ربيع المصالحة الفلسطينية يرحل باكراً، وعباس يواصل حشد الدعم لـ «مشروع السلام»

اتهامات متبادلة، طفت على سطح التعامل بين حركتي فتح وحماس، الامر الذي يضع ملف المصالحة في مهب الريح، ويعيد العلاقات الى اسوأ مما كانت عليه في السابق.
بينما يرى محللون ان الجانب الاسرائيلي حاول جاهداً تفكيك عملية المصالحة، من خلال تقديم معلومات «ملغمة» للسلطة الفلسطينية، والتشكيك بنوايا حركة حماس تجاه السلطة بشكل عام، وحركة فتح بشكل خاص. وبالتوازي اشتراط تخلي السلطة عن حركة حماس مقابل فتح قنوات الحوار معها، هناك من يرى ان الارضية كانت خصبة لمثل تلك الممارسات، ما ادى الى نجاح ذلك المشروع. فمن جهة، هناك سوء ظن حمساوي بالسلطة، ومن جهة ثانية هناك انعدام ثقة من قبل السلطة بحركة حماس. الامر الذي يجعل من الصعب استمرار عملية المصالحة.
فالتقارير الواردة من كل من غزة ورام الله تشير الى ان الانقسام بين حركتي فتح وحماس دخل مرحلة جديدة عقب العدوان على غزة، وعلى نحو يبدو أنه سيؤثر سلباً في إعادة إعمار ما دمرته الحرب في القطاع. وقال مسؤولون في فتح إن الحركة توقفت مطولاً، في الاجتماعات الأخيرة، عند التطورات التي سبقت الحرب وتلك التي رافقتها وأعقبتها، وقررت في ضوئها مراجعة مجمل العلاقة مع حماس، بما فيها اتفاق المصالحة الذي قام على تشكيل حكومة التوافق.
مجموعات عسكرية
وبحسب مسؤول أمني رفيع في الضفة اجرت قيادة المؤسسة الأمنية دراسة لاعترافات أعضاء حماس، وتبين لها أن الحركة شكلت مجموعات عسكرية بهدف شن عمليات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية من داخل مناطق السلطة، ليقوم الجيش الإسرائيلي باستهداف هذه المناطق وأجهزة السلطة ومؤسساتها، على غرار ما حدث في الانتفاضة الثانية، ما يؤدي إلى خلق فوضى أمنية تؤدي إلى انهيار السلطة.
الى ذلك، وجه الرئيس محمود عباس لوماً شديداً لقيادة حماس لدى اجتماعه بها في الدوحة على هذه الخطط. وقررت القيادة الفلسطينية في ضوء هذه التطورات عدم دفع رواتب موظفي القطاع العام في قطاع غزة الذين عينتهم حكومة حماس المستقيلة، وإعادة الحوار من جديد مع حماس. وشكلت فتح لهذا الغرض لجنة من قيادتها تضم كلاً من عزام الأحمد وجبريل الرجوب وصخر بسيسو وحسين الشيخ.
وفي الاثناء، اتهم مسؤول رفيع في فتح حماس بانها تريد للسلطة دوراً شكلياً في قطاع غزة وهو إدارة المعابر ودفع رواتب الموظفين بينما تريد هي مواصلة حكم غزة من خلال أجهزة الأمن التي تسيطر عليها، ولجنة تضم وكلاء الوزارات المختلفة.
وحددت فتح أربعة محاور للحوار المقبل مع حماس هي: دور حكومة الوفاق الوطني في غزة، ومن يمتلك قرار الحرب والسلام، والبرنامج السياسي المشترك، وإنهاء الانقسام.
وتساءلت: هل يمكن لفصيل سياسي أن يقرر وحده خوض الحرب مع إسرائيل، وهل يمكن لفصيل سياسي أن يعقد اتفاق سلام مع إسرائيل، هذه مسائل وطنية كبرى في حاجة إلى قرار جماعي، ويجب الاتفاق عليها.
اعاقة الاعمار
ويتوقع أن يؤدي الخلاف الكبير بين فتح وحماس على دور الحكومة في إعادة إعمار قطاع غزة، إلى إعاقة إعمار ما دمرته الحرب. ففيما ترى فتح أن الحكومة هي الجهة الوحيدة التي تقوم بإعادة الإعمار، تطالب حماس بتشكيل هيئة وطنية عليا للإشراف على هذه العملية. وترفض فتح هذا الطلب وتعتبره محاولة من حماس لإيجاد موطىء قدم في إعادة الإعمار، وهو ما ترفضه الدول المانحة.
وكان الرئيس عباس حذر في مقابلة أخيرة مع تلفزيون فلسطين من انهيار حكومة الوفاق الوطني في حال تدخل حماس في المساعدات الخارجية الآتية لغزة وفي إعادة إعمار القطاع.
أما حماس، فتقول إنها لن تقبل التعرض للتهميش في غزة، وأن على السلطة الاعتراف بدورها ومكانتها التي تعززت بعد الحرب، وتشير الى ان استطلاعات الرأي المحلية اظهرت أن الحركة ستفوز في انتخابات تجرى في هذه الفترة.
وستعقد الدول المانحة اجتماعاً لها في مصر لبحث إعادة إعمار قطاع غزة. وتقول مصادر ديبلوماسية غربية أن اتفاقاً بين فتح وحماس على تولي الحكومة الفلسطينية إدارة عملية إعادة الإعمار، شرط ضروري لتقديم الدول الغربية المساعدات المالية الكبيرة المطلوبة لهذا الغرض.
وتشير دراسات أولية متطابقة إلى أن إعادة بناء ما دمرته الحرب في قطاع غزة يتطلب بين 5-6 بليون دولار، ويستغرق خمس سنوات على أقل تقدير. وبينت الدراسات أن إزالة ركام البيوت والمباني المدمرة سيستغرق عاماً كاملاً في حال توافرت المعدات اللازمة لذلك.
فيما قدر د. شتية الذي يترأس المجلس الاقتصادي للتنمية والاعمار – بكدار – اضافة الى عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، التكلفة الاجمالية لعملية اعادة اعمار وتنمية غزة تصل لـ 7،8 مليار دولار.
وأضاف اشتية في بيان صحفي تفصيلي رُصد مبلغ 450 مليون دولار للحاجات الاغاثية العاجلة، وقدرت الخسائر المباشرة وغير المباشرة للعدوان الاخير بـ 4،4 مليار دولار، في حين وضعت ميزانية بقيمة 3،02 مليار دولار للحاجات التنموية، بما يشمل الميناء ومحطة تحلية المياه وغيره.
دعوة لوقف التحريض
الى ذلك، دعت حركة المقاومة الإسلامية حماس الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وقف التحريض الإعلامي وإعطاء الفرصة للحوار والتفاهم بين الحركتين.
وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري ان «تصريحات عباس ضد حماس والمقاومة غير مبررة والمعلومات والأرقام التي اعتمد عليها مغلوطة ولا أساس لها من الصحة وفيها ظلم لشعبنا وللمقاومة التي صنعت هذا الانتصار الكبير».
وأوضح أبو زهري أن حركتي حماس وفتح اتفقتا على عقد لقاء قريب بين الطرفين لاستكمال الحوار وبقية بنود المصالحة، داعياً عباس للتوقف عن الحوار عبر الإعلام وإعطاء الفرصة للحوار والتفاهم بين الحركتين.
وانتقد عباس إدارة حركة حماس لقطاع غزة وهدد بإنهاء «الشراكة» معها في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، حسب ما نقلت وكالة وفا الرسمية للأنباء.
ونقلت وفا عن عباس الموجود في القاهرة، قوله لصحفيين مصريين، «إننا لن نقبل أن يستمر الوضع كما هو ولن نقبل أن يكون بيننا وبينهم شراكة إذا استمر وضعهم في غزة بهذا الشكل، فهناك حكومة ظل مكونة من 27 وكيل وزارة هي التي تقود البلد، وحكومة الوفاق الوطني لا تستطيع أن تفعل شيئاً على أرض الواقع».
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة في زيارة مدتها ثلاثة أيام، التقي خلالها بنظيره المصري عبدالفتاح السيسي، وشارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب.
مشروع عباس
وعرض عباس في اجتماع وزراء الخارجية خطته للتسوية مع «إسرائيل»، تمهيداً لعرضها على الأمم المتحدة. حيث ستعقد جلسة خاصة بشأن آخر مستجدات الوضع الفلسطيني، بناء على طلب من الأمين العام للجامعة نبيل العربي.
وكان السفير الفلسطيني لدى مصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة جمال الشوبكي قال إن «عباس سيطلع وزراء الخارجية على آخر مستجدات الأوضاع في غزة، والخطوات المقبلة التي ستتخذها السلطة في المرحلة المقبلة عبر خطة سياسية تهدف إلى إنهاء الاحتلال».
والتقي عباس نظيره السيسي واطلعه على خطة التحرك السياسي والدبلوماسي التي سيطرحها على هامش الاجتماع الدوري للأمم المتحدة، الذي سيعقد منتصف الشهر الحالي.
ورافق الرئيس: عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، ووزير الخارجية رياض المالكي، والناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، والمستشار الدبلوماسي للرئيس مجدي الخالدي.
وكانت تقارير صحفية قالت إن عباس يعمل على «خطة سلام» تستهدف إنهاء الاحتلال، وتقوم على استئناف المفاوضات مع «إسرائيل» خلال تسعة أشهر، وإنجاز الانسحاب من الأراضي المحتلة ضمن فترة لا تتجاوز ثلاثة أعوام في إطار قرار دولي أممي.
عواصم – «الاسبوع العربي»