أبرز الأخبار

العراق: مجازر في الموصل، واحكام عرفية وشيكة في ديالي

«الانبار» هي «مفتاح الحل»، تلك هي القناعة التي ترسخت لدى اطراف المعادلة السياسية في العراق. فعلى الرغم من كل التقاطعات التي تشهدها الساحة، والتعقيدات التي تؤثر على المشهد بكل تفاصيله، بدا واضحاً ان معطيات جديدة بدأت تفرض نفسها على الساحة، اما طمعاً بتحقيق مكاسب سياسية لها علاقة بالانتخابات التشريعية والتحالفات الخاصة بالتشكيل الحكومي، او انها محاولة للخروج من عنق الزجاجة.

في هذا السياق، بدأت فعاليات سياسية بالتعاطي مع فكرة عقد مؤتمر مصالحة لمختلف القوى السياسية المتقاطعة على الساحة يكون مقره الانبار.
ودعا نوري المالكي الذي ما زال يواصل السعي لعقد تحالفات تمكنه من تشكيل الحكومة الجديدة،  الى إشراك معارضين عراقيين في مؤتمر المصالحة الوطنية في الانبار. كما دعا الى ارسال وفود الى عواصم يقيمون فيها لحثهم على المشاركة فيه وعقده في 20 من الشهر الحالي.
جاء ذلك خلال مشاركة المالكي في الاجتماع الاول للجنة التحضيرية لمؤتمر الوحدة الوطنية لمحافظة الأنبار، حيث اكد أن الأنبار هي مفتاح الحل، ومنها يمكن التحرك لتوطيد الوحدة الوطنية وتعزيز الأخوة بين العراقيين جميعاً. ودعا اللجنة الى الانفتاح على الجميع وعدم استثناء احد وقال إن «الهدف من المؤتمر هو جمع الشمل واعادة اللحمة». واضاف انه «سيتم الصفح عن الجميع إلا الذين تلطخت ايديهم بدماء العراقيين».
وأكد أن الحكومة ستسقط الحق العام عن كل الذين أخطأوا وغُرر بهم ومالوا الى صفوف العدو وستفتح صدرها لكل من يريد مراجعة مواقفه والالتحام بالصف الوطني.
كما طالب بالإسراع بعقد المؤتمر متمنياً أن يحل شهر رمضان المقبل «وقد تهيأت الأجواء اللازمة لعودة العوائل النازحة وإطلاق عملية إعمار شاملة في الأنبار وتعويض المتضررين كافة». وقال إن الحكومة أصدرت خلال المرحلة السابقة جملة من القرارات حول الأنبار وما يلزم لإعمارها وتعويض اهاليها عن الدمار الذي لحق بها نتيجة أعمال الارهابيين وداعش، وما صاحبها من أعمال عسكرية.

محاربة الارهاب
من جانبهم، أكد اعضاء اللجنة على ضرورة توحيد الجهود ضد الارهاب وتجاوز الخلافات مهما كانت، من اجل دحر الارهابيين والقضاء عليهم، واتفقت اللجنة على أن يعقد المؤتمر في العشرين من الشهر الحالي في بغداد، كما تقرر إرسال وفود الى مختلف الدول لدعوة المعارضين الراغبين بالمشاركة فيه، وعمل كل ما من شأنه تسهيل حضورهم.
وكان المالكي دعا في 28 من الشهر الماضي خلال كلمته الأسبوعية عشائر الانبار إلى الجلوس عبر مؤتمر حقيقي للوحدة الوطنية بعيداً عن الخلافات السياسية لحل أزمة المحافظة، مؤكداً على أن الحالة الاستثنائية التي تمر بها الانبار لا بد أن تنتهي.
من جهته، دان أياد علاوي، زعيم القائمة الوطنية العراقية رئيس الوزراء الاسبق، التفجيرات التي تشهدها المحافظات العراقية حالياً، واشار الى أنها تأتي نتيجة ضعف المسؤولين عن الملف الأمني في مواجهة الارهاب الذي أخذ يفتك بالمواطنين العراقيين بشكل يومي. واكد المالكي في بيان صحافي «أن العدد الشهري للقتلى من العسكريين والمدنيين المسالمين يزيد عن الف شخص، ما يعني وجود حرب في العراق».
ودعا علاوي الى جبهة وطنية واسعة تقوم بتشكيل حكومة شراكة وطنية وفق ضوابط متفق عليها تسعى لتحقيق السلم الأهلي والمصالحة الوطنية الحقيقية التي لا تستثني سوى الإرهابيين والقتلة وسارقي المال العام وبناء مؤسسات الدولة على أساس الكفاءة والنزاهة بعيداً عن المحاصصات البغيضة.
في الاثناء، دعا رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي أهالي محافظة نينوى الشمالية إلى الوقوف مع الحكومة المحلية في المحافظة والتصدي لقوى الارهاب بكل قوة واصرار. وحذر في بيان صحافي، الاجهزة الأمنية والقوات المسلحة من تنفيذ أي اسلوب أو خطة عسكرية تتسبب في اراقة دماء المواطنين أو استهدافهم بشكل غير مباشر.
 وشدد النجيفي على رفض استخدام القصف العشوائي لا سيما القصف بالهواوين أو استخدام طيران الجيش، والذي قد يسبب خسائر كبيرة، وأكد اهمية الاعتماد على استخدام القوات المحمولة جواً، والتي تقلل من حجم الخسائر وتفعيل الجهد الاستخباري من خلال التعاون مع المواطنين من اهالي الموصل عاصمة محافظة نينوى (375 كم شمال غرب بغداد).
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أنّ تعاون القوات المسلحة مع اهالي المدينة كفيل بتعزيز العمل المشترك لمواجهة قوى الارهاب معاً في خندق واحد، لافتًا إلى ضرورة تعزيز قدرة القوات الأمنية في المحافظة والتعاون مع الادارة المحلية، لا سيما محافظ نينوى بوصفه رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة من اجل عدم تكرار المعاناة والماسي التي حدثت في مدينتي الرمادي والفلوجة.

استغراب وغضب
ومن جهته، عبر محافظ نينوى اثيل النجيفي عن استغرابه المشوب بالغضب من كثرة القتلى في المدينة، نتيجة المعارك بين القوات الأمنية ومسلحي دولة العراق والشام الاسلامية «داعش». وأكد قائلاً إنه «من غير المعقول أن يبيح أي مسؤول لنفسه قتل 100 إنسان بريء للقضاء على إرهابي واحد». وأضاف في بيان صحافي، أن ما يجري في محافظة نينوى سيناريو يتكرر كل يوم، وفي كل محافظة من المحافظات والمدن العراقية، وحيث حط هذا السيناريو رحاله في الموصل التي وصفها بأنها مدينة نبي الله يونس.
وأضاف أثيل النجيفي أن في المحافظة قوات «لا يعرف من يحركها، ولماذا تتحرك سوى أن تكون آلة للدمار تدخل إلى مدننا دون أن يسأل احد كيف دخلت، ولماذا لم يتم التعرض لها، وهي في البادية خارج المدينة؟».

ودعا القيادات العسكرية القادمة من بغداد في قيادة عمليات نينوى، الى اعطاء حماية المدنيين الأبرياء الأولوية في أية خطة يتم وضعها. واشار الى انه ابلغ هؤلاء القيادات بانهم «لا يتحركون في ارض مفتوحة، بل في مدينة عامرة بالحياة، حيث يزيد عدد سكان المحافظة على ثلاثة ملايين نسمة». واضاف مخاطباً العسكر، اذا كنتم تقولون إن هناك نسبة خطأ تحدث احيانًا في أي عمل عسكري، فإننا نفرق بوضوح بين الأخطاء بنسبة 5% ونسبة 500%».
وشدد على أنه «ليس من المعقول أن يبيح أي مسؤول لنفسه قتل مائة إنسان بريء للقضاء على إرهابي واحد». وأشار إلى أنّ هذه الممارسات ستنتج 100 إرهابي جديد. موضحاً أنه لا احد يختلف حول ضرورة القضاء على الإرهاب، ولكن القصف العشوائي الذي يصيب المدنيين مرفوض، ولابد من التعويض عنه بعمليات تخصصية لأفراد مدربين.
وخاطب القادة العسكريين قائلاً: «اذا كنتم تريدون دعمنا فلا بد أن يكون لنا رأي فعلي في طريقة حماية المدنيين واتخاذ الإجراءات اللوجستية اللازمة لتفادي الازمات، وليس رأياً شكلياً لا يؤخذ به».
يذكر أن نائب رئيس اركان الجيش الفريق الاول الركن عبود كمبر وقائد القوات البرية الفريق ألاول الركن علي غيدان، يتواجدان حاليا في الموصل، ويشرفان بشكل مباشر على العمليات العسكرية التي تجري غرب المحافظة.
في الاثناء، اعلن في الموصل عن فتح ابواب مدارس الموصل ومساجدها امام النازحين من اهالي الاحياء الساخنة في المدينة. واعلن الوقف السني في نينوى ومديرية تربية المحافظة عن فتح ابواب مدارس الموصل ومساجدها امام النازحين الهاربين من حدة المعارك بين القوات الأمنية ومسلحي تنظيم داعش.


المستشفيات تغص بالجثث
بدوره ذكر مصدر في صحة نينوى أن «دائرة الطب العدلي اغلقت ابوابها السبت وطلبت من مستشفيات المدينة عدم ارسال أي جثة لأن ثلاجات حفظ الجثث امتلأت بها، ولا يوجد حيز لاستقبال جثث أخرى»، موضحاً أن «دائرة الطب العدلي تسلمت جثث 48 شخصاً، بينهم نساء وأطفال وسبعة من عناصر الجيش قضوا بالاشتباكات وسقوط قذائف الهاون التي شهدتها، مناطق الزهراء شرق الموصل و17 تموز  وحي التنك غرب المدينة.
وتشهد مدينة الموصل اكبر عملية نزوح من نوعها خلال العشر سنوات الماضية، فيما أشار مواطنون إلى أنّ غالبية احياء غربي المدينة خلت من سكانها بعد سيطرة جماعات المسلحة عليها وتعرضها للقصف من قبل القوات الأمنية.
ودخلت الجمعة الماضي إلى مدينة الموصل جماعات مسلحة سيطرت على عدد من احياء الجانب الغربي للمدينة، ودارت اشتباكات مع القوات المسلحة سقط على اثرها عشرات القتلى والجرحى بين الطرفين، فيما تؤكد مصادر طبية في المدينة أن عشرات المدنيين قتلوا واصيبوا اثر القصف بقذائف الهاون الذي تشهده تلك الاحياء.
بالتوازي، دمر تفجيران مقراً لحزب الرئيس العراقي جلال طالباني في شمال بغداد، مما إدى إلى مقتل وإصابة 70 شخصاً وسط توقعات باعلان الاحكام العرفية في بعض مناطق البلاد التي تشهد خروقات أمنية خطيرة حاليًا بغرب وشمال العراق.

تفجيران ضد الاكراد
وقال مصدر في مدينة جلولاء في محافظة ديالى شمال شرق بغداد إن تفجيرين مزدوجين دمرا مقر الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، الامر الذي ادى إلى مصرع واصابة 70 شخصاً، بينهم عدد من العسكريين، اضافة الى قياديين في الحزب ومنتسبين في الأمن الكردي. وقد تم على الفور نقل جميع الجرحى إلى مستشفيات قريبة لتلقي العلاج حيث أن حالات معظمهم خطيرة فيما تم نقل جثث القتلى إلى دائرة الطب العدلي.
وأشار المصدر إلى أنّ سيارة مفخخة انفجرت بالقرب من البوابة الرئيسية لمقر الاتحاد الوطني في ناحية جلولاء أعقبها تفجير انتحاري بواسطة حزام ناسف، مما ادى إلى مقتل هذا العدد من الخسائر البشرية اضافة إلى تدمير مقر الحزب بالكامل.
وعلى الصعيد نفسه، أشار مصدر في قيادة عمليات صلاح الدين (175 كم شمال غرب بغداد) إلى أنّ سيارة مفخخة انفجرت في حي الجمعية وسط تكريت عاصمة المحافظة مما ادى إلى مصرع اربعة مدنيين واصابة 11 آخرين، بينهم ثلاثة من الشرطة.
وإزاء هذا التدهور الخطير في الاوضاع الأمنية الذي يترافق مع استمرار المعارك بين القوات الأمنية والمسلحين في مدينة الموصل الشمالية، فقد توقعت مصادر عراقية اعلان الاحكام العرفية في المناطق الساخنة.
في مسار آخر، أعلن التحالف الكردستاني عن مقترح يحمله وفد أميركي برئاسة بريت ماكورك مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وصل إلى أربيل لحل الخلاف بين الحكومتين المركزية والكردستانية حول تصدير أربيل لنفطها بقرار منفرد. وقال النائب عن التحالف قاسم محمد ان «الوفد الأميركي يحمل مقترحاً جديداً لحل الخلاف النفطي بين بغداد وأربيل. موضحاً ان المقترح نص على ان يودع واردات بيع نفط الاقليم في صندوق خاص ويحصل الاقليم حصته البالغة 17% منه فيما تذهب المبالغ الباقية إلى الخزينة الاتحادية في بغداد.
وأضاف محمد في تصريحات صحفية ان المقترح نص ايضاً على ان يقوم الاقليم بتصدير النفط للخارج وتحت اشراف الحكومة الاتحادية وشركة سومو لمعرفة تفاصيل الصادرات وأشار إلى أنّ موافقة بغداد على المقترح الأميركي سوف يعجل بحل الخلاف النفطي بين بغداد وأربيل.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق