أبرز الأخباردوليات

قوة تدخل سريع اميركية في الشرق الاوسط: اعترافات اميركية تفرغ حملة داعش من مضمونها

يبدو ان الحماسة التي ابداها الرئيس الاميركي باراك اوباما لضرب تنظيم داعش وملاحقته، كانت على حساب مضمون تلك الحملة. ويبدو ان التركيز كان على التسرع اكثر منه على مدى فاعلية الحملة.

فبعد ايام من انطلاق الحملة التي شارك فيها ائتلاف دولي، توالت التقارير التي تتحدث عن اعترافات من شأنها افراغ الحملة من مضمونها، وتصويرها على انها قاصرة عن اداء المهمة، والوصول الى النتائج المرتجاه. وبالتزامن، يجري الحديث حالياً عن «حلول ترقيعية» لا احد يعلم مدى فاعليتها من جهة، وهناك من يقرأها بانها تكشف عن مشاريع ومخططات مختلفة عما هو معلن.
فقد اقر الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الولايات المتحدة اساءت تقدير الخطر الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما اجتمع مع كبار مستشاريه للأمن القومي لمناقشة إستراتيجية مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي مقابلة مع شبكة «سي بي اس نيوز»، قال الرئيس ان مقاتلي تنظيم القاعدة القدامى الذين طردتهم الولايات المتحدة والقوات المحلية من العراق، تمكنوا من التجمع في سوريا ليشكلوا تنظيم الدولة الاسلامية الجديد الخطير. وقال، اعتقد ان رئيس اجهزة الاستخبارات جيم كلابر اقر انهم لم يحسنوا تقدير ما جرى في سوريا.

حملة اوباما
وكان اوباما قد ابدى تحفظاً شديداً من اجل التدخل في الشرق الاوسط قبل ان يطلق في الثامن من اب (اغسطس) حملة لضرب معاقل التنظيم المتطرف في العراق قبل ان تمتد الى سوريا بمشاركة بلدان عربية عدة في 23 ايلول (سبتمبر).
وقال اوباما ان مسؤولي الدعاية في تنظيم الدولة الاسلامية اصبحوا ماهرين للغاية في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، واستقطبوا مجندين جدداً من اوروبا واميركا واستراليا والدول الاسلامية.
وقال الرئيس ان جزءاً من الحل سيكون من خلال تمكن سوريا والعراق من حل ازمتهما السياسية الداخلية.
من جانب اخر طالب مشرعون أميركيون بأن يمنح الكونغرس تفويضاً للرئيس باراك أوباما في الحرب ضد مسلحي تنظيم داعش الإرهابي وسط مؤشرات على أن الولايات المتحدة والحلفاء يواجهون حربا طويلة وصعبة.
بداية المسلسل تمثل باعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الجيش الأميركي لا يمكنه القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ «داعش»، بعمليات القصف، داعياً إلى التحلي بالصبر في محاولاته لدحر الجهاديين في سوريا والعراق.

اعتراف البنتاغون
وفي محاولة للتنكر الى تصريحات سياسية سابقة، والتعاطي مع تطورات ميدانية جديدة، قال الناطق باسم البنتاغون الادميرال جون كيربي للصحفيين «لم يقل احد ان الامر سيكون سهلاً او سريعاً ولا احد يجب ان ينخدع باحساس موهوم بالامن من خلال ضربات جوية محددة الهدف». واضاف «لن نقضي عليهم بالقصف ولا يمكننا ان نفعل بذلك».
وتأتي تصريحات كيربي بعد اسبوع من بدء واشنطن وعدد من حلفائها العرب غارات جوية على «الدولة الاسلامية» في سوريا.
وانتقد كيربي تغ
طية هذه الضربات من قبل بعض وسائل الاعلام مشيراً الى انها تؤدي الى تعليق امال غير واقعية على الحملة الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها في سورية والعراق.
وخلافاً لتصريحات سياسيين، واظهاراً لمعلومات العسكريين، ذكر المتحدث بان قادة الجيش الاميركي كانوا واضحين منذ البداية بتأكيدهم ان الضربات الجوية وحدها لا تكفي وان الامر سيحتاج الى جهود طويلة الامد والى تدريب وتسليح مقاتلي المعارضة السورية «المعتدلة» وتعزيز الجيش العراقي.
وقال كيربي «بالرغم من اننا نتقاسم الشعور بان الوضع ملح حيال هذا التنظيم، يجب ان نتقاسم ايضاً شعوراً بالصبر الاستراتيجي واعتقد ان هذا ما ينقص البعض منا».
وفي اعتراف بحدوث تطورات ميدانية جديدة، اشار الى ان مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية لم يعودوا يتنقلون بمجموعات كبيرة في العراء بل «يتفرقون» لتحاشي الضربات من الجو.
لكنه اقر بان التنظيم ما زال يشكل تهديداً وانه في بعض الحالات استولى على اراض جديدة.
واوضح ان ضربات جوية فعالة لا تعني ان الجهاديين «لا يحاولون حتى الآن كسب مناطق والسيطرة عليها وينجحون في ذلك في بعض الاحيان».
لكنه في الوقت نفسه، اعترف باثر الضربات وفاعليتها حيث اشار الى ان «احد الامور التي تجعلنا نعرف ان هناك تأثير للضربات الجوية ان الارهابيين اضطروا الى تغيير خططهم واتصالاتهم وقيادتهم» بسبب هذه الغارات.

تأثير محدود
في الاثناء، يرى خبراء أن لحملة الغارات الجوية التي بدأها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قبل اسبوع تأثيراً محدوداً على تنظيم الدولة الاسلامية الذي قام بإخلاء البنى التحتية الظاهرة بينما يندس مقاتلوه بين السكان المحليين.
ويعتبر الخبراء أنه من المبكر معرفة النتيجة الاولية للضربات التي اجبرت، منذ 23 ايلول (سبتمبر)، تنظيم «الدولة الاسلامية» على اخلاء مواقعه البارزة للعيان.
ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن «لم يعد ممكناً رؤيتهم كما من قبل، كنا نشاهد الجهاديين وهم يقومون بدوريات في المدن التي يسيطرون عليها، لكنهم اختفوا الان عن الانظار».
ويضيف أن «الجهاديين تغلغلوا بين السكان»، مشيراً إلى انهم وضعوا دباباتهم بين السكان في احدى النواحي الواقعة شرق سوريا ما اثار غضب الأهالي.
واعتبر الخبير في شؤون الإسلام في جامعة ادنبره توماس بييريه «اننا لا نتحدث عن جيش نظامي ولكن عن تنظيم مرن إلى حد ما وغير مرتبط، بالتالي بالبنى الثابتة». وإخلاء الجهاديين لبعضها «ليست بالقضية الشائكة».
وتتوقف التقارير عند تمكن التنظيم المتطرف من التقدم نحو بلدة عين العرب «كوباني بالكردية» وهي ثالث تجمع للأكراد في سوريا والتي يحاصرها التنظيم بشكل شبه كامل منذ 16 ايلول  (سبتمبر)  والمتاخمة للحدود التركية، وبات على بعد 5 كلم فقط شرقي هذه البلدة، كما سيطر على خمس قرى في المنطقة منذ بدء ضربات التحالف، كما قام بقصف البلدة نفسها للمرة الاولى.
كما تقدم التنظيم ايضاً باتجاه الحدود العراقية محكماً سيطرته على عدد من البلدات في محافظة الحسكة وقتل نحو خمسين مقاتلاً كردياً.
ويعتبر الخبراء أنه على الرغم من أن المعارضة «المعتدلة» رحبت بالضربات إلا أن التنظيم استقطب مناصرين جدداً بين بعض التنظيمات الإسلامية المعادية له والذين يشاطرونه العداء للولايات المتحدة.
ويكن مقاتلو المعارضة الكره للتنظيم متهمين اياه بسرقة «الثورة» المناهضة لنظام بشار الاسد، كما يضمر الشعور نفسه تنظيم «جبهة النصرة» ذراع القاعدة في سوريا.
ويشير المختص بالشؤون السورية في معهد كارنيغي ارون لاند ان «الجماعة الجهادية ترص صفوفها الان وان كان بدرجة محدودة» مشيراً إلى ان «دعاة الجهاد يحجمون الان عن انتقاد التنظيم الذي يواجه بشكل مباشر الولايات المتحدة».
كما استهدفت الضربات مقاتلي «جبهة النصرة» ما اثار غضب مقاتلي المعارضة الذين فوجئوا بها، معتبرين ان مقاتلي الجبهة حلفاء اقوياء لهم من اجل محاربة النظام.

استهداف النفط
واستهدفت الضربات بعض محطات تكرير النفط المحلية التي يسيطر عليها التنظيم في شرق سوريا والتي كانت تحقق له ايرادات بنحو 2 مليون دولار يومياً.
الا ان اغلب النفط الذي كان التنظيم يبيعه هو من النفط الخام غير المكرر يتم استخراجه من نحو مئة بئر أغلبها ما يزال منتجاً. الا ان بعض القراءات تؤكد ان الضربات لم تؤثر على اقتصاده بصورة حاسمة.
على صعيد «الحلول المقترحة» أعلن البنتاغون أن سلاح مشاة البحرية «المارينز» ينوي نشر قوة من 2300 عنصر في الشرق الأوسط تكون مهمتها التدخل السريع عند اندلاع أزمات في المنطقة.
وأوضح المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي أن وحدة التدخل هذه لن تكون مرتبطة «بالعمليات الجارية حالياً في العراق»، في إشارة إلى حملة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لقصف مواقع يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» غرب العراق وشرق سوريا. وستزود هذه القوة بطائرات عدة، وستكون مستعدة للتحرك سريعاً في حال وقوع «حدث غير متوقع»، بحسب المتحدث. وكان ضابط في مشاة البحرية أوضح الأسبوع الماضي أن هذه القوة ستتمركز في الكويت.
وتعود فكرة إنشاء وحدة مماثلة إلى العام الماضي، أي قبل أن تقرر الولايات المتحدة شن ضربات جوية ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وطرحت هذه الفكرة لدى العسكريين الأميركيين بعد الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأميركية في بنغازي (ليبيا) في 11  أيلول (سبتمبر) 2012، علماً أن قوة مماثلة أنشئت لتغطي منطقة أفريقيا ومقرها في إسبانيا.

مليار دولار
في الاثناء، قدّر أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية الأميركية أن الموجة الأولى من العمليات الجوية ضد مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، كلفت الخزانة الأميركية نحو مليار دولار حتى اللحظة، قد ترتفع إلى 21،6 مليار دولار سنوياً.
وذكر مركز التقويم الاستراتيجي والمالي أن هذه التكلفة قد ترتفع إلى 1،8 مليار دولار شهرياً، في حالة إذا ما زاد الجيش الأميركي عدد قواته على الأرض إلى 25 ألف جندي، بحسب اقتراحات قدمها خبراء عسكريون إلى إدارة الرئيس باراك أوباما.
وبدأت الغارات الأميركية ضد مواقع التنظيم المعروف باسم «داعش» في شمال العراق، بداية الأسبوع الثاني من  آب (اغسطس) الماضي، قبل أن يتم توسعتها لتشمل مواقع تابعة للتنظيم في سوريا، في وقت سابق من  أيلول (سبتمبر) الماضي.
وتقتصر عمليات الجيش الأميركي على الغارات الجوية، إضافة إلى عمليات قصف محدودة بصواريخ «كروز»، من على متن سفن تابعة للبحرية الأميركية، كما يوجد نحو 1600 عسكري أميركي في العراق، لتقديم استشارات عسكرية ومساعدات فنية للجيش العراقي.
وأكد الرئيس أوباما في أكثر من مرة أن إدارته ليس لديها خطط، حتى الآن على الأقل، لإرسال قوات برية للمشاركة في العمليات العسكرية ضد داعش، سواء في العراق أو سوريا. وذكر مركز التقويم الاستراتيجي أنه في حالة إذا لم يتم إرسال المزيد من القوات، فإن عمليات القصف قد تكلف الولايات المتحدة ما بين 200 و300 مليون دولار شهرياً، للحفاظ على المستوى الحالي من الغارات الجوية، وهو ما يعني حوالي أربعة مليارات دولار سنوياً.
وكان متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» قد أكد لـ CNN في وقت سابق من الأسبوع الماضي، أن العمليات العسكرية قد تستمر على وتيرتها الحالية لسنوات عدة.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق