رئيسي

مباحثات «مقتضبة» بين واشنطن وطهران حول العراق

تباحثت الولايات المتحدة مع ايران «باقتضاب» في الازمة التي يشهدها العراق، وذلك على هامش المفاوضات النووية التي استضافتها فيينا امس الاثنين محذرة من ان حل مشاكل هذا البلد ليس بايدي اي دولة من الخارج.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف الموجودة في العاصمة النمساوية لشبكة «سي ان ان» التلفزيونية الاميركية «جرت مباحثات مقتضبة في مجموعة 5+1 اليوم حول العراق، مباحثات جد مقتضبة».
واضافت ان «المستقبل سيحدد ما اذا كنا نريد ان نستمر في الحديث مع ايران بشأن العراق».
وكان مسؤول اميركي قال قبيل تصريح هارف، في رسالة عبر البريد الالكتروني ارسلها من العاصمة النمساوية حيث يشارك في المفاوضات، ان «الموضوع تم فعلاً بحثه باقتضاب مع ايران على هامش محادثات مجموعة 5+1 في فيينا اليوم، بشكل منفصل عن اجتماعنا الثلاثي الاطراف» الذي ضم الاتحاد الاوروبي.
وذكرت هارف بأن الولايات المتحدة وايران لديهما «مصلحة مشتركة» ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) الذي سيطر مقاتلوه الاسبوع الماضي على انحاء واسعة من شمال غرب العراق وباتوا على اعتاب العاصمة بغداد.
لكنها شددت على انه «لا دولة خارجية يمكنها ان تحل مشاكل العراق. نحن بحاجة لتدخل قادة سياسيين عراقيين من مختلف الاتجاهات».

275 جندياً اميركياً في بغداد لحماية السفارة
وفي هذا الوقت، أعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما ان 275 جندياً اميركياً هم الان بصدد الانتشار في العراق لحماية سفارة الولايات المتحدة في بغداد والمواطنين الاميركيين الموجودين فيها.
وكانت الخارجية اعلنت عن ارسال هذه التعزيزات الامنية الاحد، ولكنها لم تحدد حجمها. كما اعلنت عن تدابير احترازية اخرى تشمل نقل بعض من طاقم السفارة في بغداد الى اماكن اخرى داخل العراق وخارجه، وذلك بسبب «حالة انعدام الاستقرار والعنف في بعض انحاء العراق».
وقال اوباما في رسالة الى قادة الكونغرس «بدأ نحو 275 جندياً الانتشار في العراق لتعزيز امن الموظفين الاميركيين وسفارة الولايات المتحدة في بغداد».
واضاف ان «هذه القوة تم نشرها لحماية المواطنين الاميركيين والمباني الاميركية، اذا لزم الامر، وهي مجهزة للقتال»، مشيراً الى ان هذه القوة ستبقى في العراق «الى ان ينتفي مبرر وجودها على الصعيد الامني».
الى ذلك، قال مسؤول اميركي اخر لوكالة فرانس برس انه من المستبعد ان تجري محادثات اخرى في فيينا بين واشنطن وطهران حول الازمة التي يشهدها العراق.
واضاف «نحن منفتحون على ان يكون هناك التزام مع الايرانيين، تماماً كما مع اطراف اقليميين آخرين، في ما يتعلق بالتهديد الذي يشكله على العراق تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)».
وقال المسؤول في الخارجية الاميركية في بيان ان اي محادثات اضافية حول العراق «لن تشمل التنسيق العسكري او استراتيجية حول مستقبل العراق».
واضاف «سنبحث كيف ان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام يهدد دولاً عدة في المنطقة بينها ايران وضرورة دعم استراتيجية تشمل كل الاطراف في العراق والامتناع عن اعتماد برنامج طائفي».
ومنذ صباح الاثنين والخارجية الاميركية تؤكد استعداد واشنطن لبحث الملف العراقي في شكل مباشر مع طهران لكن مع استبعادها في الوقت نفسه التعاون العسكري في هذا الاطار.

واشنطن… لضربات بطائرات دون طيار
وفيما  دخل الهجوم الذي تشنه مجموعات مسلحة في العراق اسبوعه الاول الاثنين وسط معارك ضارية مع القوات الحكومية للسيطرة على قضاء استراتيجي شمالي، اعلنت واشنطن انها تبحث توجيه ضربات بطائرات من دون طيار لوقف زحف المسلحين.
ومنذ مساء الاحد تدور اشتباكات بين المسلحين الذين ينتمون الى تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» الجهادي المتطرف وتنظيمات اخرى من جهة، والقوات العراقية من جهة ثانية، في قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) وسط نزوح الاف العائلات.
وقال عبد العال عباس قائممقام تلعفر، اكبر اقضية العراق والقريب من الحدود مع سوريا وتركيا، في تصريح لوكالة فرانس برس اليوم «هناك 200 الف نازح والاشتباكات مستمرة داخل تلعفر (…) لدينا شهداء وجرحى وفوضى ونزوح».
من جهته ذكر مصدر مسؤول رفيع المستوى في محافظة نينوى حيث يقع القضاء والتي خرجت معظم مناطقها عن سيطرة الدولة منذ اسبوع، ان المسلحين تمكنوا بعد هجوم شنوه في ساعة متاخرة من الليل من السيطرة اليوم على بعض احياء القضاء.
واضاف ان «قضاء تلعفر يشهد حالياً سيطرة المسلحين على ابنية حكومية (…) ما عدا الاحياء الشمالية التي لا تزال تشهد اشتباكات».
من جهته قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن ان «الجيش صد هجوماً على المدينة، وارسلنا تعزيزات الى المدينة وقد كبدنا العدو خسائر جسيمة، ولم يستطيعوا السيطرة على شبر واحد منها».
وكانت القوات الحكومية نجحت صباح السبت في صد هجوم اولي للمسلحين قبل ان يتمكن هؤلاء من دخوله مع شنهم الهجوم الثاني الذي بدا قبيل منتصف الليل.
ورغم ان المسلحين يسيطرون منذ اسبوع على مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد) مركز محافظة نينوى، وعلى معظم مناطق هذه المحافظة التي تملك حدوداً تمتد لنحو 300 كلم مع سوريا، الا انهم لم يبدأوا مهاجمة تلعفر سوى الاحد.
ويقع تلعفر وهو اكبر اقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، ويبلغ عدد سكانه نحو 425 الف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة.
وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري قد اعلن انه منفتح ازاء تعاون محتمل بين واشنطن وطهران حول العراق وحذر من ان توجيه ضربات من طائرات بدون طيار قد يكون احد الخيارات لوقف تقدم الجهاديين.
وقال كيري رداً على سؤال من «ياهو نيوز» حول احتمال تعاون الولايات المتحدة عسكريا مع ايران «لا استبعد اي شيء يمكن ان يكون بناء».
واضاف ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يدرس «كل الخيارات المطروحة بامعان» بما يشمل استخدام الطائرات بدون طيار، مشيراً الى ان الولايات المتحدة التي انسحبت عسكرياً من العراق في نهاية 2011 «متمسكة جداً بوحدة» اراضي البلاد.
لكن المتحدث باسم البنتاغون الاميرال جون كيربي اعلن لاحقاً ان واشنطن لا تنوي اجراء مشاورات مع ايران قبل القيام بعمل عسكري محتمل في العراق.
من جانبها، دعت الخارجية الاميركية الاثنين ايران الى عدم التعامل «باسلوب طائفي» مع الازمة العراقية في محاولة لحل هذه الازمة بين المتطرفين السنة والحكومة العراقية الشيعية.
واذ كررت استعداد واشنطن لبحث الملف العراقي في شكل مباشر مع طهران، استبعدت على غرار البنتاغون اي تعاون عسكري في هذا الاطار.
وايران والولايات المتحدة حليفتان لنظام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، لكن لا توجد بينهما علاقات دبلوماسية منذ 34 سنة.
وكانت ايران اعربت عن استعدادها لتوفير مساعدة عسكرية من اجل التصدي لهجوم الجهاديين في العراق، من دون ان تستبعد التعاون مع الولايات المتحدة، لكنها في الوقت الراهن ترفض التدخل في المعارك، بينما ذكرت واشنطن انها تدرس خيارات مساعدة العراق، معلنة عن ارسال حاملة طائرات الى الخليج.
في نيويورك، اعلنت الامم المتحدة الاثنين ان قسما من طاقمها في بغداد غادر العاصمة العراقية «كاجراء وقائي» وسينتقل الى مناطق اخرى في العراق.
ودانت مفوضة الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي من جنيف عمليات الاعدام الوحشية لمئات من الجنود العراقيين غير المقاتلين وللمدنيين.
ويعقد وزراء خارجية دول الجامعة العربية اجتماعاً الاربعاء والخميس في جدة لمناقشة «الخطوات المطلوب اتخاذها» في مواجهة «الاوضاع الخطيرة» في العراق، على ما اعلنت المنظمة في بيان.
وفي اول رد فعل رسمي سعودي على ما يجري في العراق، اكدت الرياض اليوم ضرورة «تجنب السياسات القائمة على التأجيج المذهبي والطائفية التي مورست في العراق»، وشددت على «رفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية» في اشارة الى التدخل الايراني او الاميركي المحتمل.
ودعت الى اتخاذ الإجراءات التي «تكفل المشاركة الحقيقية لجميع مكونات الشعب (…) والمساواة بينها في تولي السلطات والمسؤوليات في تسيير شؤون الدولة وإجراء الإصلاحات السياسية والدستورية اللازمة» كحل وحيد للخروج من الازمة.
يشار الى ان العلاقات سيئة بين المملكة ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي وصل الى السلطة العام 2006 وقد رفضت استقباله مرارا متهمة اياه بتهميش العرب السنة

(أ ف ب)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق