سياسة لبنانية

يوم اسود في شمال لبنان

يخيم هدوء حذر على مدينة طرابلس بعد نهار طويل يوم امس من الاشتباكات كبد خلالها الجيش المسلحين خسائر فادحة في الارواح، وان كان قد دفع ثمناً غالياً تمثل في سقوط عدد من الشهداء وعدد آخر من الجرحى.

صباح اليوم الاثنين بدأ الجيش الدخول الى احياء باب التبانة التي كان يتحصن فيها المسلحون الذين فروا من الاسواق القديمة الى التبانة. ودارت طوال النهار معارك ضارية حرص خلالها الجيش على عدم الحاق الضرر بالمدنيين الذين كان عدد كبير منهم لا يزالون في منازلهم. واستمرت الاشتباكات حتى ساعات المساء عندما سرت شائعات عن ان الاتصالات التي نشطت طوال النهار بين المسؤولين وقيادات المدينة وهيئة العلماء المسلمين الى اتفاق لوقف اطلاق النار وسحب المسلحين. الا ان هذه الانباء سرعان ما نفتها قيادة الجيش التي قالت ان العمليات العسكرية مستمرة في طرابلس، مشددة على ان لا هدنة لوقف اطلاق النار وقالت: ان الجيش مصر على انهاء الوضع الشاذ في طرابلس. واكدت ان كل ما يشاع عن حصول اتفاق لوقف النار غير صحيح.

تراجع المعارك
غير ان ساعات المساء الاولى شهدت تراجعاً كبيراً في حدة المعارك تردد انه تم الاتفاق على هدنة لمدة ساعتين دخل خلالها عناصر من الصليب الاحمر مع سياراتهم الى اماكن القتال وعملوا على نقل الجرحى والمدنيين الى خارج منطقة القتال باشراف الجيش اللبناني.
بقيت الاجواء هادئة بحذر خلال الليل وبدأ الجيش منذ الصباح ينتشر في باب التبانة. واثناء دخول وحدات من الجيش الى اماكن الاشتباكات وقيامه بعملية تمشيط في التبانة تعرضت لاطلاق نار من مسلح بالقرب من جامع عبدالله بن مسعود فردت العناصر عليه بالاسلحة المناسبة.
وذكرت مصادر مطلعة ان الجيش بعد الثمن الذي دفعه خلال الاشتباكات وقبلها بايام حيث كانت وحداته تتعرض لاعتداءات المسلحين يومياً تقريباً قرر حسم الموقف بصورة نهائية ووضع حد لهذه الاوضاع الشاذة.

الوضع في بحنين
كذلك توتر الوضع طوال امس في بلدة بحنين حيث تعرضت آليات للجيش لاطلاق نار اصابها اصابات مباشرة واسفر عن سقوط شهدين وعدد من الجرحى فقام الجيش بحملة مطاردة لاحق خلالها المسلحين في الحقول وفي كل مكان واوقع اصابات عديدة في صفوفهم كما اعتقل عدداً منهم. وصباح اليوم كان الوضع هادئاً بعدما تمكن الجيش من حسم الامر.
واكد عضو كتلة المستقبل النائب كاظم الخير في حديث الى اذاعة صوت لبنان ان الاشخاص الذين كانوا يقومون بالمشاكل تجاه الجيش اللبناني في بحنين هم من خارج المنطقة ومن جنسيات مختلفة متمنياً ان يفرض الجيش سيطرته على كامل المنطقة ويوقف هذه التحركات.
واضاف: بداية نترحم على ارواح شهداء الجيش اللبناني والمدنيين الذين سقطوا خلال الاحداث التي شهدتها مدينة طرابلس. والاوضاع في بحنين هادئة والجيش انتشر في كل المناطق.
واعتبر عضو كتلة التحرير والتنمية النائب ياسين جابر في حديث الى اذاعة صوت لبنان ان الامور يجب ان تتجه في طرابلس والشمال الى ضبط الامن والحسم في موضوع محاربة الارهاب.
واشار الى ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن تصرفات بعض السياسيين وتدفق السلاح والاموال الى الشمال ما مكن هذه المجموعات الارهابية من البدء في اصطياد العسكريين من ابناء الجيش والمؤسسات الامنية كالعصافير في المنطقة.
اضاف: هذا الامر لا يمكن السكوت عنه ويجب عدم التراجع عن حسم الموضوع لان الامر لا يحتمل نكسة جديدة في هذا الاطار.
واكد ان الجيش يدفع ثمناً كبيراً من ابنائه وقد سقط في خلال 48 ساعة 11 شهيداً للجيش مشيراً الى ان عملية الابتزاز في موضوع العسكريين غير مسموحة. فالجيش لديه مهمة عليه القيام بها.

اجتماع امني
وترأس رئيس مجلس الوزراء تمام سلام صباح اليوم في السراي الحكومي، اجتماعاً امنياً حضره نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل أشرف ريفي وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
شارك في الاجتماع الأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير، المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص، المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، مدير المخابرات في الجيش العميد ادمون فاضل ورئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان.
بداية، وقف المجتمعون دقيقة صمت حداداً على شهداء الجيش والضحايا المدنيين. بعدها عرض العماد قهوجي والقادة العسكريون والأمنيون تطورات الاوضاع الأمنية في طرابلس وعمليات التصدي للارهابيين في عاصمة الشمال وبعض مناطق المنية.
وأكد الرئيس سلام في الاجتماع «ضرورة متابعة المواجهة التي يقوم بها الجيش والقوى الامنية ضد الخارجين عن القانون الى أي جهة انتموا ومهما كانت الشعارات التي يتلطون خلفها»، ورفض «العودة الى حالة التفلت الأمني التي كانت فيها طرابلس واهلها رهائن لمصلحة مشاريع مشبوهة».
وشدد الرئيس سلام على أن «الحكومة تقف صفاً واحداً وراء القوى العسكرية والأمنية الشرعية في المعركة التي تخوضها لضرب الارهابيين وإعادة الأمن والأمان الى طرابلس والشمال»، مؤكداً أنه «يولي عناية خاصة للأوضاع الانسانية المتأتية عن المعارك»، موضحاً انه «طلب من الوزارات المعنية ومن الهيئة العليا للاغاثة القيام بواجباتها في هذا المجال وعدم توفير أي جهد لاصلاح الاضرار وتلبية احتياجات الاهالي والتعويض عليهم».
ونوقشت في الاجتماع الخطط العسكرية الموضوعة واتخذت في شأنها القرارات المناسبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق