رئيسي

هل رفع الحظر عن تزويد لبنان بالسلاح الثقيل؟

شكلت الهبة السعودية لمساعدة الجيش اللبناني، كما يقول مسؤول رفيع، اشارة واضحة الى وجود قرار كبير بالمحافظة على الإستقرار في لبنان وبتسليح الجيش ليكون حامي الأمن، بعدما تبين للدول الكبرى أن الجيوش هي التي توفر الأمن. وبدأ الرهان عليها لتحقيق الإستقرار في المنطقة بعد الربيع العربي.

تتولى الجيوش دعم الليبيراليين لتحقيق الإنتقال في الأنظمة وتحويل هذه الجيوش من قوة تحمي الأشخاص والأحزاب الحاكمة، الى جيش يحمي النظام والدولة بمؤسساتها، وتبين بأن الرهان على غير الجيش للتغيير هو في غير محله. فالجيش هو الذي يحمي أي مسار تغييري. لقد تم الإعلان عن الهبة من لبنان بناءً على رغبة ملكية، للتأكيد على انها للبنان عبر الرئيس ميشال سليمان. وجاءت في ظل حكومة مستقيلة ومرور عشرة أشهر على عدم تشكيل حكومة جديدة وسط إنقسام حاد بين اللبنانيين وإنشطار القوى السياسية في شرخ عمودي حاد بعدما إرتبطت أزمة لبنان بأزمة المنطقة.
وإعتبر مصدر وزاري أمني الهبة بداية لإنطلاق مسيرة فصل لبنان عن أزمات المنطقة، لا سيما عن الأزمة السورية. وبدأت قيادة الجيش البحث مع الجانب الفرنسي في لائحة المعدات التي يحتاجها الجيش الذي لم يجدد معداته ويحدثها ويطورها منذ سنوات بسبب وضع لبنان المالي. وإتفق في حكومة نجيب ميقاتي قبل ان تستقيل، على خطة لتسليح الجيش تمتد على عشر سنوات بمبلغ يفوق الخمس مليارات دولار وتمكن الرئيس سليمان قبل أربعة أشهر على مغادرته بعبدا من أن يؤمن للجيش 3 مليارات من السعودية وملياراً ونصف المليار من الخزينة وما يوازي الهبة السعودية من دول الخليج كما هو متوقع، ونحو مليارين من الدول المانحة خلال مؤتمر دعم الجيش الذي دعت إليه إيطاليا في آذار (مارس) المقبل. وتعتبر الهبة السعودية للجيش أكبر دعم يتلقاه منذ سنوات، وهذه إشارة الى دور هذه المؤسسة لحفظ الإستقرار، خصوصاً ان الهبة جاءت في الوقت الضائع وفي ظل حراك دولي – إقليمي لمواكبة الربيع العربي وإرساء الديموقراطيات في المنطقة.

خطوة مفاجئة
لقد أربكت الخطوة السعودية المفاجئة قوى 8 آذار لتعذر رفضها، كونها مخصصة لتسليح الجيش عبر الدولة الفرنسية، بمعنى أن لبنان لن يتسلم الأموال بل يتم تحويلها الى فرنسا وفق إشارة لبنان. وعكست تعليقات قيادات 8 آذار هذا الإرباك بعد تساؤل من نواب 8 آذار عن لماذا الآن؟ ولماذا التسليح من فرنسا وسلاح الجيش أميركي؟ الا أن قوى 8 آذار كانت محرجة لأنه لا يمكنها رفض تسليح الجيش وهو العمود الفقري في معادلة الشعب والجيش والمقاومة، فكيف لهذه أن ترفض تقوية الجيش وهي التي كانت تنادي به، وتبرر وجودها لعدم توفر قدرات لدى الجيش تؤهله لحماية لبنان من اسرائيل، وكانت المقاومة ترفض وضع صواريخها بأمرة الجيش لتوحيد الأمرة العسكرية وحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة. وسبق في الماضي أن رفضت المقاومة ومكونات 8 آذار المساعدة العسكرية التي عرضتها روسيا لتزويد الجيش بعشر طائرات ميغ 29، تم تحويلها لاحقاً الى طائرات أم 24 ودبابات وعتاد تم الإتفاق عليها، لأن هبة الميغ لا تناسب لبنان. إلا أن هذه المساعدة التي كثر الحديث عنها عند زيارة الرئيس سليمان روسيا ومن بعده رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الدفاع الياس المر تبخرت. ويكشف مسؤول أمني أن واشنطن إستفسرت بإستغراب عن تلك المساعدة بعدما إعترضت إسرائيل عليها ورفضت حصولها، انطلاقاً من رفض تسليح الجيش بالسلاح الثقيل، خوفاً من أن ينتقل الى يد حزب الله، علماً بأن وزارة الدفاع الأميركية أرسلت فريقاً عسكرياً الى لبنان إطلع على معدات الجيش وتبين له أن كل السلاح الأميركي الذي قدم للجيش موجود بالكامل في مخازنه، وقد لفت الأمر المسؤولين الأميركيين.

هبة صافية
وأمام إعتراض 8 آذار على الهبة يروي مسؤول أمني أن الرئيس سليمان عندما زار ايران وبعده قائد الجيش، أثارا موضوع مساعدة الجيش «وان ليس لدينا المال لذلك» ولم يسمع أحدهما جواباً ايجابياً، إلا أنهما فوجئا بخبر في بعض الصحف وفيه «إن لبنان رفض مساعدة إيرانية لتسليح الجيش» ورفض أحد الوزراء أن يقارن بين الهبة السعودية وأية مساعدة أخرى للجيش. وتبين أن هناك قراراً خارجياً بتسليح الجيش في لبنان، بعدما أثبت جدارة في حفظ الأمن ومواجهة الإرهابيين. ويؤكد مسؤول رفيع أن الهبة غير مشروطة بالسياسة كما يحاول أن يروج البعض، وانها هبة صافية لتسليح الجيش، ولا رابط بين الدعم العسكري والسياسة، وهذا ما أزعج أطرافاً لبنانيين كما يقول وزير أمني، ويضيف ان البعض راح يربط بين الحديث عن حكومة حيادية والهبة، وبأن السعودية لا تريد إشراك الحزب في الحكومة، والبعض الآخر عزا الحلحلة على صعيد تشكيل الحكومة الى الموقف السعودي الذي نصح حلفاءه في لبنان وفق نائب في 8 آذار بدخول الحكومة في هذا الظرف وعدم البقاء خارج السلطة.
والسؤال المطروح: هل سيتم تزويد لبنان بالسلاح الثقيل من طائرات وصواريخ بعدما كان ذلك ممنوعاً ومحظوراً؟ وهل إن السعودية ومن خلال هذه الهبة حاولت بعث رسائل الى قوى دولية وإقليمية كانت تعارض تسليح الجيش، وباتت الآن ترحب بتزويد الجيش بأسلحة ثقيلة؟ وهل ستبادر هذه الدول كما فعلت السعودية لتسليح الجيش؟ الى هذه الأسئلة يضاف سؤال عمّ سيكون عليه موقف نواب 8 آذار، لا سيما نواب حزب الله، عندما يصل الملف الى مجلس النواب وقد توعدوا بتكبيل هذه الهبة بالشروط بحجة وضع ضوابط لوقفها تماماً كما كان يحصل عند مناقشة بروتوكولات مساعدة للأجهزة الأمنية، فكانت ترفع دائماً فزاعة اسرائيل، وان البروتوكول هو لكشف لبنان أمام اسرائيل عبر الأجهزة وغيرها من الحجج الواهية لمنع تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية، وعندها تبقى الدولة ضعيفة وبالتالي تبقى الأضعف بين الدويلات المسلحة على الارض اللبنانية.

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق