سياسة عربية

العراق: خمسون الف منتسب وهمي لقوى الامن العراقية، وخمسون مليار دولار عجز الموازنة

يوماً بعد يوم، يتكشف مدى عمق الازمة العراقية. والمقصود هنا، ليست الازمة المتعلقة بتنظيم داعش. وانما الازمة الداخلية، التي يعتقد محللون انها تراكمت بفعل ممارسات الفساد من جهة، والادارة العقيمة لملفات متراكمة منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اقتصادي. واكثرها ما هو مشترك بين اكثر من عامل. ومن يجمع بين اكثر من عنصر ازمة.

ويبدو واضحاً من خلال قراءة بعض الملفات التي فتحها رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي، صعوبة الموقف، وحاجة البلاد الى تدخلات جراحية داخلية. والى مساعدة من قبل المجتمع الدولي وصولاً الى التخفيف من حدة المشكلة القائمة، وخصوصاً حالات الفساد المستشرية في جميع اجهزة الدولة، ومنها جهاز الشرطة. اضافة الى المشكلات المالية الكبيرة، والتي تفاقمت في ضوء انخفاض اسعار النفط.
فخلال جلسة مباحثات مع رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان البرزاني، والوفد المرافق،  دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي الى حل جميع المشاكل، والخضوع الى قناعة مفادها انه لا توجد اية مشكلة غير قابلة للحل وفق مبادىء الدستور والعدالة والإنصاف. واقترح العبادي «جدولة» المشاكل، مشيراً الى انه ليس بالضرورة حلها جميعاً دفعة واحدة. وانما تهيئة الأجواء المناسبة لذلك.
من جانبه اعرب نيجيرفان البرزاني عن رغبته في فتح صفحة جديدة لمنفعة كل العراق وليس اقليم كردستان فقط. كما اعرب عن رغبته في وضع استراتيجية واضحة للحلول عبر اللقاءات المستمرة، مذكراً بان العراق يواجه تهديد داعش الإرهابي وتحديات اقتصادية. ومن اهم الملفات العالقة بين الاقليم والحكومة المركزية ما يتعلق بتصدير نفط الاقليم ونسبة الاقليم من الموازنة المالية ورواتب قوات البشمركة أضافة إلى رواتب موظفي الاقليم التي اوقف صرفها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي منذ مطلع الحالي.

 انهاء المشاكل
وتتوقع مصادر كردية ان يتم انهاء جميع المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل خلال ستة أشهر من الان وخصوصاً تشريع قانون النفط والغاز واقراره نظراً لما يحتاجه من مباحثات معمقة بين جميع الكتل السياسية حيث ان هذا القانون كان من ضمن القوانين المتفق على اقرارها في وثيقة الاتفاق السياسي المرفقة في المنهاج الحكومي التي وقعت من قبل قادة الكتل السياسية وافضت إلى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي.
وكان عضو برلمان إقليم كردستان دلشاد شعبان أكد الخميس الماضي أن برلمان الإقليم أوصى رسمياً وفد كردستان المفاوض مع بغداد بالمطالبة بحصة الإقليم الحقيقية البالغة 17% من الموازنة العامة مؤكداً أن البرلمان خول حكومة الإقليم ببيع نفطه في حال عدم توصل الطرفين إلى حل نهائي.
يشار إلى أنّ حكومة إقليم كردستان اعلنت في 13 من الشهر الماضي عن اتفاقها مع بغداد للوصول إلى حل شامل وعادل للمشاكل بين الجانبين مؤكدة ان الحكومة الإتحادية ستدفع للإقليم مبلغ 500 مليون دولار فيما ستحول حكومة الإقليم 150 ألف برميل من نفطها الخام يومياً تحت تصرف الحكومة الإتحادية وهو ماتم فعلا خلال الايام القليلة الماضية الامر الذي مهد لزيارة نجيربان البرزاني الحالية لبغداد.
الى ذلك، لم يفلح مجلس الوزراء العراقي في التصديق على موازنة البلاد العامة لعام 2015، وفشل بوعده في إرسالها إلى البرلمان لمناقشتها وإقرارها، وأعلن أنها بحاجة إلى إعادة نظر، حيث شكل لذلك لجنة وزارية لمراجعتها في مواجهة تأخير سيستمر لأكثر من شهر، حيث إن البرلمان سيبدأ عطلته التشريعية، وبذلك يكو
ن العراق بلا موازنتين للعامين الحالي والمقبل.
وفي ختام اجتماع استثنائي اصدر مجلس الوزراء بياناً اكد فيه ان في ضوء الانخفاض الحاد في أسعار النفط خلال الأيام القليلة الماضية وما يسببه من ارتفاع خطير في
معدلات العجز، فقد تقرر تشكيل لجنة وزارية، تتولى إجراء مراجعة شاملة للنفقات العامة للدولة، للخروج بتوصيات تقدم خلال أسبوع لمعالجة وخفض العجز المتوقع في الموازنة، والبالغ 50 مليار دولار، الأمر الذي يعني تأجيل إرسالها أسبوعاً إلى البرلمان، الذي بدأ عطلته التشريعية، والتي تستمر شهراً.

الموازنة العراقية
وتبلغ قيمة الموازنة العامة للعراق للعام المقبل، والمقترحة من وزارة المالية، حوالي 100 مليار دولار، منها 23 مليار دولار خصصت إلى الأمن والدفاع، مع عجز مقداره 50 مليار دولار، ينتظر أن تسدد من خلال زيادة الإنتاج النفطي. وبنيت ارقام الموازنة على اعتبار ان سعر النفط 70 دولار للبرميل.
وقد أكد العبادي على أهمية إجراء التدقيق المطلوب على تفاصيل الموازنة على مستوى الوزارات والمحافظات للتأكد من سلامة التخصيصات. وأشار إلى أن المعطيات العامة الواردة في العرض الذي قدّمته وزارة المالية تكشف أهمية حث الوزارات على تعظيم إيراداتها، كي لا تنعكس آثار أسعار النفط المنخفضة على الوضع المعيشي للمواطن العراقي، مع الحرص على إدامة زخم رعاية الفقراء والفئات الضعيفة ضمن زيادة كفاءة شبكة الحماية الاجتماعية.
وتقلّ قيمة موازنة العام المقبل 2015 بحوالي 50 مليار دولار عن موازنة العام الحالي 2014، التي لم تقرّ لحد الآن، رغم أن العام يوشك على الانتهاء، وذلك بسبب الخلافات على بنودها بين الحكومة والبرلمان السابقين.
في سياق مواز، دعا رئيس الوزراء العراقي دول الخليج الى المساعدة في اعمار بلاده، مؤكداً أن العراق ليس مفلساً، كما أعلن عن تشكيل قيادة عمليات لتحرير الموصل من داعش وكشف عن 50 ألف منتسب وهمي في القوات الامنية.
وعبر العبادي في كلمة له امام مجلس النواب العراقي عن توجهه لتشكيل قيادة عمليات تحرير نينوى من تنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، موضحاً أنه تم انجاز «تشكيل فوج نينوى لتحرير المحافظة من عصابات داعش الارهابية»

50 الف منتسب وهمي
وكشف عن وجود 50 الف منتسب وهمي في الاجهزة الامنية، وخصوصاً في وزارة الدفاع، مؤكداً أنه جرى التخلص منهم بعد سلسلة اجراءات لتدقيق قوائم منتسبي المؤسسات الأمنية. ودعا البرلمان الى التعاون مع الحكومة لتحقيق الاصلاح الاقتصادي والعمل على مكافحة الفساد، وقال إن وزارة الدفاع ستطلق مرتبات 21 الف عنصر من تشكيلات الحشد الشعبي للمتطوعين.
واشار الى أن عمليات الخطف، التي تنفذ في العاصمة بغداد من قبل «عصابات إجرامية»، لا تستهدف طائفة معينة، في اشارة الى انتقادات قالت انها تنفذ مخططاً للتخلص من السنة ولتغيير التركيبة السكانية للعاصمة العراقية وطالب بتعاون الجميع لإيقاف تجاوزات تلك العصابات.
وكان وزير المالية العراقي هوشيار زيباري قد دعا الى إجراء إصلاحات عميقة للقضاء على الفساد في صفوف القوات المسلحة التي انهارت في مواجهة تقدم تنظيم «داعش»، وذلك في الوقت الذي تم تخصيص ربع ميزانية عام 2015 على الامن والدفاع. وشدد زيباري على أن قوات الأمن تستحق الدعم للتصدي للتنظيم، لكنه قال إنه من الضروري فرض ضوابط أكثر صرامة.
وقال «من المؤكد أننا سنوصي بشدة بضرورة إجراء إصلاحات عميقة في المؤسسة الأمنية العسكرية لمكافحة الفساد وسوء الإدارة»، لكنه أضاف «في الوقت نفسه يجب تطهير الجيش من هذه الأرقام. أرقام الجنود الوهميين وغير ذلك من سوء الإدارة».

قوائم الجنود
والجنود الوهميون أسماء في قوائم الجنود لا يظهر أصحابها ولا يشاركون في القتال، لكن رواتبهم تدخل جيوب القادة واتضحت هذه الظاهرة خلال انهيار الجيش أمام تنظيم «داعش» في شمال العراق.
وقال زيباري: «بكل تأكيد لا بد من وجود ضوابط ومراجعة كل التشكيلات من حيث الأعداد، ويجب ألا يكون هناك جنود وهميون في صفوف الجيش، واكد أنه يجب محاسبة المسؤولين عن عدد أفراد الوحدات والأسلحة والمرتبات والذخيرة والغذاء، وهذه أمور أساسية لا تحتاج لعبقري لفهمها».
وقال الوزير إنه يجب ألا يتوقع أحد نتائج سحرية في الجيش وقوى الأمن، وأضاف «هذا سيستغرق وقتاً حتى يستقر الوضع وحتى يظهروا قدراتهم في ساحة القتال».
من جهة ثانية، دعا العبادي في كلمته دول الخليج الى مساعدة العراق في مجال الاعمار، مشيراً الى أن الحكومة تعمل على توفير الخدمات في المناطق المحررة وإعادة تأهيل المنازل المتضررة، مشيراً الى الحاجة لصندوق لإعادة اعمار المناطق التي دمرها تنظيم «داعش».

العراق – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق