رئيسي

مظلة امان دولية فوق لبنان للمحافظة على الاستقرار

ان حصول حكومة الرئيس تمام سلام على ثقة عارمة باجماع 97 نائباً من اصل 101 شاركوا في جلسة التصويت على الثقة، اضافة الى المناقشات الهادئة التي تميزت بها جلسات مناقشة البيان الوزاري، عكسا المناخ الدولي الذي يؤمن مظلة امان للبنان.

يسعى المجتمع الدولي الى المحافظة على استقرار لبنان الامني والسياسي والاقتصادي، على رغم التطورات الدراماتيكية على الحدود اللبنانية – السورية وتداعيات سقوط يبرود بيد النظام، وتدفق النازحين السوريين الى لبنان، خصوصاً الى عرسال، حيث ضاقت بهم البلدة التي تضم 40 الف نسمة، وقد دخل اليها  نحو 100 الف لاجىء سوري، اضافة الى العمليات العسكرية في الشمال على مقربة من الحدود، حيث يسعى النظام الى السيطرة على مناطق المعارضة بعد محاولة اسقاط قلعة الحصن والعمل على اقفال الحدود اللبنانية لمنع تسلل المسلحين والسلاح. وتعتبر اوساط سياسية في 8 اذار ان العمليات التي يقوم بها النظام على الحدود، تهدف الى احكام السيطرة على الوضع وضبط الحدود ومنع مرور السيارات المفخخة من يبرود الى الداخل، لاستهداف مناطق يسيطر عليها حزب الله. وتستبعد اوساط سياسية قريبة من حزب الله ان يستمر استهداف المناطق الشيعية من قبل الاصوليين السنة، بعد ان احكم النظام السيطرة على الحدود، لا سيما المعابر غير الشرعية وضبط الشرعية منها.

رسالة
وتخوفت اوساط سياسية في 14 اذار من ان تنعكس تداعيات سقوط يبرود على منطقة عرسال التي يعتبرها النظام هدفاً له وكذلك حلفاء سوريا  في لبنان. وتعزو اوساط في الشارع السني قطع الطرقات في اكثر من منطقة، خصوصاً في الساحات السنية احتجاجاً على محاولة تطويق عرسال وقطع طريق اللبوة المؤدية اليها، الى رغبة  فاعليات سنية في بعث رسالة الى القيادات الشيعية من ان استهداف عرسال ليس بالامر السهل، وان «7 ايار (مايو) عرسالية» خط احمر وممنوع حصوله. وقد يتحرك الشارع السني للرد على اي استهداف لعرسال. فقد تكثفت الاتصالات على اعلى المستويات لفتح الطرقات بما فيها طريق اللبوة امام ابناء عرسال وادخال قوة من الجيش وقوى الامن الداخلي الى المنطقة لضبط الوضع فيها، ومنع المسلحين الوافدين من سوريا من استخدام منطقة عرسال واعادتهم الى ديارهم. وقد نجحت الاتصالات في منع الفتنة في البقاع وفي منع استهداف عرسال وضبط الحدود.
وتخوفت اوساط في قوى 14 اذار من سيناريو قد تضعه سوريا لتأمين عودتها العسكرية الى لبنان لا سيما الى المناطق الحدودية. وتشير هذه الاوساط الى ان الجانب السوري ربما طلب من السلطات اللبنانية اقفال الحدود وضبطها لمنع التسلل ذهاباً واياباً ومنع السيارات المفخخة وتدفق المسلحين الاصوليين من والى لبنان مع سلاحهم لدعم المعارضة. وتضيف انه في حال ابدت الدولة عجزها عن تنفيذ الطلب، تولى النظام السوري،استناداً الى الاتفاقات الامنية الموقعة بين لبنان وسوريا،  من دخول المناطق الحدودية لضبط الامن، بحجة ان الفلتان ينعكس ضرراً على الساحة السورية. فيعود السوري الى لبنان من «الشباك الامني»، بعدان خرج من الباب السياسي. لقد حملت هذه المعطيات المسؤولين اللبنانيين على التحرك سريعاً، بعدما تبين ان الجولة العشرين في طرابلس قد تكون مرتبطة بما يجري على الحدود اللبنانية –السورية. وان تصعيد المعارك في طرابلس يعود الى تصاعد المواجهات في سوريا بين النظام والمعارضة، بعد معلومات تفيد ان النظام الذي يحقق انتصارات على الارض ربما وظفها في السياسية لدعم موقعه التفاوضي.

اقفال المعابر
ويعترف وزير لبناني بضرورة اقفال المعابر غير الشرعية بين البلدين وضبط المعابر الشرعية لانه لا يجوز ان يبقى لبنان يتحمل اعباء المواجهات في سوريا بين النظام والمعارضة. وقد يمضي بعض النواب في قوى 14 اذارالى مطالبة الدولة بضرورة نشر الجيش على الحدود ومنع حركة العبور في الاتجاهين من سوريا الى لبنان ومن لبنان الى سوريا فيمنع عناصر حزب الله من التوجه الى سوريا في سياق المهمة الامنية لضبط الحدود. ويمضي البعض الى مطالبة حكومة تمام سلام الاستعانة باليونيفيل استناداً الى القرار 1701 لضبط الحدود مع سوريا ومنع تدفق السلاح الى لبنان ويذكر وزير سابق ان سوريا وحلفاءها في لبنان اعترضوا عام 2006 يوم صدور القرار 1701 على الموقف اللبناني المطالب بضبط الحدود، بحجة ان اليونفيل تتمركز على الحدود بين دولتين في حال حرب وعداء وليس بين دولتين شقيقتين، كما هي الحال بين لبنان وسوربا. ويومها لم تسمح سوريا للكتيبة الالمانية بتنفيذ خطة لضبط الحدود والاستعانة بآلات وتقنيات متطورة لذلك. فهل تلجأ حكومة سلام بعد ان نالت الثقة الى اعتماد مثل هذه الخطوة لضبط الحدود واقفال الباب الذي يهب منه الريح على لبنان؟ وهل سيتم التواصل بين رئيس الحكومة والمسؤولين السوريين علماً ان الاتصالات بين هؤلاء واللبنانيين مقطوعة منذ توقيف الوزير السابق ميشال سماحه بعد اتهامه بنقل متفجرات من سوريا لتفجيرها في مناطق حساسة من لبنان، وفق ما افادت اوساط سياسية اطلعت على المعلومات بشأن قضية سماحه – مملوك، التي تقول انها كانت تستهدف الامن في لبنان وترمي الى اشعال الفتنة.

تسخين جبهة الجنوب
الى هذه المعطيات توقفت اوساط سياسية امام تسخين الجبهة الجنوبية مع اسرائيل وصولاً الى الجولان، بعمليات استهدفت دوريات اسرائيلية. وقد اتهم المسؤولون الاسرائيليون حزب الله بانه وراء زرع العبوات واستهداف دوريات اسرائيلية. ورد الجيش الاسرائيلي بقصف موقع لحزب الله بعد ان هدد بان يكون له رد قاس اذا تكررت هذه العمليات. واعتبرت اوساط سياسية ان ما يجري في الجنوب وفي الجولان ليس سوى محاولة لتغيير قواعد الاشتباك. ولفت المراقبين الاتهام الفوري  الاسرائيلي لحزب الله بعد العملية، في حين كانت اسرائيل في السابق تبُعد مسؤولية الحزب عن الصواريخ التي كانت تطلق باتجاهها. فماذا تغيير ولماذا توترت الجبهة الجنوبية بالتزامن مع  جبهة الجولان؟
يعزو ديبلوماسي غربي الاسباب الى اقدام اسرائيل في خطوة لافتة  على استهداف المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا بقصف موقع قديم تابع لحزب الله وقافلة سلاح وفق معلومات ديبلوماسية مما اعتبره الحزب وسوريا محاولة اسرائيلية لتغيير قواعد اللعبة والدخول على خط التطورات في المنطقة، لا سيما الازمة السورية، مما حمل الجانبين السوري وحزب الله على التحرك في رسالة واضحة الى تل ابيب، من انهما على استعداد للمواجهة لانهما لن يقبلا بان تفرض اسرائيل قواعد اللعبة وتغيرها وفق مصالحها. غير ان اوساطاً ديبلوماسية غربية رأت في التطورين الاخيرين على الحدود مع اسرائيل محاولة من النظام السوري لاشعال الجبهة في خطوة لتوسيع الاستهداف مما قد يستتبع تحركاً دولياً لضبط الامور وبالتالي عودة الاتصال والتواصل مع النظام في سوريا، خصوصاً وان النظام يسجل انتصارات على الساحة في وجه المعارضة، وهذا قد يساعد الغرب على التواصل مع النظام في سوريا في محاولة لضبط الاوضاع ومنع تدهورها في هذا الظرف.
فماذا ستفعل حكومة سلام بعد نيلها الثقة وكيف ستواجه هذه المتغيرات والمخاوف من تدهور الوضع في الجنوب. وقد استعجل سلام بعد نيله الثقة الاتصالات مع الديبلوماسيين لضبط الوضع ومنع اي تدهور في الجنوب. وتكثفت الاتصالات بين نيويورك وتل ابيب للعمل على المحافظة على الاستقرار، ومنع استغلال السخونة الاخيرة.  ويربط وزير في الحكومة بين هذه التطورات، ويرى ان الازمة السورية هي التي تحركها، متمنياً ان ينأى لبنان بنفسه عن التطورات السورية لانه غير قادر على مواجهة تداعياتها اذا تخلى عن سياسة النأي بالنفس. وقد يقوم سلام بجولة عربية يستهلها من الرياض لحث العرب على المجيء الى لبنان ومساعدته على مواجهة التحديات لاسيما ملف النازحين السوريين.

ف. ا. ع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق