أبرز الأخبار

ماذا دار في الغرف المقفلة قبل ان تبصر الحكومة النور؟ وكيف وزرت شبطيني؟

بعدما حال اعتراض التيار الوطني الحر دون تعيينها رئيسة لمجلس القضاء الاعلى، وابقاء المنصب شاغراً لاكثر من سنة، وقبل ان تحال على التقاعد خلال شهرين، توجت القاضية اليس شبطيني مسيرتها في «العدلية» بتعيينها وزيرة، وانتقالها من قوس القضاء في ارفع مركز قضائي في محكمة التمييز العسكرية كسيدة، الى مقاعد الوزراء في بعبدا كوزيرة لشؤون المهجرين في خطوة وصفتها اوساط سياسية بأنها مكافأة لها على ما تعرضت له عندما  عُرض اسمها لتولي منصب رئاسة مجلس القضاء، كونها ارفع قاض ماروني مؤهل لتولي هذا المنصب.

كيف تم اختيار شبطيني؟
يروي احد «طباخي» الحكومة ان الرئيس ميشال سليمان قرر ان يدخل العنصر النسائي الى الحكومة ولو من حصته وكان الرئيس تمام سلام ينوي الاقدام على الخطوة من خلال الاتصالات التي اجراها بعد تكليفه، والمشاورات التي كانت له مع عدد من السيدات، ومنهن رئيسة حزب الخضر ندى زعرور، ونقل احد زوار القصر «ان لدى سليمان مفاجأة في الحكومة لم يكشف النقاب عنها. وليل الخميس – الجمعة، تمت الصفقة – الاتفاق بين الوزير جبران باسيل عن التيار الوطني الحر ونادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري عن تيار المستقبل، وقضت بان تبقى حقيبة الطاقة مع تكتل الاصلاح والتغيير وتكون من حصة حزب الطاشناق، ويعطى الوزير جبران باسيل حقيبة سيادية هي وزارة الخارجية، بعدما رفض الرئيس نبيه بري التخلي عن حقيبتي المالية والاشغال، وبالتالي تم تغيير توزيع طوائف الحقائب السيادية فأصبحت حقيبة الدفاع من حصة الطائفة الارثوذكسية وليس المارونية وكان سليمان ينوي اسنادها الى الوزير السابق خليل الهراوي، فطار الاخير من التشكيلة وقضى الاتفاق العوني – المستقبلي بان يتولى اللواء اشرف ريفي حقيبة الداخلية وتم ابلاغ سلام بمضمون الاتفاق عند الساعة الواحدة والربع فجراً.

تعطيل الاتفاق
اتصل سلام بسليمان الذي كان اجتمع مطولاً مع الوزير وائل ابو فاعور وابلغه عن الاتفاق وعن اسماء تشكيلته وانه سيكون غداً الجمعة صباحاً في بعبدا، وعندما اطلع سليمان على الاتفاق العوني – المستقبلي على تسمية ريفي للداخلية قال لسلام تأكد من صوابية وصحة المعلومات، وعما اذا كانت مكونات 8 اذار تقبل به، فرد سلام انهم موافقون، وهذه نتيجة الاتفاق بين تياري الوطني الحر والمستقبل. ولكن تبين لسلام صباح يوم الجمعة ان الثنائي الشيعي يعارض ويرفض، وابلغ بري سلام انه لن يشارك مع الحزب في حكومة وزير داخليتها اللواء ريفي، وتراجع عون عن الاتفاق وتضامن مع الثنائي الشيعي وادى هذا التطور الى تأخير اعلان الحكومة صباح الجمعة كما كان مقرراً، وكما ابلغت دوائر المصيطبة الصحافيين الذين توجهوا صباح الجمعة الى بعبدا ليكتشفوا لاحقاً ان سلام لن يزورها وان عقبات اعترضت التشكيلة، وايجابيات اللقاء المسائي بين باسيل والحريري تبخرت.
نشطت الاتصالات لتدوير الزوايا وانقاذ الاتفاق بعدما كشف احد المراقبين ان الحزب انزعج من الانفتاح العوني – المستقبلي فسارع الى رفض الاتفاق، بحجة رفض وجود ريفي في وزارة الداخلية. عندها تعثرت الولادة التي كانت مقررة يوم الجمعة. وبذلت الجهود والمساعي التي قادها النائب وليد جنبلاط برعاية الرئيس ميشال سليمان، وكثف جنبلاط اتصالاته مع الرئيس نبيه بري وسعد الحريري لايجاد المخارج بعدما أصر سليمان على تشكيل الحكومة يوم السبت قبل سفر الرئيس بري الى الكويت في زيارة رسمية. وتمسك سلام بالتشكيلة الموضوعة من دون تغيير في توزيع الحقائب والاسماء بعدما اسندت حقيبة الدفاع الى سمير مقبل وابعد خليل الهراوي عنها وتحولت حقيبة الخارجية السيادية الى الموارنة مع جبران باسيل. وحصلت عندها مداورة، حوّلت الهراوي وزير دولة.

توزير شبطيني
في هذه الاثناء تلقت القاضية اتصالاً يوم الجمعة من احد معاوني الرئيس يبلغها ترشيحها لدخول الحكومة، وبعد ربع ساعة كما روت شبطيني اتصل بها المسؤول وقال لها «انسي الموضوع». وتوصلت الاتصالات التي جرت يوم الجمعة الى تذليل العقبات وكان سلام قد  لازم منزله ولم يزر القصر بعدما كان عقد ليل الاربعاء – الخميس اجتماعاً مطولاً في بعبدا بعيداً عن الاضواء دام حتى ساعات الفجر الاولى. واتفقا على كل شيء، على ان تعلن الحكومة في ضوء اتفاق عون – المستقبل، ونصح الرئيس سليمان سلام بضرورة التروي والتدقيق في المعلومات، وفي تحديد مواقف الاطراف للوصول الى توافق واتفاق سياسي وكان قد تبين ان عدداً من الدول الخارجية الاقليمية والدولية نجح في توفير المظلة الدولية، عبر قرار بانقاذ لبنان وان الازمة السياسية باتت تتحول الى ازمة حكم تنعكس على الاوضاع، لا سيما الاقتصادية وهنالك خشية من الانهيار. وكان هذا الوضع المأسوي على طاولة البحث بين الرئيسين الاميركي باراك اوباما والفرنسي فرانسوا هولاند، وكان توافق على خطوة انقاذية.
ويكشف مصدر دبلوماسي ان عدداً من السفراء الغربيين في لبنان تحركوا في الآونة الاخيرة بتعليمات من حكوماتهم باتجاه عدد من الدول الاقليمية، لا سيما السعودية وايران وبعض القادة المحليين انطلاقاً من قرار دولي بانقاذ لبنان، وقد ابلغ السفراء بعدم الممانعة الاقليمية لا سيما من السعودية وايران بتشكيل حكومة في ظل رغبة لبنانية بضرورة الخروج من الازمة الحكومية، لان عدم تشكيلها قد يؤثر على الاستحقاق الرئاسي ويؤدي الى حصول فراغ في بعبدا. من هنا تضافرت الجهود الخارجية مع الارادة الداخلية في انضاج الحكومة وموافقة الاطراف على تدوير الزوايا للوصول الى اتفاق لانتاج حكومة المصلحة الوطنية.
واكد احد الدبلوماسيين ان صدور مراسيم الحكومة بعد عشرة اشهر كان نتيجة قرار دولي – اقليمي وجهد محلي لم يكن بمقدور اي طرف تجاوز هذا القرار او رفضه، بعدما تبين ان خطوط التواصل والتلاقي استعيد العمل بها خصوصاً بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل والذي اعتبر مؤشراً، اضافة الى كلام الامين العام لحزب الله حسن نصرالله حول الحكومة والتأكيد على تدوير الزوايا والتلاقي والتواصل لان مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والتعامل مع بعضنا البعض بروح الشراكة والمحبة والمسؤولية بعدما رفع الرئيس سعد الحريري عندما وافق على تسوية – التفاهم بين مكونات 8 اذار لتشكيل الحكومة شعار «مصلحة لبنان فوق مصالح الجميع ولبنان اكبر من الجميع».

ماذا جرى؟
ماذا جرى يوم السبت الفائت؟
توجه الرئيس سلام الى بعبدا حاملاً ملف التشكيلة لعرضها على الرئيس سليمان قبل صدور المراسيم، عندها اسقط الرئيس سليمان اسم القاضية اليس شبطيني من حصته محل الهراوي الذي واجهت توزيره اعتراضات زحلاوية ومناطقية وجبلية، وغيرها. وتمسك سليمان بالقاضية واسند اليها حقيبة المهجرين كونها السيدة الوحيدة في الحكومة، بعدما حاول سلام ادخال العنصر النسائي ولم يفلح، وكان قد اعد في كلمته فقرة يعتذر فيها عن عدم توزير العنصر النسائي الا انه حذف الفقرة بعد الاتفاق على شبطيني التي تلقت ظهر يوم السبت اتصالاً من القصر يدعوها لان تكون عند الرئيس الساعة الواحدة. فقالت: انا في جبيل، فرد المتصل: استعجلي. وهكذا كان. وصلت شبطيني الى بعبدا ليتم ابلاغها برغبة سليمان في توزيرها.
ان توزير شبطيني في الحكومة، هو قيمة مضافة، وقد اراد الرئيس سليمان ان يعيد اليها اعتبارها، فبعد ان رفضت من رئاسة مجلس القضاء احتلت مقعداً حول طاولة مجلس الوزراء. ويقول احد الدبلوماسيين ان في حكومة سلام شخصيات. وقد لاقت الحكومة فور تشكيلها ترحيباً خارجياً من خلال الاتصالات التي تلقاها الرئيس سليمان وعكست استعداد الدول لمساعدة الحكومة على تجاوز الاستحقاقات وتحديات المرحلة.
ان الرئيس سلام كلف لتشكيل حكومة للاشراف على الانتخابات النيابية، الا انه بعد تمديد ولاية المجلس الحالي، تحولت مهمته الى حكومة تهيىء للاشراف على الانتخابات الرئاسية، فهل ينجح، ام ان ما جرى لمجلس النواب سينسحب على الاستحقاق الرئاسي وفق ما يقول احد الوزراء، وبالتالي فان حكومة سلام تستمر لتشرف على الانتخابات النيابية في الخريف المقبل؟

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق