رئيسي

هل تؤسس الاجتماعات الامنية بين المستقبل وحزب الله الى توافق سياسي؟

انصرفت حكومة تمام سلام منذ اليوم الاول لها الى معالجة الشأن الامني، معتبرة انه اولوية في ظل المخاوف من ان يؤدي الى تفجير الوضع واندلاع الفتنة، على اثر تدفق الاصوليين والمتطرفين والتكفيريين والانتحاريين من سوريا الى لبنان، من ضمن خطة ترمي الى نقل النار السورية الى لبنان.

نجحت الحكومة في تنفيذ الخطة بعد اتصالات مع الاطراف ومع قادة المحاور وابلاغ الجميع ان الدولة حزمت امرها وقررت وقف المواجهات في طرابلس، ومنها ستنتقل الى البقاع ومن ثم الى كل المناطق تحت عنوان فرض الامن وتطبيق القوانين وتوقيف المطلوبين ووضع حد لسرقة السيارات واعمال الخطف بقصد الحصول على فدية. وكان لا بد بالتزامن مع سيطرة قوى النظام السوري على طول الحدود بعد ان سيطرت على منطقة القلمون، ان تتحرك الدولة اللبنانية في خطوة ترمي الى ضبط الاوضاع وضبط الحدود، ووضع حد لحال الفلتان في المناطق القريبة من الحدود،  ووقف عمليات التسلل والحدود السائبة. وتحرك وزير الداخلية في هذا الاتجاه. وقد نجحت الخطوات التي اتخذتها الدولة بمنع دخول السيارات المفخخة والانتحاريين بعدما ارعبوا بعض المناطق واستباحوا الساحة اللبنانية. وادت التدابير الى وضع حد لحال الفلتان بعدان حزمت القوى الامنية امرها، مما حمل قادة المحاور والمطلوبين على مغادرة مناطق تواجدهم ولبنان الى الخارج، كما افادت المعلومات، بعد ان داهمت دوريات من الجيش وقوى الامن الداخلي بعض المناطق بحثاً عن مطلوبين وتمت عمليات اقتحام مقار بعض قادة المحاور وتبين ان المطلوبين غادروا لبنان.

الشعور بالخطر
شعرت القوى السياسية بخطورة ما تتعرض اليه الساحة وحال الفلتان وتدفق الانتحاريين الى لبنان فتجاوبت مع خطة الحكومة وانكفأت. تبين من المعلومات ان الخارج الاقليمي والدولي قرر رفع غطاء الامن، بعدما شعر بالخطر المحدق بلبنان عشية الاستحقاق الرئاسي وخشي من ان تحول الاوضاع الامنية دون اجراء الانتخابات في موعدها ودفع البلاد نحو الفراغ. وفي المعلومات ان عواصم غربية ابدت مخاوفها من استمرار الوضع الامني في التصعيد مما ينعكس على اوضاع الدولة ويزيد من حال الاهتراء فقررت الاطراف لا سيما تلك التي تتحكم بالشارع بفعل فائض القوة وامتلاكها السلاح والمواقع ان تنسحب لتتولى الدولة عبر اجهزتها مسؤولياتها الامنية في هذا الظرف، بعدما تبين ان استتباب الامن يوفر الوصول الى اي اتفاق سياسي. ويكشف احد كوادر المستقبل ان اللقاءات التي يجريها الوزيران اللواء اشرف ريفي ونهاد المشنوق مع حزب الله عبر مسؤول وحدة الارتباط والامن وفيق صفا لها الطابع الامني فقط، وتهدف الى التنسيق والتعاون في هذا الظرف. ويستغرب مسؤول في تيار المستقبل اتهام البعض التيار الازرق بانه هو من يقف وراء المواجهات، بدليل انه بعد توزير ريفي والمشنوق انضبط الوضع في طرابلس بعدما فشلت الحكومة السابقة وجرت 20 جولة من دون ان تتمكن من وقف المواجهات، ويقول انه لو كانت هذه المعلومات دقيقة فلماذا غادر علي ورفعت عيد والمحسوبون عليهما المنطقة؟ ولماذا غادر قادة المحاور بعدما فرضوا حضورهم ولم يعودوا ينصاعون الى تعليمات مموليهم؟
ان تفلت الحال من عقالها وخروج المسلحين على القادة السياسيين حمل الدولة على حسم امرها في وقف الحرب المندلعة في طرابلس واستخدام القوة في تنفيذ الخطة. ويطرح احد الديبلوماسيين السؤال عما اذا كان الاتفاق الامني غير المعلن بين الاطراف وتوافقها على ضبط الوضع مقدمة لتوافق سياسي بين الاطراف فينعكس الاستقرار الامني استقراراً سياسياً انطلاقاً من الاتفاق على موضوع رئاسة الجمهورية وتشكل المدخل لتوافق الاطراف الاساسيين؟ ام ان الاجتماعات التي تعقد بين ريفي والمشنوق وصفا ستبقى في اطارها الامني فقط من دون ان تتطور الى اتفاق سياسي؟
يعلق بعض المراقبين آمالاً على الاجتماعات التي من المقرر ان يعقدها الرئيس سعد الحري في دارته في باريس بعد انتقاله اليها قريباً. ويرى وزير سابق ان الرئيس الحريري استبق انتقاله الى العاصمة الفرنسية بسلسلة اتصالات شملت رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي ورئيس الحكومة وبعض السياسيين اعتبرت تحضيرية للاجتماعات التي يزمع ان يعقدها في باريس وربما شملت شخصيات من خارج قوى 14 اذار. الا ان بعض المقربين يرفض الدخول في التكهنات وفي تحديد موعد عودة الحريري ويؤكد انه سيكون في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. ويتوقع وزير سابق ان تسفر اجتماعات باريس عن توافق سياسي يؤسس للمرحلة المقبلة وينتج الاستحقاق الرئاسي.

الامن اولوية
وتعتبر الحكومة ان الامن هو من اولوياتها سواء تم الاستحقاق الرئاسي في موعده ام تأجل شهوراً عدة كما تسوق اوساط 8 اذار، لان ضبط الاوضاع الامنية واقفال الساحة اللبنانية امام الانتحاريين امر اساسي، حتى لو تولت الحكومة مجتمعة صلاحيات رئيس الجمهورية في حال حصول فراغ في سدة الرئاسة. وتسعى الحكومة الى جانب الامن، الى تحريك الادارة وتفعيل المؤسسات وانها تحاول من خلال الفترة المتبقية من عهد الرئيس ميشال سليمان ان تملأ الشواغر وتحرك الادارة على رغم ان الرئيس تمام سلام شكا امام احد اصدقائه مواقف وزراء 8 اذار لا سيما تكتل التغيير والاصلاح ومحاولاتهم منع خطوات ملء الشواغر من خلال المطالبة بسلة متكاملة وهذا يعني وقف التعيينات ولو بالقطارة.
وينتظر مراقبون ان يتخذ حزب الله بعد التطورات الاخيرة وسيطرة قوى النظام السوري على المناطق الحدودية مع لبنان، قراراً مهماً يتعلق بوجوده في سوريا بعدما تبين له ان القوى السياسية في 14 اذار تتحفظ على اي اتفاق سياسي قبل ان يحسم الحزب موقفه من مشاركته  في الحرب السورية، خصوصاً وان المعلومات الواردة من الخارج تفيد ان الرئيس بشار الاسد عازم على الترشح لولاية جديدة، وان عودة الحزب من سوريا بعد ان حسم النظام الامساك بالوضع الامني باتت واردة وهي تنتظر القرار من ايران المرتبط بالتطورات في المنطقة، لا سيما المحطات الاساسية منها قبل الانتخابات العراقية والاتفاق النووي وحتى الكيميائي، بحيث تسعى ايران الى ان يكون لها دور في المنطقة  وتحل بالتالي محل سوريا بعد الغياب القسري لدورها بعد الحرب التي اندلعت في مختلف المناطق السورية. ويؤكد وزير سابق ان الاضاع الامنية لن تعود الى الوراء بعد الان وان الحكومة مصممة على السير الى الامام، وان الاجتماعات التي يعقدها المشنوق مع صفا قد تتطور لاحقاً وربما تكثفت واعطت افضل النتائج، اذا ما اعقبتها خطوة سياسية، يقول احد الوزراء ان هناك من يعمل عليها وربما نضجت مع الاستحقاق الرئاسي.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق