حواررئيسي

شارل رزق: التباحث مع ايران البعيدة افضل من سوريا القريبة

وزير سابق للعدل، ثم للسياحة والاعلام، يحمل الدكتوراه في الحقوق من جامعة باريس. مجاز في العلوم السياسية ويحمل الليسانس في الاداب. انه الدكتور شارل رزق الذي يعتبر ان تأثير ايران مستمر ومن الافضل للبنان التباحث معها لا مع سوريا الجارة.

تقول في كتابك ان التجربة اللبنانية انتهت الى الفشل. لماذا توصلت الى هذه الاستنتاج؟
كتبت هذا الكتاب لاننا سنحتفل قريباً بمئويتين مصادفتين: مئوية اتفاقات سايكس – بيكو، وقريباً مئوية اعلان لبنان الكبير. انهما حدثان جوهريان لنا وللمنطقة. والاثنتان مطروحتان للبحث. فاتفاقات سايكس – بيكو رسمت حدود الدول في الشرق الاوسط، وقسمت الوصاية عليها بين بريطانيا وفرنسا. لكن هذه الحدود هي اليوم مهددة. اما اعلان لبنان الكبير فشكل تمدداً لتجربة جبل لبنان الذي قام على المعادلة المارونية – الدرزية في حدود المتصرفية عام 1864. لبنان الكبير هو ثمرة امل: ان ينسحب التعايش الدرزي – المسيحي على الطوائف الاخرى المسيحية والاسلامية في اطار جغرافي موسع. ولكن هذا الامل خاب. فبدل التأسيس على وحدة كل الطوائف يقوم لبنان حالياً على ثلاث فئات: فئة شيعية مرتبطة بسوريا وايران، وفئة سنية مرتبطة بالمملكة العربية السعودية، وفئة مسيحية منقسمة الى اثنتين مضيعتي البوصلة.
انت تتحدث عن تفكك سوريا. ماذا تعني بذلك؟ وما هي برأيك انعكاسات هذا التفكك على لبنان؟
الدولة السورية لا تسيطر الا على جزء من اراضيها. والجزء الاخر هو تحت سيطرة داعش ومجموعات معارضة اخرى. الحرب اللبنانية بدأت بحرب بين الفلسطينيين والمسيحيين اللبنانيين. ودخلت سوريا بذريعة انها ستضع حداً للحرب. ولكنها مستفيدة من الخلافات الطائفية بين اللبنانيين، استطاعت مدّ سيطرتها على كل لبنان. فاين هي الآن؟ في البداية كانت هي نفسها ضحية انقسامات طائفية. وفقدت السلطة السورية سيطرتها على بلادها ولم يعد لها اي سلطة في لبنان. فتراجع التأثير السوري على لبنان لصالح التأثير الايراني، واصبحت سوريا اليوم بالنسبة الى ايران ما كان عليه لبنان بالنسبة الى سوريا قبل عشر سنوات. لا اعتقد ان ايران ستدافع عن النظام السوري الحالي الى ما لا نهاية. ويمكن ان ندرك ان على ايران لتحافظ على تأثيرها، ان تضحي بالنظام السوري الحالي. واعتقد ايضاً بما ان التأثير الايراني باق فسيكون من الافضل للبنان ان يتباحث مع ايران البعيدة من التباحث مع سوريا القريبة.
ايران هي اليوم لاعب مهم على الساحة العربية. فهل ان هذا الدور مرشح للنمو اكثر؟
ايران، على عكس سوريا التي تصرفت بطريقة بدائية، هي قوة اقليمية ذات مطامع اوسع من مطامع سوريا، وقد تكون شريكاً اقل صعوبة من دمشق. فايران منفتحة على الولايات المتحدة على الاقل في الملف النووي. ومنفتحة على اوروبا لاسباب اقتصادية وتجارية. وعلى آسيا في الجنوب الغربي ايضاً. واذكرك ان باكستان القوة السنية بامتياز هي ايضاً قوة شيعية لان 30 بالمئة من سكانها البالغ عددهم 200 مليون نسمة هم من الشيعة، وهذا يعني ان باكستان، ورغم انها سنية وحليفة للمملكة العربية السعودية القريبة من لبنان، هي ايضاً الدولة الشيعية الثانية بعد ايران. كل هذا يعني انفتاحاً ايرانياً كبيراً على العالم الخارجي. ان على ديبلوماسية لبنانية متحركة ان تلعب على هذا الانفتاح الايراني على العالم، واقامة علاقات اكثر مرونة مع ايران، اقل مما كانت عليه مع سوريا قبل سنوات. غير ان ذلك يتطلب ان يكون على رأس الدولة، رئيس يتمتع بانفتاح بشارة الخوري، وكريسما كميل شمعون وبعد نظر فؤاد شهاب. وهذا يفترض ان يكون على رأس الديبلوماسية اللبنانية وزير يتمتع بثقافة شارل مالك وعبقرية فيليب تقلا وذكاء فؤاد بطرس.

دانيال جرجس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق