افتتاحية

ماذا بقي من الدولة ومن يحمينا؟

هل نحن اللبنانيين نعيش في دولة مكتملة المقومات التي تقوم عليها الدول في العالم؟
ماذا بقي من الدولة اللبنانية؟ ولماذا هذا الانحلال والتفكك والانهيار؟
فلبنان قبل كل شيء بلا رئيس منذ ما يزيد على المئة يوم، وافق الانتخابات الرئاسية لا يزال مسدوداً، ولا تبدو بارقة امل تنذر بقرب انتخاب رئيس للجمهورية. وذلك بفعل الانانيات والمصالح الخاصة التي لا تمت الى المصلحة الوطنية بصلة. وكما ان الجسم لا يمكنه ان يعيش وينمو ويتطور بلا راس، كذلك هي الدولة التي تبقى مشلولة وعاجزة طالما هي بلا رئيس يدير الامور رغم قلة الصلاحيات التي يتمتع بها.
المؤسسة الثانية المعطلة في هذا البلد هي مجلس النواب. خمس سنوات مضت ولم يقدم هذا المجلس شيئاً للبنانيين. فقد عجز طوال هذه المدة عن ان يتوصل الى اقرار قانون جديد للانتخابات، ينصف كل شرائح الشعب اللبناني، ووصل الى نهاية عهده الدستوري دون ان يتمكن من تجاوز خلافاته، فلم يرحلا سوى ان يجدد لنفسه. فمدد ولايته سنة وخمسة اشهر، متعهداً بان يقر قانون جديد للانتخابات، ولكن تعهداته، التي لا يؤمن بها اللبنانيون على كل حال، ذهبت ادراج الرياح وانقضت السنة والخمسة اشهر ولم يجر الحديث ولو مرة واحدة عن قانون الانتخاب.
والعار كل العار هو ان النواب تخلوا عن واجباتهم الاساسية التي يفرضها الدستور. فقاطعوا جلسات مجلس النواب، طبعاً ليسوا كلهم بل قسم كبير منهم، فعطلوا انتخاب رئيس للجمهورية، فساد الفراغ مركز الرئاسة وعم الشلل دوائر المجلس النيابي.
ولكي لا نظلم النواب نقول انهم تحركوا بقوة وكثفوا اتصالاتهم عندما جرى الحديث عن محاولة للتجديد مرة ثانية لانفسهم، متجاهلين ارادة الشعب التي هي وحدها تقرر التمديد للنواب من عدمه. فالى متى سيستمر هذا التجاهل للشعب الذي هو مصدر كل السلطات؟
حتى رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري تساءل لماذا نجدد لمجلس لاينتج ولم يقدم شيئاً للبنانيين؟
ابرز قضيتين هما من اساس عمل النواب: الانتخابات الرئاسية ووضع قانون جديد للانتخابات النيابية، فهل ان المجلس في حال التمديد لنفسه سيفي بالتزاماته؟ حتمالا على ما عودتنا التجارب . فالمجلس الذي لم ينجح على مدى خمس سنوات ونصف السنة تقريباً لن يقدم شيئاً في المدة الممددة بل يزيد الوضع تدهوراً وتفككاً وانهياراً.
نكتفي بهذا القدر بالحديث عن امجاد النواب، ولو اردنا الاسترسال لاحتجنا الى مجلدات.
اما الحكومة التي تسلمت سلطات رئيس الجمهورية فاين هي؟ هل لا تزال موجودة؟ وماذا تقدم للبنانيين وكيف تسوس امورهم؟
لقد تخلت عن واجباتها ووصل الشلل اليها. فهي تقف عاجزة متفرجة على ما يعاني منه اللبنانييون وهو اكبر من ان يحتمل. فمثلاً كلما اختلفت جار مع جاره او رجل مع امرأته ينزل الى الشارع ويقفل الطرقات، ويسبب الضرر لمئات المواطنين الذين يبحثون عن الحكومة فلا يجدونها.
في كل دول العالم تقع احداث تسودها فوضى ولكنها تعالج بحكمة وروية دون ان يتأذى احد من المواطنين. اما عندما في لبنان فينزل المتضررون الى الشارع ويقطعون الطرقات ويعطلون اعمال الناس الذين لاذنب لهم ولامن يسأل.
حفنة من عمال شركة الكهرباء يهاجمون مؤسسة الكهرباء فيقفلون ابوابها بالجنازير ويمنعون الموظفين من دخول المؤسسة، فتنقطع الكهرباء عن معظم الاراضي اللبنانية ويعاني المواطنون القهر والذل ويعيشون العتمة لتصبح حياتهم كلها ظلاماً بظلام. ومع ان القانون يعطي الحكومة الحق في محاسبة هؤلاء ووضعهم عند حدهم واعادة التيار الكهربائي الى طبيعته، تمضي الايام والاسابيع والوضع على حاله ولا من يسأل، فالى متى هذا التنصل من السؤولية ومن يعوض الناس عما يلحق بهم من ظلم وجور؟
اسئلة نضعها امام جميع من بيدهم الحل والربط آملين ان يستفيقوا يوماً، على ما يعاني الشعب وان كنا نستبعد ذلك، فيعمدون الى اعادة الحق الى اصحابه واننا لمنتظرون.

«الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق