أبرز الأخبارصحة

«تكلس المفاصل» يصيب 17% من اللبنانيين والكورتيزون ليست حلاً!

لها كنية وهوية وأصل وفصل ويُقال شعبيا أن عائلة «آل تكلس» تواجه بكوب مغلي من الكاجو والصنوبر والعسل بشهده! أشربوه يوميا وتعود عظامكم… حديداً!
نصدق؟ قبل أن نعمل بنصيحة «الشعب» فلنتعرف أكثر على «بيت تكلس» الذي يتجذر في العظام ويواجه طبيا بأكثرِ من شرابٍ وعلاج؟
«تكلس المفاصل» موضوع قد يعني كل واحد منا شرعت تفاصيله «سانوفي» في اليوم العالمي لالتهاب المفاصل…

هو تشرين و«هواء تشرين يهري المصارين». هذه مقولة رائجة كلنا يعرفها. ولأن هواء تشرين يتسرب بخبث في دواخلنا قد تتأثر مفاصلنا أيضاً… لكن ماذا لو كانت مفاصلنا في الأصل تعاني من تأثيرات مختلفة جعلتنا نصرح: آخ؟ هل نقصد بكلامنا الروماتيزم؟ التهاب العظام؟ البرد؟ لا، لا، نحن نتكلم عما يصيب، بنسب متفاوتة، أكثر من ثمانين في المئة ممن تجاوزوا الخامسة والسبعين من أهل البلد!

Step it up
«تكلس المفاصل» ليس مرضاً عابراً نواجهه بحبة مسكنات بل داء إذا استحكم امتلك الجسد وبدل حياتنا رأسا على عقب… فماذا في تفاصيله؟
«تخط الحواجز»، Step it up، هو شعار حملة «تكلس المفاصل» هذه السنة. هو شعار يدعونا أن نتكلم، أن نتحرك، أن نواجه، وأن نعرف أكثر. تتألمون؟ مفاصلكم «تطقطق»؟ ألم في ركابكم؟ ألم في الكاحل والورك والمعصم؟ حبوب المسكنات ما عادت تجدي؟ كثيرون يسمعون عبارة: تكلس المفصل. تكلس في الركبة. تكلس في الورك. تكلس في المعصم لكن هل يعرف كل هؤلاء ما معنى وجود تكلس في مفصل ما؟
الإختصاصي في جراحة العظم والمفاصل والعمود الفقري وأمين عام الجمعية اللبنانية لجراحة العظم الدكتور بيار الجميل حدد مفهوم الحالة: تكلس المفاصل مرض روماتيزمي يدمر الأنسجة الغضروفية للعظام ويتسبب بتحلل الغضروف الذي هو عنصر أساسي يغطي الأطراف العظمية ويسمح، في حالته الطبيعية، بحركة جيدة وبقدرة على امتصاص الصدمات اليومية، وأي اختلال في هذا التوازن يؤدي الى اختفاء الغضروف تدريجيا. في كل حال الركبة والورك هما الأكثر تضررا عادة وتشوه أصابع اليدين يُشكل، في الغالب، علامة مهمة من علامات هذا المرض.

ماذا تعرفون عن تكلس المفاصل؟

سُئل الناس، عموم الناس في الشارع العام: ماذا تعرفون عن تكلس المفاصل؟ فأتت الإجابات عبثية غالباً ومضحكة أحياناً. أحدهم قال: تتكلس مفاصل من لا يأكل عادة لبنة وجبنة. إحداهن علقت: هو نتيجة كالسيوم زائد في الجسم. ثالث قال: هو مرض يتأتى عن ضعف في المناعة. رابع علق: يصيب تكلس المفاصل من لا يأكل كاجو وعسل وصنوبر!
ماذا نفهم من كل هذه التعليقات؟ هل في هذا جهل فاضح أم مقولات رائجة قد تحمل معها بعض الحقائق؟
يجيب الجميل: إذا جمعنا كل ما يُقال شعبياً نشعر أن الناس يعرفون أموراً وتختلط عليهم أمور أخرى.
دعونا نرتب كل هذه المعلومات الشعبية في قالب علمي طبي تحدث عنه اختصاصي المفاصل والعظام: يعاني 17 في المئة من اللبنانيين من تكلس المفاصل، ما معناه أن أربعة أشخاص من أصل كل مئة شخص مصابون، ويعاني 6 في المئة منهم من تكلس في الركبة و4 في المئة من تكلس في الورك. وهناك نحو عشرة ملايين إنسان في الولايات المتحدة الأميركية يتألمون من ركابهم. ويهم أن تعرفوا أن هناك بعض المصابين، وهم كثر، قد يمر على إصابتهم أكثر من خمسة عشر عاماً قبل أن يبدأوا بالشعور بالألم. في كل حال هؤلاء، أي من يُصنفون مرضى تكلس المفاصل، هم من كل الأعمار، من المهد الى اللحد. يعني، هناك أطفال مرضى أيضاً، كما هناك مسنون مرضى بتكلس في المفاصل.

عائلات تكلس
هل هناك أسباب بيئية أو جينية مباشرة تؤدي الى الإصابة؟
بديهيٌ القول أن مفاصلنا قد تبدأ بالتكلس مع التقدم في العمر وهذا يُشكل إشارة الى دنو عمر الشيخوخة ثم الكهولة لكن هل هي البدانة التي تتسبب بحصول هكذا تكلسات عند من هم أصغر؟
الدكتور بيار الجميل يرفض كلياً هذه المعادلة ويشرح: لو كانت البدانة تؤدي الى تكلس المفاصل لرأينا كواحل كثيرة متكلسة لا أوراكاً وركاباً فقط. الجينات التي تؤدي الى البدانة هي العامل الذي يكون وراء تيبس المفصل وتكلسه لا البدانة في ذاتها. هناك بالتالي ما نسميه «عائلات تكلس» معرضة أكثر من سواها الى الإصابة بمرض تكلس المفاصل. وكل شخص لديه «بروفيل جيني» يدعو الى الإصابة بالبدانة معرض أكثر من سواه للإصابة بتكلس المفاصل. سبب آخر يُرجح أنه يؤدي الى ذلك وهو الرطوبة العالية والزواج بين الأقارب، كما أن الأولاد الذين يولدون بمشاكل في الأوراك وهي ما تُسمى بحالة «خلع المفصل» قد يكونون عرضة لاحقا أكثر من سواهم الى تكلسات في المفاصل.
ماذا عن معدلات الإصابة بين الجنسين؟
يجيب الجميل: «ثمة تقارب كبير بين الجنسين لكن في حالات تكلس الركبة نرى أن نسبة إصابة النساء أعلى بقليل 55 في المئة مقابل 45 في المئة للرجال».
قد تكون الإصابة في أحيان كثيرة مرتبطة بأمراض أخرى، بحالات ضغط وبأمراض قلب وكوليستيرول وملوحات ويهم أن تعرفوا أن نسبة الإصابات لدينا، في لبنان، عالية على الأرجح لأننا نأكل كثيراً من السبانخ والملوخية واللحوم الحمراء ما يتسبب بإصابتنا «بكريزة ملوحات» تؤدي الى أمراض في المفاصل. فالملوحات قد تؤدي الى أوجاع في المفاصل وآلام تتسبب بالتهابات تُغلف المفصل وتتسبب بتكلسات فيه. ويفترض في هذه الحالة تناول أدوية ضد الإلتهابات شرط ألا تتضارب مع أدوية الأمراض التي يشكو منها المصاب أساساً وتسببت بإصابته بداء تكلس المفصل.

علامات

يهم جداً ملاحظة العلامات السريرية التي تسمح باكتشاف بداية تكلس المفاصل وهي أو لنقل أبرزها: ألم حاد في الأعضاء وتيبس المفاصل. فإذا كنتم ممن يشعرون بهذين العارضين فلا تستهتروا أبداً بحالاتكم! وفي المعلومات أيضاً أن التكلس يتسبب بآلام حادة في الليل، نسميها «كريزة وجع» أما انتفاخ المفصل فلا يعني تكلسه بل يشير الى وجود ميكروب يتسبب بحالة روماتيزم
والسؤال التالي: كيف نتأكد من إصاباتنا؟
يجيب الجميل: الفحص الطبي مهم جدا لتحديد درجة التكلس ونوعية العلاج، لكن فحص الدم لا يشكل دليلا في ذاته لهذا يفترض الخضوع الى صور إشعاعية لتحديد طبيعة ما نشعر به بدقة من أجل تقويم صحيح وهناك أجهزة تصوير حديثة جداً على قادرة أن تحدد تكلس الشرايين حتى.
ماذا عن العلاج؟
الهدف الأول من أي علاج هو تخفيف الألم وتقوية العضل وتحديد الأسلوب الذي يفترض اتباعه في علاج المفصل من أجل ألا تتطور الحالة سلباً والبداية تكون بوصف المسكنات طبعاً على أن تترافق مع مضادات الإلتهاب وهناك كثير من الأطباء يصفون إبر الكورتيزون وهذه مشكلة في ذاتها لأننا نكون في ذلك أشبه بمن يضع ملح الخشن داخل المفصل. صحيح أن المريض قد يجد نتيجة مباشرة من هذه الإبرة تتمثل بتوقف الألم لكن التدهور يبقى فينتقل من المرحلة الأولى من الإصابة الى المرحلة الرابعة المتمثلة بمرحلة الحاجة الى تغيير المفصل بسرعة هائلة.

والحل إذا؟ ما هو الحل؟
ثمة تقنية علاجية جديدة تتمثل بعمليات الحقن داخل المفصل عبر تقنية VISCOSUPPLEMENT INJECTION القادرة على تحسين نوعية حياة المريض وتؤخر العملية الجراحية ويُنصح بها منذ ظهور التكلس. إسألوا إذا عن التقنيات الجديدة قبل أن تطلبوا الإستعانة بإبرة كورتيزون.
أمر آخر تحدث عنه الدكتور بيار الجميل هو أن بعض الأطباء قد يُخطىء في وخز الإبرة وإيصال الدواء الى قلب الغضروف. هناك بروفسور أميركي مثلاً أجرى دراسة، بحسب ما قال الجميل، مبنية على صور شعاعية على 450 شخصاً خضعوا الى وخز بإبر علاجية في مفصلهم قام بها بنفسه فتبين له أن 35 في المئة ذهبت هدراً! عرف البروفسور أنه فشل في إيصال الدواء الى 35 في المئة من مرضاه. بحث في السبب فعرف أن هناك أربعة أبواب يتم إدخال الدواء عبرها عادة في الركبة لكنه لا يصل الى الغضروف إلا من واحد فقط. التقنية التقليدية إذاً فاشلة. 
يبقى أنه قبل الإصابة (على أمل طبعاً ألا تحصل) ثمة سبل قد تحميكم حتى ولو كان «تكلس المفاصل» جين عائلي لديكم وفيها: أهمية ممارسة تمارين رياضية معتدلة الحدة مثل السباحة وركوب الدراجة الهوائية واليوغا والجمباز. قللوا أيضاً من تناول اللحوم الحمراء. قللوا من المواد الغذائية الحافظة… وثقوا أن الوقاية تحمي والوعي سبيل نجاة والمعرفة أفضل طرق المواجهة.

نوال نصر
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق