أبرز الأخبارسياسة عربية

احداث العراق هل تحرك نار الفتنة في لبنان؟

هل يترك ما جرى في العراق تداعياته على الساحة اللبنانية ويؤجج الصراع المذهبي ويشعل نار الفتنة السنية – الشيعية، بعدما نجح اللبنانيون باخمادها في المهد ووأدها، من دون ان يسمحوا لها بالاشتعال والقضاء على الاخضر واليابس؟ وهل ان تسارع التطورات المفاجئة في العراق يستعجل الخطوات محلياً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ام تترك هذه التطورات ارتدادات سلبية، فيبقى الفراغ الرئاسي يراوح مكانه، بانتظارنضوج الطبخة الرئاسية خارجياً؟

يقول احد المحللين السياسيين ان التطورات الاخيرة في العراق هي انتفاضة سنية على السلطة الشيعية بقيادة نوري المالكي رئيس الحكومة الطامح الى ولاية ثالثة بعد الانتخابات النيابية الاخيرة. ويضيف ان المالكي لم يحسن الاداء والتصرف ولم يسهم في تعزيز الوحدة الوطنية داخل السلطة التي كان يفترض ان تشارك فيها جميع المكونات السياسية للشعب العراقي، في صيغة وحدة وطنية وتعاون وتنسيق لادارة البلاد، من دون تحيز او تمييز او استنسابية. وتحّمل اوساط سياسية في 14 اذار مسؤولية ما جرى في العراق الى  الامين العام لحزب الله حسن نصرالله، مشيرة الى ان الاخير «اعطى بتورطه في الحرب في سوريا النموذج عن حرب عابرة للحدود الوطنية، بعدما حول الحرب السورية من مواجهة بين النظام والمعارضة، اي بين مواطنين معترضين على سوء اداء السلطة،الى حرب سنية اقليمية ضد شيعية اقليمية، بدليل مشاركة مقاتلين شيعة من افغانستان والعراق وايران ولبنان، وغيرها من الدول، الى جانب النظام ضد المعارضة، بعد اتهام مقاتليها بانهم ارهابيون».

تقويم التداعيات
ووصف الرئيس سعد الحريري يومها تورط حزب الله في الحرب في سوريا بـ «الجنون» داعياً الحزب الى اعادة النظر في قراره وتقويم التداعيات التي قد تكون لهذا التورط على لبنان والمنطقة، والانسحاب من سوريا. ويوضح بعثي سابق ملم بالسياسة العراقية وعليم بالتركيبة السياسية وبالتحالفات القائمة، ان «داعش» ليست سوى الواجهة للانتفاضة السنية الاقليمية التي قامت بسبب القهر. وداعش هو التنظيم الذي يقف وراءه السنة الذين قاموا بانقلاب على السلطة في العراق، في محاولة لتغيير المعادلة ووقف تهميشهم داخل هذه السلطة، والمطالبة باعادة التوازن من خلال حكومة وحدة وطنية، وابعاد من يتحمل مسؤولية هذه الانتفاضة اي المالكي عن السلطة.
فقد سيطر السنة من عشائر وقبائل وعلماء وانصار الرئيس السابق صدام حسين من بعثيين وعسكريين وانصار نائب الرئيس عزة ابرهيم الدوري الذي يدير الانتفاضة على مناطق سنية، وباتوا على ابواب بغداد  وفق ما تقول اوساط احد البعثيين السابقين، ويضيف ان بعد الانتفاضة ليس كما قبلها، وان طروحات الحلول للازمة لم تعد كما كانت قبل الانتفاضة. وان الحل لم يعد بيد ايران بل بيد المكونات السياسية، لا سيما المكون السني الذي له حضوره وخصوصيته.
لقد حصلت الانتفاضة عشية المفاوضات الثنائية الايرانية – الغربية بين اعضاء ممثلي الدول الست وايران بشأن النووي لحسم الخلاف التقني القائم، والاتفاق على الصيغة النهائية بشأن النووي في مرحلة الاشهرالستة، وهي المرحلة الاولى بعدما رفض الاعضاء الدوليون تمديد المهلة ستة اشهر جديدة لتسوية الخلافات التقنية، وصولاً للاتفاق كما اشارت اوساط ديبلوماسية غربية. واعتبر الغرب الانتفاضة رداً على الانتخابات السورية، واعتراضا على سيطرة ايران على الورقة العراقية والسورية واللبنانية عبر حزب الله عشية المفاوضات مع الغرب، واستباقاً للمفاوضات مع السعودية، وقد اعترض الخليجيون على التمدد الايراني في المنطقة ورفضوا مفاوضة ايران من خلال سيطرتها السياسية والامنية في بعض المناطق، وكانت قد تخلت عن ملفي البحرين واليمن في خطوة حسن نية استعداداً للتفاوض مع السعودية، الامر الذي رفضته عواصم خليجية، وخصوصاً الرياض، مطالبة باعادة التوازن وتخلي ايران عن تغلغلها في المنطقة والعودة الى حيث كانت، لتبدأ المفاوضات، فبقاء الهيمنة الايرانية في العراق وسوريا ولبنان، لا يساعد في استعجال المفاوضات، ولا يحسن شروط التفاوض، ولا يمنح ايران دوراً ريادياً في المنطقة كما تسعى اليه، وفق ما يقول ديبلوماسي عربي، يطالب ايران باتخاذ خطوات استباقية تظهر حسن النية قبل اي تفاوض. وان اي لقاء سعودي – ايراني مرتبط باعادة التوازن الى المنطقة.

تدابير امنية فعالة
وعلى الصعيد اللبناني يستبعد وزير في حكومة تمام سلام ان تكون للتطورات في العراق اية تداعيات على الساحة اللبنانية، لا سيما امنية، مشيراً الى اجراءات وتدابير اتخذتها الاجهزة العسكرية والامنية لضبط الوضع ومنع قيام اطراف باستغلال هذه التطورات، بعد اجراءات في مناطق يمكن ان تكون فيها خلايا نائمة. واكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «انه لن يترك مكاناً عنوانه الارهاب الا وسيمد يده اليه، يد الدولة، يد العدالة والمنطق، وحماية المواطنين». ويتوقف احد المراقبين السياسيين امام ردة فعل ايران على ما جرى في بغداد لانها هي المستهدفة قبل غيرها، فهل تذهب الى التفاوض من خلال الاتيان برئيس غير المالكي وقيام تعاون سليم وصحيح واشراك جميع المكونات السياسية في السلطة لادارة البلاد، ام ان طهران ستواجه لانها لن تسمح بان تخسر ورقة العراق لان خسارتها العراق ستؤدي الى خسارة الورقة السورية ايضاً، والى اضعاف حزب الله في لبنان؟
لذلك تشير اوساط ديبلوماسية الى وجود كبار قادة الحرس الثوري الايراني في العراق، اضافة الى اشارة اوساط في 14 اذار الى ان الحزب جهّز عدداً من المقاتلين استعداداً لارسالهم الى العراق اذا طلبت منه ايران ذلك تحت عنوان جهادي ديني بعدما اعلنت «داعش» عن استهداف اماكن دينية شيعية مقدسة. الا ان اوساطاً سياسية تشير الى ان الحزب لن يغامر في العراق بعد تجربته في سوريا وبعد الانتفاضة السنية والاستنفار السني. وان حزب الله وفق ما قال الامين العام حسن نصرالله في اطلالته الاخيرة «يجب التعاطي مع هذه المرحلة الحساسة والدقيقة بهدوء بدون توتر اعصاب، ونحافظ على السلم الاهلي والاستقرار الداخلي. هناك فرصة لانتخاب رئيس قوي وقادر على حفظ الاستقرار والسلام في لبنان. كما رأى نائب الامين العام للحزب نعيم قاسم ان الحل في الاستحقاق الرئاسي هو التوافق، فاذا تم نذهب الى انتخاب رئيس جديد قادر على صياغة تفاهمات مع الاطراف المختلفة.
واكد مصدر وزاري ان الوضع الامني في لبنان ممسوك ومضبوط وتحت السيطرة بفضل جهود الاجهزة الامنية والتدابير التي يتخذها. ويقول مسؤول امني ان الاجهزة مستنفرة بعد التطورات في العراق وتقوم بمداهمات بحثاً عن مطلوبين وعن عناصر تنتمي الى منظمات ارهابية تخشى ان تتحرك في الوقت الحاضر. ويكشف قيادي في تيار المستقبل ان التعليمات مشددة وصارمة لمواجهة اي حالة تحرك على الارض في اية منطقة، فالبيئة السنية في تيار المستقبل ليست بيئة حاضنة لحالات اصولية اوارهابية بل تعمل على التصدي لها كما فعلت دائماً. وتدعو جهات ديبلوماسية القيادات السياسية الى تحمل مسؤولياتها في انجاز الاستحقاق الرئاسي في اقرب وقت، من اجل تحصين الساحة في وجه تداعيات التطورات في المنطقة.

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق