صحة

«إيبولا» الفيروس القاتل… أحفظوا هذا الإسم جيداً!

نسمع عادة باسمِ بولا أو باولو او باولا لكن أن يتكرر أمامنا اسم «أيبولا» مُذيلاً بعلامة حمراء فهذا يدعونا الى أن نسأل وبإلحاح: ومن هي إيبولا هذه؟ هي أنثى؟ هي ذكر؟ ولماذا تلك العلامة الحمراء المذيلة تحتها بعبارة: خطر؟ ماذا يدور في هذه الدنيا؟ ولماذا ما عدنا قادرين على أن ننام على وسادتنا براحة بال؟ لماذا ما عدنا قادرين على أن نفرح حين نسافر وأن نسعد بلحظاتِنا حين نجتمع وأن نُهلل حين نلتقي بمغترب عائد من هجرة طويلة طويلة من بلد افريقي بعيد؟
«إيبولا» أحفظوا هذا الإسم جيدا فعليه يُبنى سبب موت آخر!


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 ثمة ذعرٌ حقيقي بدأ يطوف بين البشر الملتاعين من أسباب الموت المتلاحقة التي تحوم فوق رؤوسهم، في عيونهم، منذرة بأن الآتي قد يكون أسوأ! نخاف؟ نُصاب بالهلع من الآتي؟ نطمر أنفسنا أحياء تحت سابع أرض مخافة أن يجدنا «إيبولا» فنروح ضحيته؟ ومن هو، نكرر، إيبولا هذا؟
يبتسم طبيب الروايا، وهو يزور مريضته في احد مستشفيات بيروت، عند سماعه هكذا سؤال ويجيب بسؤال: «وهل تخالون أن الإجابة سهلة؟  ثمة أمراض لا نزال نجهل للأسف مكامنها وارتداداتها وإيبولا واحد منها! ثمة أمراض نعرف أنها خطيرة، لا بل مميتة، لكنها لحسنِ الحظ ليست في دربِنا. فإيبولا إفريقية ونحن شرق أوسطيون».
ممتاز، إيبولا ليست في دربنا لكن ماذا لو أتانا من مروا في دربها؟ ماذا لو رجع الى لبنان من قصد من اللبنانيين غينيا وزائير والكونغو
والسودان؟ وماذا عن العمال الأجانب، الأفارقة بالتحديد، الذين يأتون من هناك أو يمرون من هناك قبل أن يأتوا؟ فالكون بات قرية وما عاد يضمن أحد سلامته من العدوى، من أي نوع من العدوى، مهما كانت وأينما كانت. وما كان يوم ظهرت أول حالة إيبولا في العالم في زائير، قبل 38 عاماً، في العام 1976 بالتحديد، ما عاد هو نفسه اليوم وبالتالي العالم بات مفتوحاً أكثر وباتت مساحة الأرض أصغر وبات انتقال حتى النسمات أسرع.

 مطار بيروت: «فرودة» بدل السكانر
في مطار رفيق الحريري الدولي إجراءات استثنائية. مركز الحجر الصحي عاد ينشط في سبيل إلتقاط أي إشارات تشي بأن راكباً ما، وصل للتو من دولة إفريقية ما، يحمل الفيروس بين عداد القادمين… كيف هذا؟ كيف يتم تحديد المصابين؟ يُزود المركز، بحسب رئيسه الدكتور حسن ملاح، بأسماء القادمين من دول إفريقية بينها غينيا وسيراليون وليبريا لاتخاذ الإجراءات اللازمة في المركز. ممتاز لكن كيف تتخذ هذه الإجراءات؟ ب
الفحص الشخصي؟ بالإشتباه؟ وماذا لو لم تكن هناك عوارض أولية؟
المراقبون الصحيون، بحسب إحدى العاملات في مركز الحجر الصحي، ينشطون في مراقبة المسافرين القادمين من الدول الموبوءة ويحملون «فرودة» (مسدسات) لقياس حرارة أجسام هؤلاء عبر آذانهم، وكل من تظهر حرارته فوق 38 درجة يُحوّل الى الحجر للتأكد من حالته. وهناك، تض
يف، علامات أخرى قد تؤكد الإصابة بينها: التقيؤ، الإسهال، النزف من الأذن أو من المعدة أو حتى من المسام…
وماذا عن السكانر الذي يُقال أنه استخدم قبل خمسة أعوام، في 2009 بالتحديد، في اكتشاف
حرارة أجسام من كانوا يصلون من بلاد موبؤة بفيروس «أتش1 أن1»؟ تجيب: لا، نحن نتكل الآن على «الفرودة» أكثر من السكانر!
هو زمن للأسف صعب في
كل المقاييس، في السياسة وفي الإقتصاد وفي الأمن وفي البيئة وفي الطب، ثمة حالات كثيرة يطغى في حسمها: المسدسات!

ما هو فيروس إيبولا؟
ما رأيكم في أن بعض الباحثين، أو لنقل العلماء، يرددون أن هذا الوباء قد يُستخدم إرهابيا كسلاح بيولوجي! يعني، قد يكون مدبراً وقد يكون منظماً وقد يتحول، إذا أراد الإرهابيون، الى ما يُشبه القنبلة الذرية!
هل علينا والحال هكذا أن نُصاب بالهلع؟
لا، لن نسقط في الخوف الكبير وسنردد مع القائلين: هو مجرد قطوع وسيمر!
نعود ونسأل: وما هو فيروس إيبولا؟
هي حمى نزفية، نعم نزفية، لأنها تتسبب بنزيف يبدأ حين يبدأ الفيروس بهضم الخلايا والمواد الكيميائية التي تحد من تجلط الدم. وهذا ما يؤدي الى نزف شديد الخطورة، فحتى ثقب الإبرة في الجلد، في حالة الإيبولا، قد يُسبب نزيفاً لا يتوقف، حتى أن الدم قد يبدأ، في بعض الحالات، بالتسرب من كل فتحات الجسم، حتى من العينين وبصيلات الشعر، ما يتسبب بموت المصاب من تأثير النزيف قبل تأثير الفيروس الذي يظهر على شكل ديدان تسرح في الدم.
مدة احتضان إيبولا يتراوح بين يومين و21 يوماً تظهر بعدها أعراض الإصابة وهي: الحمى والوهن الشديد والصداع الهائل والإعياء وآلام المعدة والإسهال وفي حالات أقل قد يظهر احمرار العينين والطفح الجلدي ويبدأ المصاب بتقيؤ الدم. ونحو تسعين في المئة من الإصابات تنتهي للأسف، حتى هذه اللحظة، بالموت الحتمي، ما يجعل هذا الفيروس: قاتلاً حقاً!
ما الذي يتسبب بهذا الفيروس الفتاك؟
سُمي إيبولا باسمِهِ لأنه ظهر أولاً بالقرب من نهر إيبولا في الكونغو، وهو ينتقل من الحيوانات الثديية، البرية بالتحديد، الى الإنسان، من خلال ملامسة دماء أو إفرازات أو سوائل وأعضاء حيوانات برية، موجودة تحديداً في دول إفريقيا، مثل القردة والغوريلا والشمبانزي، التي تكون نافقة أو مريضة. كما يمكن أن تنتقل العدوى من خلال السائل المنوي الحامل للعدوى. ولم يجد الباحثون لسوء الحظ حتى اليوم، حتى هذه اللحظة، أي علاج له أو لقاح. ويحوي هذا الفيروس على أربع جينات تمنع الخلايا الجذعية، في الأنف والرئتين وفي الجلد والجهاز الهضمي، من إرسال إشارات لتشغيل الجهاز المناعي، كما يحوي أيضاً على نوع فيروسي لا يمكن للجسم أبداً احتواؤه.
ماذا عن الوقاية؟
الحجر على المصاب ضروري والشفاء، نكرر، تكاد لا تزيد نسبته عن عشرة في المئة، والغريب أن الأطباء يجهلون، حتى هذه اللحظة، سبب الشفاء بما أن العلاج الشافي غير موجود في قاموس «إيبولا»! لهذا يُنصح الأطباء والعاملون في مجال الرعاية الصحية بتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر، عبر إرتداء قفازات وأقنعة، عند معاينة أي حالة يُرجح أن تكون «إيبولية» إذا صح التعبير. وهذا ما بدأت مستشفيات لبنان تطبيقه في معاينة كل الحالات التي يُشتبه بأنها مصابة بهذا الفيروس الشرس.
ت
تتالى في إفريقيا الأنباء عن حالات إيبولا. العالم كله منهمك بتطورات هذا الفيروس الذي ظهرت أول حالة منه، نكرر، عام 1976، في زائير، التي أصبحت في ما بعد «جمهورية الكونغو». وأصيب حينها، في تلك السنة، في السودان وحدها 284 شخصاً مات منهم 117 ضحية. وفي العام 1979 ضربت موجة جديدة من إيبولا السودان. وفي العام 1994 أكتشفت أول حالة في الغابون. وفي العام 2000 ظهر الفيروس في شمال أوغندا. وها هو العالم اليوم يعيش من جديد هاجس إيبولا. وعالمنا العربي، كما كلنا يعرف، ينغل بكل الجنسيات وبينها الجنسيات الإفريقية، والطائرات التي تقل يوميا مئات الخادمات الآتيات عبر طريق السودان الى مطار رفيق الحريري تنذر بوجوب اتخاذ الحيطة والحذر. ولهذا يُقال ربما أن كل الدفعات من الخادمات الاثيوبيات اللواتي كان يفترض أن يصلن في هذين الأسبوعين سيتأخر وصولهن حتى انجلاء أخبار إيبولا.
لبنان خال، من جهة، من الإيبولا، وهو مليء، من جهة ثانية، بالمسدسات، «الفرودة»، التي تُقاس بها درجات الحرارة، ما قد يمنع تسرب الفيروس الى الداخل اللبناني. نستريح؟ نضع أيادينا في المياه الباردة؟ الأمر الثابت الوحيد هو وجوب عدم السقوط في الخوف الكبير، لأن الخوف لا يُقدم ولا يؤخر، مع تمنٍ، من الجسم الطبي بالتحديد، بتطبيق مقولة: درهم وقاية خير من قنطار علاج!
كيف تقون أنفسكم؟ بالإنتباه وبالإكثار من غسل الأيدي وبعدم ملامسة المواطنين القادمين من الدول الموبؤة وبفتح العينين أكثر وإقفال الأبواب، ولو مؤقتا، أمام الأبواب التي تتسرب منها الريح لأن «إيبولا» ليس فيروسا هينا أبدا!

نوال نصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق