رئيسيسياسة عربية

المناطق الآمنة: المعارضة تنتظر ترامب ودمشق صامتة

حثت المعارضة السورية الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الوفاء بتعهد لإنشاء مناطق آمنة في بلدهم لكن محللين يشككون في أنه سيمضي قدماً في خطوة قد تستدرج واشنطن إلى غمار الحرب وتسّرع بتشرذم سوريا وتهدد بصراع مع روسيا.
وأبلغ ترامب شبكة (إيه.بي.سي نيوز) يوم الأربعاء أنه سيعمل على «إقامة مناطق آمنة في سوريا» للاجئين الفارين من العنف وأن أوروبا أخطأت باستقبالها ملايين اللاجئين من سوريا.
ويطالب معارضو الرئيس بشار الأسد منذ فترة طويلة بمناطق لحماية المدنيين الذين فروا من الغارات الجوية التي تشنها قوات الحكومة وقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
لكن ممثلين لجماعات المعارضة المسلحة عبروا عن تفاؤل حذر. وقال العقيد فارس البيوش وهو قائد لقوات المعارضة في شمال غرب سوريا «تصريحات منذ ست سنوات لم نر منها على الأرض شيئاً لذلك ننتظر العمل أولاً».
ورحبت قطر التي تساند المعارضة بتعليقات ترامب وأكدت على «ضرورة توفير ملاذات آمنة في سوريا وفرض مناطق حظر جوي يضمن سلامة المدنيين».
ولم يصدر رد فوري من دمشق لكن من المؤكد أنها ستعارض مثل هذه الخطوة مع تعهد الأسد باستعادة السيطرة على سوريا بالكامل. وستعارض إيران التي تساند فصائل مسلحة في سوريا منها حزب الله اللبناني أيضاً أي تدخل أميركي.
وقالت روسيا إنها لم تُستشر بشأن خطة ترامب منبهة إلى ضرورة ألا «تزيد الوضع سوءاً باللاجئين» وأنه ينبغي لواشنطن أن تدرس «جميع العواقب».

تحول سياسي كبير
سيمثل إنشاء مناطق آمنة تحولاً كبيراً في السياسة الأميركية. فقد عارض الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الفكرة التي ستتطلب التزاماً بالدفاع عن مثل هذه المناطق من هجمات للحكومة السورية أو حلفائها الأجانب ومن بينهم روسيا.
أما ترامب فيرى في ما يبدو المناطق الآمنة سبيلاً لوقف تدفق اللاجئين الذين يعتبرهم تهديداً محتملاً لأمن الولايات المتحدة.
لكن لا إجابات واضحة في ما يتعلق بكيفية تجنب الولايات المتحدة للمشاكل التي منعتها من إقامة مناطق آمنة في سوريا من قبل ومنها التعقيدات التي تنطوي عليها حراسة مثل هذه المناطق الواقعة في منطقة حرب تعج بجماعات مسلحة.
وقال يزيد صايغ وهو باحث رئيسي في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت «في هذه المرحلة يندرج الأمر في إطار المناورة السياسية إلى حد بعيد. لا أعتقد أنه يشير إلى تحرك أميركي وشيك».
وقد يأمر ترامب وزارتي الخارجية والدفاع بوضع خطة من شأنها أن تنشىء أيضاً «مناطق آمنة» في دول مجاورة لسوريا حيث يعيش بالفعل ملايين اللاجئين.
وتأمل الحكومة السورية أن ينهي ترامب الدعم الأميركي لجماعات المعارضة التي تقاتل الأسد ويعيد تركيز السياسة الأميركية على محاربة الدولة الإسلامية فقط ربما بالتعاون مع روسيا.
وأشار ترامب إلى أنه سيفعل الأمرين كليهما.
وحولت الحرب المستمرة منذ نحو ست سنوات سوريا إلى رقع من الأراضي بعضها يسيطر عليه الأسد وأخرى تسيطر عليها جماعات المعارضة المسلحة بينما تسيطر على البعض الآخر فصائل كردية مسلحة أو تنظيم الدولة الإسلامية.
وتركزت المناقشات السابقة بشأن المناطق الآمنة في سوريا على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا والتي تمتد من محافظة إدلب حتى نهر الفرات. واعتبرت المناطق في جنوب غرب البلاد عند الحدود مع الأردن مكاناً محتملاً أيضاً.
لكن التعقيدات زادت منذ أن دعت المعارضة السورية أول مرة إلى إقامة مناطق آمنة ومن بين تلك التعقيدات نشر قوات لسلاح الجو الروسي في سوريا.
وقال صايغ إن الدفاع عن منطقة آمنة ضد هجوم للحكومة السورية أو حلفائها من الفصائل المدعومة من روسيا وإيران سيؤدي حتما إلى تصعيد وهو ما كان أحد أسباب تفادي أوباما لهذا المسار في المقام الأول.
وأضاف أن هناك تحدياً كبيراً آخر يتمثل في كيفية الحفاظ على النظام بالمنطقة للمحافظة على وضعها المحايد كمنطقة آمنة.

هل ستجدي المناطق الآمنة نفعاً؟
وفي حين أن معظم سياسة ترامب بشأن سوريا لا يزال غامضاً إلا أنه يبدو أن أكراد سوريا – الذين تجنبوا بشكل عام الصراع مع الأسد – سيبقون جزءاً محورياً من الإستراتيجية الأميركية.
وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية السورية على مساحات في شمال شرق سوريا حيث يندر الصراع مع الحكومة ويشن سلاح الجو الأميركي ضربات جوية منتظمة على أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية.
وحكم ذاتي للأكراد في شمال سوريا أمر مزعج لتركيا التي تخشى أن يؤجج المشاعر الانفصالية بين الأقلية الكردية لديها. وتحكم جماعات كردية بالفعل شمال العراق حيث ساعد فرض منطقة حظر جوي في عام 1991 الأكراد في مسعاهم إلى حكم ذاتي.
ووحدات حماية الشعب لها صلات بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا كجماعة إرهابية.
ويفسر تزايد النفوذ الكردي في شمال سوريا إلى حد بعيد سبب توغل تركيا في سوريا العام الماضي لتساعد مقاتلين من الجيش السوري الحر في طرد تنظيم الدولة الإسلامية وفصائل كردية مسلحة بعيدا عن الحدود.
وأوجدت العملية التي أطلق عليها اسم «درع الفرات» ما يصفه مسؤولون أتراك بمنطقة آمنة بطول 100 كيلومتر. وانتشرت هذا الأسبوع قوة شرطة سورية جديدة دربتها تركيا في بلدة جرابلس الواقعة في هذا الشريط من الأراضي.
وكثيرا ما دافعت تركيا – التي تستضيف 2،8 مليون لاجىء سوري – عن إقامة مناطق آمنة في سوريا.
لكن فيما يسلط الضوء على الحذر الذي تنظر به حكومات أجنبية إلى تعليقات ترامب قالت تركيا إنها تنتظر نتيجة «الدراسة» التي طلب ترامب إعدادها.
وينتاب القلق منظمات للإغاثة في المنطقة.
وقال كارل شيمبري المستشار الإعلامي الإقليمي بالشرق الأوسط للمجلس النرويجي للاجئين إنه بناء على تجارب المجلس «نحن نعلم أن «المناطق الآمنة» المفروضة عسكرياً نادراً ما تجدي نفعا ويمكن فعلياً أن تعرض المدنيين لمزيد من المخاطر».

رويترز
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق