انفجار «الدية» يكشف عن اسلحة ايرانية متطورة لدى المعارضة البحرينية

تتواتر التصريحات الرسمية البحرينية التي تحمل قلق الدولة من تدخلات ايرانية في شؤونها، وتؤشر على تطور تلك التدخلات باتجاه ارسال اسلحة متطورة الى المعارضة البحرينية.
شكل التفجير الذي وقع في منطقة «الدية» قرب العاصمة المنامة نقطة تحول واضحة في القناعة الرسمية، حيث ادى التفجير الى مقتل ثلاثة من افراد الشرطة البحرينية. وشكل مؤشراً على تزايد الهجمات التي تنفذها جماعات متطرفة في المعارضة باستخدام أسلحة متطورة، وسط مخاوف من وقوف إيران وراءها. ويأتي الهجوم على قوات الشرطة في قرية الدية قرب المنامة دليلاً جديداً على استخدام متفجرات وتقنيات متطورة في استهداف قوى الأمن.
وكانت البحرين أكدت أن لإيران ضلعاً في ما يجري، وتنظر بقلق متزايد إلى التدخلات الإيرانية. الا انه وبعد الكشف عن كميات كبيرة من الأسلحة الفتاكة، التي ضبطتها السلطات، تقول المنامة إن إيران تدرب بحرينيين على ايدي جهات ثالثة من وكلائها وعملائها في المنطقة، مشيرة إلى ظهور مجموعات مسلحة محلية ترتبط بالحرس الثوري الإيراني. ودعمت تلك القناعة ادانة السفير البريطاني في المنامة ايان لندسي إيران، قائلاً: «هناك ادلة متزايدة على أن طهران تدعم عناصر تستخدم العنف وسيلة لتحقيق اهدافها».
وكانت لجنة التحقيق المستقلة في احداث 2011 لم تتوصل إلى ما يثبت ضلوع إيران في هذه الأحداث. لكن بعد ثلاث سنوات من المواجهات التي كثيراً ما تندلع في القرى ذات الأغلبية الشيعية مع قوات الأمن، يخشى المسؤولون البحرينيون من أن تكون عناصر متطرفة وإيران تستغل عدم احراز تقدم في الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة لتنفيذ مآربها. وتساعد دول تربطها علاقات ودية بالمنامة في تقويم دلالات الأسلحة المتطورة التي عثرت عليها قوى الأمن البحرينية خلال الأشهر القليلة الماضية.
ضلوع ايران
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤول غربي قوله: إن العلامات الموجودة على أسلحة ضُبطت أخيراً تحمل دلائل واضحة على ضلوع إيران. واضاف المسؤول أن العبوات الناسفة تزداد تطوراً، وبدلاً من قنابل محلية الصنع، فان لبعض العبوات مواصفات خاصة تتيح ربطها بالمركبات. ولفت المسؤول الغربي إلى اكتشاف مواد مثل متفجرات «سي – 4» ومناظير رؤية ليلية لأول مرة.
وقالت لجنة التحقيق المستقلة في أحدث تقاريرها إن 600 عبوة حقيقية وكاذبة اكتُشفت منذ عام 2011 ولكن عدد العبوات الحقيقية فاق عدد الكاذبة في عام 2013. ونوه التقرير بأن البحرين فتحت صفحة جديدة منذ أحداث 2011 متخذة اجراءات وصلت إلى حد إصلاح قوات الشرطة والقضاء، بما في ذلك استحداث مكتب مستقل لتلقي الشكاوى والتظلمات وتعويض الضحايا.
الى ذلك، تبادلت مملكة البحرين وإيران الاتهامات أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في اجتماعه في جنيف الذي عقد الاسبوع الفائت.
ووجهت البحرين اتهامات لإيران بإثارة أعمال عنف على الأراضي البحرينية فيما اتهم مسؤول إيراني المملكة الخليجية بتعذيب وسجن معارضيها.
ووصف وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة التدخل الايراني في كلمة له أمام المنتدى في جنيف بانه «إرهاب مدبر».
وجاء تبادل الاتهامات بعد مقتل ثلاثة رجال شرطة الاسبوع الفائت في انفجار قنبلة في احتجاج بمنطقة الدية غربي العاصمة البحرينية المنامة أثناء موكب جنازة شيعي توفي رهن الاحتجاز الأسبوع الماضي.
وفي هذه الاثناء، أدرجت البحرين ثلاث جماعات مناهضة للحكومة على قائمة المنظمات الإرهابية يوم الثلاثاء.
وأعلنت «سرايا الأشتر» وهي جماعة غير معروفة، المسؤولية عن هجوم «الدية» في رسالة نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت لكن لم يتسن التحقق من صحتها. وتنفي إيران أي صلة لها بالمعارضة في البحرين لكنها تؤيد قضيتها.
الى ذلك، اكد الشيخ خالد آل خليفة: «إن العنف في البحرين يحظى بدعم مباشر من عناصر الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
وأضاف ان «التقديرات الحكومية المتكررة تشير الى ضلوع إيران النشط وعلى شكل التدريب غير المباشر للعناصر العنيفة في البحرين عبر جماعات تعمل بالوكالة ومقرها خارج البحرين، وظهور جماعات متمردة مرتبطة مباشرة بقوة القدس وهي وحدة خاصة في الحرس الثوري الإيراني واعتقال أفراد يتلقون توجيهات من نشطاء إيرانيين في أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة الفتاكة».
دعوة الى عدم التدخل
ودعا وزير خارجية البحرين، إيران إلى احترام مبادىء عدم التدخل والتعايش السلمي وحسن الجوار المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. وأشار إلى أن البحرين تسعى دائماً إلى صداقة الجمهورية الإسلامية ومستمرة في التصرف على أساس حسن النية، رافضاً القبول بأن «يقوض عنصر أجنبي أمننا واستقرارنا».
وفي كلمته، أكد وزير خارجية البحرين على ارتباط هذه الأعمال الإرهابية بشكل مباشر بعناصرٍ من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقال ان إيران أشرفت على تدريب من يقومون بأعمال العنف في البحرين، من خلال مجموعات متواجدة خارج المملكة، وظهور مجموعات مسلحة ذات علاقة مباشرة مع جيش القدس، والقبض على أشخاص في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي ذوي صلة بعملاء إيرانيين، والتي أكدتها بشكلٍ واضح تقارير صادرة عن حكومات أجنبية.
وتحدث الشيخ خالد بشكل مفصل عن التحديات التي لا تزال البحرين تواجهها بعد ثلاث سنوات من صدور تقرير اللجنة، مشيراً على وجه الخصوص إلى تنامي ظاهرة العنف وأعمال الإرهاب التي تحدث في الشوارع، وما يواجهه أفراد الشرطة من أعمال إرهابية خطيرة، قد أودى آخرها بحياة ثلاثة من أفراد الشرطة في عمل إرهابي بشع ومدان، لم يتوان الفاعلون الإرهابيون من تصويره ونشره على رقعة واسعة من وسائل التواصل الاجتماعي، إمعاناً في التحريض على العنف والإرهاب.
في المقابل، رد مرتضى سرمدي نائب وزير الشؤون الخارجية في إيران إن البحرين تقمع حرية التجمع السلمي وحرية التعبير وتعتقل النشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان وتعذب السجناء.
واستنكر وزير خارجية البحرين استغلال الأطفال والزج بهم في الممارسات العنيفة، والتي أدت مؤخراً إلى إصابة طفلين لا يتجاوز عمرهما العاشرة والحادية عشر، بعد أن غرر بهما الإرهابيون لزرع قنبلة محلية الصنع.
تقدير
وفي الوقت الذي أعرب الوزير البحريني عن تقديره لما أبدته الحكومات والمنظمات الدولية من أسف وتنديد بالعمل الإرهابي الصريح في منطقة الدية، فإنه طالب في الوقت ذاته جميع الأطراف في البحرين والتي أسهمت في تأجيج الوضع على أن تنخرط بمبادرات فعلية تفضي إلى الحد من تصاعد حدة العنف والأعمال الإرهابية.
وختم الشيخ خالد مخاطباً رجال الدين ذوي التأثير على الجمعيات غير الحكومية والساسة للقيام بدور أكثر فعالية، مؤكداً أيضاً على التزام مملكة البحرين بنهجها المعهود في اعتماد الحوار البناء من اجل دفع عجلة التقدم والتطور فيها.
وفي السياق عينه، اكدت الحكومة البحرينية انها لن تتساهل في اتخاذ الإجراءات الضرورية لاجتثاث الجماعات الإرهابية ومن يقف معها ويساندها ويوفر لها بيئة حاضنة.
وجاء في بيان شديد اللهجة نشر في ختام اجتماع استثنائي للحكومة ان “مجلس الوزراء يكلف وزير الخارجية العمل على «إدراج الجماعات الإرهابية ومن يتحالف ويتكامل معها على القوائم الدولية للإرهاب». واضاف: «ان مجلس الوزراء سيتخذ الإجراءات القانونية لتطويق هذه الجماعات والقبض على أفرادها. كما سيدرج ما يسمى بائتلاف 14 فبراير وسرايا الأشتر وسرايا المقاومة وأي جماعات مرتبطة ومن يتحالف أو يتكامل معها ضمن الجماعات الإرهابية».
ا. ح