سياسة لبنانية

جنبلاط على خط ازمة الرهائن خوفاً من الفتنة

«خلية الأزمة» التي واكبت الملف على امتداد الأشهر الماضية، لم يعد استمرارها مجدياً وفق الصيغة المعتمدة والطريقة المتبعة في إدارة الملف. فبعد الانسحاب الهادىء للوزير جبران باسيل الذين لم يشارك إلا قليلاً، يأتي اعتكاف الوزير علي حسن خليل لتصبح خلية الأزمة ذات لون سياسي ومذهبي محدد (سلام والمشنوق وريفي)… وهذا ما يدفع باتجاه تحويل الخلية من «خلية وزارية سياسية» الى «خلية أمنية» (رؤساء الأمن العام ومخابرات الجيش والمعلومات)، لأن الملف يحتاج الى «إدارة عسكرية» والى تبيان القدرة والقوة التفاوضية ووضع حد لسياسة الضغوط والابتزاز التي تتعرض لها الحكومة اللبنانية، في حين أن الخلية الوزارية شكلت نموذجاً مصغراً عن «صراع الأجنحة ومراكز القوى» والتناقضات والخلافات السياسية التي ترجمت عملياً بين توجهين: توجه متشدد يرفض الانصياع الى مطالب «النصرة» و«داعش»، وتوجه معتدل يعتبر أن الخروج من النفق المظلم لا يكون إلا بالمقايضة…
وتوقفت أوساط دبلوماسية عند مبادرة سورية خاصة بموضوع العسكريين المخطوفين كشف عنها اللواء جميل السيد العائد من دمشق وملخصها أن «السلطات السورية أبدت استعدادها لتأمين ممر آمن لمسلحي «داعش» و«النصرة» الموجودين في جرود عرسال باتجاه الداخل السوري، وتحديداً باتجاه مناطق الشمال السوري، وضمان انتقالهم وسلامتهم… مقابل إطلاق العسكريين المخطوفين»…

دخول جنبلاط
دخل النائب وليد جنبلاط بقوة وتصميم على خط قضية العسكريين المخطوفين وحاول فرض إيقاعه وموقفه الضاغط باتجاه الإفراج عن العسكريين مهما كلف الأمر بما في ذلك المقايضة المفتوحة التي تشمل «إرهابيين» موقوفين ومحكومين. وهذا الموقف جاراه فيه الرئيس أمين الجميل ولكنه لم يلق تشجيعاً وتأييداً من الرئيس نبيه بري. ولكن جنبلاط لم يتراجع وقرر أن يمضي قدما ًعبر قناة تبدأ بالوزير وائل أبو فاعور وتوصله الى «النصرة» عبر الشيخ مصطفى الحجيري، وحتى الوصول الى الهدف وهو إطلاق العسكريين الذين بينهم ثمانية دروز، وحتى لا يكون قتل أحدهم مدخلاً الى فتنة والى تفجر حساسية درزية من هذا الملف وحصول اصطدام درزي مع النازحين السوريين…
 تقر أوساط سياسية قريبة من الرئيس نبيه بري بوجود تباين بين بري وجنبلاط في موضوع العسكريين المخطوفين وكيفية مقاربته. وتقول هذه الأوساط إن ما يقوم به جنبلاط من استقبالات لأهالي العسكريين ونزوله شخصياً الى ساحة رياض الصلح وتكليف الوزير وائل أبو فاعور بملف التفاوض، لا يقدم ولا يؤخر في قضية العسكريين، فيما المطلوب الحزم والتعامل بمنطق القوة مع المسلحين بدل إعطائهم شروطهم ومطالبهم المتمثلة بإطلاق إرهابيين من سجون لبنانية كلف القبض عليهم وتوقيفهم جهوداً وتضيحات. والواقع أن لا وليد جنبلاط ولا أي طرف آخر قادر على التفاهم مع الإرهابيين القابعين في الجرود والذين يمتلكون الورقة الأغلى والأكثر ثمناً لابتزاز الدولة بها، فيما الدولة باتت تملك الكثير من الأوراق التي تجعل المسلحين في موقع ضعف ويعيدون حساباتهم قبل الإقدام مجددا على تصفية أحد العسكريين.

الانجاز الامني
ونقل عن مصدر عسكري رفيع أن الإنجاز الأمني الأبرز في التوقيفات التي طاولت إرهابيين في الأشهر الأخيرة كان إلقاء القبض على أحمد الميقاتي الذي يعد ممثل «داعش» في لبنان، وهو كان يهيئ الأرضية لربط طرابلس بعكار والقلمون، متى أعلنت «داعش» قيام دولتها من الداخل السوري وصولاً الى الشاطىء اللبناني، وتوقيف نعيم عباس الذي هو «أهم العقول الإرهابية لأنه المخطط والمنفذ في آن»…
ويقول مصدر أمني أن الجيش اللبناني لا خيار أمامه إلا المضي قدماً في كل إجراءاته على المعابر المفضية الى الجرود الشرقية ومنها جرود عرسال لاعتبارات تتصل بالرد على عملية إعدام العسكري علي البزال وعلى انهيار المفاوضات مع الجهات الخاطفة من جهة، ولأن الجيش يقيم على حصيلة رصد وتقص ترجح فرضية أن يبادر الإرهاب الى ضربة ما على غرار ضربته الأخيرة في جرود رأس بعلبك، لا سيما بعد المعلومات عن توجيه زعيم «جبهة النصرة» إنذاراً الى جميع المسلحين في القلمون والجرود بإعلان الولاء لتنظيمه من جهة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق