رئيسي

«الارهاب» يعيد ترتيب اوراقه: السعودية تفكك النسخة الاحدث من خلايا القاعدة

عنوانان مهمان يمكن البدء بهما كمقدمة للحديث عن التنظيم الارهابي الجديد الذي فككته اجهزة الامن السعودية قبل يومين.

الاول، ما نذكره جيداً من ان الاجراءات السعودية الناجحة دفعت بـ «القاعدة» الى هجر المملكة بحثاً عن موطىء قدم، فاستغل هذا التنظيم الارهابي الحالة اليمنية الراهنة وغادر الاراضي السعودية املاً بالعودة اليها باية وسيلة، بعد ان اخفق في تنفيذ مخططه الرامي الى زعزعة الاستقرار وضرب المشروع التنموي والسياسي هناك. وسط اعتقاد بانه سيكون قادراً على توجيه ضربات لمرافق الدولة باسلوب «الغزوات» ومن خلال تهريب الاموال والمعدات ومن يسميهم «المتطوعين» ممن يوافقون على تنفيذ ما هو مطلوب منهم.
اما العنوان الثاني، فيتمثل بالمتغيرات التي شهدتها الساحة اليمنية من جهة، والساحة الاقليمية من جهة اخرى، حيث وجد التنظيم نفسه في عزلة تامة، وبات معرضاً لعمليات يومية تنفيذها طائرات بدون طيار في اليمن، ومن بعد ذلك خطة عسكرية يتولى الجيش تنفيذها. وفي موقع آخر تفريخ بعض التنظيمات من مثل داعش والنصرة وغيرهما. والخلافات التي عصفت بها. كل ذلك دفع بتنظيم القاعدة الى اعادة ترتيب نفسه من جديد، وباسلوب «الهيكلة» حيث ادخل عناصر جديدة ليس في حراكه فقط، وانما في بنيته الاساسية. ومن ذلك ادخال جنسيات اخرى في التنظيم وتسليم بعض هذه الجنسيات مواقع قيادية، وتكليفها بادوار من النوع البارز ضمن سلم الاولويات. ومن بين الجنسيات التي دخلت التنظيم ولعبت دوراً فاعلاً الشيشانية، والباكستانية والاوزبكية وغيرها من الدول وفي مقدمتها دول شرق آسيا، والدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي سابقاً، والتي تحاول الخروج عن الفلك الروسي.
وفي هذا السياق، سربت مصادر أمنية يمنية معلومات مفادها أن المقاتلين الشيشان باتوا يلعبون دوراً واسع النطاق داخل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي كان يتخذ من الاراضي السعودية مسرحاً له، قبل ان ينتقل الى الساحة اليمنية. وجاء الكشف في اعقاب مقتل احد القادة الشيشان في التنظيم، على ايدي القوات اليمنية.


معلومات استخبارية
المصادر اليمنية ذات المرجعية الاستخباراتية، خلصت الى معلومات مفادها ان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بات يستعين بالمسلمين من أقاليم روسية مثل الشيشان وداغستان فضلاً عن كازاخستان وأوزبكستان المجاورتين.  وقامت بابلاغ السعودية بتلك المعلومات ضمن اطار التبادل المعلوماتي القائم بين الدولتين.
وكشفت المصادر عن معلومة غاية في الاهمية، مفادها أن اشخاصاً من جنسيات دول كانت تابعة الى الاتحاد السوفياتي سابقاً بدأوا يتدفقون على اليمن على مدار العام الماضي. وتبين أن بعضاً منهم يتحدث الروسية تم استقدامهم من بلدانهم الأصلية في حين تم نقل آخرين من العراق وسوريا.
وأشارت المصادر عينها إلى أن القائد الشيشاني الذي لقي حتفه مؤخراً خلال معركة ضد قوات من الجيش اليمني في محافظة أبين الجنوبية يدعي أبو إسلام الشيشاني. وتقول إن الشيشاني – وهو اسم حركي – كان من أبرز العناصر بتنظيم القاعدة، وسبق له أن شارك في قتال القوات الروسية في الشيشان، وقاد مقاتلين تم تجنيدهم من القوقاز في محاولة لمد نفوذ القاعدة بشبه الجزيرة العربية في جنوب اليمن.
وتؤكد المصادر في هذا السياق، أن 70 % من تنظيم القاعدة بشبه الجزيرة العربية عبارة عن مقاتلين أجانب. ما يعني ان الاستراتيجية الجديدة للتنظيم تتمثل بتوسيع دائرة العضوية ليصبح تنظيماً اممياً اكثر من كونه تنظيماً جهوياً.
سعودياً، وضمن هذا السياق، أعلنت وزارة الداخلية الثلاثاء، انها فككت تنظيماً ارهابياً كان يستهدف منشآت حكومية ومصالح أجنبية في المملكة ومنها التي تعرضت في السابق لهجمات شنتها القاعدة.

اعتقالات
وأكد المتحدث الأمني في السعودية، اللواء منصور التركي القبض على 62 شخصاً ينتمون لخلايا التنظيم بينهم ثلاثة مقيمين خططوا لعمليات تستهدف منشآت حكومية ومصالح أجنبية في المملكة. والمقيمون هم فلسطيني ويمني وباكستاني.
وتابع أن من بين المقبوض عليهم، 35 سعودياً ممن اطلق سراحهم سابقاً في قضايا أمنية ما يزال عدد منهم رهن المحاكمة. وهؤلاء خضعوا لدورة ضمن برنامج التأهيل والمناصحة الذي أسسه وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف قبل أعوام عدة. وأشار المتحدث الى «جهد أمني استمر أشهر عدة» للكشف عن التنظيم. كما أشار إلى أن الهدف من هذا التنظيم هو إيجاد الفوضى في المملكة وتهيئته استراتيجياً ما بعد تحقيق هدفه. وأكد انه تم القبض عليه من دون أي مقاومة، وأن القاعدة لجأت إلى استخدام النساء من أجل تجنيد الشباب وتربية الأطفال على التجنيد.
وأكد خلال مؤتمر صحافي تواصل عناصر التنظيم بشكل أساسي مع الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش». وأضاف أن الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف تواصل التنظيم مع عناصر «التنظيم الضال في اليمن مع  أعضاء التنظيمات الضالة في سوريا وبتنسيق شامل مع العناصر الضالة داخل الوطن حيث بايعوا أميراً لهم».
وقال التركي أن عناصر التنظيم «باشروا التخطيط لعمليات إجرامية تستهدف منشآت حكومية ومصالح أجنبية واغتيالات لرجال أمن وشخصيات تعمل في مجال الدعوة ومسؤولين حكوميين. وأكد المتحدث نقل بيانات 44 متورطاً إلى الشرطة الدولية لوضعهم ضمن قوائم المطلوبين. وأوضح أن الـ 44 شخصاً المتوارين عن الأنظار، سيمنحون المهلة لتوضيح موقفهم، وإلا سيعلن عن أسمائهم ضمن قائمة.
وأشار إلى ضبط مبالغ قيمتها 900 ألف ريال (240 ألف دولار) بحوزة المقبوض عليهم. وشدد على اهتمام التنظيم البالغ بتهريب الأشخاص وخصوصاً النساء عبر الحدود الجنوبية. وأوضح التركي في هذا الصدد أن التنظيم تمكن من تهريب «أروى بغدادي، وريما الجريش». كما أكد أن قوات الأمن أحبطت محاولة لتهريب «مي الطلق، وأمينة الراشد» بصحبة عدد من الأطفال.
وأكد أنه ضبط مع هؤلاء: معملاً لتصنيع الدوائر الإلكترونية المتقدمة التي تستخدم في التفجير والتشويش والتنصت، وتحوير أجهزة الهواتف المحمولة، إضافة إلى تجهيزات لتزوير الوثائق والمستندات، كما تم الكشف عن خلية التمويل لهذا التنظيم التي قام أعضاؤها بجمع تبرعات عبر شبكة الإنترنت وتوفير مبالغ من مصادر أخرى إذ تجاوز ما تم ضبطه 900 ألف ريال البعض منها بعملة الدولار. وأشار التركي إلى أن الجزء الأكبر من ذلك المبلغ قد أخفي في إحدى العمائر السكنية، أما الأسلحة وفقاً لإفادة أعضاء التنظيم فكانوا ينوون تهريبها قبيل تنفيذ عملياتهم المزمعة.

شبكات التواصل
ويأتي ذلك وفقاً للتركي، بعدما أخذت الأجهزة الأمنية المختصة ما يطرح على شبكات التواصل الاجتماعي على محمل الجد، بعد أن أصبحت ميداناً فسيحاً لجميع الفئات المتطرفة، ووفرت وسيلة سهلة لتواصل أرباب الفتن في مواقع كثيرة، ما أدى إلى رصد أنشطة «مشبوهة» كشفت عن تنظيم يتواصل فيه عناصر التنظيم في اليمن مع أعضاء التنظيمات المشابهة في سوريا وبتنسيق شامل مع عناصر اخرى في عدد من مناطق المملكة، حيث بايعوا أميراً لهم وباشروا في بناء مكوناته.
في الاثناء، تواترت معلومات من مصادر متعددة ان الأمير الذي تمت مبايعته من قبل هؤلاء هو من مدينة أبها، وهو جديد في تنظيم القاعدة وليس من الأسماء المعروفة، وانه يستهدف تنفيذ عمليات اغتيال لبعض الشخصيات الدعوية في منطقة الرياض، وأحدهم مشرف على أحد المواقع الإسلامية.
ويقول المتحدث الامني اللواء منصور التركي أن «التحقيقات والمتابعات الأمنية رصدت انتشاراً واسعاً لهذه الشبكة وارتباطات لها مع عناصر متطرفة في سوريا واليمن». وأكد اللواء التركي أن «البناء التنظيمي لخلايا التنظيم المنوه عنه أظهر اهتماماً بالغاً بخطوط التهريب خصوصاً عبر الحدود الجنوبية، وذلك لتهريب الأشخاص والأسلحة مع إعطاء أولوية قصوى لتهريب النساء، وخصوصاً اقارب المطلوبين الذين يعيشون في اليمن.
في الاثناء، أعلن المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية استعادة اثنين من المواطنين المطلوبين للجهات الأمنية من باكستان، وذلك في إطار الجهود الرامية لمتابعة المطلوبين خارج المملكة، من خلال التنسيق القائم والمستمر مع الجهات المختصة بالدول الشقيقة والصديقة للقبض عليهم وترتيب استعادتهم إلى المملكة.
وأوضح المتحدث الأمني أن استعادة هذين المطلوبين جاءت بالتنسيق مع الجهات المختصة في جمهورية باكستان الإسلامية، وذكر أن المطلوبين هما: عادل فليح سالم العنزي، المعلن اسمه ضمن قائمة الـ (85) مطلوباً، وباسم محمد حامد الجهني، المعلن اسمه بتاريخ ضمن قائمة الـ (47) مطلوباً.
وأشار المتحدث الأمني إلى إخضاعهما للفحص الطبي فور وصولهما إلى المملكة فجر يوم السبت الفائت، إضافة إلى الترتيب لالتقائهما بذويهما. مشيراً الى انه تتم معاملتهما وفق الأنظمة المرعية بالمملكة.
وجدد المتحدث دعوة وزارة الداخلية لجميع المطلوبين والمغرر بهم من «رموز الفتنة والفساد» للعودة «إلى رشدهم» والكف عن الانسياق خلف من يسعى لاستخدامهم أدوات يحقق بها أهداف «أعداء الدين والوطن».

محاكمة خلية في الامارات
في سياق آخر، اعلنت صحف اماراتية بدء محاكمة خلية من القاعدة تضم تسعة عناصر بتهمة التخطيط لشن هجمات في هذه الدولة الخليجية التي تتمتع بالاستقرار. واوضحت صحيفة «غالف نيوز» أن محكمة امن الدولة بدأت محاكمة هؤلاء الاثنين وحددت الجلسة المقبلة في 19 ايار (مايو) الحالي لتعيين وكلاء دفاع عن المتهمين.
واعلنت السلطات الاماراتية في نيسان (ابريل) 2013 تفكيك هذه الخلية، وهي الاولى من نوعها في البلد الذي لم يشهد أي محاولات اعتداء لها علاقة بالارهاب.
من جهتها، ذكرت صحيفة «الخليج» أن التسعة الذين يحاكم أحدهم غيابياً «رعايا عرب غالبيتهم من دول شمال أفريقيا».
ويحاكم التسعة بتهم عدة ابرزها «التخطيط لأعمال من شأنها الاساءة الى أمن الامارات والمواطنين والمقيمين». كما أنهم متهمون بـ «التجنيد والتمويل وتقديم الدعم للقاعدة» ومحاولة «مد نشاطهم الى دول أخرى في المنطقة».

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق