سياسة عربية

هل يستعجل الحزب سحب مقاتليه من سوريا؟

هل يأخذ حزب الله قراراً جريئاً يقضي بسحب مقاتليه من سوريا في خطوة ترافق الاجواء الانفراجية التي سادت الساحة المحلية مع تشكيل الحكومة، والتي تواكب المرحلة اللاحقة لانتاج الاستحقاق الرئاسي؟ وهل تشكل خطوة الحزب في حال اتخاذها مناخاً سياسياً يؤسس للمرحلة المقبلة بعدما تبين ان ملفي الحكومة والاستحقاق الرئاسي خلطا الاوراق السياسية وساهما في خلق تواصل بين الافرقاء كان مقطوعاً لاكثر من سنتين؟

عجلت المشاورات التي جرت بعيداً عن الاضواء لتشكيل الحكومة في تأمين التواصل بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وبين الاخير والثنائي الشيعي عبر التواصل بين الرئيس فؤاد السنيوره والرئيس نبيه بري، اضافة الى اتصالات كانت مفاجئة بين اطراف سياسية، حتى ان حرارة المصافحة بين وزراء من 8 و14 اذار حول طاولة مجلس الوزراء كانت لافتة وتؤشر لمرحلة جديدة، بعدما تبين ان المناخ الوفاقي الذي عكسته حكومة تمام سلام انسحب على الوضع في طرابلس بعد اغتيال قيادي في الحزب العربي الديموقراطي، بحيث اعلن رفعت عيد بعد ان اعطى الدولة مهلة 48 ساعة لالقاء القبض على القاتل، انه لا يريد ان ينجرالى الفتنة، و«ان من عوّل على اننا سنضرب طرابلس خاب ظنه ونحن نعول على الدولة والمؤسسات». وتبين ان الاطراف السياسية تتهيب الموقف بعد الاستهداف الانتحاري للساحة اللبنانية والتركيز على استهداف الجيش الامر الذي حمل الاطراف على المسارعة لتحصين موقف الحكومة والالتفاف حولها ليواجه اللبنانيون متكاتفين المخطط الارهابي.

اسقاط الاعذار
يقول مسؤول امني ان عودة مقاتلي الحزب من سوريا تسقط من يد الارهابيين الاعذار.  ويقول نائب في 14 اذار ان التكفيريين لم يستهدفوا الساحة الا بعد مشاركة مقاتلي حزب الله في الحرب الى جانب النظام. ان اعتبار مسؤولي الحزب المشاركة خطوة استباقية لمنع وصول التكفيريين الى لبنان تبرير في غير محله، وجاءت الوقائع لتدحض هذا ال
تبرير. وقد ترك استهداف مناطق الضاحية موجة اعتراض عارمة لدى البيئة الحاضنة للحزب ترجمتها اعتراضات على التدابير وانتقال بعض المحال من الضاحية الى خارجها وتردي الحال الاقتصادية. وعكس احد المواطنين  الاجواء بالقول ان المواطنين لا يتحملون بعد اي تفجير وهم باتوا يطالبون الحزب بالاهتمام اكثر بشؤونهم وبسحب المقاتلين من سوريا.وشكلت زيارة رئيس وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا المفاجئة الى الوزير اللواء اشرف ريفي اشارة واضحة برغبة الحزب بالانفتاح على المستقبل والعودة الى خطوط التواصل القديمة بين صفا وريفي عندما كان الاخير مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي. لقد ركز ريفي على ضرورة عودة مقاتلي الحزب من سوريا قبل فوات الاوان وقبل استفحال الوضع، وافادة الحزب من المناخ الوفاقي الذي رافق تشكيل الحكومة لاتخاذ القرار الجريء بسحب المقاتلين، لتنفيس الاحتقان في الشارع الاسلامي، والعمل معاً لصد الارهاب، ولا يمكن اتخاذ الخطوة والحزب متورط في سوريا، فلا يمكننا ان نكافح الارهاب ونغطي وجود الحزب في سوريا المتهم بقتل الشعب الى جانب النظام. لانه لا يمكن لفريق لوحده التصدي لهذا المخطط بل بتعاون الجميع والوقوف وراء مؤسسات الدولة والجيش اللبناني والاجهزة. وسأل ريفي صفا عما سيحل في القرى الشيعية داخل سوريا وعلى الحدود اذا سيطرت الجبهة الاسلامية على الحدود بين البلدين؟ الن تحصل عملية انتقام، ولماذا نجر الويل لابنائنا؟ وماذا جنى الحزب من وجوده في سوريا؟ لقد ذهب الى المكان القاتل والى حيث استجلب الويلات له ولشعبه من دون ان يحقق انتصارات. فالحرب في سوريا مستمرة وبوتيرة شديدة. واستغرب صفا هذه المعلومات وحاول ان يدقق فيها بعدما تهيب الوضع القائم واشار صفا الى ان اتخاذ القرار ليس سهلاً ودونه مخاطر وصعوبات وكلفته عالية.

 مد الجسور
واعتبرت خطوة صفا باتجاه ريفي محاولة من الحزب لمد جسور مع المستقبل، بعدما تخلى عن سقف شروطه العالية، وقبل مشاركة الحزب في الحكومة من دون ان يسحب الاخير مقاتليه من سوريا. ويرى المستقبل ان الحزب موجود في المكان الخطأ والذي يترك تداعيات عليه وعلى بيئته، حتى ان حلفاء الحزب باتوا مربكين من وجوده في سوريا وغير قادرين على تبرير وتغطية الخطوة التي يرى نائب في القوات ان من اتخذ القرار بارسال مقاتلي الحزب هو الحرس الثوري وان هذا الوجود له ابعاد اقليمية ووفق اجندة ايرانية، ولم يتأمن الغطاء اللبناني له، بل تم خلافاً لسياسة الحكومة التي كان الحزب مشاركاً فيها. وكيف سيبرر الحزب بقاءه في سوريا وشعار رئيس الحكومة سياسة النأي بالنفس واعلان بعبدا لجهة تحييد لبنان ولا يمكن للحزب التنصل من اعلان بعبدا بعدما وافق عليه وشارك ممثل الحزب في ادخال تعديلات على الاعلان. وقد تكون الحكومة الجديدة المبرر امام الحزب لعودة مقاتليه من سوريا، خصوصاً ان مجلس الامن يدرس اتخاذ قرار بوقف اطلاق النار في سوريا بين المتقاتلين، فماذا سيفعل الح
زب عند ذلك ولماذا لا يعود الان وفق ما يقول احد الوزراء لاجهاض المخطط الارهابي ضد لبنان؟
لا يستبعد احد السياسيين المواكبين لحركة الاتصالات ان يقدم الحزب على اتخاذ الخطوة ولكن من دون الاعلان عنها. ويكشف سياسيون عونيون ان الموضوع بحث في الاجتماع بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري في باريس ولم يخف عون امتعاضه من هذه الخطوة. ويقول نائب في قوى 14 اذار ان الخطوة التي اتخذتها «المقاومة» بالذهاب الى سوريا لم تحصل على موافقة لبنانية وهي غير ميثاقية لمقاومة يحاول الحزب ان يضفي عليها الصفة الوطنية ويعطيها دوراً وطنياً يختاره الحزب ول
يس المسؤولون. فاين اصبحت المقاومة الان في الجنوب ام في سوريا؟ غير ان التطورات المتلاحقة في سوريا والتي قد يكون لها تأثيرها على الساحة المحلية ربما في اعادة خلط الاوراق السياسية بين القوى الى درجة خلط التحالفات مع الاستحقاق الرئاسي والتطورات التي واكبت عملية تأليف الحكومة من خلال التواصل بين مكونات سياسية كان انقطع الاتصال بينها منذ استقالة حكومة سعد الحريري.

ف. ا. ع
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق