الاقتصادمفكرة الأسبوع

السعودية تقتحم قطاع الغاز الصخري

لم يعد النفط الصخري والغاز ذلك "البعبع" الذي يلقي الذعر في اسواق النفط، او يخيف "اوبك" والسعودية بصورة خاصة من امكان ابتعاد الولايات المتحدة عن نفط الشرق الاوسط. وتعبيراً عن عدم وجود هذا الخوف المزعوم، قررت الرياض اقتحام هذا المضمار وفي عقر دار الولايات المتحدة بالذات.
علم من مصادر في الشركة السعودية للصناعات الاساسية (سابك) ان الشركة تجري محادثات مع مجموعة من الشركات الاميركية للاستثمار في الغاز الصخري داخل الولايات المتحدة بالذات، متوقعة ان تدخل السوق  خلال العام الحالي.

دوافع التوجه
يعتبر احد الخبراء السعوديين ان توجه "سابك" الجديد خيار في موقعه الصحيح يتيح للمملكة  الاستفادة من الطفرة في انتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة الاميركية، وتوسيع نشاطاتها الصناعية هناك بالحصول على اللقيم الذي تحتاجه صناعة البتروكيماويات، علماً ان "سابك" تحتل المرتبة الثانية كأكبر شركة بتروكيماويات في العالم.
ورأى الخبير ان الخطوة السعودية تعني عملياً ان الغاز الصخري بات امراً واقعاً، ولا يربك منتجي الغاز والنفط، بمن فيها "اوبك"، لا بل ان الخطوة ستكون ذات مردود ايجابي يتمثل بمساعدة "سابك" على التكيف مع المتغيرات العالمية في صناعة البتروكيماويات اضافة الى توفير مصادر مختلفة للقيم.
ويبرر الخبير النفطي بالقول ان طفرة الغاز الصخري ساهمت في خفض اسعار الغاز والسوائل المصاحبة- وهي الاهم – لأن هذه الوفرة ادت الى طرح الغاز الصخري في السوق الاميركية بسعر تجاري يجعله احد المصادر التي تتجه اليها صناعة البتروكيماويات، وبما ان الولايات المتحدة تحضّر لتصديره، فإنه سيستهلك هناك.
تكرير وتوزيع
على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، كشف الخبير أن الاستثمار السعودي سيكون في عمليات المصب التي تشمل التكرير والتوزيع، من دون ان يكشف عن حجم الاستثمار المزمع او الشركاء المحتملين. وسبق لسابك ان اشارت، العام الماضي، الى عزمها على بناء وحدة تكسير جديدة للغاز الصخري في الولايات المتحدة. ومن المتوقع الا يكون الاستثمار ضخماً في بداية الامر، بإعتبار ان الشركة "ليس لديها احتياجات تمويل عاجلة، ومن الصعب ان تلجأ الى سوق السندات في العام الحالي". ولفت الخبر الى انه لن تكون هناك استثمارات ضخمة لعامين او ثلاثة، "بل ستأتي معظم الاستثمارات في العام 2017".
وقال الخبير السعودي في مجال البتروكيماويات فضل البوعينين ان "سابك" تتحدث عن توجه للغاز الصخري في الولايات المتحدة وليس خارجها، معتبراً ان خطوة الشركة السعودية "ثاقبة لمواكبة اي تغيرات تطرأ على السوق الاميركية، والتي سيكون لها بالتالي تأثير على استثمارات سابك هناك". وألمح الى ان اي تغير في قطاع البتروكيماويات يفترض ان تكون سابك مطلعة عليه من الداخل – او من تقنيات الصناعة – وستتيح الاستثمارات المرتقبة لسابك سبر أغوار  التقنيات الجديدة لهذه الصناعة، كما انها ستتيح الحصول على اللقيم بأسعار مفضلة مما يساعدها على تحسين تنافسيتها في السوق الاميركية.
عمليات المصب
ان عمليات "المصب" التي ستستثمر فيها سابك تعني الشراء المسبق للخدمات من حقول الانتاج بعقود دائمة او طويلة، وبناء وحدات تكسير خاصة بالغاز الصخري. وتعني الاستثمارات المتدرجة في هذا القطاع ان سابك تتحوط في استثماراتها تحسباً لأي متغيرات سوقية قد تطرأ لحماية الشركة من مواجهة مخاطر السوق او عمليات الانتاج.
وتتباين الآراء حول امكانية ولوج السعودية انتاج الغاز الصخري في الداخل، او اكتفائها بالدخول الى هذا المضمار في الخارج. فيرى البوعينين مثلاً ان دخول سابك قطاع الغاز الصخري هو اختيار حقيقي لهذا القطاع الجديد من الطاقة، وكشف لمعالم هذا القطاع، وبأن ما يعزز هذه الفرضية ابداء السعودية اهتمامها بالغاز الصخري ونيتها التوجه الى انتاجه من بعض مناطق البلاد. واعتبر ان دخول سابك هذا القطاع قد يساعد في نقل التقنيات الى السعودية. اما فريق آخر من الخبراء، فيعتبر ان دخول سابك قطاع الغاز الصخري هو توجه استثماري بحت بسبب وفرة انتاجه في الولايات المتحدة بالقرب من قواعد سابك الاستثمارية هناك. وقال ان تقنيات انتاج الغاز الصخري ليست سراً بل متاحة للجميع، مستبعداً دخول سابك هذا القطاع في انتاج الغاز الصخري، بل تستهدف السوائل المصاحبة للغاز الصخري لاستهلاكها في منشآتها داخل الولايات المتحدة.

ارامكو تستعد
انهت شركة ارامكو السعودية، اكبر منتج للنفط في العالم، استعداداتها للبدء بإنتاج الغاز الصخري وانواع مختلفة من الموارد غير التقليدية في السنوات المقبلة. ونقل عن مصادر في صناعة النفط السعودية قولها ان ارامكو تخطط لاستخدام الكميات المنتجة من الغاز الصخري لتغذية المدن الصناعية الجديدة الجاري تنفيذها في المناطق النائية، وخصوصاً في شمال المملكة وجنوبها. وتحتل المملكة، وفق تقارير عالمية، المرتبة الخامسة في العالم في احتياطات الغاز الصخري بكميات تصل الى 660 تريليون قدم مكعبة تعمل على استغلالها لمواجهة الطلب المحلي على الطاقة. وما يساعد على هذا التوجه اختراع طرق جديدة تخفف من استخدام المياه والمواد الكيماوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق