رئيسيسياسة عربية

«داعش» يدخل ليبيا، و«درنة» امارته الاسلامية

ما بين الهمين، المحلي والدولي، ثمة محطة بارزة يضطر الليبيون بمختلف توجهاتهم واطيافهم الى التوقف عندها. فحتى التيار الاسلامي في ليبيا، والذي يشكل المظلة لحكومة الثني، و«المؤتمر الوطني» الذي يشكل امتداداً لها، بات يخشى دخول تنظيم داعش. ويخشى ما هو ابعد من ذلك، ان يوصم بتلك التهمة التي ستفتح عليه بوابات جهنم. الا ان التناقضات العديدة التي تعيشها البلاد، لم تترك لاحد من الاطياف المجال للمراقبة او التدقيق. وبالتالي فإن تلك الظروف تفسح المجال واسعاً امام التطرف لكي يأخذ مداه وينتشر.

ويبدو ان التقاطعات الكثيرة على الساحة الليبية افسحت المجال امام التنظيم المصنف «رقم واحد» من حيث الارهاب في العالم ليس لدخول البلاد فحسب، وانما لتأسيس امارته.
وفي الاثناء دخلت الحرب الاهلية مرحلة جديدة من كسر العظم، والى مستوى اطلاق عمليات التدمير الشامل.
فقبل أيام، أعلن أبوبكر البغدادي في «رسالة صوتية» أن تنظيم «داعش» الذي يتزعمه تمدد ليشمل عدداً من الدول من بينها ليبيا. وقال البغدادي في رسالته: «نبشركم بتمدد الدولة إلى الحرمين واليمن ومصر وليبيا والجزائر وإعلانها ولايات جديدة للدولة الإسلامية»، معلناً عن حكام على رأس هذه «الولاية الجديدة للتنظيم».
في الاثناء، تشير التقارير الواردة من ليبيا الى ان تنظيم «داعش»، ذا الايدلوجية المتطرفة، بات يجتذب العديد من المؤيدين، وخصوصاً الشباب الذين استهوتهم الاجواء، والذين يعيشون في الأوساط الراديكالية في ليبيا. وتشير التقارير الى ان مدينة درنة الواقعة شرقي البلاد، تحولت الى «امارة اسلامية»، واصبحت اول موطىء قدم له في ليبيا ومعقلاً لانصاره.

شباب الاسلام
وفي هذا السياق، تشير التقارير الى ان ما يسمى بـ «تنظيم شورى شباب الإسلام» في درنة حشد قبل ايام مجموعة من أتباعه لمبايعة التنظيم المتطرف أو التمهيد لذلك، فيما افادت تقارير محلية أن يمنياً وضع على رأس ولاية درنة بعدما تلقى البيعة مبعوث سعودي للبغدادي من الموالين الجدد هناك. وتوالت المبايعات للتنظيم وقيادته. وتحديداً الولاية الليبية التي تشير منشوراتها الى اسم «ولاية برقة»، بينما تشير مصادر متابعة الى مدينة درنة كمركز حكم لها. وتمتد الى اقليمي طرابلس وفزان.
من جهتها، اعربت الولايات المتحدة الأميركية الاسبوع الماضي عن «قلقها» حيال هذه المعلومات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جيفري راتكي انه تم رصد مبايعات «الفصائل المتطرفة العنيفة» في ليبيا، وتعهداتها بالولاء لتنظيم داعش ومحاولات الانضمام إليه.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، احتلت مدينة درنة ومعظم بنغازي، ثاني أكبر مدينة، من قبل الجماعات المتطرفة وخصوصاً أنصار الشريعة التي اعتبرها مجلس الأمن الدولي الأربعاء جماعة إرهابية.
وكان اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد نفذ وبدعم من قبل الجيش في ايار (مايو) عملية ضد مجموعات وصفها بـ «الإرهابية» في شرق ليبيا، بما في ذلك انصار الشريعة، ومنذ ذلك الحين، يستمر القتال بشكل شبه يومي ويؤدي الى سقوط قتلى من المعسكرين.
وفي نيسان (أبريل) الماضي، أعلنت مجموعة متشددة في درنة أنها ستنشىء محاكم شرعية وفقاً للشريعة الإسلامية.
وهذه الجماعة التي تطلق على نفسها اسم «مجلس شورى شباب الإسلام» في درنة، أقامت محاكم وشرطة إسلامية، وأخرجت مواكب عدة بانتظام في درنة، لمسلحين ملثمين يرتدون الزي العسكري على متن شاحنات صغيرة مسلحة، وهم يحملون البنادق الرشاشة والقذائف الصاروخية ويلوحون بالراية السوداء الخاصة بالقاعدة.
وأصدرت الجماعة في آب (أغسطس) الماضي شريط فيديو يظهر عملية إعدام علنية لمصري متهم بالقتل، في ملعب لكرة القدم في المدينة خارج إطار القضاء، وهي العملية الأولى من نوعها في ليبيا.

صراع الارهابيين
وفي المقابل، تشير التقارير الى انه لم تعلن أي مجموعة متطرفة رسمياً حتى الآن ولاءَها الرسمي لمن يسمي نفسه أمير تنظيم داعش أبوبكر البغدادي، بسبب الانقسامات داخل صفوفها.
وبحسب خبراء في الجماعات الجهادية فإن «كثيراً من المتطرفين في درنة ينجذبون لتنظيم الدولة، ولكن لأن معظم قادة «الجهاديين» في ليبيا هم أعضاء سابقون في القاعدة، ولأن هناك صراعاً أيديولوجياً بين مؤيدي الدولة، وتنظيم القاعدة لا يوجد حتى الآن إعلان صريح بالانضمام إلى تنظيم الدولة».
يضاف الى ذلك ان مجلس الأمن الدولي صنف جماعة أنصار الشريعة في درنة وفي بنغازي جماعة إرهابية كونها على صلة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. في الاثناء، قال رئيس الوزراء الليبي المنتخب عبدالله الثني الذي يحظى بالاعتراف الدولي إن القوات الجوية التابعة لحكومته مسؤولة عن الضربات التي استهدفت مطار العاصمة طرابلس الذي تسيطر عليه حكومة منافسة.
وأوضحت حكومة الثني على موقعها الالكتروني ان القصف الذي قام به السلاح الجوي الليبي لمطار معيتيقة هو ضربة استباقية لمجموعات ما يسمى فجر ليبيا، في إشارة إلى مجموعة مسلحة تساند الحكومة المنافسة التي تسيطر على طرابلس.
وأفاد البيان الذي اصدرته الحكومة أن الثني كان يتحدث بعدما طلب منه برنادينو ليون مبعوث الأمم المتحدة الخاص وقف الضربات الجوية.

غارة جوية
واستهدفت غارة جوية جديدة مطار معيتيقة، المطار الوحيد الذي لا يزال في الخدمة في العاصمة الليبية طرابلس، بعد ساعات على هجوم تبنته قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وقال احد الشهود «سمعنا هدير طائرة ثم انفجارات في محيط المطار» بدون ان يكون بوسعه ان يحدد ما اذا كانت الغارة أوقعت ضحايا أو تسببت بأضرار.
وكان مصدر في المطار افاد ان الغارة الأولى لم تلحق اضراراً بمبنى المطار والمدرج وتم تعليق الرحلات لفترة مؤقتة قبل أن تستأنف بعد بضع ساعات.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق