صحة

تيك تاك تيك تاك… احذروا «ارتفاع ضغط الدم»!

طالما كان السؤال: كيف الصحة؟ فبات: الضغط كيف اليوم؟ فمن يعش «تحت الضغط» عليه أن يتوقع «إرتفاع الضغط». ومن يأكل وهو مضغوط قد يشعر بانقباض وهو يلهث في زحمة الحياة. ومن «يضغط» الطعام في معدته كما كبيس الباذنجان في بطن المرطبان، قد يشعر بدمٍ ساخن يتدفق في شرايينه. ومن يعش الضغوطات التي نعيش، عليه ألا يتفاجأ من هجومِ يُنفذهُ ضغط الدم المتسلل بثوبِ نعاج!

لنتصوّر أن أمامنا طنجرة ضغط مقفلة على نار متوسطة، تشتد حيناً وتعود لتخفت حيناً آخر، لكنها تظل على النار، على نارٍ لا تنطفىء، فماذا علينا أن نتوقع؟ لا، لن نُفكر كثيراً لأن الإنفجار لا يحتمل الكثير! وأجسادنا مثل طناجر الضغط قد لا تحتمل هي أيضاً الكثير! ماذا يعني هذا؟ سننفجر؟ وهل هناك إشارات مسبقة تُنذر أننا نتحضر لهكذا انفجار؟
لعلّ أخطر ما في الموضوع أن ضغط الدم خبيث أيضاً ويتسلل خفية حتى يستحكم وينقض!!

انذار: ضغط الدم المرتفع يتفشى في لبنان
رئيس قسم أمراض القلب في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس الدكتور ربيع عازار شارك في ندوة نظمتها كلية الطب في جامعة القديس يوسف وقسم أمراض القلب في مستشفى اوتيل ديو بالتعاون مع سانوفي عارضاً بالأرقام ما يجعلنا نجمد في مطارحنا ونسأل: الى أين نتجه؟ وفي أي مسار نعبر؟ وهل نحن، في سعينا الى
أن نُسيطر على كل المسائل المحيطة، نُسيطر على «ضغط الدم» أيضاً؟
ضغط الدم المرتفع يتفشى في لبنان! هذه ليست مجرد معلومة بل إنذار أطلقته دراسة جديدة جرت للمرة الأولى في لبنان بدعم من كلية الطب ومجلس الأبحاث في جامعة القديس يوسف… فماذا في النسب والأرقام؟ وماذا في الوقائع والنتائج؟
خمسون في المئة فقط لا غير من المصابين بارتفاع ضغط الدم يخضعون للعلاج. ولا يزيد معدل السيطرة على ضغط الدم بين هؤلاء عن 27 في المئة! يعني 27 في المئة من نسبة خمسين في المئة ممن يخضعون للعلاج يسيطرون على الداء! يعني بكلام آخر أن مريضا واحدا فقط من أصل أربعة لبنانيين مصابين بالمرض، ينجح في السيطرة على ضغط دمه!
بدأتم تشعرون بسخونة في عروقكم؟ بدأتم تستشعرون أنكم تتلهون في أمور كثيرة ونادراً ما تنصتون الى نداء أجسامكم قبل فوات الأوان؟
تمهلوا، ثمة أرقام بعد: 36 في المئة من الشعب اللبناني مصابون بارتفاع ضغط الدم ونصفهم فقط يدركون هذا. ثلاثون في المئة من الشعب اللبناني معرضون للإصابة بارتفاع ضغط الدم. 33 في المئة من الشعب اللبناني فقط لا غير يسجلون مستوى طبيعيا من ضغط الدم أقل من 12 على 8.

في دائرة الخطر
في كل حال، ووفقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية، يعتبر ارتفاع ضغط الدم واحدا من الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، حيث هناك أكثر من مليار مصاب ويموت سنوياً أكثر من سبعة ملايين إنسان بسبب ارتفاع ضغط الدم. فما العمل؟ وكيف نتصدى؟ يجيب الدكتور

عازار: من خلال تخفيض ضغط الدم بمعدل سنتمتر واحد من الزئبق نكون قد خفضنا عدد الإصابات باحتشاء عضلة القلب بنسبة

25 في المئة والجلطات الدماغية بنسبة أربعين في المئة خلال خمس سنوات. ولكم طبعاً أن تحسبوا وحدكم النتائج الإيجابية التي قد تتأتى من إعادة ضغط الدم الى مستوياته الطبيعية…
 

36 في المئة من الشعب اللبناني مصابون بارتفاع ضغط الدم ونصفهم فقط يدركون هذا!

 

إذا كانت هذه هي الأرقام والنسب فماذا في الأسباب؟
بالغٌ؟ سمينٌ؟ ابنُ مدينة وتعيش كل توتراتها؟ تشرب الكحول؟ تُكثر من تناول الملح؟ أنت إذاً في دائرة الخطر! ثلاثون في المئة من البالغين، ممن تجاوزوا سن الخامسة والعشرين، في دائرة الخطر. هؤلاء معرضون للإصابة، في أي لحظة، بالقاتل
الصامت، الذي يُشخص غالباً في مرحلة متقدمة يصعب فيها تفادي المضاعفات، وهذا ما قد يؤدي الى الإصابة بالسكتة الدماغية وبأمراض القلب.
كم سيكارة تنفثون يومياً أو لنقل في الساعة الواحدة؟ وكم من وجبات الدهون المشبعة تلتهمون؟ ألستم والخمول واحداً؟ وكم من الكيلوغرامات الزائدة تحملون في بطونكم وحول أكبادكم؟ أنتم إذاً في دائرة الخطر. لستم وحدكم. 7،7 في المئة من اللبنانيين في الفئة العمرية بين 35 سنة و44 سنة يعانون للأسف من ارتفاع ضغط الدم. وترتفع هذه النسبة عند الفئة العمرية بين 55 و64 سنة الى 41،6 في المئة.


الملح قنبلة موقوتة
يُشكل الملح قنبلة موقوتة في أجسام مرضى ضغط الدم، فهو يتكون من الصوديوم وهذا العنصر يحب المياه وهو قابل لامتصاصه حتى من الأجواء، وكل ذرة ملح قابلة للاحتفاظ بأربع ذرات مياه! وحين تزيد كمية المياه في الجسم ترتفع كمية الدماء وتزيد مقاومة الخلايا لمرور الدم في آن واحد، ما يؤدي الى ارتفاع ضغط الدم وتورم القدمين وانتفاخ الجسم.

ما هو ضغط الدم؟
ماذا نقصد حين نقول: هذا مصاب بارتفاع في ضغط الدم؟
ضغط الدم هو القوة التي يدفع بها الدم جدران الأوعية الدموية مؤدياً الى تمددها. والسبب الرئيسي لضغط الدم هو انقباض القلب الذي يقذف في كل ضربة من ضرباته كمية من الدم بقوة في الشرايين. ويدور الدم في الجسم من القلب الى القلب، مروراً بالشرايين والشعيرات والأوردة. ويبلغ أقصى مداه مع كل ضربة من ضربات القلب، ثم يهبط تدريجياً في أثناء تراخي القلب. وحين تفقد هذه الشرايين مرونتها، لسبب ما، تزيد مقاومتها لمرور الدم فيرتفع الضغط. وارتفاع ضغط الدم في سن مبكر يؤدي، إذا لم يُضبط، الى الإصابة بالسكتة الدماغية وبأمراض القلب لا سيما بالفشلين القلبي والكلوي وبالعمى. وهذا الارتفاع يؤدي كما قلنا الى وفاة سبعة ملايين إنسان سنوياً في هذا العالم. وهذا الرقم يساوي 13 في المئة من مجموع الوفيات.

احذروا اللعب بالدواء
هل تظنون أنكم تفهمون في ضغط الدم أكثر من سواكم؟ هل تأخذون حبة ضغط حين يحلو لكم وتنسون، عن قصد، علبة الدواء حين تشاءون؟
تمهلوا، ثمة مفاهيم كثيرة خاطئة في الموضوع، بينها أنه ممنوع على المريض الذي يأتي بضغط مرتفع الى العيادة وبعد أن يأخذ الدواء المناسب وينزل ضغطه الى المستوى الطبيعي وتزول الأعراض أن يتوقف عن تناوله! فارتفاع ضغط الدم ليس التهابا في الروايا. وحبوب الضغط ليست أنتيبيوتيك. مفهوم اللعب في الدواء خاطىء. أدوية الضغط يفترض أن تؤخذ كل العمر. وتناول العلاج ثم ايقافه فجأة أخطر من عدم أخذ أي دواء في المطلق. كما أن تناول دواء الضغط عند الحاجة مثل حبات البنادول، كلما ارتفع الضغط نأخذ حبة وكلما انخفض نتوقف، خطير ويُعرض المريض الى تقلبات الارتفاع والانخفاض المفاجئين والى المضاعفات التي قد تنجم عن هكذا تصرف.
 

مريض واحد فقط من اصل اربعة لبنانيين مصابين بالمرض ينجح في السيطرة على ضغط دمه


مفهوم آخر يجتاح مرضى الضغط بينها أن المريض يحتاج الى تغيير الدواء مرة على الأقل سنوياً وهذا طبعاً غير صحيح. ووحده الطبيب قادر على ان يحدد نوع الدواء المطلوب ويحدد ما إذا كان المريض يحتاج الى استبدال الدواء بآخر.
هناك نوعان من الضغط، النوع الانقباضي والنوع الانبساطي، ويُقاس الضغط الانقباضي عندما ينقبض القلب أثناء عملية الضخ، أما الضغط الانبساطي فيقاس عند استرخاء القلب لاستقبال الدم الوارد من الجسم. فإذا أظهر قياس الدم مثلاً رقم 12 على 8 يكون رقم 12 هو الانقباضي ورقم 8 هو الانبساطي.
أربعة عناصر من شأنها زيادة نسبة خطورة ارتفاع ضغط الدم هي: العمر، حيث تزيد فرص الإصابة كلما تقدمنا في العمر. السلالة، إذ ينتشر ضغط الدم المرتفع غالبا عند أصحاب العرق الأسمر. وترتفع أيضاً نسبة إصابة الذكور تحت سن الخمسين، في حين تتساوى هذه النسبة بين الذكور والإناث بين الخامسة والخمسين والرابعة والستين سنة، وتزيد بعدها نسبة إصابة الإناث أكثر من الذكور. أما الوراثة فهي العنصر الرابع المسبب في ارتفاع ضغط الدم.
أنتم في دائرة الخطر؟
قليل من الوقاية قد يعفيكم من كثير من المعاناة ولكم وحدكم، في الآخر، أن تختاروا!

نوال نصر
 
 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق