سياسة عربية

هواجس الارهاب تتصدر ترتيبات الانتخابات التونسية

تقول الحكومة التونسية انها استكملت جميع الترتيبات الخاصة بالعملية الانتخابية التشريعية التي ستجري في السادس والعشرين من الشهر الجاري، والتي ستمهد لانتخابات رئاسية من المقرر ان تجري في الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

الترتيبات طاولت مختلف جوانب العملية الانتخابية، بدءاً بمراكز وهيئات الاقتراع وغيره من ترتيبات. الا ان المدقق في التفاصيل يتوقف عند هاجس بارز، سيطر على مجمل الاجراءات الخاصة بالعملية الانتخابية. وبدا واضحاً ان جميع الفرق المعنية بالملف تضع هاجس الارهاب على رأس اولوياتها. وتعمل على مدار الساعة من اجل التعاطي مع ترتيبات اغلبها وقائية، وتهدف الى منع اي نشاط ارهابي من شأنه ان يعطل العملية الانتخابية التي يراها التونسيون المخرج من سلسلة ازمات تحوط بالدولة التي نجحت في تمرير مرحلة انتقال ديمقراطي مدتها عام كامل. وما زالت تواجه سلسلة من الاخطار التي تعد لها تنظيمات متهمة بالارهاب. وتصر من خلال نشاطاتها على اعاقة الانتخابات والسير في الدولة من جديد ضمن مسارات اخرى خطيرة.
فقد صعدت الحكومة التونسية من حملتها ضد المسلحين، وخصوصاً المنتمين الى تنظيمات ارهابية. وفي هذا السياق اكد رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة ان بلاده اعتقلت منذ بداية العام ا
لحالي حوالي 1500 مسلح مشيراً إلى استعداد حكومته للتصدي للمقاتلين العائدين من سوريا ضمن حملة تهدف لانجاح الانتقال الديمقراطي في تونس، الذي يصنف على اساس انه من رواد «الربيع العربي». مشيراً في هذا السياق الى ان ذلك يأتي بالتزامن مع استعدادها لاجراء ثاني انتخابات حرة.
ويشير محللون الى ان السلطات التونسية – التي شددت حملتها على المقاتلين منذ تعيين جمعة هذا العام – تخشى من اي تهديد قد يشكله المتشددون على التحول الديمقراطي الهش في البلاد.

جماعات متشددة
ومع ظهور جماعات متشددة بعد الانتفاضة التي أطاحت الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2011 اصبحت تونس من ابرز المصدرين للمقاتلين الأجانب الذين انضموا لـ «داعش» والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تقاتل في العراق وسوريا.
وقال جمعة في مقابلة مع وكالة رويترز انه ومنذ بداية العام الحالي تم اعتقال حوالي 1500 من المشتبه بانتمائهم الى تنظيمات ارهابية. واكد انهم سيمثلون امام القضاء في الاشهر المقبلة، ومن بينهم حوالي 500 سيمثلون امام القضاء هذا الشهر.
وقال جمعة ان عدد المقاتلين التونسيين في سوريا يصل الى حوالي ثلاثة الاف مقاتل تونسي عاد المئات منهم الى تونس، واعتقل بعضهم وتجري ملاحقة اخرين.
وتوقع جمعة ان هؤلاء يمثلون نواة لتركيز تنظيم داعش، لكنه اكد ان الدولة واعية الى خطورة هؤلاء، وملمحاً الى وجود تنسيق مع دول اخرى للتعاطي مع هذا الخطر.
وتتحسب تونس لاي هجمات من جماعات متشددة بينما يستعد ملايين التونسيين للتوجه الى مكاتب الاقتراع لاجراء انتخابات برلمانية هذا الشهر واخرى رئاسية الشهر المقبل في اخر خطوات الانتقال الديمقراطي بعد أكثر من ثلاث سنوات من الانتفاضة التي أطاحت زين العابدين بن علي.

وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن حزب النهضة الاسلامي ومنافسه العلماني نداء تونس يتمتعان بحظوظ وافرة للفوز في هذه الانتخابات.
وقال جمعة ان حكومته أعدت خططاً للتصدي لاي محاولات محتملة من المسلحين التي تهدف لافشال اخر مراحل الانتقال الديمقراطي في تونس عبر استهداف الانتخابات المقبلة.
وأضاف، «عززنا حضورنا الامني خصوصا على الحدود مع الجزائر وليبيا وعشرات الالاف من الجنود والشرطة سيؤمنون الانتخابات».
واكد انه وعلى الرغم من كل التهديدات الجدية فان الانتخابات ستنجح وستجري في مناخ من الامن، كاشفاً النقاب عن الانتهاء من وضع خطط امنية عاجلة لمواجهة اي طوارىء.
ومنذ ثلاث سنوات شهدت تونس بروز جماعات متشددة من بينها أنص
ار الشريعة التي أعلنتها تونس والولايات المتحدة منظمة ارهابية بعد هجوم استهدف السفارة الاميركية واغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية العام الماضي.

حصار المجموعات
لكن جمعة قال ان تونس أحكمت الحصار على هذه المجموعات المتحصنة بالجبال والتي تنسق مع «ارهابيين» في ليبيا التي وصفها بانها مصدر السلاح الرئيسي للمسلحين.
وقال ان عدد هذه المجموعات من انصار الشريعة في الجبال والتي لها صلات بتنظيم القاعدة  لا تتجاوز بضع عشرات. ولم يشر رئيس الوزراء الى اي علاقة لهم بتنظيم  داعش، معتبراً ان «داعش او القاعدة الاسماء تتغير وكلهم اصحاب فكر واحد لايعرفون الا القتل».
وتشعر تونس والجزائر ومصر بالقلق من تنامي وجود الجماعات المتشددة التي تستفيد من الاضطرابات في ليبيا.
لكن جمعة قال ان بلاده تتبادل مع الجزائر معلومات بشكل يومي لتعقب هذه الجماعات  مضيفاً ان تونس حصلت على معدات عسكرية عدة من حلفائها من بينها الولايات المتحدة وألمانيا وتنتظر المزيد منها.
وتعهد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ببذل كل جهد ممكن لمساعدة تونس التي قال انها اصبحت نموذجا في المنطقة المضطربة.
وقالت الولايات المتحدة هذا العام إنها ستمنح تونس مساعدات عسكرية بقيمة 60 مليون دولار لدعم حربها على المتشددين . وقالت ايضاً انها تعتزم بيع 12طائرة هليكوبتر بلاك هوك بتكلفة اجمالية تبلغ 700 مليون دولار.

توقيف ارهابيين
في السياق عينه، أوقفت تونس 12 شخصاً بتهمة الارهاب، من بينهم شقيق زعيم جماعة أنصار الشريعة بتونس وطالبة في كليّة الطب قالت وزارة الداخلية أنها رئيسة الجناح الإعلامي لهذه الجماعة التي صنفتها تونس والولايات المتحدة تنظيماً إرهابياً.
وأعلن محمد علي العروي الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية في مؤتمر صحافي ان النيابة العامة أصدرت الاثنين مذكرات توقيف بحق 12 شخصاً ينتمون الى «الاجنحة الاعلامية والتمويلية واللوجستية» لتنظيم أنصار الشريعة الذي يتزعمه سيف الله بن حسين المعروف باسم أبو عياض.
وأوضح العروي أن الموقوفين كانوا يخططون لاغتيال شخصية هامة خلال هذا الاسبوع بواسطة سيارة حجزتها الشرطة قبل تفخيخها.
وأكد سفيان السليطي المتحدث باسم النيابة العامة إصدار مذكرات التوقيف ضد هؤلاء وفتح تحقيق في الجرائم الارهابية المنسوبة اليهم رافضا الادلاء بتفاصيل بسبب ما اسماه «سرية التحقيق».

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق