رئيسي

رزمة مشاريع يقرها النواب لمصالح انتخابية ولاحراج العهد

ترك موقف المجلس النيابي من رزمة مشاريع قوانين تتعلق بحقوق الموظفين والمعلمين والعمال، صدق على بعضها والبعض الآخر قيد التصويت، منها سلسلة الرتب والرواتب، وتثبيت مياومي الكهرباء، ومتطوعي الدفاع المدني والمتعاقدين مع وزارة الاعلام، وصندوق قانون الايجارات. تساؤلات كثيرة في اكثر من منتدى سياسي واقتصادي وموقع رسمي عن مغذى اقرار هذه المشاريع ذات الطابع المالي، خصوصاً وان تغطيتها غير متوفرة حتى الان الا من خلال فرض ضرائب جديدة على المواطن.

ان الحكومات المتعاقبة لم تلجأ الى الاصلاحات الضرورية وضبط الانفاق ووقف الهدر في مرافىء الدولة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ضبط هدرما يقارب ملياري دولار من عائدات الجمارك، كما قال وزيرالاشغال العامة والنقل السابق غازي العريضي، من دون ان تتحرك اجهزة الرقابة والمراقبة والتفتيش، ناهيك عما يجري في المطار وعلى الحدود والتهرب من دفع الضريبة، اضافة الى التعدي على املاك الدولة في اكثر من منطقة من دون اي رادع لمنع الاعتداء على رزق الدولة السائب. وقد اتسعت عمليات التعدي في السنوات الاخيرة من دون ان تسعى الدولة للافادة من املاكها، وهي قادرة اذا ما احسنت ادارتها ان تؤمن تغطية الدين العام وان توقف الهدر فتنشىء مؤسساتها على املاكها وتضع حداً لاستئجارالابنية الحكومية التي تشوبها عيوب وفيها صفقات كثيرة، وابنية مستأجرة لصالح الدولة ولا تشغلها اية مؤسسة، بل يشغل بعضها مواطنون.

خطوة خطرة
ولفت احد اركان الهيئات الاقتصادية الى خطورة الخطوة التي تتم قبل اسابيع من نهاية العهد، وقبل اشهر من نهاية ولاية المجلس (المدد له) وكأن بعض القوى السياسية حاول الافادة من الخطوة وسعى الى توظيفها في السياسة على عتبة الاستحقاق الانتخابي في الخريف، وحشر رئيس الجمهورية الذي يجمع اوراقه لمغادرة القصر في 25 الشهر المقبل، فاذا وقعّ الرئيس ميشال سليمان على هذه القوانين كبد الخزينة مصاريف واعباء وزاد من ارقام العجز، لان تقديرات الموارد المقترحة غير كافية، وحمّل الرئيس الجديد ملفاً مثقلاً، وحرّك نقمة الهيئات الاقتصادية عليه، وقد بدأت بوادرها مع تنفيذ المصارف الاضراب التحذيري ليوم واحد. ان الخوف من تداعيات اقرار السلسلة على الوضع المالي للدولة حذر منه حاكم مصرف لبنان رياض سلامه امام اللجان المشتركة، عندما طالب بتقسيط السلسلة على خمس سنوات، لتتمكن الدولة من استيعابها من دون اية مضاعفات. واذا لم يوقع الرئيس ميشال سليمان حملّته القوى السياسية مع اصحاب الحقوق المسؤولية، وبالتالي يتهم بانه ضد الطبقة الفقيرة وضد العمال والموظفين، وانه مع ارباب العمل. وتبين من مجريات الامور ان هناك فئة سياسية هي التي تقف وراء تحرك المعلمين والمياومين والمتعاقدين والمتطوعين. وتحاول هذه الفئة من خلال دعم الحقوق المطلبية للعمال الحصول على تأييد شعبي واسع بعدما افتقدته في السنوات الاخيرة.
ففي اجتماع عقده بعض اركان الهيئات الاقتصادية ورجال اعمال خلال مناقشة السلسلة في اللجان جرى البحث في الخطة الواجب اتباعها، سواء اقرت السلسلة ام لم تقر، وما هي البدائل وكيف يمكن مواجهة التطورات. واقترح احد الحاضرين ان يتم تشكيل وفد من الهيئات الاقتصادية للاجتماع مع رؤساء الكتل النيابية وشرح الواقع المالي والاقتصادي للدولة، ولفت النظر الى الخشية من افلاسها في حال اقرار السلسلة كما وردت من دون تأمين التغطية.

لماذا الآن؟
لماذا اقرت هذه المشاريع الان على عتبة نهاية ولاية رئيس الجمهورية وعشية انتهاء ولاية المجلس النيابي، ولماذا استفاقت حمية النواب الان؟ يقول وزير سابق ان من اسباب استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي رفضه السير بمشروع السلسلة كما هي، بعدما وعد وفد من الهيئات النقابية بالموافقة اذا ادخلت تعديلات عليها. وامام ضغط الشارع على المجلس وعلى الحكومة وشعور ميقاتي بان الكتل ستوافق على المشروع لاسباب انتخابية، قدم استقالته لئلا يتحمل وزر اعباء اقرار السلسلة. ويضيف الوزيرالسابق ان السلسلة وليس اي شيء اخر كانت وراء مغادرة ميقاتي السراي. ويسأل نائب من قوى 14 اذار لماذا كانت نخوة افرقاء الطرف الاخر الان ولم تكن عليه ايام حكومة ميقاتي؟ ويضيف هل المقصود في اقرار رزمة مشاريع لها الطابع المالي الان ودفعة واحدة، يستهدف حكومة تمام سلام، ويسعى الى شل قدراتها وتكبيلها، كما يستهدف عهد الرئيس سليمان بتحميله مسؤولية افقار الدولة باقرار المشاريع؟ ولماذا لم يؤمن وزير المال ورئيس لجنة المال النيابية التغطية للمشاريع التي اقرت وكان يفترض توفير التوازن بين الحقوق ووضع الخزينة والاقتصاد المتعثرمنذ الانقلاب على حكومة سعد الحريري؟ وقالت اوساط الهيئات الاقتصادية انه لا يجوز تسييس الملفات المالية والاقتصادية بل يجب مقاربتها من زاوية علمية تقنية مع الاخذ بعين الاعتبار تداعياتها على الوضع. فما الفائدة من تسوية اوضاع فئة من اللبنانيين وتكبيد جميع اللبنانيين تداعيات الخطوة وصولاً الى العجز؟ ويبرر نائب من 8 اذار انه لا يجوز تضخيم الامر وما جرى يمكن للدولة استيعابه اذا التزم الجميع بما يتم الاتفاق عليه. وطالبت جهات نقابية بضرورة اجراء الاصلاحات وملء الشواغر في الدولة ووقف الهدر ورفع شعار المراقبة والمحاسبة، ورفع الغطاء عن كل مخالف. ويشير احد الاقتصاديين الى ان ملفات  فتحت سابقاً بحق مخالفين من دون ان نعرف مصيرها والنتائج التي انتهت اليها.
هل يوقع الرئيس ميشال سليمان على مشاريع القوانين التي سترده من المجلس بعد التصديق عليها ام انه سيعيدها الى المجلس معللة، تاركاً المهمة للرئيس الجديد انطلاقاً من عدم «ارهاقه» بملفات مالية مع انطلاقة عهده وترك المهمة اليه ليحدد هو الموقف ويتحمل المسؤولية؟ فيتولى البت بها وفق السياسة التي سيعتمدها؟ ويرى وزير سابق ضرورة العودة الى اقتراح حاكم مصرف لبنان رياض سلامه لانقاذ الوضع الاقتصادي ومنع الانهيار المالي. وترى اوساط نقابية ان بعض السياسيين قد يدخل هذه المشاريع  في المعركة الرئاسية والانتخابية المقبلتين، من هنا جاء الاصرار على اقرارها.

ف. ا. ع
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق