جيرو مصر على اكمال تحركه رغم فشل مساعيه لانتخاب رئيس للجمهورية

ترى أوساط سياسية قريبة من فريق 8 آذار أن إصرار الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو على استكمال جولته في المنطقة لن يغير من الوقائع كثيراً، ولن تختلف الأجواء التي خلص إليها في زيارته الأولى ومشاوراته التي أجراها مع القيادات والكتل والتيارات المعنية بانتخابات رئاسة الجمهورية في بيروت، فمن الواضح أن هذا الاستحقاق لا يزال في «ثلاجة» الانتظار، ولا يبدو أن أحداً من الأطراف المعنية على استعجال من أمره لتقديم تنازلات قبل نضوج التسويات الكبرى في المنطقة، إلا إذا تأمن الثمن المطلوب لتقديم تنازلات مرحلية… وهذه الخلاصة تعود الى سببين رئيسيين، الأول جوهري يتعلق بالظروف المحيطة في المنطقة، والثاني شكلي يرتبط بضعف قدرة الفرنسيين على التأثير في الأحداث. فباريس لم تعد تملك وزناً سياسياً وديبلوماسياً يسمح لها بفرض تسويات، كما أنها ليست جزءاً من تلك التسويات المفترضة، فهي على المستوى العملي تملك «بضاعة» غير مطابقة للمواصفات وهي لا تتمتع بأي قدرة على فرض نفوذها على الساحة اللبنانية، «والمونة» التي كانت تحظى بها سابقاً من خلال علاقاتها المؤثرة بالجانب المسيحي لم تعد قائمة اليوم، فالأطراف المسيحية وخصوصاً المارونية منها باتت في معسكر آخر، وهي موزعة بين قوى 14 آذار التي تسير في الخط السعودي – الأميركي، والتيار الوطني الحر ومسيحيي 8 آذار الذين لا يخفون تحالفهم الوثيق مع محور المقاومة في المنطقة، ولذلك لا تملك باريس القدرة على إحداث اختراق رئاسي على المستوى الداخلي، وجل ما يمكنها فعله ملء الفراغ، بعرض أفكار ومقاربات لا تلامس جوهر المشكلة لأنها غير قادرة على حلها.
والمعضلة الفرنسية الثانية تتعلق بالوزن الدولي والإقليمي، فباريس تقول الأوساط، فقدت دورها الريادي وتتحرك تحت «مظلة» أميركية ترسم حدود هذا الدور وتحدد قدرته على الفعل.
وتشرح تلك الأوساط هذه المعادلة بالتساؤل عما تملكه فرنسا من أوراق للمقايضة إذا ما كانت ستمنح «شرف» حل معضلة الرئاسة اللبنانية؟ فهل ثمة ما يمكن منحه بالمجان؟ ولماذا ستسمح الولايات المتحدة لباريس بقطف ثمار هذا الملف؟ فإذا كانت واشنطن قد أعطت ضوءاً أخضر للمبعوث الفرنسي لجوجلة الأفكار على الساحة اللبنانية، فهي بالتأكيد ليست في صدد منحه «شيكاً» على بياض لاجتراح الحلول أو إيجاد المخارج، فالكلمة الحاسمة ستبقى في واشنطن، لكن طالما أن التسوية لم تنضج بعد فلا ضير من «كاسحة ألغام» فرنسية تمهد الطريق وتزيل بعض العقبات.
وأبلغ جيرو، المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم أن التحرك الفرنسي لإنهاء الأزمة الرئاسية في لبنان مستمر على رغم أن الظروف ليست ناضجة لإتمام توافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقالت مصادر الذين التقاهم إنه سمع من الجانب الإيراني أن «حلفاء طهران في لبنان هم أصحاب القرار في الشأن الرئاسي»، فضلاً عن تكرار موقفه بوجوب اتفاق القيادات المسيحية على الاستحقاق الرئاسي، الذي سمعه أيضاً من المسؤولين السعوديين.
كما أبلغ جيرو من التقاهم أن المساعي الفرنسية السابقة لم تصل الى خواتيمها المرجوة، لكنها ستتجدد قريباً لدفع الاستحقاق الرئاسي الى الأمام، وأنه ينتظر انتهاء التطورات الحاصلة في السعودية لمواكبة ما يمكن أن تسفر عنه ليتابع تحركه.
ونقل عن الرئيس نبيه بري تعليقاً على زيارة الموفد الفرنسي جيرو الى بيروت ومحادثاته معه، قوله: «هناك شيء لم ينتج ولم يتبلور بعد لأن انشغالات المنطقة كبيرة ووصلت الى الأردن الذي كان بمنأى عن نار الإرهاب».