سياسة عربية

«جيش موحد» في الزبداني، و«شرطة حرة» في حلب: ميليشيات شعبية سورية جديدة في طور التأسيس

مع تأكيدات دول غربية، من بينها الولايات المتحدة الاميركية ان الحرب ضد داعش تحتاج الى عشرات السنين، يبدو المشهد وكأنه نوع من «سباق اللحظات الاخيرة». وبينما تنشغل كل اركان الارض السورية بمواجهات وخصومات بعضها معلوم التفاصيل، وبعضها ما يزال غامضاً، يبدو المشهد وكأنه حالة من الفراغ تفاعلت في بعض الزوايا وصولاً الى محاولات سد ذلك الفراغ المزعوم.

في التفاصيل، يبدو المشهد اكثر قرباً من الحالة الليبية، حيث تتوالد التنظيمات، والميليشيات بشكل كبير، ومتقاطع، وصولاً الى تزايد التعقيدات، وتشابك الخيوط. وترتفع وتيرة الخصومة وما تفضي اليه من مواجهات.
في هذا السياق، بدا وكأن النظام السوري يسابق الزمن وصولاً الى حسم السيطرة على بعض المواقع حيث تشير التقارير الى ان الطيران الحربي للنظام كثف غاراته وقصفه بالبراميل المتفجرة على حي جوبر بالعاصمة، وريف دمشق، ودرعا، وإدلب، موقعاً قتلى وجرحى، وسط اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وكتائب المعارضة في حلب شمال البلاد، حيث أحرزت قوات النظام تقدماً في قرى وبلدات محيطة بمعامل الدفاع بريف المحافظة.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ثمانية أشخاص بينهم طفل، في دمشق وريفها والقنيطرة.

غارات جوية
وقالت الشبكة إن حي جوبر في دمشق الذي يحاول النظام استعادة السيطرة عليه منذ فترة، تعرض لثلاث غارات، في حين قصف الطيران الحربي أطراف مدينة عربين وبلدة عين ترما بالغوطة الشرقية بريف دمشق. كما أشارت شبكة شام إلى سقوط جرحى جراء قصف الطيران الحربي بلدة حمورية بالريف الدمشقي.
وفي درعا جنوباً قصفت قوات النظام السوري أحياء درعا البلد وحي طريق السد بالبراميل المتفجرة وقذائف الهاون، مما أسفر عن سقوط جرحى بينهم طلاب مدارس. ويتزامن القصف مع اشتباكات عنيفة بين النظام والمعارضة على أطراف حي السد بمدينة درعا. كما تعرضت مدينة الحارة بريف درعا لقصف جوي مكثف.
وتعرضت بلدة كفر زيتا وقرية عطشان بريف حماة وسط البلاد لغارات جوية من قبل قوات النظام.
وإلى شمال البلاد في إدلب قتل طفل في قصف طيران النظام على مدينة بنش في ريف المحافظة في حين أشارت تقارير إلى تعرض الأحياء السكنية في مدينة سراقب لقصف بالبراميل المتفجرة، وسقط قتيل وعدد من الجرحى جراء قصف الطيران الحربي بلدة معرة شورين، كما سقط جرحى في غارات على قرية عابدين بريف إدلب الجنوبي.
في غضون ذلك اندلعت اشتباكات عنيفة بين كتائب من الجيش السوري الحر وقوات النظام في حي الراشدين بمدينة حلب ما ادى إلى سقوط قتلى وجرحى بصفوف قوات النظام إثر قصف كتائب المعارضة معاقله في قرية سيفات بريف حلب.

مشاركة ايران
ويأتي هذا التطور بعدما استعادت قوات النظام السيطرة على قرى عدة بالقرب من معامل الدفاع بريف حلب. وقد أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن وحدات من الجيش السوري استطاعت التقدم بشكل كبير في قرى وبلدات في محيط معامل الدفاع في ريف حلب الجنوبي. وأضافت أن قوات النظام تقدمت أيضاً في ريف دمشق وسيطرت على وادي ترما القريب من منطقة الدخانية.
وفي السياق أكدت مصادر في المعارضة السورية أن مقاتلين أجانب يشاركون إلى جانب قوات النظام في معركة حندرات شمالي حلب، وذكرت المصادر أن التحقيق مع عدد من الأسرى أثبت أن إيران تضطلع بدور كبير في هذه المواجهات عبر فصائل عدة، تضم مقاتلين وضباطاً من حزب الله اللبناني ومقاتلين أفغانا، بحسب قول المعارضة.
وبحسب توقعات مصادر في المعارضة فإن التقدم الأخير الذي أحرزته القوات الحكومية في حندرات جاء نتيجة استخدام النظام مقاتلين «أفغاناً شيعة» بشكل كبير، حيث نفذوا عملية التسلل في حندرات.
في الاثناء، توالت الدعوات الى تشكيل «ميليشيات» محلية، في عدد من مناطق سوريا. حيث أطلق نشطاء سوريون وقيادات عسكرية في مدينة الزبداني بريف دمشق حملة لإنشاء «جيش موحد» هناك بعد الحصار الخانق على المدينة. ويؤكد الناشطون أن حملتهم قد تثمر فعلاً في الفترة القريبة المقبلة عن إعلان تشكيل «جيش الزبداني الموحد» الذي عقدت آمال المدينة عليه.
وكانت المدينة قد تعرضت لحصار خانق من قبل قوات النظام، وحزب الله، منذ أكثر من سنتين، وازداد الضغط عليها كثيراً بعد سقوط معظم مدن القلمون كونها بقيت المدينة الوحيدة التي استمرت بقبضة الثوار على الشريط الحدودي مع لبنان.
ويؤكد ناشطون أن الحصار على المدينة «خانق» إذ تبلغ عدد النقاط العسكرية المحاصرة لها 105، إضافة إلى أكثر من 200 حاجز تمتد من سرغايا، إلى وادي بردى. «ويعزون تشديد الحصار إلى ان موقع الزبداني واقع على تماس مع الحدود اللبنانية – السورية وعلى الطريق الدولي بيروت- دمشق».

حصار
وتتحدث التقارير عن ان الحصار المطبق من قبل النظام دفع العديد من نشطاء الزبداني بالتعاون مع الهيئة التنسيقية للبدء بحملة تاسيس الجيش الموحد في المدينة سعيا لتوحيد كتائب الزبداني ضمن فيلق يحمل اسم الزبداني فقط يعمل ضمن غرفة عمليات واحدة.
وتشير المعلومات الاولية الى ان الحملة لاقت اقبالاً كبيراً من قادة الفصائل والالوية العسكرية والفعاليات الثورية في المدينة. والتي من المنتظر ان تتوحد ضمن اطار تنظيمي واحد.
وبالتوازي، شهدت مدينة حلب حراكاً مماثلاً، هدفه  استكمال تأسيس جهاز امني تحت مسمى «الشرطة الحرة». وبحيث يتولى الجهاز الجديد مسؤولية حفظ الأمن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في حلب وريفها.
وتأسس هذا الجهاز مطلع عام 2013 نتيجة انتشار الفوضى لعدم قدرة الكتائب العسكرية على فرض الأمن في تلك المناطق. ويوجد بداخل الجهاز عدد كبير من عناصر وضباط الشرطة المنشقين عن النظام.
ويتميز جهاز شرطة حلب الحرة بهيكلة إدارية تعتمد على تسلسل الرتب الأمنية في ما يخصّ الضباط والانصياع التام للأوامر بالنسبة الى ضباط الصف والعناصر.
وبحسب المعلومات المتاحة، تجاوز الآن عدد أفراد الشرطة الحرة ألف عنصر، في حين بلغ عدد الضباط أكثر من مائة. ويتوزع عناصر الشرطة على خمسين قسماً.
ولاقت أدوار الشرطة الحرة نوعاً من الاستحسان لدى الناس خصوصاً، لكن وجود الفصائل العسكرية بالمدن المحررة بحلب خلق نوعاً من الخلط في الاختصاصات الأمنية. ما دفع بالجهاز الى السعي الى تكوين علاقة جيدة مع الفصائل العسكرية ذات السمعة الحسنة في حلب، وعلاقة تعاون مشتركة مع باقي الفصائل.
ويسعى الجهاز إلى تطوير ذاته بالتزامن مع ظروف الوضع الأمني في حلب وريفها، بما في ذلك فتح المجال أمام انضمام النساء لسلك الشرطة.

دمشق – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق