رئيسيسياسة عربية

مواجهات بنغازي تتواصل: ازمة الشرعية تتعمق، وبرلمان ليبيا يرفض قرار حله

يجمع المتابعون للشأن الليبي على ان الازمة تعمقت خلال الايام القليلة الفائتة. وان قرار «الدستورية» ببطلان الاجراءات التي افضت الى انتخاب البرلمان، وبالتالي بطلان شرعية المجلس المنتخب حديثاً، والذي يطلق عليه الليبيون مجازاً اسم «برلمان طبرق»، نسبة الى مقر انعقاده.

يجمع المحللون على ان ازمة الشرعية تجذرت، وان الازمة اضيف لها عنصر جديد، لترتفع وتيرة الخلافات الى اقصى مدى ممكن. فبعد ان اصدرت المحكمة قرارها بـ «عدم الدستورية»، رفض البرلمان الجديد القرار واصر على موقفه بانه صاحب الشرعية، والمحت بعض قياداته الى ان القرار اتخذ تحت ضغوطات مورست على المحكمة. القرار الجديد فتح باب الجدل حول الشرعية على مصراعيه، بينما ترتفع وتيرة المواجهات في محيط بنغازي، وفي العديد من المناطق، وسط معلومات متقاطعة حول نتائج المعارك على الارض، وتاكيدات على ان الثابت الوحيد هو ارتفاع واضح في عدد القتلى الذين سقطوا في الاونة الاخيرة. وارتفاع في منسوب الازمة الانسانية.
فالمصادر الطبية المتابعة تؤكد ارتفاع حصيلة القتلى في مدينة بنغازي وحدها إلى 300 قتيل في أقل من شهر.
ويواصل الجيش الليبي وقوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر عملياته ضد المسلحين الإسلاميين في مناطق متفرقة من مدينة بنغازي التي يحاول الجيش استعادة السيطرة عليها بحسب المتحدث باسم رئاسة الأركان العامة للجيش العقيد أحمد المسماري.
وشن حفتر بمساندة الجيش في 15 تشرين الأول (أكتوبر) هجوماً ثانياً لاستعادة المدينة، ومنذ ذلك التاريخ قتل 300 شخص على الأقل في المعارك وأعمال عنف متفرقة معظمهم من العسكريين .

معارك طاحنة
وتدور معارك طاحنة تستخدم فيها مختلف انواع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة خصوصاً على المحور الجنوبي الشرقي للمدينة والمحور الغربي إضافة إلى وسط بنغازي. ويشن سلاح الجو الموالي لقوات اللواء حفتر غارات جوية عدة في مناطق يقول إن الإسلاميين يتحصنون بها داخل مدينة بنغازي.
وأعربت حكومات ثماني دول غربية «عن قلقها لحالة الاستقطاب السياسي في ليبيا»، التي تشهد توترات أمنية وسياسية، ودعت «جميع الأطراف لوقف العمليات العسكرية».
وقالت حكومات ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وكندا ومالطا في بيان مشترك، أنه «يساورنا قلق عميق إزاء حالة الاستقطاب السياسي في ليبيا»، التي ارتفعت وتيرتها بعد قرار المحكمة العليا بعدم دستورية البرلمان، مشيرين إلى أنهم سيدرسون «بكل حرص قرار المحكمة العليا وسياقه وتبعاته».
كما حثت الحكومات الغربية «جميع الأطراف على وقف العمليات العسكرية كافة والامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تزيد من الاستقطاب والانقسامات في البلاد».
ولأول مرة منذ اندلاع المواجهات في بنغازي، قام عمر السنكي وزير الداخلية في الحكومة المطعون في دستوريتها من قبل القضاء الليبي بجولة تفقدية في مدينة بنغازي شملت محاور القتال التي يخوضها الجيش إضافة إلى مطار المدينة وغرفة العمليات العسكرية.
وأعلنت الحكومة أن جولة السنكي كانت للوقوف عن كثب على الأوضاع الميدانية التي تشهدها مدينة بنغازي.
وقال السنكي إن قوة قوامها 2000 رجل أمن ستكون جاهزة لتأمين بنغازي عقب تحريرها، لافتاً إلى أنه سيكون على رأس هذه القوة لتدارك الأخطاء السابقة.                                     

خطوة تصعيدية
وكان وفد برلماني قدم من مدينة طبرق إلى مدينة بنغازي وأجرى جولة ميدانية بحسب ما أعلن عيسى العريبي النائب في البرلمان المطعون في دستوريته من قبل القضاء الليبي.
وفي خطوة تصعيدية أعلن «فيدراليو» شرق ليبيا الجمعة أنهم سيعلنون استقلال إقليم برقة في حال رغبة سكان إقليمي طرابلس غرباً وفزان جنوباً الامتثال لحكم المحكمة العليا.
وقال إبرهيم الجضران رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي لإقليم برقة «في حال اعترف المجتمع الدولي وأخواننا في طرابلس وفزان بالمؤتمر الوطني وسحبوا اعترافهم بمجلس النواب فإننا سنضطر إلى أن نعلن استقلال دولة برقة والعودة لدستور 1949. على أن يتولى أعضاء مجلس النواب في اقليم برقة السلطة التشريعية كمجلس نواب للإقليم».
والجضران كان قائداً لحرس المنشئات النفطية في منطقة الهلال النفطي أوفر منطقة نفطية في ليبيا ونفذ هو ومجموعته المسلحة إضراباً مسلحاً أقفل بموجبه موانىء النفط في شرق البلاد للمطالبة بحكم ذاتي.
الى ذلك، وفي حلقة جديدة من حلقات الصراع الدامي على السلطة، رفض البرلمان الليبي المعترف به دولياً مساء الخميس قرار المحكمة العليا التي تبطل انتخابه. والذي يبطل انتخاب البرلمان وكل القرارات التي صدرت منه.
وبحسب متابعين للمشهد، يعكس القرار حدة الفوضى السائدة في ليبيا، حيث تسيطر ميليشيات «فجر ليبيا» على عاصمتها، وتدور معارك عنيفة في بنغازي، ثاني كبرى مدن البلاد. وقال مجلس النواب الليبي في بيانه الذي تلاه النائب ادم بوصخرة على قناة «ليبيا اولاً»، انه «لما كان مجلس النواب واستلامه لمقاليد الحكم جاء بناء على ارادة الشعب التي عبر عنها في انتخابات حرة مباشرة، ولما كانت طرابلس تعد مدينة خارج السيطرة وتحكمها الميليشيات المسلحة لا تتبع شرعية الدولة ، فإن «قرار المحكمة» صدر تحت تهديد السلاح». واضاف البيان: «لذلك، فإن مجلس النواب يرفض الحكم الصادر بهذه الظروف، ويؤكد على استمراره واستمرار الحكومة المؤقتة المنبثقة منه في مهامها كسلطتين تشريعية وتنفيذية وحيدتين في ليبيا». من جهتها، اعلنت بعثة الامم المتحدة في ليبيا في بيان انها «تدرس عن كثب» قرار المحكمة التي اتخذته اثر عريضة قدمها نائب اسلامي يحتج على دستورية قرارات البرلمان المنتخب من الشعب.

معارضة البرلمان
ويعارض ائتلاف ميليشيات «فجر ليبيا» التي تسيطر على طرابلس وجماعات اسلامية مسلحة تسيطر على مدينة بنغازي، البرلمان المنبثق من انتخابات 25 حزيران (يونيو). وفي كلمة اشبه بخطاب تنصيب دعا نوري ابو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام كل الاطراف الى القبول بحكم المحكمة، وطلب من المجتمع الدولي تغيير موقفه من مجلسه غير المعترف به دولياً. وقال «ندعو شركاءنا الى اعادة فتح سفارتهم في طرابلس».
واضطر البرلمان المنبثق من انتخابات 25 حزيران (يونيو) التي فاز بها المناهضون للاسلاميين، الى الاجتماع في طبرق، في اقصى الشرق بسبب انعدام الامن في بنغازي التي تشهد اعمال عنف يومية. وبناء على هذه الاعتبارات الجغرافية، قدم النائب الاسلامي عبد الرؤوف المناعي، الذي يقاطع البرلمان على غرار نواب اخرين منتخبين، الطعن، لان البرلمان لم يحترم الدستور الموقت الذي ينص على اتخاذ بنغازي مقراً له.
كذلك اتهم المناعي ونواب اسلاميون اخرون البرلمان بانه تجاوز صلاحياته بالدعوة في اب (اغسطس) الى تدخل اجنبي في ليبيا لحماية المدنيين بعدما سيطرت «فجر ليبيا» على العاصمة. ويدعم معظم النواب الذين يقاطعون البرلمان «فجر ليبيا» الذي شكل حكومة موازية معروفة بنزعتها الاسلامية. وتشكلت في ليبيا في مطلع ايلول (سبتمبر) حكومتان وبرلمانان، ما زاد في تعقيد تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.
واحرج قرار المحكمة المجتمع الدولي الذي اعترف بالبرلمان والحكومة المنبثقة منه، ورفض اي علاقة مع الحكومة الموازية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها. وبعثة الامم المتحدة في ليبيا اول من اصدر رد فعل على القرار. واكتفت بدعوة «الاطراف كافة الى وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار»، مشيرة الى «لحظة دقيقة» في تاريخ ليبيا.

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق