سياسة عربية

محيطون بالمالكي يتمسكون بترشيحه رغم تصدع ائتلافه

الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العراقية الجديد الى نوري المالكي، والتي يرفض من خلالها الاعتراف بانه – اي المالكي – صاحب الفرصة في تشكيل الحكومة العراقية، لم تحسم الازمة السياسية التي تعيشها البلاد، والمتمثلة بتشبث المالكي بجولة رئاسية ثالثة يعتقد انه قادر على تشكيلها. وانه يستطيع من خلالها تسيير الامور لاربع سنوات مقبلة بصيغة تخدم الملف.

مع تسرب معلومات  – غير مؤكدة – عن قرار المالكي سحب رغبته في الترشح امام ضغوطات كثيرة من سياسيين وبرلمانيين عراقيين، ومن ساسة دول كبرى، الا ان آخر المعلومات اشارت الى احتمائه خلف شخصيات تتمسك بترشيحه على اعتبار ان «الشعب العراقي هو من انتخبه» وانه ليس من حق احد ان ينزع تلك «الشرعية» عنه.
وفي الوقت نفسه تشير المعلومات الى ان المالكي يحتمي خلف تلك الفرضيات، ويرى انه ليس من حقه «الهروب» من اختيارات الشعب العراقي.
في الاثناء، دعا رئيس التحالف الشيعي الى ضرورة الاسراع باختيار رئيس للحكومة فيما حذر الحكيم من أن التشبث بالمناصب سيؤدي الى تفتيت العراق.

انسحابات
الى ذلك، أكدت مصادر عراقية مطلعة على حركة الاتصالات السياسية الجارية لتشكيل الحكومة والكتلة الاكبر التي ستتولى ذلك، (الثلاثاء)، انسحاب كتلة بدر  (22 نائباً) بقيادة وزير النقل هادي العامري، وكتلة مستقلون  (33 نائباً)  بقيادة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني من ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، ردًا على اصراره على اعتبار ان ائتلافه هو الكتلة الاكبر، وتمسكه بالحصول على ولاية ثالثة في رئاسة الحكومة.
واكدت كتلة بدر النيابية أنها ستساند أي شخصية سياسية غير المالكي لتشكيل الحكومة، وقال النائب عن الكتلة علي لفتة في تصريح صحافي إن «العراق لا يمثل بشخص معين وأن رئيس الوزراء نوري المالكي أخذ دوره بشكل كبير في الدورتين السابقتين وأن تقويم الفترة التي حكمها السيد المالكي متروكة للشعب العراقي». وأكد أن التحالف الوطني الشيعي هو المكلف بإختيار رئيس الوزراء موضحاً أن كتلته ملتزمة بتوجيهات المرجعية الشيعية بشأن عدم اختيار المتشبثين بالسلطة.
ولكتلتي بدر ومستقلون 55 مقعداً من بين مقاعد ائتلاف المالكي في مجلس النواب من بين 95 مقعداً، فيما لم يحصل حزب الدعوة الاسلامية بزعامته الا على 13 مقعداً في الانتخابات البرلمانية العامة التي شهدتها البلاد في نهاية نيسان (أبريل) الماضي.
وكان المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني دعا الجمعة الماضي الى تشكيل حكومة جديدة خلال 15 يومًا وعدم تشبث المسؤولين بمناصبهم لدى تشكيلها، في إشارة  إلى اصرار المالكي على ولاية ثالثة في رئاستها.
ويرفض اغلب اعضاء التحالف الشيعي والتحالف الكردستاني واتحاد القوى العراقية السني ترشيح المالكي لولاية ثالثة، فيما يبحث التحالف الشيعي تقديم مرشحه لرئاسة الوزراء كونه الكتلة الاكبر في البرلمان العراقي.
يذكر أن الانتخابات الاخيرة اسفرت عن حصول حزب الدعوة الإسلامية على 13 مقعدًا فقط ضمن ائتلاف دولة القانون بعد كتلة المستقلين برئاسة حسين الشهرستاني ولها 33 مقعداً وكتلة بدر ونالت 22 مقعدًا والدعوة تنظيم العراق بقيادة نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي 16 مقعداً.
وفيما قال النائب عن ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي إن رئيس الجمهورية سيكلّف مرشح ائتلافه لرئاسة الحكومة بعد العيد، فقد اكد النائب محمد الطائي عن الائتلاف الوطني الذي يضم خصوم المالكي الشيعة إن 235 نائباً من مجموع 328 نائبًا اعضاء البرلمان يرفضون تولي المالكي رئاسة الحكومة الجديدة.

التحدي المصيري
ومن جانبه، اكد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم أن العراق امام تحدٍ مصيري لايمكن تجاوزه بحلول ترقيعية وخطوات صغيرة وان مستقبل الأمة أقدس من كل المناصب. وشدد الحكيم في خطبة العيد بالقول: عندما يكون مصير الأجيال القادمة على المحك فلا يمكننا التضحية بمصيرها بسبب أخطاء جيل حاضر، وأن الظروف الاستثنائية التي تواجهها العوائل النازحة مسؤولية تاريخية عظيمة امام الله والشعب والتاريخ.
وحذر الحكيم من أن التصلّب بالمواقف لن يؤدي إلا الى مزيد من التفكك والنزاع وأن الأمة ومستقبلها اكبر من كل المسميات وأقدس من كل المناصب وأعلى من كل القامات، مشدداً على أن العراق أمام تحدٍ مصيري لا يمكن تجاوزه بحلول ترقيعية وخطوات صغيرة وبطيئة.
واعرب الحكيم عن تفاؤله بإمكانية تشكيل حكومة تحظى بالمقبولية الوطنية الواسعة وتمثل منطلقاً جديداً للعملية السياسية وضمن المدد الدستورية المقرّة.

وشدد الحكيم على أن العراق سيبقى موحداً صامداً عزيزاً رغم كل الجراح وكل الآهات وكل محطات اليأس والإخفاق والتخاذل.
في الاثناء، وإثر تأكيدات أطلقها سياسيون منافسون عن سحب رئيس الحكومة المنتهية ولايتها نوري المالكي لترشحه لتشكيل الحكومة الجديدة، فقد نفى النائب عن ائتلاف «دولة القانون» عبد السلام المالكي ذلك، مشدداً على أن الائتلاف سيمضي «بتشكيل الحكومة الجديدة وفق الاستحقاقات الدستورية ومصلحة الشعب العراقي» بحسب قوله. وأضاف إن «حديث البعض عن سحب المالكي ترشيحه هو كلام عار من الصحة، فهو ليس قراره الشخصي أو قرار لدولة القانون، بل هو قناعة شعبية صوّتت له ولائتلافه».
وأضاف النائب المالكي في تصريح مكتوب «إن ائتلاف دولة القانون والمالكي لن يخونا الشعب العراقي، ولن يتراجعا عن استحقاقهما ويخيّبا ظنون جمهورهما بهما». وعلى العكس من ذلك «نحن متسلحون بإرادة وثقة كاملة بأننا قادرون على تشكيل حكومة قوية برئاسة نوري المالكي تضم جميع أطياف الشعب العراقي، وتعمل بالتعاون مع الشركاء الوطنيين على إيصال البلد إلى بر النجاة وإخراجه من النفق المظلم، الذي أدخله فيه المتآمرون على العراق وشعبه».
وأوضح أن ائتلافه هو
جزء مهم من التحالف الوطني (الشيعي)، ولم ينسلخ عنه، ويؤمن بوحدته لكونه «صمام الأمان للعملية السياسية»، وعلى باقي أطرافه أن تعمل بالمنظور نفسه بعيداً عن «المزايدات أو الذهاب إلى اتفاقات مع أطراف انكشفت حقيقتها ونواياها المعادية لوحدة العراق» على حد قوله.

خمسة مرشحين
وجدد الدعوة للرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى إعلان ترشيح نوري المالكي لتشكيل الحكومة المقبلة على اعتبار أن دولة القانون هي الكتلة الأكبر برلمانياً. وجاء هذا التصريح ردًا على ما قاله النائب عن كتلة الأحرار الصدرية رياض الساعدي في وقت سابق من أن التحالف الشيعي لديه خمسة مرشحين لمنصب رئاسة الوزراء هم: إبرهيم الجعفري رئيس تيار الإصلاح رئيس التحالف، وحسين الشهرستاني رئيس كتلة مستقلون نائب رئيس الوزراء، وخضير الخزاعي رئيس حزب الدعوة تنظيم العراق نائب رئيس الجمهورية، وأحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي نائب رئيس الوزراء سابقًا، وعادل عبد المهدي القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي نائب رئيس الجمهورية سابقاً. وأكد أن رئيس الحكومة نوري المالكي سحب ترشيحه من هذا المنصب بسبب ضغوطات سياسية، لكنه لم يوضح طبيعتها.
كما نفى القيادي في كتلة الأحرار الصدرية أمير الكناني نية الرئيس فؤاد معصوم تسمية ائتلاف دولة القانون على أنه الكتلة النيابية الأكبر وتكليف مرشحها نوري المالكي لتشكيل الحكومة المقبلة. وأشار في تصريح صحافي إلى إجماع في الائتلاف الوطني، الذي يضم قوى شيعية خارج التحالف الشيعي، بينها المجلس الأعلى والتيار الصدري والمؤتمر الوطني وشخصيات سياسية، على ترشيح أحمد الجلبي لمنصب رئيس الوزراء، وحتى من بعض الأطراف في دولة القانون تدعم هذا الترشيح، فضلاً عن الكرد والقوى السنية وحتى الوضع الخارجي يقبل بهذا الترشيح».
وقال إن «قبول بعض أطراف دولة القانون بترشيح الجلبي يأتي لعدم وجود بديل من مرشحه المالكي بسبب عدم مقبوليته من القوى السياسية، فإما أن يرشحوا بديلاً منه أو أن يقدموا آخر يحظى بمقبولية الجميع». يذكر أن هناك خلافات متصاعدة داخل التحالف الشيعي لاختيار رئيس الوزراء للحكومة المقبلة، ففيما يتمسك دولة القانون برئيسه المالكي مرشحًا لرئاسة الحكومة الجديدة، فإن كتلاً أخرى داخل التحالف ومن خارجه ترفض هذا الترشيح.
وأظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في نيسان (أبريل) الماضي تصدر القوائم الشيعية الثلاث الرئيسة في العراق: دولة القانون بزعامة المالكي وكتلة الأحرار بزعامة الصدر وكتلة المواطن بزعامة الحكيم بواقع 96 و34 و29 مقعداً على التوالي بمجموع 159 مقعداً من أصل عدد مقاعد البرلمان البالغة 328م. كما حصل التحالف الكردستاني بمكوناته الستة على 54 مقعداً وائتلاف متحدون (سني) بقيادة أسامة النجيفي على 23 مقعداً وائتلاف الوطنية (علماني) بزعامة أياد علاوي على 21 مقعداً والعربية (سني) بزعامة صالح المطلك على 9 مقاعد.

بغداد – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق