سياسة لبنانية

عون الى انتخابات نيابية مبكرة و14 اذار الى انتخاب رئيس توافقي

يقول ديبلوماسي غربي في مجلس خاص ان ظروف لبننة الاستحقاق الرئاسي لا تزال قائمة، ولا تزال امام اللبنانيين الفرصة لانجاز هذا الاستحقاق من دون تدخل خارجي. ويحّمل الديبلوماسي القيادات اللبنانية، لا سيما المسيحية منها، مسؤولية عدم انجاز الاستحقاق وعدم الاتفاق على مرشح يقبل به الاخرون. ويشدد في تحديد مسؤولية الفراغ في سدة الرئاسة،على دور القادة الاربعة الذين فشلوا في الاتفاق ولم يتمكنوا من تأمين النصاب لانتخاب احدهم، وحالوا دون الاتفاق على البديل وعلى مرشح توافقي او مرشحين يخوضان الانتخابات، ومن ينل الاكثرية المطلقة يفز في الانتخابات، من دون ان يكون هناك اتفاق مسبق كما يطالب العونيون وحزب الله، لان شرط الاتفاق المسبق للمشاركة في جلسات الانتخاب، امر مخالف لنصوص  الدستور.

على رغم امتعاض البطريرك الماروني الكاردينال بشاره بطرس الراعي من مواقف بعض القادة الموارنة وتنصلهم من اتفاق بكركي، تكشف اوساط سياسية قريبة من الصرح ان البطريرك وبعد ان ينتهي من ترؤس الخلوة السنوية للمطارنة الموارنة يوم الخميس المقبل، سيبادر الى اتخاذ خطوات من شأنها استعجال الانتخابات الرئاسية، استناداً الى نصائح غربية وتمن فاتيكاني بان ينجز اللبنانيون الاستحقاق من دون اي تدخل خارجي. لذلك يمتنع الفاتيكان عن استقبال اي مسؤول لبناني او مرشح لحرص دوائر الفاتيكان على تأكيد الحياد في هذا الاستحقاق، وهو الموقف الذي  نقله السفير البابوي في لبنان غبريال كاتشيا الى اكثر من مسؤول وقيادي لبناني، والى القادة الاربعة. كما ان عدداً من العواصم الغربية امتنعت عن استقبال مرشحين او موفدين عنهم.

اتصال عون – الراعي
وكشف سفير لبناني عن موقف غربي تم ابلاغه الى احد الوزراء المقربين من الرابية يعكس وجهة نظر الغرب التي تدعو القادة الاربعة الى التخلي عن ترشحهم لمرشح توافقي او مرشحين حياديين، ليسوا من 8 ولا من 14 اذار، لانه لا يجوز ان يبقى الفراغ مستمراً في الرئاسة بسبب التعنت والتمسك بالمواقف. واستباقاً للمبادرة التي قد يقدم عليها البطريرك اجرى العماد ميشال عون اتصالا به هو الاول بينهما منذ انتقد الراعي «من تنكر لاتفاق بكركي» غامزاً من قناة عون. ويقول نائب عوني ان الاتصال كسر الجليد وربما اتبعه عون بزيارة للصرح قريباً، كاشفاً عن ان عون لن يقبل بلقاء ثنائي مع الدكتور سمير جعجع لان توقيته جاء متأخراً، كما يعتبر الاجتماعات في بكركي من دون جدوى.
وتراهن اوساط عونية على التواصل القائم بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل عبر الوزير جبران باسيل ونادر الحريري، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري ،والنائب السابق غطاس خوري والوزير نهاد المشنوق الذي زار الرابية يوم الاثنين لدحض الشائعات التي روجها المتضررون عن ان التواصل بين الرابية وبيت الوسط،  توقف وربما انقطع. واكد المشنوق على استمرار هذا التواصل، وتوقعت اوساط مراقبة ان يتم لقاء بين موفد عوني والرئيس الحريري عند انتقال الاخير الى باريس. كما يأتي الاجتماع بين الحريري والنائب وليد جنبلاط في باريس في نهاية الاسبوع لجلاء الصورة، بعدما ارتاب الاخير من التقارب العوني – الحريري. ويحاول جنبلاط الوقوف على خلفيات هذا الانفتاح بعد كلام كثير قيل في بيروت حول هذا الموضوع من ان هناك بداية تحالف سياسي انتخابي بين التيارين. وكان جنبلاط  حاذر الاجتماع مع الحريري اثناء وجوده في باريس منذ اكثر من شهر رغم الاتفاق على الاجتماع، لتزامن زيارة جنبلاط مع وجود الرئيس فؤاد السنيورة والدكتور سمير جعجع، اضافة الى وزير الخارجية السعودي الذي اجتمع معه جنبلاط وعاد الى بيروت، لئلا يعطى لقاؤه الحريري تفسيرات في غير محلها، واتهامه من قبل اطراف سياسية لبنانية بعقد صفقة باريسية تستهدف الحزب. وتؤكد اوساط بيت الوسط ان موقف الحريري من الانتخابات بات واضحاً وانه مع ما يتفق عليه اللبنانيون لا سيما المسيحيين، وليس عنده فيتو على احد غير انه ليس هو من يعلن رفض ترشح عون كما يريد بعض حلفاء الاخير، وانه يترك الامر اليهم وان لدى قوى 14 اذار مرشحاً هو الدكتور سمير جعجع.

مبادرة جعجع
وفي خطوة لافتة كانت مدار تقدير من قبل الديبلوماسيين، اعلن جعجع عن اقتراح حل يقوم على نزول الجميع الى المجلس والانتخاب، ومن ينل الاكثرية المطلقة يفز من دون اتفاق مسبق، واذا رفضوا فنتفق 14و8 اذار على مرشحين يخوضان الانتخابات ومن ينل الاكثرية يفز، واذا رفضوا فعليهم ان يقدموا اقتراحاً عملياً، وابدى جعجع استعداداً للتخلي عن الترشح لمن يتبنى مشروعه. الا ان اوساط الرابية تشير في هذه الايام الى تواصل بين الرابية ومعراب، وتتحدث عن تقدم ربما انتهى الى تبني ترشيح عون، ثم يأتي تأييد الحريري. وترى اوساط في 14 اذار ان الهدف من ترويج الاخبار عن تواصل بين الرابية ومعراب هو حث الحريري على اعلان تأييده لعون، بحجة ان التواصل قائم مع جعجع. الا ان اوساط معراب تنفي هذه التسريبات وتشير الى انه على الاربعة ان يتخلوا لمرشح توافقي واحد او اكثر، وهذا ما يشجع عليه الديبلوماسيون، وقد ابلغوا القادة الاربعة بطرق مختلفة صعوبة وصولهم وضرورة انسحابهم لمرشحين توافقيين لان لبنان لا يحكم بفئة ولا يمكن وجود مرشح تحد او مرشح استفزاز، وليس من 8 او14 اذار. ويعتبر احد سياسيي 14 اذار ان تأييد الرئيس بشار الاسد ترشيح عون اساء اليه والى الصورة التوافقية التي يحاول عون ان يضع ترشحه تحتها.
وامام استمرار عدم ظهور بوادر انفراج في الافق يعتزم عون وفي خطوة قد تحرج الجميع وتربك قوى 14 اذار، اعلان مبادرة يدعو فيها الى الاتفاق على قانون جديد للانتخاب، معتبراً المشروع الارثوذكسي هو الاصلح للتوازن السياسي، في محاولة منه لضرب اكثر من عصفور في حجر واحد، والدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة تفرز اكثرية جديدة وتنهي الاصطفاف القائم مع قيام اكثرية راجحة ووازنة يتم بعدها انتخاب الرئيس الجديد. الا ان اوساط 14 اذار تعارض المبادرة وتدعو الى انتخابات رئاسية الان، والاتفاق على مرشح توافقي يرضى به الجميع، وانسحاب صقور الموارنة من الحلبة بعدما عطل ترشحهم الانتخابات. كما سيدعو عون الى استفتاء على مرحلتين حول المرشح للرئاسة، الاولى في الشارع المسيحي، والثانية على مستوى الوطن على ان يتم اختيار من ينال الاكثرية. الا ان اوساطاً سياسية في 14 اذار تعارض الاقتراحين وترى فيهما محاولة لملء الفراغ في الوقت الضائع، وخطوة من ضمن مخطط الفراغ الذي يسعى اليه البعض، بعدما تبين ان هناك اطرافاً سياسيين يربطون بين الشغور في سدة الرئاسة وشل مؤسستي مجلسي النواب والوزراء لان الفراغ في سدة الرئاسة يضرب الميثاقية، ومع غياب الميثاقية في رئاسة البلاد، تغيب الميثاقية عن سائر المؤسسات، على اعتبار ان اول عمل يفترض بالنواب القيام به هو انتخاب رئيس البلاد، وفق ما ورد في الدستور.

استعجال
الموقف الذي عبر عنه جلياً البطريرك الراعي ازعج الرئيس نبيه بري الذي امتنع عن تحديد موعد للمؤسسات المارونية لزيارته، فاوفد الراعي رسولاً الى بري ليشرح موقفه مؤكداً حرصه على عمل المؤسسات وعلى ضرورة تطبيق الدستورلجهة منع الفراغ في سدة الرئاسة، وحمّل بري الرسول رسالة تؤكد حرصه على الموقع الاول في البلاد، غامزاً من قناة من يعطل نصاب جلسات انتخاب الرئيس وجلسات التشريع. وفي معلومات بعض الديبلوماسيين الغربيين ان التطورات التي طرأت مؤخراً في العراق والمحطات الاساسية الاقليمية والدولية ربما استعجلت الخطوات لانتخاب رئيس منتصف الشهر المقبل، والا فان احتمالات التمديد لمجلس النواب قد تصبح حتمية، رغم نفي بري في اخر جلسة لهيئة الحوار في بعبدا. ولئلا يعم الفراغ المؤسسات فقد تشهد الساحة اللبنانية حراكاً ديبلوماسياً وموفدين لمساعدة اللبنانيين على انجاز الاستحقاق قريباً، لان التأخر ربما دفع البلاد الى المجهول في ظل الاوضاع المتفجرة وغير المستقرة في المنطقة، وسط الصراع المذهبي الحاد والخوف من الفتنة التي تفرض على اللبنانيين، ولا سيما القيادات، ان يعملوا على تحصين الساحة.

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق