أبرز الأخباردوليات

تنسيق اميركي – ايراني وربما سوري لاعلان الحرب ضد داعش

بينما يجمع المراقبون على ان الذراع الايرانية في المنطقة كانت طويلة بعض الشيء، تؤشر التحليلات على حالة متقدمة من التواجد للجمهورية الاسلامية وعلى نطاق واسع، وبما يتعدى الحدود المالوفة. فالتحليلات، تؤكد على كم من المعطيات التي يستشف منها ان طهران تجاوزت حالة «التدخل الشخصي» وفرض التواجد، الى اعتبار ان دورها مطلوب كشريك في التعاطي مع التطورات التي تشهدها المنطقة.

وفي مقدمة هذه التطورات، موضوع «الدولة الاسلامية»، وتنظيم داعش، والواقع الجديد الذي اصبح مفروضاً على الارض. يساعد في ذلك التحولات في الموقف الاميركي، الذي قرر مواجهة التنظيم على الارض العراقية، والذي يدرس جدياً التدخل في الساحة السورية ضمن اطار المواجهة مع هذا التنظيم، الذي اعاد خلط الاوراق، وفرض واقعاً جديداً على المنطقة.
التقارير التي تتحدث عن هذا الملف، تشير الى احتمالية حدوث بعض الصفقات بين الجانبين الايراني والاميركي، على خلفية الرغبة في التنسيق المشترك لمواجهة التنظيم. وفي التفاصيل، هناك قراءات تشير الى امكانية الدمج بين ملفات ساخنة عديدة وصولاً الى تنسيق اكثر فاعلية في الملفات الاكثر سخونة، والتي تعتقد واشنطن انها تشكل تهديداً لمصالحها الحيوية في المنطقة والعالم.

تنسيق ايراني – اميركي
النتائج التي باتت اكثر ترجيحاً، تتمثل بان التنسيق الايراني – الاميركي اصبح حقيقة واقعة، بحكم حاجة واشنطن الى «الذراع الايرانية» في كل من العراق وسوريا. اضافة الى ما يمكن ان تلعبه من ادوار في مجال التهدئة على جبهات اخرى من بينها جبهة حماس في غزة، وجبهة حزب الله في لبنان وسوريا. عدا عن الاسهام في ضبط الايقاع العراقي الداخلي. حيث بدأ الدور الايراني اكثر فاعلية في مجال تجاوز ازمة تنحية المالكي، وتكليف شخصية اخرى بتشكيل الحكومة.
في هذا السياق، تنتظر الولايات المتحدة من ايران دوراً كبيراً في ابرام صفقة مع سوريا من اجل مواجهة اخطار داعش. ذلك ان التقارير تتحدث عن قرار وشيك بشن حرب ضد التنظيم على الارض السورية، وتطوير مجالات المواجهة وتنسيقها لتصبح اكثر فاعلية في البلدين. السبب في ذلك ان البلدين «سوريا والعراق» اصبحا ساحة واحدة للتنظيم المتطرف، حيث يسيطر على العديد من النقاط ، ويدير مواجهات مع جميع الاطراف التي تحاول الحد من نشاطه.

السيطرة على الرقة
ويبدو ان الامر اصبح ملحاً في ضوء التطورات المتسارعة، والتي كان اخرها سيطرة تنظيم داعش بشكل كامل على مدينة الرقة السورية، بعد ان حسم مواجهات استمرت ستة ايام بالسيطرة على مطار الطبقة، رغم مشاركة تشكيلات متعددة من القوات بما فيها طائرت سلاح الجو. فقد تمكن تنظيم «داعش» من السيطرة على مطار الطبقة العسكري، آخر معاقل النظام السوري في محافظة الرقة في شمال سوريا.
وأشار مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن إلى أن هناك عشرات الجثث لجنود سوريين في أرض المطار، مضيفاً أن معارك لا تزال تدور عند اطرافه بينما انسحب القسم الأكبر من قوات النظام إلى خارجه. وتمكن صباح الأحد من اقتحام المطار للمرة الأولى.
ميدانياً، وفيما تواصل الولايات المتحدة شن غارات جوية على مواقع «داعش» في العراق ومساندة القوات الكردية في مواجهة هذا التنظيم، أبدت إيران استعدادها للتعاون مع الغرب للقضاء على خطر هذا التنظيم الإرهابي، كما أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية.
وفي هذا السياق، ذكرت تقارير أن إيران قامت بالفعل بزيادة دعمها العسكري واللوجستي للجيش العراقي ولمتطوعين شيعة في جنوب وشرق العراق.

دخول ايراني
ونقلت مواقع اخبارية عن تقارير عراقية قولها إن الحرس الثوري الإيراني يستعد لإدخال مدرعات ثقيلة إلى العراق. كما نقلت عن مصدر مطلع قوله إن «الحرس الثوري حشد دباباته ومدرعاته لدخول منطقة خانقين بهدف السيطرة على المناطق ذات الأغلبية الشيعية شمالي العاصمة بغداد وضرب مقاتلي الدولة الإسلامية».
وبحسب المصدر فإن «قافلة من الدبابات والمدرعات تحركت من خلال «سربل ذهاب»، والذي يعتبر طريق دخول العراق عبر معبر الحدود الذي يربط البلدين من منطقة خانقين». وأن القوات الإيرانية ستدخل المناطق التي شهدت قتالاً بين قوات البشمركة الكردية ومقاتلي «داعش» كجلولاء مثلاً.
وقالت مصادر عسكرية كردية إن قوات إيرانية اشتركت في معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية على أطراف مدينة جلولاء شمالي شرقي محافظة ديالى والتي قتل فيها عدد من عناصر البشمركة الكردية.
وقالت المصادر إن نحو 1500 جندي إيراني عبروا الحدود الجمعة وانسحبوا باتجاه الحدود  بسبب تأجيل عملية اقتحام جلولاء. وأضافت أن مدفعية إيرانية اشتركت أيضا في القصف الذي استهدف وسط المدينة. الا انه لم يتم التركيز على تلك المشاركة خشية انعكاسها على العامل الطائفي في العراق.
ووفقا للتقرير، يُعتقد أن الإيرانيين سيحتلون بعض المناطق تحت غطاء طرد مقاتلي «داعش»، أو يقومون بتسليم هذه المناطق إلى مقاتلي البشمركة.
من جهة أخرى، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام المحلية الأربعاء الماضي، أن إيران قدمت استشارات للأكراد العراقيين ضد جهاديي تنظيم «داعش». وقال عبد اللهيان: «قدمنا مساعدة سياسية ونصائح إلى الحكومة العراقية وفعلنا الأمر نفسه في كردستان العراق».
ويرى محللون أن المشاورات الغربية-الإيرانية حول «داعش» هي نتاج تسوية أميركية-إيرانية لا تقتصر على محاربة «داعش» فقط، بل على جملة من التفاهمات منذ الاتفاق حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وحتى توجيه ضربات جوية ضد مواقع «داعش» في شمال العراق وقد تمتد الى سوريا قريباً.
وكانت مصادر كردية قد كشفت لـ «العربية.نت» أن 300 عنصر من قوات النخبة في الحرس الثوري بقيادة اللواء قاسم سليماني دخلوا يوم 8 اب (أغسطس) الحالي إلى كردستان العراق على جبهة مخمور، ضمن قوات مشتركة مع وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني العراقي، حيث كانوا يرتدون زي وحدة مكافحة الإرهاب.
في الاثناء، ورغم مواقفها الرسمية المعلنة برفض التحالف مع النظام السوري، خرجت تقارير صحافية تؤكد أن الغرب يستعد للتراجع والتحالف مع الرئيس بشار الأسد ضد الدولة الإسلامية.

التعاون مع سوريا
وكانت تقارير نشرت في كل من لندن وواشنطن على لسان مسؤولين كبار، تقدمهم وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل ورئيس الأركان مارتن ديمبسي ووزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، رفضت أي تحالف مع نظام بشار الأسد، باعتباره عنصراً أساساً في الأزمة الراهنة.
الا ان تقارير صحفيه نقلت عن مصادر لم تفصح عنها التاكيد على ان واشنطن قامت بالفعل بإمداد النظام السوري بمعلومات استخباراتية عن مواقع وجود عدد من قادة «الدولة الإسلامية» عبر استخدام تقنية ألمانية الصنع، وهو ما يفسر استهداف الطائرات السورية والمدفعية الثقيلة أماكن وجود بعض هؤلاء القادة بشكل أكثر دقة خلال الأيام الماضية.
وفي السياق، تقول صحيفة إنديبندانت اللندنية في تقرير لها، إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يتقدمون بشكل مكثف في غرب سوريا، حيث تحوّلوا من التركيز على العراق، بسبب الغارات الأميركية التي توقف تقدمهم، ليركزوا بشكل أكبر على الساحة السورية. وتضيف أنه اذا تمكنت «دولة الخلافة» من السيطرة بشكل جزئي أو كلي على حلب، ستصبح قد سيطرت بشكل كبير على معظم المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة للنظام السوري. وتوضح الصحيفة أن ذلك قد يدفع الولايات المتحدة إلى التعاون مع نظام بشار الأسد، سواء بشكل معلن أو سري، لوقف زحف «الدولة الإسلامية» وتمددها.
ويتحدث التقرير عن المعارك العنيفة التي تشنها «الدولة الإسلامية» على مطار الطبقة العسكري في محافظة الرقة، والذي يعتبر آخر معاقل النظام هناك، وإذا سقط، فسيفتح الطريق أمام مقاتلي «الدولة الإسلامية» للوصول إلى حماه رابع أكبر مدن سوريا.
وتشير الصحيفة أيضاً إلى نجاح «الدولة الإسلامية» في السيطرة على مناطق مهمة عدة في شمال غرب البلاد، لتنجح في قطع طرق إمداد فصائل المعارضة الأخرى عبر الحدود التركية إلى حلب. وتختم «إنديبندانت» تقريرها، موضحة أن الغارات الجوية التي تشنها الطائرات الأميركية ليست الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن يتدخل الغرب من خلالها لعزل «الدولة الإسلامية» وإضعافها، لكن يجب أن يتم حرمانها من تدفق المتطوعين الأجانب إليها، والذي يتم عبر الحدود التركية بشكل رئيس.

مواجهة داعش
الى ذلك، تصاعدت الدعوات الى مواجهة ظاهرة الدولة الاسلامية التي تتوسع باستمرار. وقال تقرير لصحيفة «الغارديان» إن الضغوط تتزايد على الحكومات الغربية لاتخاذ إجراءات أكثر قوة في مواجهة «الدولة الإسلامية»، والتي تحقق مكاسب مستمرة في كل من العراق وسوريا. واشارت الصحيفة إلى أن مقاتلي «الدولة الإسلامية» أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على المطار العسكري في الطبقة، التي تعد آخر معاقل النظام السوري في الرقة. وبالفعل فقد سقط المطار العسكري في الطبقة بايدي الدولة الاسلامية وانسحبت منه القوات النظامية السورية مخلفة وراءها عدد من القتلى.
واضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة تفكر جدياً في توسيع غاراتها الجوية على مواقع «الدولة الإسلامية» في سوريا، لكنها بحاجة إلى وجود قوة على الأرض لتحقيق تقدم سريع واستفادة أكبر من هذه الغارات، وهو ما يدفع واشنطن إلى التفكير أيضاً في دعم فصائل أخرى، ولو بالتدريب، لتعمل كقوات تقاتل بالوكالة عنها داخل الأراضي السورية.
وفي الأخير، تعتبر الغارديان أن هذه الضغوط لم تبلور بعد منظوراً جديداً للتدخل الغربي في مواجهة الدولة الإسلامية، حيث تنقل عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية قوله إن الإدارة الأميركية لم تحدد موقفها حتى الآن من توسيع غاراتها الجوية ضد مواقع «الدولة الإسلامية» في سوريا.
في الاثناء، تتعدد السيناريوهات المفترضة للتعاون والتنسيق بين ايران والولايات المتحدة في هذا المجال. لكنها معظمها لا تغفل مفاوضات الملف النووي كجزء من صفقة شاملة، يمكن من خلالها تقديم تسهيلات في الموضوع النووي، وفي مجال العقوبات، مقابل خدمات مهمة يمكن ان تقدمها طهران على الارض السورية.
وضمن القراءات عينها هناك من يرى ان تلك الصفقة لا يمكن ان تغفل البعد السوري من تفاصيلها، وخصوصاً ما يمكن ان يقوم به النظام السوري من دور في تلك العملية. وبما يرفع الحرج عن البيت الابيض.

ايران تنفي
من جهتها، نفت ايران عزمها على الربط بين مسألة التعاون مع القوى الغربية في الملف النووي والمساعدة في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق.
جاء ذلك في وقت اعربت فرنسا العضو في مجموعة 5+1، التي تتفاوض مع طهران، عن الامل في تحرك كل دول الشرق الاوسط وكذلك ايران، معاً للتصدي للجهاديين الذين استولوا على مناطق كبيرة في العراق وسوريا.
واكدت وزارة الخارجية الايرانية ان المعلومات حول ايران والتعاون مع الولايات المتحدة مقابل رفع العقوبات ليست صحيحة. لكنها اكدت ان مفاوضات بدأت مع بعض الدول الاوروبية لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.
وكانت وكالة الانباء الايرانية نقلت عن وزير الخارجية جواد ظريف قوله في تصريحات للتلفزيون الايراني «اذا قبلنا بالقيام بشيء في العراق على الجانب الاخر في المفاوضات ان يقوم بشيء في المقابل».

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق