أبرز الأخبار

الفراغ يزحف بقوة الى الرئاسة الاولى و8 اذار تهوّل بتعطيل حكومة سلام

هل ان مخاوف القيادات السياسية من عدم اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وضمن المهلة الدستورية في محلها، ام هنالك من يحاول تضخيم الامر والتهويل من حال الفراغ في السلطة اكثر من اللزوم، خصوصاً وان منسوب هذه المخاوف ارتفع في الايام الاخيرة لدى الرئيس نبيه بري والنائب وليدجنبلاط والرئيس فؤاد السنيورة؟

نقل ديبلوماسيون غربيون الى بعض القادة السياسيين قلق بلادهم من الفراغ في السلطة، وتشديد حكوماتهم على وجوب اجراء الانتخابات ضمن المهلة الدستورية، وتجنب الفراغ خوفاً على الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي؟ يقول احد المراقبين ان هذه المخاوف هي  في محلها انطلاقاً من المشهد السياسي الذي لا يطمئن من امكان الوصول الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 25 ايار (مايو) الجاري.
ان صورة السباق الرئاسي موزعة وفق المشهد الآتي: هناك مرشح معلن لقوى 14 اذار هو رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع غير قادرعلى تأمين النصف +1 للفوز في الرئاسة، ولم تنجز قوى 14 اذار التحالفات السياسية بشأن الاستحقاق لتأمين وصوله. وهناك مرشح مستتر لدى قوى 8 اذار هو العماد ميشال عون، لم يعلن ترشحه بعد بانتظار جواب تيار المستقبل لدعمه وتأييده، وهو غير قادر على تأمين النصف +1 للفوز الا بعد ان يعقد تحالفات سياسية. وهناك مرشح معلن للمستقلين هو النائب هنري حلو وقد رشحه اللقاء الديموقراطي بزعامة النائب وليد جنبلاط  ونال 16 صوتاً في الدورة الاولى وهي اصوات موزعة بين المستقلين و8 اذار. ويتبين ان احداً من المرشحين غير قادر على تأمين الاكثرية المطلقة للفوز (65 نائباً)بفضل نواب جبهته الا اذا عقد تحالفاً مع طرف اخر سواء مع 14 اذار او مع المستقلين.

مشكلة النصاب
وامام هذه الحال التي  تجسد الانقسام الحاد في اصطفاف عميق بين 8 و14 اذار يتضح ان فريقاً لوحده لا يمكنه تأمين نصاب الجلسة ،اي ثلثي اعضاء المجلس (86 نائباً). فقوى 8 اذار ترفض تأمين النصاب خشية صفقة بين قوى 14 والمستقلين، و«قب باط» من قبل الرئيس نبيه بري الذي يحرص نوابه على المشاركة في جلسات الانتخاب في حين يقاطع نواب تكتل الاصلاح والتغيير وكتلة الوفاء للمقاومة، قد تؤمن وصول مرشح 14. وقد ابلغ النائب سليمان فرنجيه البطريرك الراعي في اجتماع 28 نيسان (ابريل) الماضي في بكركي انه لن يؤمن النصاب لقوى 14 اذار ون ينتخب مرشحها، بعدما طلب البطريرك من القادة الموارنة المجتمعين وجوب المشاركة في جلسات الانتخاب وعدم المقاطعة لان هذا واجب وطني وضميري. وقد صدر بيان في اعقاب الاجتماع حدد نقاط الاتفاق ومنها عدم مقاطعة الجلسات. وتعزو اوساط بكركي عتب البطريرك على بعض القادة الموارنة لتنصل هؤلاء من اتفاق بكركي وتجاوزه مما اعتبره الراعي استهدافاً للصرح ولسيده، كما ابلغ بذلك الوزير جبران باسيل عندما التقاه في روما، فعاتبه على مقاطعة نواب التكتل جلسات الانتخاب خلافا لما تم الاتفاق عليه في اجتماع بكركي.
حاول باسيل تبرير المقاطعة الا انه سمع كلاماً واضحاً وصريحاً بوجوب المشاركة لمنع الفراغ، على رغم قول باسيل للبطريرك انه لا يمكننا ان نجازف بالحضور ونغامر من دون اتفاق مسبق، مبدياً الخوف من صفقة سياسية لايصال رئيس ضعيف. وابدى الراعي امام الرئيس الحريري الذي التقاه في باريس مخاوفه من وجود اتجاه للفراغ في السلطة في 25 ايار (مايو) معتبراً ان هناك خطة تستهدف المسيحيين والموقع الاول في السلطة فيعتاد الناس على الفراغ في رئاسة الجمهورية كما حصل في العام 2007. وتستغرب اوساط بكركي الفراغ في الرئاسة الاولى في حين انه غير مسموح في الرئاستين الثانية والثالثة؟ ويؤكد نائب في قوى 8 اذار ان لا نصاب للجلسة الا لانتخاب عون، وان هذه الحال ستبقى الى 25 الجاري. وهذا ما يدفع البعض الى  الخوف من حال الفراغ وما قد تستتبع من مخططات ومشاريع بدأ الحديث عنها في سياق التحليل والتفسيرات للمرحلة المقبلة من قبل سياسيي 8 اذار، من هذه المشاريع عقد مجلس تأسيسي لاعادة انتاج السلطة وتكوينها وفق دستور جديد ومعادلة تنطلق من المعطيات القائمة حالياً، والتي لم تكن موجودة عند الاتفاق على دستور الطائف.
وعلى رغم حسم الرئيس بري نصاب جلسات انتخاب الرئيس بثلثي اعضاء المجلس،علت اصوات الاعتراض والمطالبة بان يكون نصاب الدورات الانتخابية التي تلي الاولى النصف +1. وجرى نقاش دستوري وانتقاد لبري على اعتبار ان نصاب الثلثين يرهن الرئيس الجديد الى رأي المقاطعين، الذين يتحكمون بالاستحقاق وبفرض المرشح الذي يريدون والا فلا نصاب للجلسة، وهذا يعني حسب نائب سابق ان الرئيس الجديد سيأتي وفق شروط ومواصفات هذه الفئة وبالتالي يتحكم الثنائي الشيعي في اختيارالرئيس العتيد، وقد حدد نواب من حزب الله مواصفات الرئيس الذي «يريدونه ان يتبنى المقاومة ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة». ويقول وزيرسابق ان الغاية من اعتماد نصاب الثلثين لجلسة انتخاب الرئيس هي في اشراك المكونات اللبنانية في الانتخاب ويبدي مخاوفه من اعتماد نصاب النصف +1 بحيث يفوزعندها الرئيس بـ 33 صوتاً، وهذا امر معيب وبالتالي لا يمثل الرئيس الجميع. الا ان احد النواب السابقين طالب بان يكون فوز الرئيس بالاكثرية المطلقة من اعضاء المجلس في كل الدورات، وبالتالي لا خوف من جعل نصاب الدورات التالية النصف +1 لان ذلك يحررالاختيار من هيمنة فئة او مجموعة كما هي الحال الان.

الفراغ
وامام هذه المشهد السياسي الثابت حتى اشعار اخر، يتخوف احد المراقبين من الوصول الى حال من الفراغ في 25 ايار (مايو)، خصوصاً وان بعض الاطراف يعمل  من اجل الوصول الى هذه الوضعية التي تمكنه من اعادة البحث في الصيغة السياسية، ومن استخدام هذه الوضعية كورقة ضغط في النقاش الخارجي حول الحلول في المنطقة. ولا تخفي اوساط في قوى 8 اذار في حال عدم تجاوب قوى 14 اذار معها، للاتفاق على اختيار الرئيس الذي ترى فيه المواصفات التي تخدم المقاومة، ان يتم شل حكومة تمام سلام وتعطيلها بعد 25 ايار (مايو) من خلال عدم مشاركة وزراء 8 اذارفي الجلسات الوزارية لتعطيل عملها، ومنعها من ان تتولى مجتمعة صلاحيات رئيس الجمهورية وفق الدستور، وتجنب تكرار تجربة حكومة فؤاد السنيوره لملء الفراغ عام 2007، وقد تصرفت بصلاحيات الرئيس كاملة واصدرت مراسيم هي قيد الاعتراض حتى الان، ومنع 14 اذار من ان تتولى السلطة من خلال حكومة جامعة تتولى صلاحيات الرئيس في حال الفراغ خشية الا تقوم هذه بما يسهم في انجاز الاستحقاق. ويتهيب سلام المرحلة ويقول امام زواره انه سيتصرف كحكومة تصريف اعمال ويدعو الى استعجال انجاز الاستحقاق. وقد تستخدم قوى 8 اذار شل حكومة سلام كورقة ضغط اضافية على 14 اذار لحملها على السير في الخيار الذي ترغب فيه قوى 8 اذار بعد ان يتم  استبعاد «صقور» الموارنة الاربعة وبدء البحث في اسماء معتدلة مقبولة من الجميع وهذا ما اشار اليه عدد من الديبلوماسيين الغربيين في الحديث عن الاستحقاق وضرورة انجازه ضمن المهلة الدستورية وتجنب الفراغ، خشية ان ينعكس على الاستقرار الامني في البلاد، بعد نجاح الخطة الامنية التي وضعتها حكومة سلام وانجزت بنجاح حتى الان واستتب الامن، مما قد يشجع المصطافين العرب على المجيء الى لبنان خلال فصل الصيف. واعتبرت عودة السفير السعودي مؤشرا ايجابيا واشارة انطلاق لعودة الرعايا العرب الى ربوع لبنان.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق