجنوبية ويعرف الإسرائيليون هذا الأمر جيداً».

قلق فرنسي
غير ان باريس قلقة من سيطرة اي من التنظيمات الارهابية كتنظيم «داعش» أو «جبهة النصرة» على أي بقعة في لبنان شمالاً وبقاعاً. وهو موقف سمعه الديبلوماسيون من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالذات. بل يذهب الموقف الفرنسي الى أبعد من ذلك، بالقول إنه سيمنع بوسائل شتى محاولة من هذا النوع تتوخى الاستيلاء على بقعة لبنانية.
يستند فحوى هذا الموقف الى أن باريس ترفض محو الحدود اللبنانية – السورية على غرار إزالة قسم من الحدود السورية – العراقية بعد استيلاء التنظيمات الإرهابية على جانبي حدود البلدين. ما يعني الإليزيه خصوصاً، أن محو حدود لبنان يُسقط النموذج الذي صنعته فرنسا ولا تزال تتمسك به لدولة لبنان، حينما رسمت الحدود للمرة الأولى بينه وسوريا عام 1920 – ولم ينقضِ قرن عليها – كما يعني أيضاً سقوط التجربة الفرنسية في هذا البلد، وفي هذا الجزء من المنطقة.

الخلايا الارهابية
وقال مرجع أمني لبناني إن الخلايا الإرهابية تعتمد أسلوباً خطيراً، وتتوزع في مناطق لبنانية مختلفة «وهذا ما يفسر عمليات التوقيف التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والعسكرية، حتى أنه نتيجة كثرة التوقيفات، لم يعد هناك مكان يتسع للموقوفين المشبوهين أو المرتبطين بالإرهابيين».
وأكد المرجع أن الموقوفة سجى الدليمي أخضعت لتحقيق إضافي، «وخلافاً لكل المزايدات، فقد تبيّن أنها كانت تلعب دوراً أمنياً لوجستياً وتواصلياً وتمويلياً».
وهناك معلومات مفادها أن الخلايا الإرهابية التكفيرية النائمة في أكثر من منطقة لبنانية ستستفيق دفعة واحدة من سباتها لإحداث ارباكات وأحداث أمنية كبيرة تهدف إلى ربط الساحة اللبنانية بالمعارك العسكرية التي تخوض فيها التنظيمات التكفيرية صراع وجود وبقاء في المنطقة، خصوصاً في ظل التصعيد العسكري المتوقع والمرتقب خلال الأسابيع القليلة المقبلة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها على تنظيم «داعش». والخلايا الإرهابية النائمة في أكثر من منطقة لبنانية يتم شحنها وتحضيرها ليكون لبنان شريكاً أساسياً في المعركة الحاسمة التي تخوضها التنظيمات الإرهابية على مستوى المنطقة.
وحول كيفية عيش المسلحين في جرود عرسال، يقول رئيس بلدية عرسال علي الحجيري إنهم «يسيطرون على كل المناطق الفاصلة بين لبنان وسوريا وفي العمق السوري. وهي مناطق واسعة جداً بين القلمون السورية وجرود عرسال ومحيطها من شرق مدينتنا الى غربها على طول السلسلة الشرقية وجانبَيها. ويتوزعون على مناطق سورية تمتد من جرود عسال الورد الى أطراف المشرفة والمعرة الى أطراف فليطا. وهم متفاهمون بين بعضهم البعض، وكل ما قيل عن إشتباكات في ما بينهم روايات. لم يتغيّر شيء في المنطقة، فالجيش السوري الحر و«النصرة» و«داعش» يعيشون معاً، وإن تبادلوا الإنتسابات بين وقت وآخر، وما تسمعونه من روايات لا صحة لها».
ويضيف: «في عرسال لا نرى الكهرباء إلا لساعات محدودة وهم لديهم مولدات كهرباء تعمل 24/24. وعلى قاعدة أن «الحاجة أم الإختراع» لديهم كل وسائل الإتصال ومنها الخلوية ويتقنون كل خدمات الإنترنت. والأمر يتصل بقدرتهم على العيش في ظروف صعبة، وقدراتهم تفوق قدراتنا».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق