سياسة لبنانية

تنحي المالكي يستعجل التقارب السعودي – الايراني ويعزز الانفراجات في لبنان

هل يشكل التفاهم بين الاطراف السياسيين على تمديد ولاية المجلس النيابي بداية للاتفاق على صفقة تسوية شاملة وفق ما تقول اوساط رئاسة الحكومة؟ يكشف نائب في المستقبل ان النقاش يدور الان حول مدة التمديد التي هي قيد البحث لوجود اكثر من اقتراح، بعدما تقدم النائب نقولا فتوش بمشروع معجل يقضي بالتمديد سنتين وسبعة اشهر لاكمال الولاية الثانية، في حين يطالب النائب وليد جنبلاط بان يكون التمديد للربيع المقبل. اما الرئيس سعد الحريري فيتمسك بالتمديد سنة.

يشدد بعض مكونات 8 اذار على ان يكون التمديد لاكمال الولاية الثانية للمجلس. وتعارض القوى المسيحية مبدأ التمديد ويرفض التيار الوطني الحر وحزب القوات والمستقلون مجرد طرح الموضوع، ويطالبون بالانتخابات حتى ولو وفق قانون الستين، اذا لم يتمكن النواب من الاتفاق على قانون جديد بعد انتخاب رئيس الجمهورية الذي يجب ان يكون اولوية لدى المجلس النيابي ولدى النواب. ويخشى الشارع المسيحي ان يعتاد اللبنانيون على الفراغ في الرئاسة، وبالتالي على تهميش الدور المسيحي في الوقت الذي يتعرض فيه المسيحيون في المنطقة الى الاضطهاد من قبل المتطرفين مما يحملهم على الهجرة. وان العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، وهو الرئيس المسيحي الوحيد من المحيط الى المتوسط، ينعكس على اوضاع المسيحيين في لبنان والمنطقة. وهذا ما حّرك دوائر الفاتيكان باتجاه عواصم غربية، منها باريس للمساعدة على انتخاب رئيس للجمهورية.

خريطة طريق
لقد انطوت خريطة الطريق للرئيس سعد الحريري على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. فالخطوة هي المنطلق لمعالجة سائر الاستحقاقات. الا ان الاستحقاق الانتخابي الداهم في 20 ايلول (سبتمبر) بات يحتم استعجال الاتفاق خشية الوقوع في الفراغ الشامل وانهيار المؤسسات، بدءاً من رئاسة الجمهورية الى مؤسسة مجلس النواب الى مؤسسة مجلس الوزراء في حال فشل اجراء الانتخابات النيابية وفشل التمديد للمجلس. فلا يمكن للقوى السياسية ان تؤجل الانتخابات النيابية من دون صفقة اتفاق كما يقول احد الوزراء المطلعين، ويضيف ان محاولات البعض السعي الى الفراغ لتهيئة الاجواء لعقد مؤتمر تأسيسي في لبنان فشلت، لان الخطوة تحتاج الى حل تاريخي والى قرار خارجي والى موقف واضح من عواصم القرار ومن الدول الراعية للملف اللبناني. ان الظروف غير ملائمة وغير مؤمنة حتى ان الذين طالبوا في الماضي بمؤتمر تأسيسي تراجعوا لحل مرحلي بانتخاب رئيس للجمهورية. ويحاول البعض ربط لبنان بالتطورات في المنطقة ويقترح رئيساً لفترة انتقالية مدتها سنتان يعقبها اتفاق على صيغة لبنان النهائية في سياق صيغة الحل الشامل في المنطقة. وقد بدأت اشارات الحل من العراق مع تنحي نوري المالكي لصالح حيدر العبادي، لتأليف حكومة الوحدة الوطنية، مما يسهل التقارب الايراني – السعودي ويحقق الانفراج في العلاقات بين الدولتين. وقد يكون لهذا التقارب نتائجه الايجابية في لبنان لتسريع انتخاب رئيس الجمهورية. وينطلق اصحاب نظرية الحل المرحلي من قناعة ان اتفاق الطائف يحتاج الى تطوير، بعدما تبين وفق هؤلاء ان المشاركة في السلطة منقوصة وبالتالي يفترض العمل على تصويب الطائف لمزيد من مشاركة المكونات السياسية في القرار. لقد تبين وفق نائب شارك في اجتماعات الطائف ان صيغة الطائف تقوم على معادلة «وحدة الارض والمحافظة على حدود الدول وفق اتفاقية سايكس بيكو وعلى تقسيم السلطة وتوزيعها على المكونات السياسية لمزيد من المشاركة في السلطة». ويكشف مسؤول سابق عن تقرير وضعه سفير احدى دول القرار، كان معتمداً في لبنان عام 1989، وفيه «وجوب ابعاد لبنان عن صراعات المنطقة نظراً لحساسية وضعه وتركيبته السياسية، كونه بلد الطوائف والعيش المشترك والوحدة والنموذج لحوار الاديان والحضارات». يومها اتخذ القرار بابقاء لبنان خارج مشاريع التقسيم والحروب في المنطقة، وخارج دائرة مشاريع الفديراليات والكونفيديراليات او نظام الاقاليم، اي تقسيم داخل وحدة الدولة. في حين ان النظام الامثل للبنان وفق التقرير هو في اعتماد اللامركزية الادارية الموسعة وتقسيم لبنان الى 18 منطقة ضمن دولة واحدة، اي وحدة الارض مع حكومة مركزية وسلطة مركزية ووحدة القوى العسكرية والامنية، والعملة الواحدة  وسياسة خارجية واحدة من ضمن سلطة مركزية وقرار مركزي.

البحث عن رئيس
ولان التسوية اللبنانية تقوم على معادلة الطائف يقول دبلوماسي انها ستعتمد لحل ازمات المنطقة ابتداء من العراق وسوريا الى غيرهما من دول الربيع العربي. ولا بد وفق مصدر سياسي من تحصين النظام اللبناني وصيغة الطائف التي يرفض معظم القوى السياسية تعديلها تحت اي عنوان، لان ذلك يؤسس لمشروع حرب جديدة يؤدي الى انهيار الدولة، كما تقول اوساط نيابية في المستقبل، مشددة على تجنب فتح باب اعادة النظر في دستور الطائف، لانها تخشى ان تؤدي الخطوة الى انهيار الدولة بسبب الخلافات القائمة وعدم الاتفاق مسبقاً. وانطلاقاً من المظلة الدولية الواقية للبنان والتي بفضلها نجا من قطوعات كثيرة وكبيرة وتمكن من تجاوز المخاطر والتحديات، يكشف مراقب سياسي عن ضغط باتجاه القوى السياسية في لبنان، لا سيما تلك التي تعطل النصاب، لانتخاب رئيس سريعاً، بعدما اصبح الفراغ الرئاسي يشكل خطراً على كينونة لبنان. وفي رأي شخصية مراقبة ان البحث في الاسماء بدأ من خارج صقور الموارنة، بعدما تبين ان مرحلة ترشح القادة قد استنزفت من دون ان يتمكن اي منهم من الوصول. ويتركز البحث في بعض عواصم القرار على تحديد دور ومهمة ووظيفة الرئيس الجديد، لكي يتم اختيار الشخصية وفق هذه المعايير. ورأت اوساط سياسية في 14 اذار ان مقاربة قيادات 8 اذار من موضوع الاستحقاق تنطوي على ممارسة ضغط على مكونات 14 اذار لايصال المرشح الذي يتبنى سياسة حزب الله ويدعم المقاومة. ويسأل نائب في حزب القوات عن الاسباب الكامنة وراء امتناع 8 اذار عن الاعلان عن مرشحها للانتخابات وعن عدم سلوك السبل الديموقراطية للانتخاب. ولماذا تحاول هذه القوى اخفاء اسم مرشحها، خصوصاً وان حزب الله يلجأ الى التلميح ويقول ان مرشحه معروف وواضح والجميع يعرفه من دون ان يجرؤ احد منهم على اعلانه. ويعزو مصدر سياسي مطلع التلميح الى ان الحزب ومن ورائه ايران لا يريدان انتخاب رئيس للجمهورية كما قالت اوساط سياسية شمالية. لان ايران قد تحتاج الى ملف الاستحقاق لاستخدامه كورقة ضغط في مفاوضاتها النووية مع الدول الست. الا ان التطورات الاخيرة في العراق بعد «انقلاب داعش» بدلت المشهد، وباتت ايران تميل الى انتخاب رئيس، وهذاما عكسته تصرفات بعض قوى 8 اذار من الموضوع مع الحديث عن تسوية وعن مرشح توافقي مقبول من الجميع، من خارج صقور 14 اذار. وفي معلومات عن تسوية شاملة تبدأ بالاتفاق على التمديد لمجلس النواب بشرط اجراء انتخابات نيابية فور انتخاب رئيس جديد، والاتفاق على حكومة جديدة توزيعاً وحصصاً وعلى قانون الانتخاب وعلى سلة تدابير بينها التعيينات لا سيما في المراكز الامنية والعسكرية. وفي التفاصيل ان الاجتماع المرتقب بين الرئيس الحريري والعماد ميشال عون في الرابية بعد عودة الاخير من جدة سيكون مفصلياً وسيدفع بصيغة التسوية – الحل الى الامام فيكون للبنان رئيس جديد قبل 20 ايلول (سبتمبر) في جلسة تبدأ بانتخاب الرئيس. ويستبعد  مسؤول سابق انتخاب رئيس قريباً ويرى ان لا مبادرة خارجية حتى الان وان البحث يدور حول رئيس ينقذ الدولة. ويرى مراقب سياسي ان الانتخابات الرئاسية ستجري في تشرين عشية التوقيع على الاتفاق النووي.

ف. ا. ع
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق