أبرز الأخبار

العراق في مرحلة التقسيم والعبادي يستكمل حكومته

كم من التطورات غير الاعتيادية شهدتها العاصمة العراقية بغداد. بعضها يصنف ضمن الاطر الايجابية. وبعضها الآخر ياتي في السياق السلبي. اما في الوسط فهناك تحذيرات من سيناريوهات غير مريحة، سواء بالنسبة الى العراق، او الى دول الجوار وخصوصاً الاردن، التي يؤكد دبلوماسي اردني رفيع انها الاشد تضررا من اية تطورات باتجاه ىالتقسيم.

التحليلات هذه الايام تتوقف عند قرار لحكومة كردستان بعدم التراجع عن استفتاء حول حق تقرير المصير. وسط توقعات مفادها ان الاستفتاء ستكون نتيجته «مائة بالمائة» لصالح الانفصال عن الدولة العراقية وتاسيس الدولة الكردية.
وفي هذا الصدد تناقلت وكالات الانباء تصريحات لمسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان حول تمسك الاكراد بالاستفتاء وبالتالي بحق تقرير المصير، الا انه اشار الى ان الحرب ضد داعش تحتل الاولوية. وهي التصريحات التي استدعت رداً اميركياً لا يقلل من شان المطلب الكردي، لكنه يشير الى ان الوقت غير مناسب للحديث فيه. باعتبار ان العالم منشغل بمواجهة داعش.
وتتوقف التحليلات ايضاً عند تطورات سربتها الولايات المتحدة وتتحدث عن اخطار كبيرة يتعرض لها العراق، وعن سقوط وشيك للعاصمة بغداد بيد تنظيم الدولة في حال استمرت الاوضاع كما هي الان. وهي التحذيرات التي تزامنت مع موجة تفجيرات غير مسبوقة ادت الى سقوط عشرات القتلى والجرحى.

انفجارات في بغداد
فقد هزت سلسلة انفجارات بسيارات ملغومة انحاء عدة من العاصمة بغداد، وادت الى مقتل  24 شخصاً على الاقل في أنحاء بغداد الجمعة وسط حالة من تصاعد أعمال العنف في العاصمة العراقية.
ولم يعلن أحد على الفور مسؤوليته عن الانفجارات لكن تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)  أعلن مسؤوليته عن هجمات اخرى في الاسابيع القليلة الماضية.
وقال المسؤولون ان سيارة كانت متوقفة قرب مقهى في حي البلديات الشيعي انفجرت مما أدى الى مقتل تسعة أشخاص واصابة 28.
وأضاف المسؤولون ان انفجاراً آخر قتل تسعة وأصاب 28 في حي الصليخ في حين انفجرت
سيارة ملغومة ثالثة بجوار متاجر خمور في حي الكرادة مما أدى الى مقتل ستة واصابة 14 آخرين.
تأتي التفجيرات بعد يوم واحد من سلسلة انفجارات أودت بحياة 36 شخصاً في بغداد ومناطق متاخمة للعاصمة.
في الاثناء، وافق مجلس النواب العراقي على تعيين وزيري الداخلية والدفاع، بعد تأجيل لاكثر من شهر، وفي خضم المعارك بين القوات العراقية وتنظيم داعش الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد.

وزيرا الداخلية والدفاع
فقد وافق مجلس النواب على تعيين محمد سالم الغبان مرشح كتلة بدر داخل التحالف الوطني وزيراً للداخلية، وخالد العبيدي وزيراً للدفاع مرشحاً عن تحالف القوى الوطنية السنية.
وحصل الغبان على 197 صوتاً، بينما نال العبيدي 173 صوتاً من اصل 233 نائباً حضروا الجلسة. ويبلغ عدد نواب المجلس 328 عضواً.
وتضع هذه الخطوة حداً للتباينات التي حالت لاكثر من شهر، دون تعيين وزيري الدفاع والداخلية، وهما المنصبان اللذين كانا يداران بالوكالة طوال الاعوام الاربعة الماضية خلال عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وكان مجلس النواب وافق على غالبية الوزراء الذين طرحهم رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي خلف المالكي في آب (اغسطس)، خلال جلسة منح حكومته الثقة في الثامن من ايلول (سبتمبر). وطلب العبادي في حينه امهاله اسبوعاً لتسمية وزيرين لشغل الحقيبتين.
الا ان البرلمان رفض في 16 ايلول (سبتمبر) المرشحين اللذين طرحهما العبادي، ما ادى الى ترك ابرز حقيبتين امنيتين شاغرتين في خضم المعارك التي تخوضها القوات العراقية ضد تنظيم داعش.
والغبان (53 عاماً) نائب في البرلمان عن كتلة بدر التي يتزعمها هادي العامري، الوزير السابق وقائد «منظمة بدر» التي تشارك حالياً الى جانب القوات العراقية في المعارك ضد داعش.
ويحمل الغبان شهادة بكالوريوس في الآداب من جامعة طهران، وشهادة ماجستير من لندن.
اما العبيدي (55 عاماً)، فكان ضابط أركان في القوات الجوية العراقية ابان حكم الرئيس صدام حسين.
والعبيدي من مواليد محافظة نينوى في شمال البلاد، وأستاذ جامعي يحمل شهادتي ماجستير في الهندسة والعلوم العسكرية، ودكتوراه في العلوم السياسية.

العبادي في طهران
الى ذلك، يقوم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بزيارة اليوم الاثنين الى ايران تستمر يوماً واحداً وتتضمن اللقاء بالمسؤولين الايرانيين. وقال العبادي ان زيارته تأتي  ضمن الجهود الهادفة الى توحيد جهود المنطقة والعالم بمساعدة العراق في حربه ضد تنظيم داعش، بالاضافة الى تعزيز التعاون في العديد من المجالات.
واوضح قائلاً «سنناقش مع المسؤولين الايرانيين السبل الكفيلة لتعزيز العلاقات الثنائية في مجالات الطاقة والاسكان والاعمار والمجالات الاخرى».
وشدد على أنه يسعى الى أن تكون علاقات العراق مع دول الجوار خاصة والمنطقة والمجتمع الدولي عامة متميزة وتقوم على اساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بالاضافة الى احترام سيادة العراق ووحدة اراضيه.
وكان العبادي اكد خلال محادثات مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في بغداد مؤخراً على ضرورة بذل جهود دولية للقضاء على مسلحي تنظيم داعش الذي استولى على مساحات واسعة من العراق وسوريا. واشار إلى «ظهور الكثير من المخاطر في المنطقة نتيجة وجود عصابة داعش الارهابية التي تتطلب بذل جهود دولية وإقليمية للقضاء على هذه المنظمة الارهابية».
ومن جهته، جدد ظريف تأكيد طهران على حماية وحدة أراضي العراق ودعمه في حربه ضد الارهاب. وقال «نشعر بارتياح بالغ تجاه العملية الديمقراطية في العراق التي وصلت إلى نتيجة منطقية باختيار العبادي لتشكيل حكومة لا تقصي أحداً وتضم كل الطوائف العراقية». واكد القول إن بلاده ستظل تقف بجانب العراق وتدعم وحدته وترسيخ الأمن فيه، وتعتبر ذلك أولوية في سياستها الخارجية. ونفى ظريف وجود جنود ايرانيين على الارض العراقية.

وفد عربي
ووصل الى بغداد وفد من جامعة الدول العربية برئاسة وزير خارجية الكويت صباح الخالد في زيارة يلتقي خلالها كبار المسؤولين العراقيين.
ويرافق الوزير الكويتي وزير الخارجية الموريتاني أحمد ولد تكدي والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي.
وقال مصدر في مكتب وزير الخارجية العراقي إبرهيم الجعفري إن الزيارة تأتي استجابة لما تضمنته قرارات مجلس الجامعة وما صدر عنها من بيانات مشتركة للتأكيد على التضامن العربي مع العراق حكومة وشعباً، ودعم جهودها التي تبذلها من أجل محاربة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى العراق.
ويناقش الوفد العربي تطورات الأوضاع في العراق، وكيفية تقديم الدعم لبغداد وللشعب العراقي في ظل الظروف الحرجة والتحديات الأمنية التي تعيشها المنطقة.
ومن المقرر أن يلتقي الوفد الرئيس العراقي فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري، ووزير المالية هوشيار زيباري، وعددا من المسؤولين العراقيين.

اسوأ سيناريو
في الاثناء، قال رئيس الوزراء الاردني الأسبق الدكتور معروف البخيت، إن أسوأ سيناريو بالنسبة الى الاردن يمكن أن تسير فيه الحالة العراقية، هو بقاء الوضع على ما هو عليه غامضاً وملتبساً ضمن حالة قتال تكون نتيجته اقامة دولة سنية بالدم وسيفضي ذلك الى تقسيم العراق.  واكد البخيت أن الخطوة الناجعة هي في إجراء المصالحة العراقية لأن قيام دولة سنية في العراق له تداعيات خطيرة على الأردن وعلى الأمن القومي العربي.
وقال البخيت في تصريحات صحفية، إن الطريقة التي ظهر خلالها تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» اصابت الاطراف المعنية بالذهول بدءًا بالعراق واميركا، كونها هزمت ثلاث فرق عراقية واحتلت اسلحتها في الموصل دون قتال.
واضاف البخيت، أن «داعش» هو صنيعة مجموعة دول وهو ظاهرة فيها الكثير من التعتيم الإعلامي، مشيراً الى أن البعض مؤخراً يعتبره صامداً لكنه يتكبد خسائر هائلة جراء ضربات التحالف الدولي.
واعتبر البخيت أن هناك احتمالات لتطور الازمة العراقية ضمن سيناريوهات، اولها قيام رئيس الوزراء العراقي بعملية سياسية سلمية، تقود لمصالحة مجتمعية بين مكونات العراق الرئيسة، تضمن مشاركة السنة فيها، مثلما أن السيناريو الآخر هو احتمالية انتصار الجيش العراقي، وهذا مشكوك فيه لأسباب كثيرة، ومنها الحاجة الى تعاون الجميع.
واشار البخيت الى احتمال آخر، يتمثل في اتفاق المكونات العراقية على تقسيم العراق، لكنه استبعد مثل هذا الاحتمال لصعوبة مثل هذا السيناريو، خصوصاً وأن بغداد يسكنها خليط سكاني، وأن معظم الموارد في منطقة محددة هي كركوك والجنوب، وهذا ما تفتقر اليه مناطق الشمال.

بغداد – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق