سياسة عربية

ليبيا: حرب الميليشيات تلامس قلب العاصمة، وطائرات مجهولة تناصر حفتر

وسط حالة من التصعيد في المواجهات بين الفصائل المتناحرة، دار جدل حول هوية طائرتين نفذتا غارات جوية على اهداف ميليشياوية بالقرب من العاصمة الليبية طرابلس. ففي الوقت الذي تتصارع مجموعة من الميليشيات للسيطرة على مطار طرابلس، وبعض المواقع المهمة في محيطه، وتقوم القوات التابعة للواء المنشق عن الجيش خليفة حفتر بالدخول كطرف قوي ومحاولة حسم المواجهات لصالحه، تدخلت طائرتان ونفذتا عملية قصف جوي لمواقع في المنطقة.

الطريف في هذه القضية ان الجيش الليبي تبرأ من تلك الغارات، واكد انه لا دخل له بها. في حين كلفت الحكومة اجهزتها الاستخبارية لتتبع الخيوط المتاحة والتوصل الى الجهة التي تتبع لها الطائرات.
على مستوى الشارع، هناك قناعة بوجود جهات خارجية تتدخل لصالح حفتر، ولا تستبعد ان يتطور التدخل بشكل اكبر. وفي المقابل اعلنت جهات دولية براءتها من تلك الغارات، وشددت على انها لم تتدخل ولم ترسل اي طائرات لهذا الغرض.
ميدانياً، اشارت تقارير عسكرية، وبيان حكومي، الى قيام طائرتين مجهولتي الهوية قبل فجر الاثنين بقصف  مواقع ميليشيات متناحرة بالاسلحة الثقيلة من اجل السيطرة على المطار الدولي قرب طرابلس.
واعلنت الحكومة الانتقالية التي لا تتمتع بسلطة حقيقية في البلاد انها لا تملك في الوقت الحاضر أية أدلة قاطعة تمكنها من تحديد الجهة التي كانت وراء ذلك، وطلبت الحكومة من رئاسة الأركان وإدارة الاستخبارات العسكرية فتح تحقيق وتقديم ما لديها من معلومات.
وفي الاثناء، اكد العميد صقر الجروشي احد المقربين من اللواء المتقاعد خليفة حفتر ان الطائرت التي شنت الغارات تابعة للواء المنشق.  مضيفاً ان الهدف كان مواقع لميليشيات مصراته.

قتال الميليشيات
وتتقاتل في الموقع عينه، كتائب الزنتان المتحالفة مع «الوطنيين» وتلقى تأييد حفتر، مع كتائب مصراته المتحالفة مع الاسلاميين من اجل السيطرة على جسر يعتبر مفتاح محور الطريق المؤدية الى المطار جنوب طرابلس الذي تسيطر عليها حالياً كتائب الزنتان.
وفي الاثناء، ابدى قسم من سلاح الطيران غير الملتحق بحفتر شكوكاً حيال ذلك مشيراً الى «طائرات اجنبية شنت الغارات وليس ليبية».
وتعزيزاً لهذا الطرح، اكد انه ليس باستطاعة المقاتلات الليبية شن غارات ليلية كما انها تفتقر الى آليات التزود بالوقود جوا اذا كانت آتية من قواعد بعيدة مثل تلك الخاضعة لسيطرة اللواء حفتر.
واكدت الحكومة الليبية انها «قامت بالاتصال بعدد من الدول الصديقة للغرض عينه. وتحمّل الحكومة المؤقتة في بيانها الأطراف المتناحرة والمتقاتلة التي ترفض الانصياع لأوامر الشرعية المسؤولية الكاملة عن تعرض أرواح وأموال وحياة الليبيين للتدمير.
وطالبت الحكومة الأطراف المتناحرة وقف الاقتتال والقبول بالحلول والحوار والانسحاب من العاصمة ومن المدن الليبية الأخرى».
من جهتها، نفت فرنسا الاثنين «شائعات» تحدثت عن غارات ايطالية وفرنسية في ليبيا واعلنت وزارة الخارجية ان «شائعات تحدثت عن غارات جوية في ليبيا قيل ان فرنسا شاركت فيها، لا اساس لها من الصحة، وان اولوية فرنسا هي التوصل الى اتف
اق سياسي من اجل وقف المعارك في طرابلس وبنغازي وفي كل الاماكن الاخرى من ليبيا».
ونفذت اولى الغارات بعد منتصف الليل. وقال احد السكان ان دوي انفجار قوي سمع بدون التمكن من التعرف على الطائرات ولا على مكان الانفجار الذي تلته انفجارات اخرى.
وكان مجلس النواب الليبي (البرلمان)، اعلى سلطة في البلاد، اقر بالاغلبية الاربعاء الماضي قرارين يقضيان بحل جميع الميليشيات المسلحة ويطلب من المجتمع الدولي التدخل الفوري لحماية المدنيين والمؤسسات الليبية، موضحاً انه – أي البرلمان – اقدم على هذه الخطوة «مضطراً» بهدف بسط الامن في البلاد ومنع «تقسيمها» وليس استقواء بالخارج.
في سياق آخر، أطلقت ميليشيا ليبية صواريخ على منطقة راقية في العاصمة طرابلس  لتقترب المعارك بين الميليشيات المتناحرة من قلب العاصمة.

اطلاق صواريخ
وبعد ساعات عدة من الغارة الجوية، قال سكان ان مجهولين اطلقوا صواريخ غراد على حي الاندلس وقرقارش وهما من أرقى احياء طرابلس مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. وقال مسؤول بوزارة الصحة انه ليس لديه معلومات عن اعداد الضحايا.
وتقع البورصة الليبية ومقاه أنيقة ومنافذ بيع لعلامات تجارية أجنبية مثل ماركس آند سبنسر ونايكي في الحيين وكانا يضجان بالحياة حتى وقت قريب.
وتصعد الضربات الجوية صراعاً بين الإسلاميين وقوات أكثر اعتدالاً وكذلك بين ميليشيات من المدن المختلفة تسعى جميعها لنصيب من السلطة والغنائم.
ولا تسيطر الحكومة المركزية على طرابلس ويعمل معظم المسؤولين من مدينة طبرق في أقصى الشرق حيث انعقد البرلمان الجديد هرباً من القتال في شوارع طرابلس وبنغازي أكبر مدينتين في ليبيا.
الى ذلك، أكد ناصر القدوة مبعوث الجامعة العربية الخاص إلى ليبيا أمس أن الوضع الليبي في تدهور مستمر وهناك مخاطر حقيقية بالنسبة الى ليبيا نفسها وبالنسبة الى دول الجوار والمحيط بشكل عام.
جاءت هذه التصريحات عقب لقاء القدوة مع وزير الخارجية المصري سامح شكري في القاهرة. ووصف القدوة لقاءه بالوزير المصري بأنه «تشاوري»، وأضاف أنه تم التباحث في بعض الأمور ومنها كيفية المضي قدماً إلى الأمام، خصوصاً وأن هناك العديد من الاجتماعات الهامة التي ستعقد خلال الأيام المقبلة ومنها اجتماع لدول الجوار حول ليبيا في 25 آب (اغسطس) الجاري في القاهرة واجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الدوري في السابع من أيلول المقبل.
ورداً على سؤال بشأن طلب البرلمان الليبي التدخل الدولي لحل الأزمة الليبية، اعتبر أن تعبير «التدخل» غير مستحب، بينما موضوع تقديم الدعم على المستوى الدولي يمكن أن يكون مفيداً ولكن يجب أن يأتي على أرضية توافق وطني ليبي عام وأن يأتي ضمن فهم واضح حتى لا يتحدث أحد عن غزو أو عن قوة خارجية تفرض أي شيء على الشعب الليبي.

طرابلس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق