قمة مصرية – سودانية تبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وملفي ليبيا وحلايب

ملفات عديدة يمكن ان تكون موضع بحث على مستوى القمة بين الرئيسين المصري والسوداني. غير ان الاكثر اهمية وخطورة، والذي يحتل موقع الاولوية حكما هو الازمة الصامتة بين البلدين على خلفية المواقف السياسية المتعلقة بالتطورات الاخيرة، التي واكبت انتقال السلطة من الرئيس محمد مرسي، الى من جاء بعده، وصولا الى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وبصورة اخرى، الموقف السوداني الرسمي من اطاحة نظام مرسي، حيث ينحاز الرئيس البشير الى نظيره الاسلامي محمد مرسي، ويقف في مواجهة الرئيس الحالي السيسي. السودان يعتبر ان ذلك الانطباع خاطئ. بينما مصر تؤكد ان لديها من المعطيات ما يعزز الفرضية التي تحدثت عن دعم سوداني غير معلن للاسلاميين، وعن تنسيق سوداني – ايراني من اجل دعم المعارضة الاسلامية للوقوف في وجه السيسي.
من هنا يمكن النظر الى القمة التي جمعت الرئيسين عمر البشير وعبدالفتاح السيسي، والتي انعقدت في العاصمة المصرية قبل ايام. وناقشت كماً من الملفات الساخنة، وصولاً الى تفكيك ازمة يعتقد محللون انها كانت قائمة، وان حدتها خفت تدريجياً على مدى الاشهر الفائتة، وعلى خلفية عوامل مصلحية خالصة.
فقد أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي محادثات مع نظيره السوداني عمر البشير في مستهل زيارة الاخير للقاهرة، تناولت الأزمة في ليبيا وملف مثلث حلايب وشلاتين الحدودي اضافة الى ملف سد النهضة الإثيوبي والعلاقات بين البلدين. وقرر الجانبان تاجيل البحث في ملف حلايب «الخلافي» الى وقت لاحق.
مبادرة مشتركة
واتفق الطرفان على ترتيب مبادرة مشتركة للتعامل مع الملف الليبي، وبحيث يتم انضاج المبادرة تمهيداً لعقد لقاء ثلاثي لبحث تطورات الازمة الليبية وسبل حلها.
وبحسب بيانات رسمية ادلى بها ناطقون من الجانبين، عقد لقاء موسع بحضور وفدي البلدين تم فيه التأكيد على عمق العلاقات التي تجمع بين الدولتين وأهمية استثمارها والبناء عليها لتسود كل جوانب علاقات التعاون الثنائي بينهما. واستهل السيسي اللقاء بالترحيب بالرئيس السوداني والوفد المرافق له في مصر، منوها إلى المسؤولية التي تقع على عاتق حكومتي البلدين لتحقيق آمال شعبيهما وتحسين أوضاعهما على كل المستويات، ولا سيما المستويين الاقتصادي والتنموي.
من جانبه، أكد الرئيس السوداني على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين وجذورها التاريخية، مشيداً بـ «دور مصر الفاعل في القضايا العربية والأفريقية ومواقفها إزاء السودان، ولا سيما دورها في رفع العقوبات عن بلاده». ونوه البشير بترابط البلدين على الصعيد الأمني، مؤكداً حرص السودان على عدم المساس بأمن ومصالح مصر.
وشهد اللقاء استعراضا لعدد من جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، ولا سيما في ما يتعلق بتعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري، وذلك في ضوء افتتاح ميناء «قسطل-أشكيت» البري بين البلدين، وبحث إمكانية إنشاء منطقة للتجارة الحرة بينهما.
وتضمن اللقاء استعراضا لتطورات مختلف القضايا الهامة على الساحة العربية حيث حاز الملف الليبي على اهتمام خاص بالنظر لعضوية البلدين في الآلية التشاورية لدول جوار ليبيا، وأكد السيسي على دعم مصر للخيارات الحرة للشعب الليبي، مشدداً على أهمية دعم المؤسسات الشرعية الليبية، وفي مقدمتها الجيش الوطني الليبي.
وعلى صعيد التعاون المائي، شهد اللقاء إشادة بمستوى التعاون الذي يتم على مستوى الحوض الشرقي للنيل، وذلك في ضوء ما خلص إليه اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة ، فضلاً عن التأكيد على أن نهر النيل يتعين أن يكون وسيلة لتحقيق التنمية المشتركة لكل شعوب دول الحوض، دون الإضرار بمصالح أي طرف.
وتعد هذه الزيارة الأولى التي يقوم بها البشير إلى مصر منذ عزلت المؤسسة العسكرية في 3 تموز (يوليو) 2013 الرئيس محمد مرسي.
توحد الارادة
الى ذلك، أعلن الرئيسان المصري والسوداني في مؤتمر صحافي بالقاهرة عقب لقاء قمتهما الثنائية، رفع مستوى اللجنة المشتركة بينهما من وزارية الى رئاسية لدعم العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين.
واوضح السيسي ان الفترة الحالية تشهد توحد «الارادة السياسية والشعبية في البلدين لتحقيق طفرة نوعية غير مسبوقة في علاقتهما الثنائية ولا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية». ومن جهته، قال البشير «اتفقنا على ازالة كل العوائق التي تمنع التواصل وتبادل المنافع بين البلدين ويكفي دليل حرصنا على ترفيع اللجنة الوزارية الى لجنة رئاسية».
واوضح البشير ان «هذه اللجنة ستجتمع مرة في الخرطوم ومرة في القاهرة لمتابعة ما تتفق عليه اجهزة الدولة في مختلف المجالات». وشدد البشير على ان «هناك ارادة سياسية متوفرة للانطلاق بهذه العلاقة» بين مصر والسودان.
وحمل الرئيسان المصري والسوداني الاعلام مسؤولية كبيرة في اثارة الازمات بين البلدين في اشارة الى ما تناولته وسائل اعلام مصرية وسودانية اخيراً عن خلافات بشأن منطقة حلايب وشلاتين التي يتنازع عليها البلدان منذ عقود.
والتقى البشير السبت ايضاً بمجموعة من رجال الاعمال المصريين المستثمرين في السودان. وبحسب المتحدث باسم رئاسة الجمهورية فان حجم الاستثمارات المصرية في السودان يبلغ ملياري جنيه وان هناك خططاً لزيادتها الى 11 مليار جنيه «دولار واحد يساوي سبعة جنيهات».
يذكر ان الرئيس المصري قام بزيارة خاطفة الى الخرطوم في حزيران (يونيو) الماضي التقى خلالها البشير الذي زار مصر مرات عدة في السنوات الماضية.
القاهرة – «الاسبوع العربي»