صحة

مرضى صرع؟ مرضى صداع؟! Be cool!

يؤلمك رأسك؟ يشتدُ عليك الألم؟ مهلك، أسباب الألم كثيرة خصوصاً إذا كنت ممن يملك الى جانب الرأس قلباً.
يتكررُ الألم؟ يُفاجئُك؟ هو ألمٌ لا يُطاق؟ تبحث عن حلٍ؟ تبحث عن علاج؟ تمهل، هل تعرف ما بك؟ ولماذا يُصيبك ما يُصيبك؟ هل تعرف إن كان السبب تشنجاً يؤدي الى آلام أم نقطة دماء، تأتيك في مكان وزمان، تتسبب لك بداء الصرع وصولاً أحيانا الى السقوط بالنقطة؟
رأسُك يؤلمك؟ عد الى عشرة، الى مئة، الى ألف حتى، وحين ترتاح إبحث عن الأجوبة التي قد تقيك من السقوط الفظيع في قبضة الصرع…

إنعقد في لبنان المؤتمر الدولي السادس للجمعية اللبنانية لأطباء الدماغ والأعصاب وكان استعراضاً واسعاً لكل العلاجات والتقنيات التي قد تنجح في جعل مريض الصرع يحيا في أمان وسلام ويُنجب صبياناً وبنات ويضحك ويلعب ويتعلم ويحلم ويتمنى ويطمح…
نحلم؟ لا، العلم يتطور ومن كان يسقط في النقطة بات قادرا، الى حد كبير، على أن يتحكم بحالته مبقياً نوبات الصرع تحت سيطرته بدل أن يسقط هو، بالكامل، تحت سيطرتها.
البروفسور في طب الدماغ والأعصاب ومدير البرنامج الشامل للصرع في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت الدكتور أحمد بيضون لديه بدل الجواب أجوبة وبينها ما يُطمئن ويُمكّن من معرفة كثير من التفاصيل… فماذا في معلوماته؟

العلاجات تتقدم


يجيب الدكتور بيضون: نحو ثلث المرضى الذين يعانون من النوبات الجزئية لا يستجيبون الى مضادات الإختلاجات المتوفرة، لذا كان ضرورياً البحث عن علاجات جديدة، وهذا ما تحقق أخيراً عبر إبتكار دواء متوفر على شكل حبوب أو محلول للشرب أو حتى حقن، ويتمتع بآلية عمل فريدة آمنة وفعالة لعلاج النوبات الجزئية. الطب إذاً يتقدم. العلاجات تتقدم. والحلول باتت متوافرة شرط أن يعرف المريض هذا ويسأل طبيبه عن هذا. أولم تسمعوا أن من يعرف أسباب الأشياء هو إنسان غالباً سعيد؟
جزئية؟ نوبة جزئية؟ ماذا يُقصد بهذه العبارة؟
يجيب البروفسور في طب الدماغ والأعصاب: أن النوبة الجزئية تبدأ بتفريغ الكهرباء في منطقة واحدة محددة من الدماغ وتنتج هذه النوبات عن عناصر مختلفة بما في ذلك إصابة في الرأس أو التهاب فيه أو سكتة أو ورم أو نمو دماغي شاذ قبل الولادة وقد تحدث بعض النوبات خلال النوم. وحين ينتشر النشاط الكهربائي من النوبات الجزئية في أرجاء الدماغ كله يختبر المرضى ما يُسمى بالنوبات الثانوية المعممة التي تُصيب أكثر من ثلاثين في المئة من الأشخاص الذين يصابون بالصرع الجزئي.
ماذا عن داء الصرع؟

هو، بحسب الدكتور أحمد بيضون، خلل عصبي مزمن يطاول نحو 65 مليون شخص حول العالم، منهم نحو اربعين ألفاً في لبنان،  ويمكن لأي شخص، في أي عمر كان، ان يصاب بالصرع. في كل حال، يكفي أن يُصاب المرء بنوبتين محفزتين أو أكثر، متباعدتين عن بعضهما نحو 24 ساعة على الأقل، حتى نحدد الحالة بالصرع. أما السبب فغير محدد لدى نصف الأشخاص الذين يعانون من هذا الداء لكن قد ترد بعض الحالات الى جذور وراثية أو عن إصابة بالرأس أو علة دماغية ما أو أمراض معدية أو إصابة قبيل الولادة أو قد يتأتى حتى، كما سبق وقلنا، نتيجة خلل في النمو.

 آلام الرأس أنواع
قبل أن نغوص أكثر في تفاصيل الصرع نسمع همساً السؤال: هل ألم الرأس غير الصرع؟ هل هو بداية صرع؟ وهل من يؤلمه رأسه تكراراً هو مشروع مريض صرع؟
ليس جديداً ربما القول أن آلام الرأس أنواع، بينها ما هو أولي وما هو ثانوي، وهناك أسباب وأسباب للنوعين معاً. وليس سراً القول أيضاً أن آلام الرأس تصيب غالبية الناس، وهناك أكثر من ثمانين في المئة من البشر يصابون بها مرة واحدة على الأقل في السنة، لكن من يعانون الأمرين منها، الى حدود الصرع، فهم قلة، أما من يعانون ما هو أفظع وأفظع حتى حدود إمكانية السقوط في النقطة فلا يزيدون في مطلق الأحوال في لبنان، وكما سبق وقلنا، عن أربعين ألفاً.  
والسؤال، كيف نميز بين أنواعها؟ بالخبرة؟ بأن نأكل الألم مرة ومرتي
ن وعشر فنتمكن من التمييز؟ لا، الرضوخ الى الألم بات غير مرحب به علمياً ولا طبعاً طبياً وبات بالتالي تجنبه مطلوباً. ماذا إذاً؟ ماذا عن أنواع آلام الرأس حتى الصرع؟
لنبدأ بتلك الآلام التي قد تحدث تلقائياً، بلا سبب مرضي، وهي ما يسمى بالصداع وتصيب أكثر من ثمانين في المئة من البشر نحو مرة واحدة على الأقل في السنة، وبينها ما يُسمى بصداع الشقيقة «ميغران» ونشعر فيه بألم في الأوعية الدموية الكبيرة التي تغذي الدماغ والتي تحتوي على مستقبلات حسية للألم وبذلك يبدو الألم خارجاً من قلب الجمجمة. ويصيب هذا النوع من الصداع النساء أكثر من الرجال وهو يُرد عادة الى أسباب وراثية جينية ويدوم أحياناً 72 ساعة.
أسباب آلام الرأس كما قلنا إذا كثيرة بينها ما يتأتى من المحيط، من البيئة المحيطة تحديداً، مثل التوتر الذي يحوط بنا من كل الجهات ومنها ما يتأتى من مرض ألم بنا مثل التهاب الجيوب الأنفية أو آلام الأسنان. في كل حال، الآلام الناتجة عن التوتر يمكننا تمييزها عن سواها بأنها عابرة وتحوط غالبا بكل الرأس، بكامل خوذة الرأس، أما في حالة صداع «الشقيقة» فيترافق الألم مع غثيان وعدم القدرة على تحمل الضوء أو الضجيج وحتى روائح الطعام ومع اضطرابات في الرؤية وفي التوازن.
نعود لنسأل: ماذا عن الصرع؟
الصرع إذاً غير الصداع. نذكر كل من يُخطىء في استخدام العبارتين بهذا. فالصداع ألم عابر بينما الصرع قد يكون حالة مرضية قائمة في ذاتها تحتاج الى متابعة ومراقبة وعلاج كي لا تتسبب بالسقوط في النقطة. والصرع، لمن ما زال يجهل، هو استعداد المخ لانتاج شحنات مفاجئة من الطاقة الكهربائية التي تخل بعمل الوظائف الأخرى للمخ. وما يجب معرفته في هذا الخصوص أن حدوث نوبة واحدة من هذا النوع لا تعني بالضرورة أن من عانى منها هو مريض صرع، فارتفاع الحرارة أو نقص الأوكسيجين يمكن أن يتسببا بهذه الحالة وتكون بالتالي عابرة عرضية، لكن إذا تكررت ثانية فيفترض حينها وضع الشخص تحت الرقابة الشديدة وإعطائه العلاج الملائم للحؤول دون إصابته بنوبة قاسية.
عادة، في الحالات الطبيعية، تنتج خلايا الدماغ طاقة كهربائية، عبر الجهاز العصبي، تكون بمثابة أوامر من أجل القيام بإشارات معينة وحركات، ويكون مريض الصرع، في الحالات اللاطبيعية، غير قادر على التحكم في انتاج الطاقة ما يؤدي الى خروج دفعات قوية، لا يمكن التحكم بها، من الشحنات الكهربائية، ما يتسبب  بصدمة يطلق عليها «نوبة صرع» قد تتبدل حجماً وشكلاً فتأتي أحياناً كبيرة أو خفيفة وقد تظهر على شكل نوبة نفسية حركية.

تشخيص الداء
تشخيص داء الصرع يبدأ عادة بالشك، اثر سماع الطبيب رواية احد اقرباء المريض حول تفاصيل الأزمة التي تعرض لها المريض الجالس بصحة تبدو ممتازة امامه. يخضع المريض عادة الى فحص سريري تليه سلسلة فحوصات منها: تخطيط الدماغ بحثاً عن وجود شحنات كهربائية خاصة بالصرع. وصورة دماغية بواسطة الرنين المغناطيسي «أم آر آي». وفحص دم بحثاً عن وجود اختلال في المكونات المعدنية. وإذا ثبت ان الأزمة التي يتكرر حدوثها مع المريض سببها شحنات كهربائية غير طبيعية يخضع الى علاج دوائي منتظم يتيح له السيطرة مجددا على الداء وعيش حياة سليمة بلا قيود. ويأخذ عادة الطبيب قبيل وصف الدواء المناسب للشخص المناسب جملة معايير بينها: نوع الأزمة، جنس المريض ووضعه الصحي العام. ويفترض التزام المريض بتناول العلاج بدقة متناهية، تحت اشراف الطبيب، وعدم ايقافه بمبادرة ذاتية ابداً.
ثمة طلب قد يهمس به الطبيب في آذانكم حين تراجعون في خصوص مريض صرع، يسقط أحيانا بالنقطة: صوروه! التقطوا له تسجيلاً مصوراً كاملاً وهو يعيش تلك الحالة، لأن في معرفة التفاصيل قدرة أكبر على التشخيص الصحيح وتحديد العلاج. صوروه. هي نصيحة في زمن «السيلفي» وشغف الكثيرين في التقاط الصوّر ونشرها على «حسابات التواصل الإجتماعي». التقطوا تسجيلاً لمريض الصرع وضعوه «أمانة» في حوذة طبيبه وبذلك تكونون قد ساهمتم، عبر شغف التصوير، بأمرٍ مفيد. مرضى صداع؟ مرضى صرع؟ ستسمعون طبيبكم يقول لكم قبل العلاج بالإنكليزية: Be cool، فالتوتر قد يبقى السبب الأول في كثير كثير من الأمراض…

نوال نصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق