صحة

هكذا تسيطرون على ارتفاع ضغط الدم…

لو كانت جدتي حيّة تُرزق وسمعت بالخبر لطارت من الفرح… ماذا عنكم؟ ماذا لو سمعتم أن حبات الأدوية التي تلتهمونها يوميا لزوم ضغط الدم قد جُمعت في حبة واحدة فقط لا غير؟ لكن ماذا، في المقابل، لو بُلغتم أن الدواء الذي تبلعونه يومياً لا يكفي لتكونوا في أمان؟
مرضى ضغط الدم؟
خذوا نفساً عميقاً. شهيق زفير. شهيق زفير. تنفسوا أكثر، تنفسوا بعمق، وتابعوا آخر ما توصلت إليه العلاجات الجديدة، في هذا الزمن الصعب، الذي يحتاج الى طاقة استثنائية لتبريد الدم وتخفيف الضغط!

أن يجتمع هذا العدد من الأطباء، الذين التقوا بدعوة من «سانوفي» في مكان واحد، لهو أمر يُثير في ذاته حشرية السؤال: وماذا استدعى التئام كل هذا الشمل؟
قبل أن نغوص في الغايات ونستمع الى الحجج دعونا نسأل: من هم هؤلاء الأطباء المجتمعون؟  هم رئيس قسم أمراض القلب في المركز الطبي الجامعي في مستشفى رزق الدكتور جورج غانم، ورئيس قسم أمراض القلب في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس الدكتور ربيع عازار، ورئيس قسم أمراض القلب في مركز كليمنصو الطبي الدكتور ايلي شماس والبروفسور المشارك في قسم أمراض القلب في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور سمير أرناؤوط، ومدير برنامج أمراض الكلى في مراحلها الأخيرة في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور سمير ملاط. إنهم إذا نخبة. فماذا في جديد تلك النخبة في موضوع محدد هو: إرتفاع ضغط الدم؟

50% في خطر!
أجمع كل الأطباء على أهمية علاج ارتفاع ضغط الدم الذي يُشكل اليوم، في زماننا هذا، السبب الأول لأمراض القلب والأوعية الدموية. معلومة قديمة؟ كلكم على الأرجح بتّم تعرفون أن ضغط الدم قاتل صامت، لكن الجديد في الموضوع هو أن نحو خمسين في المئة من مرضى ارتفاع ضغط الدم المعالجين في لبنان غير متحكمين بوضعهم تماماً مما يؤدي الى زيادة معدل الوفيات بين من يظنون أنهم ينالون كل العلاج اللازم وهم بالتالي في أمان، غير أنهم، في الواقع، في خطر! معلومة طبعاً خطيرة قد تجعل كل من بلع اليوم حبة ضغط يُفكر بنفسه ألف مرة: هل تناولت الحبة السحرية؟ هل أنا في أمان؟ هل حبة الدواء التي أتناولها منذ عام أو عامين أو ربما أكثر تجعلني أتحكم بارتدادات المرض؟
الدكتور ايلي شماس يغوص في الإحصاءات الجديدة ويخرج بإجابة: يجب علاج كل مريض بطريقة مختلفة. ويعطي أمثلة
: إذا كان المريض يتخطى سن الثمانين وكان ضغط دمه 150/90 فلا يكون العلاج ضرورياً له، أما إذا كان دون هذا العمر فيصبح العلاج مطلوباً. ممتاز. لكن السؤال: هل من تفسير الى معلومة أن خمسين في المئة من المرضى الذين يتناولون أدوية ضغط الدم لا يتحكمون بمرضهم؟ فهل السبب يكمن في مكونات الأدوية المستهلكة؟ أم هو خطأ الأطباء في تعاطيهم مع المرضى؟ أم في تدني الوعي؟
يبقى الطبيب في إطار الدراسات الحديثة ليشير الى أن سبعين في المئة تقريباً من مرضى ارتفاع ضغط الدم يأخذون الكثير من الأدوية، وتناول مجموعة أدوية، قد تؤثر على نفسية المرضى، وتجعلهم يترددون في استيعاب أي دواء جديد، وكلنا يعلم أن السيطرة على ضغط الدم المرتفع قد لا يكفيه دواء واحد بل يتطلب في كثير من الأحيان دواءين وأكثر، لهذا يحرص صناع الأدوية الى استحداث تركيبات جديدة من جزيئين في دواء واحد، أي جمع دواءين في حبة واحدة، ما يؤدي الى تخفيض المضاعفات والى سيطرة أكبر وأدق.
مرضى ضغط الدم؟ ماذا يُفترض بكم ابتداء من هذه اللحظة أن تفعلوا؟
أكثروا من الأسئلة، تأكدوا من أن الدواء الذي تتناولونه ملائم لكم، وأن الضغط مستقرّ، وأن القلب يعمل بشكل صحيح. فالقلب يتأثر جداً بالضغط لهذا يفترض أن يأخذ مريض الضغط أكثر من دواء، ولهذا خلصت الأبحاث والدراسات الى صناعة دواء واحد بتركيبتين، واحدة لزوم الضغط وتركيبة ثانية لزوم القلب…
والسؤال: كيف يتأثر القلب بارتفاع ضغط الدم؟
تعرفون على الأرجح ماذا تفعل الأثقال المرفوعة في العضلات؟ ارتفاع ضغط الدم يفعل في عضلة القلب الشيء عينه، فتسمك، وبمجرد أن تسمك هذه العضلة تتأثر ليونة العضل، ما يؤثر على تجويف القلب وهو ما نسميه الأذين الأيسر. فالأذين يتمدد وبمجرد أن يفعل هذا تظهر مشاكل في عضلات القلب وهذا ما نسميه، بحسب الدكتور سمير أرناؤوط، رجفان الأذين. وينتج عن هذا كله تكوين الدم في تجويف القلب وهذا الدم المجمد قد يتحرك في الجسم مع كل ضخة قلب وصولاً الى الدماغ أو قد يذهب الى الأطراف، الى اليدين والقدمين، ويؤثر سلباً.
وفي الإحصاءات أن كل إنسان يعاني من ضغط الدم ومن سماكة عضلة القلب تتراوح إمكانية إصابته بالذبحة القلبية من مرة الى ست مرات. وتتراوح إمكانية إصابته بنشاف في شرايين القلب بين مرتين الى ست مرات. وترتفع أيضاً احتمالات
إصابته بالسكتة الدماغية وبهبوط عمل عضلة القلب. وجرت متابعة بعض الأفراد الذين يعانون من سماكة في القلب فظهر أن احتمال حصول وفاة مفاجئة بين الرجال منهم يصل الى 33 في المئة وبين النساء الى 25 في المئة.
يفترض إذاً أن نخاف دائماً حين نرى عبر الصورة الصوتية سماكة في القلب. فهذه إشارة الى بداية مشاكل في القلب. ويمكن أن نتأكد من مدى السيطرة على ضغط الدم عبر فحص نسبة سماكة عضلة القلب، فكلما زادت تأكدنا أننا غير مسيطرين على الضغط!

ضغط الدم لا يستقر بدواء واحد
طبيب الكلى الدكتور سمير ملاط يضم صوته الى أصوات زملائه معلناً أن معدلات الحوادث القلبية الوعائية ما زالت مرتفعة مما يشكل السبب الرئيسي للوفاة، مشدداً على أهمية تناول أكثر من دواء واحد، أي أن نثق أكثر بمفهوم العلاج المركب من دواءين أو أكثر، وبالتالي باتت التوعية أساسية لنتدارك كل التأثيرات التي قد تنتج عن عدم السيطرة على ضغط الدم. وضغط الدم لا يستقر، نكرر، بدواء واحد بل يحتاج الى أكثر من دواء أو الى أحد الأدوية الحديثة المؤلفة من أكثر من تركيبة دوائية في عقار واحد.
في كل يوم جديد وفي كل جديد إفادة! فأمس، أمس بالذات، كنا نظن أن دواء واحداً يكفي لترويض ضغط الدم وها نحن نسمع من خيرة الأطباء أن السيطرة على المرض يحتاج الى أكثر من تركيبة.
ماذا في إحصاءات الدكتور ربيع عازار؟
يتحدث الطبيب عن أكثر من مليار شخص في العالم مصابين بارتفاع في ضغط الدم، وبالتالي قد يخال البعض أن أمراض العصر هي السارس والسيدا، أما الضغط فهو مجرد عارض ترويضه سهل وهذه قمة الجهالة! لماذا؟ لأن ارتفاع ضغط الدم هو السبب الأول للوفيات في العالم. وهذه المعلومة دفعتنا، يضيف عازار، الى إجراء دراسة ميدانية بينت أن 33 في المئة من اللبنانيين يعانون من ارتفاع في ضغط الدم، و30 في المئة لديهم الإستعداد للإصابة، يعني أكثر من ثلث اللبنانيين يعانون من هذا المرض الصامت. ونصف هؤلاء لا يعرفون أنهم مصابون بارتفاع ضغط الدم! وفي الإحصاءات أن من كل أربعة أشخاص يعرفون ويأخذون العلاج هناك اثنان فقط لا غير نجحوا في السيطرة على المرض في حين أن الإثنين الآخرين يظنون أنهم نجحوا في ذلك!
36 في المئة من اللبنانيين يعانون من ارتفاع ضغط الدم لكن الجهالة تستمر مستحكمة سواء لجهة المعرفة أو السيطرة! والحل؟ يجيب الدكتور جورج غانم: لا حلّ إلا بالتوعية والمعرفة ويشرح: أي دواء قادر على السيطرة على المرض والتخفيف من سماكة القلب في آن هو الحلّ من أجل حياة أطول ومشاكل أقل.
وماذا بعد؟
أتركوا قلوبكم تدق للحب واسمحوا بارتفاع الضغط هياماً بالحياة وما عدا هذا فليكن قراركم منذ هذه اللحظة: فحص الضغط أولاً لأنه مرض، كما تعلمون، صامت، والسيطرة عليه بذكاء إذا كنتم مصابين به لئلا تكونوا، في المستقبل القريب، من ضحاياه. أضغطوا على أنفسكم، أضغطوا بعد، وأقسموا على حماية صحتكم من براثن كل أنواع المرض وتذكروا دائماً أن الوقاية ثلثا الحياة الجميلة وأن ارتفاع ضغط الدم هو المسبب الأول للموت في هذا العالم الذي تجري في بعض حناياه الدماء سيولاً…

نوال نصر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق