قناة تفاوض اممية في صعدة: الحوثيون يوسعون نفوذهم الى همذان، والنتيجة عشرات القتلى

تشير آخر القراءات حول المشهد اليمني، الى تمسك الحوثيين بتمردهم، وصولاً الى اكثر من نتيجة، بعضها معلن، وبعضها الاخر يجري التعامل معه باسلوب «التقية» الذي يشكل احد ابرز عناصر الاداء الحوثي. الا ان ذلك «البعض الاخر» يمكن قراءته بسهولة من خلال النتائج الظاهرة على الارض.
فبدون مقدمات، يمكن استشراف ابرز العناصر التي تسعى الحركة الشيعية الى تحقيقها، او تلك التي تحققت، مد سيطرة التيار الى منطقة «المحجر» احدى مناطق همذان، القريبة من العاصمة. وذلك ضمن مشروع لفرض امر واقع جديد يمكنها من السيطرة على مناطق اكثر اتساعاً ضمن نطاق نظام الاقاليم الذي اقره الحوار الوطني.
الحوثيون الذين ما زالوا يطوقون العاصمة صنعاء، ويغلقون بعض شوارعها الرئيسية، يصرون في الوقت نفسه على الاسراع في تطبيق مخرجات الحوار الوطني، وخصوصاً نظام الاقاليم، املاً بانتزاع اعتراف رسمي بحدود النفوذ الجديد جغرافياً، وسياسياً واقتصادياً. وبالتوازي، يصرون على ان تجري اية حوارات بينهم وبين الحكومة من جهة، والوسطاء الدوليون من جهة اخرى في حاضرتهم «مدينة صعدة» التي تحولت الى عاصمة للتيار. وفي هذا السياق اصر زعيمهم عبد الملك الحوثي على ان تجري المفاوضات مع المبعوث الاممي جمال بن عمر في صعدة. ما اضطر الاخير الى الذهاب الى هناك لهذا الغرض.
ميدانياً، تواصلت المواجهات في اكثر من مكان على الساحة باليمن، بين الحوثيين وانصارهم من جهة، والجيش اليمني وبعض القبائل الداعمة من جهة اخرى. غير ان اكثر ما يميز تلك الصورة الدخول القبلي الكثيف على خط المواجهة.
اشتباكات وقتلى
وفي السياق، قتل تسعة مسلحين قبليين ومسلحان من الحوثيين باشتباكات اندلعت في الضاحية الشمالية لصنعاء بين قبائل محسوبة على التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي) والمتمردين الشيعة الذين يوسعون انتشارهم المسلح حول صنعاء بالرغم من استمرار المفاوضات السياسية للتوصل الى حل للأزمة التي وضعت اليمن على شفير الحرب الأهلية. وفي المقابل، حقق الحوثيون تقدماً كبيراً في المعارك التي يخوضونها ضد الجيش والقبائل الموالية لحزب الإصلاح في محافظة الجوف في شمال صنعاء، وسط توقعات بسيطرتهم على المحافظة.
وقال مصدر قبلي إن 11 شخصاً قتلوا بينهم تسعة مسلحين قبليين واثنان من الحوثيين، باشتباكات على الطريق المؤدي الى الضاحية الشمالية لصنعاء.
واندلعت المواجهات في بادىء الأمر بين نقطة تفتيش أقامها الحوثيون الذين يتخذون اسم أنصار الله ومجموعة من أقارب أحد الوجهاء القبليين في المنطقة، وهو ضابط في الفرقة الأولى مدرع سابقاً وأحد المحسوبين على اللواء علي محسن الأحمر، العدو اللدود للمتمردين الحوثيين. وتوسعت الاشتباكات في المنطقة التي تم إغلاق الطرق المؤدية إليها.
وتأتي هذه الحادثة في ظل استمرار احتشاد وانتشار واسع للمسلحين الحوثيين القادمين من صعدة وعمران في الشمال، في الضواحي الشمالية والشمالية الغربية حيث أقيم مخيم جديد للحوثيين وأنصارهم في منطقة سوق ضلع في همدان. وهذا المخيم الذي فيه مسلحون، هو ثامن مخيم يقيمه الحوثيون الذين يتخذون اسم «أنصار الله» منذ بدئهم في 18 آب (اغسطس) التحرك الاحتجاجي المطالب بإسقاط الحكومة والتراجع عن قرار برفع أسعار الوقود.
مجاميع مسلحة
وبالتوازي، بدأت مجاميع مسلحة من محافظة مآرب شمال العاصمة القتال إلى جانب اللجان الشعبية وقوات الجيش في محافظة الجوف.
وكانت مجاميع مسلحة من قبيلة مراد في محافظة مأرب وصلت الاحد إلى جبهة القتال في مديرية الغيل في الجوف والتي تدور فيها الاشتباكات بين مجاميع من جماعة أنصار الله الحوثية ومناهضيها.
في مسار آخر، قالت مصادر قبلية ومحلية إن 22 شخصاً لقوا حتفهم في القتال بين المتمردين الحوثيين وقبائل متحالفة مع الحكومة في شمال اليمن خلال اليومين الماضيين. وقالت المصادر إن 15 من المتمردين الحوثيين لقوا حتفهم بينما قتل الحوثيون اثنين من ابناء احد شيوخ القبائل وخمسة اشخاص آخرين.
وفي حادث منفصل في جنوب غرب صنعاء قالت مصادر ان مسلحين حوثيين قتلوا أربعة قبليين مسلحين. بينما أعلن الحوثيون تعليق مشاركتهم في مفاوضات مع الحكومة اليمنية بسبب ما وصفوه بتدخل اجنبي في مسار المفاوضات.
وبحسب تقارير اخرى، هاجمت جماعة الحوثي دارا للقرآن الكريم في منطقة المحجر بهمدان قرب العاصمة اليمنية صنعاء، وان 22 جثة لجنود ومدنيين في منطقة شملان شمال غرب العاصمة لا تزال ملقاة على الأرض منذ اشتباكات الليلة الماضية بين الجيش ومسلحي الحوثي.
وقالت التقارير أن عدداً من طلاب الدار محاصرون داخلها منذ أيام، وأشار إلى أن الحوثيين يريدون بسط سيطرتهم على المنطقة استباقاً لأي اتفاق سياسي مع الحكومة.
وفي الاثناء، دوت ثلاثة انفجارات قرب منطقة شملان دون أن تعرف طبيعتها، وذلك عقب مقتل العشرات خلال مهاجمة جماعة الحوثي تعزيزات عسكرية بالمنطقة ذاتها. كما قتل أربعة جنود من الجيش اليمني في اشتباكات مع الحوثيين في منطقة حزيز جنوبي العاصمة، وفق إفادات شهود عيان قالوا إن الحوثيين منعوا دورية عسكرية من دخول صنعاء، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الطرفين. وقد ارتفع عدد قتلى المواجهات بين الطرفين خلال الايام الماضية إلى ثمانية وثلاثين قتيلاً معظمهم من الجيش والمدنيين.
الموفد الدولي
وفي الأثناء وصل الموفد الدولي إلى اليمن جمال بن عمر إلى صعدة شمالي اليمن للقاء زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي سعياً لاحتواء الأزمة القائمة.
ويرافق بن عمر كل من رئيس جهاز الأمن السياسي اللواء جلال الرويشان ومدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد عوض بن مبارك إضافة إلى القيادي الحوثي حسين العزي، ويجري الحديث عن أن الوفد يحمل معه مسودة اتفاق وافقت عليه أطراف عدة، ومن المنتظر أن يوقع عليها عبد الملك الحوثي.
من جانبها، ذكرت صحيفة «عكاظ» السعودية أن النيابة العسكرية تجري تحقيقات مع قيادات عسكرية متواطئة مع الحوثيين وتعمل على تزويدهم والقوات الجوية بمعلومات تضر بالدولة اليمنية والسلطة الحاكمة وتهدف إلى تحقيق نتائج للحوثيين في الميدان. وكشفت مصادر عسكرية أن ضابطاً كبيراً في إدارة المعلومات بالقوات الخاصة يعد أحد المتهمين المتورطين مع الحوثيين، وأن هناك قيادات أخرى لا تزال السلطات تجري تحرياتها حولهم لضبطهم متلبسين. ولم تستبعد المصادر أن تكون أخطاء الطيران في الجوف واستهداف اللجان الشعبية المؤيدة للجيش كانت من بين المعلومات الخاطئة التي يقدمها المتورطون.
إلى ذلك، عبرت مصادر سياسية للصحيفة عن صدمة الحوثيين من يقظة السلطات اليمنية ما دفعهم إلى البحث عن وسطاء يساعدونهم على فرض شروطهم دون أن يتكبدوا خسائر كبيرة عبر المفاوضات. وقالت المصادر إن إجبار الحوثيين على فتح المنافذ الأمنية للعاصمة وإنهاء احتجاجاتهم في الشوارع الرئيسية وفتح المؤسسات الحكومية دفعهم إلى هذا التوجه. ولم تستبعد المصادر أن تشمل المفاوضات المقبلة بحث مصالحة بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح والقيادي العسكري علي محسن الأحمر وأبناء الشيخ الأحمر وحزب الإصلاح من جهة، وجماعة الحوثيين من جهة أخرى.
وفي سياق متصل، أعلنت لجنة العقوبات الأممية الخاصة باليمن، التابعة لـمجلس الأمن الدولي، اليوم عن استعدادها وبشكل عاجل للنظر في مقترحات تتعلق بفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تهدد السلم والأمن والاستقرار في اليمن.
وبحسب وكالة سبأ اليمنية الرسمية نقلاً عن بيان للجنة أن وتيرة التطورات الميدانية في اليمن هي التي دفعت اللجنة لبحث اتخاذ العقوبات بشكل مستعجل قبل أن ترفع لجنة للخبراء تقريرها النهائي بشأن الموضوع في شباط (فبرابر) المقبل.
صنعاء – «الاسبوع العربي»