سياسة لبنانية

اين يقف عون بعد التمديد؟

بعدما وضعت معركة التمديد أوزارها، انفجر الخلاف بين العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري مباشرة وصار من الصعب إعطاؤه طابعاً تقنياً. فالخلاف سياسي بامتياز وتعكسه طبيعة المآخذ والانتقادات المتبادلة.
– الرئيس نبيه بري أزعجه أمران: الأول أن عون أخلّ بالتزام وتعهد قطعه له في لقاء عين التينة بأنه سيحضر جلسة التمديد وسيصوّت ضده… وهذه المقاطعة وضعت الجلسة أمام خطر فقدان ميثاقيتها لولا مشاركة نواب «القوات» و«المردة»… والأمر الثاني أن عون لم يجد مشكلة في عدم حصول التمديد النيابي معتبرا أن الحكومة تبقى وتستمر بصلاحياتها بعد التمديد ولا تكون مشمولة بحالة الفراغ… وهذا الموقف اعتبره بري موجها ضده بحيث أن لا مشكلة لدى عون في فراغ السلطة التشريعية وفي انتهاء ولاية ودور رئيس المجلس النيابي…
– العماد ميشال عون أزعجه أيضاً أمران: الأول أن بري أعطى «القوات اللبنانية» أمتيازاً ميثاقياً، بمعنى أنها مخوّلة ومؤهلة لإعطاء غطاء مسيحي للتمديد، وبما يعني من جهة الاعتراف بالقوات قوة سياسية أساسية على الساحة المسيحية، ومن جهة ثانية الاستغناء عن عون وكتلته وخدماته السياسية بحيث لم يعد ممراً إلزامياً في معادلة المشاركة والميثاقية… وتردد أن حزب الكتائب انزعج أيضاً من بري لأنه قال إن الميثاقية لا تتأمن إلا من خلال مشاركة القوات أو التيار الوطني الحر متجاهلا حزب الكتائب وموقعه، فكان أن قرر مقاطعة الجلسة بعدما كان يتجه الى الحضور مع التصويت ضد… أما الأمر الثاني الذي أزعج عون فكان تجاهله التام من جانب بري الذي لم يعر موقعه أهمية واكتراثا وأدار الظهر له في أثناء إعداد «طبخة التمديد» والبحث عن مخارج. فقد كان عون ينتظر أن يُسأل عن مرحلة ما بعد التمديد وأن يتم التعويض عليه عبر قانون الانتخابات أو الاستحقاق الرئاسي.

استراتيجية عون
وتتقاطع معلومات مواكبين عدة لمزاج العماد عون عند تبدل جذري في استراتيجيته للوصول إلى بعبدا: هناك أولاً اتفاق ثابت ونهائي مع حزب الله على أن يكون عون مرشحه الوحيد لرئاسة الجمهورية، مهما كانت العروض والضغوط. ولا شيء بتاتاً في حسابات العونيين يمكن أن يعوض للحزب خسارته حليف الضراء، لا التفاهم الآني مع تيار المستقبل ولا الإيقاف الآني أو الاستعراضي للتحريض. ووضع انتخاب عون ثانياً في سياق معالجة شاملة للنظام المأزوم طالما يساير رئيس المجلس قوى 14 آذار في رفضها الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي، بعدما أثبت اتفاق الطائف عجزه عن تسيير المؤسسات وتوفير تقاسم عادل للسلطة وتفعيل الوزارات وتأمين إنماء متوازن. ولا شك، بالتالي، في أن الخطاب العوني سيشهد في الأيام المقبلة عودة واضحة إلى مفردات 2005، في ظل اقتناع العونيين اليوم بأن مشكلتهم ليست فقط مع تيار المستقبل إنما مع حركة أمل والحزب التقدمي وكل مكونات النظام اللبناني بين عامي 1990 و2005 التي تحاول أن تحافظ على تقاسمها المستمر للسلطة على ما هو عليه، بما في ذلك حصة المسيحيين.

عون وجعجع متمسكان بتحالفاتهما
وعما إذا كان يتوقع أن يترك الانقسام حول التمديد تداعيات على العلاقة مع حزب الله، يقول العماد ميشال عون: «ما يجمعنا مع الحزب أمتن من أن يفرقه التمديد، ومن يتصور أنني سأصبح ضد المقاومة، لأنهم صوتوا الى جانب التمديد، هو واهم ولا يعرفني جيدا. المقاومة بالنسبة إليَّ خيار إستراتيجي لا يتأثر بالملفات السياسية الظرفية. أكثر من ذلك، أنا أقول إنه إذا كانت تجمعنا منذ عام 2006 وثيقة تفاهم مع حزب الله، فإننا والحزب أصبحنا اليوم في مرحلة «تكامل الوجود»، لأننا نواجه معاً خطراً تكفيرياً وجودياً الى جانب الخطر الاسرائيلي، ما يعزز أكثر من أي وقت مضى القناعة بخيار المقاومة». ويتابع: «إن تحالفنا مع السيد حسن نصرالله لا يستند الى مصالح متحركة بل الى قناعات ثابتة، وفي كل الأحوال، ربما يكون حزب الله هو الطرف الوحيد الذي يمكن تفهم موقفه من التمديد، لأنه ليس جاهزاً نفسياً لخوض الانتخابات في ظل التحديات التي يواجهها».
وعما يُحكى عن خلافات بين «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، يجيب رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع «ضاحكاً»: «يخَيّطوا بغير هالمسَلّه، علاقتنا سرمدية لا بل أقول أكثر من ذلك، نحن نعتبر أن تحالف «القوات» و«المستقبل» أساس في الحفاظ على وحدة الكيان اللبناني».
ويلفت جعجع إلى أنه لا يحسد الحريري على موقفه، لكنه ينصحه بأن يحافظ على مواقفه، «والتعنّت في مطالبته حزب الله بالخروج من سوريا، وعدم مواجهة إرادة الشعب السوري، في توقه إلى التغيير، وتركه يقرر طريقة محاربة النظام السوري الاستبدادي، خصوصاً أن أبناء الطائفة السنيّة في لبنان يعتبرون أن حزب الله يخوض حرباً ضد السنّة في سوريا، وهو الأمر الذي ينعكس بوضوح على الوضع الداخلي اللبناني».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق