أبرز الأخبار

«الإستفتاء المصري» يطلق سباقاً إخوانياً للتصعيد، وحكومياً لتعديل «الخريطة»

يلاحظ المتابعون للشأن المصري، بأن الإستفتاء على الدستور شكل نقطة تحول في العديد من المواقف والقضايا لأطراف المعادلة السياسية. وفي الوقت نفسه نقطة إنطلاق لمرحلة جديدة من الحياة السياسية في البلاد. ومع التأكيد العام على أن الإستفتاء كان مجرد مرحلة من مراحل التحول السياسي في البلاد، إلا ان الإجماع العام يؤشر على أنه كان من أهم المراحل، لجهة أنه يشكل قاعدة الإنطلاق لمراحل أكثر إنضباطاً، ولخيارات ذات ارتباط بقدر من الشرعية، وتحديداً التحول من مرحلة الاتكاء على الشرعية الثورية من جهة، والشعبية من جهة اخرى، الى ثوابت العمل الديمقراطي.


ففي الإطار العام للإستفتاء وإستحقاقاته، هناك أداء ديمقراطي، إلا ان الأمر لا يخلو من بعض التشكيك المتكئ على مصالح قد تختلف عمليات تقويمها ما بين الضيقة والشخصية، والوطنية.
وسط تلك الأجواء، جرى الإستفتاء، وكانت نتيجته إيجابية وكاسحة لصالح الجيش والدستور ووضعت حداً لإدعاءات الإخوان . فالحكومة ترى أن النسبة العامة للتصويت على الدستور فاقت مثيلتها في عهد مرسي. ونسبة الموافقين على الدستور كانت متميزة قياساً الى سابقاتها. بينما يرى الطرف المعارض ان العملية كلها مطعون بشرعيتها. وما بين التشكيك والتأكيد، ثمة أزمة معروفة للجميع قد يكون من الصعب تجاوزها او حتى الوصول الى منطقة رمادية يلجأ إليها الطرفان ضمن إطار هدنة مؤقتة او طويلة الأجل.

ربيع سياسي
فالطرفان استغلا عملية الإستفتاء واعلان النتائج كنقطة إنطلاق لخطوات لاحقة، وسط توقعات بربيع سياسي بإمتياز، وبإجراءات قد تمتد حتى فصل الصيف المقبل بالنسبة الى الطرف الحكومي، وقد تمتد لسنوات بالنسبة الى الطرف المعارض.
فالمعارضة التي تنطلق من تأييد مرسي والطعن في كل الإجراءات الحكومية، ترى ان الأمور قد قطعت شوطاً أنهى أي حلم بإستعادة الحلم بالدولة الإسلامية، وترى بالتالي بأنه لا بد من برمجة تحركاتها وتوظيفها تبعاً لسياسة تخدم هذا الغرض.
اما الطرف الحكومي، المدعوم عسكرياً، فيرى أنه إجتاز مرحلة الإختبار، ودخل في المجالات التطبيقية، وان عليه البدء بتأسيس الحقبة المقبلة طبقاً لفرضية الديمومة.
وما بين التوجهين ثمة أزمة يترجمها أنصار الإخوان بأساليب لا تخلو من الإرهاب والعنف والتوتر ومن غياب الحكمة.
والدليل على ذلك ما يقوم به أنصار الرئيس المخلوع من ممارسات عنف، ومواجهات تؤدي الى سفك الدماء وبشكل يومي. وما تخطط له تلك المجموعات على الأمد الطويل، سواء بتجهيز السلاح وتدريب الأنصار، او حتى بإشعال ما اتفق على تسميته بـ «جبهة سيناء»، والتي ما زالت تشكل استنزافاً للإمكانات العسكرية المصرية، وتفضي الى مواجهات شبه يومية والى المزيد من القتلى والجرحى.
ومع ان المعارضة لم تكشف عن تفاصيل مشروعها «النضالي»، الا ان المدققين في تفاصيل المشهد يتوقفون عند ما يعتقد أنه إستمرار للنهج عينه، بدءاً من مواصلة التظاهر، وانتهاء بمحاولة فتح مجالات جديدة من بينها الدخول الى الجامعات كافة ، وتنفيذ أعمال من شأنها نشر الفوضى والعنف.

تصعيد الإخوان
وبحسب مصادر متابعة فإن جماعة الإخوان ومناصريها لن تتوقف عند نقطة الإستفتاء كنقطة تحول في الأزمة لجهة دق أبواب العملية الديمقراطية، والإعتراف بوجود تغيرات من شأنها ان تغير المعادلة، او ان تسلم بالنتائج، وانما السير في نهج التصعيد بما في ذلك إستخدام وسائل العنف، حيث كشف مصدر عسكري، أن قوات الجيش الثاني في مدينة القنطرة غرب محافظة الإسماعيلية، تمكنت من ضبط مستودع يحتوي على كميات كبيرة من الذخائر أثناء عمليات مداهمة دورية تنفذها.
وبحسب بيان اصدره العقيد أحمد محمد علي المتحدث الرسمي بإسم القوات المسلحة، ضبطت عناصر الجيش الثاني مخزناً للمتفجرات في أحد المنازل بقرية «أم خلف» التابعة للقنطرة غرب البلاد.
وتضمنت المضبوطات، كميات كبيرة من مادة «ANFO» Ammonium Nitrate/Fuel Oil  الشديدة الإنفجار والمستخدمة في تصنيع العبوات الناسفة، وكراتين من أكياس البلي، المستخدم في تصنيع العبوات الناسفة، وقنابل من طراز «F-1» مجهزة للتفجير، وعبوات  دافعة للقاذف الصاروخي  RPG، ومفجرات طرقية، إلى جانب دوائر نسف كهربائية مجهزة، وعبوة بلاستيكية مجهزة لتفجير السيارات، وأجهزة خاصة بمدافع الهاون 120 ملم ، ونترات تستخدم لزيادة فاعلية التفجير، وتنتج مواد سامة تؤدي إلى الوفاة عند الإستنشاق، وأقنعة واقية.
وأكد المتحدث العسكري أنه سبق استخدام مادة الـ «ANFO» الشديدة الإنفجار، في تفجيرات مدينة أوكلاهوما سيتي بالولايات المتحدة عام 1995، وأيضاً في المحاولة الأولى لتفجير مركز التجارة العالمي بمدينة نيويورك عام 1993، كما أنها تستخدم بتوسع في تفجيرات العراق خلال الأعوام الماضية وحالياً.
وفي الطرف المقابل، وما إن إنتهى الإستفتاء على الدستور، حتى تواترت أنباء حول إجراء تعديل وزاري وشيك، وإصدار الرئيس المؤقت عدلي منصور قراراً بتعديل خريطة المستقبل، لإجراء الإنتخابات الرئاسية أولاً، لا سيما أن هناك العديد من القوى السياسية التي تمارس ضغوطاً شديدة على الرئاسة من أجل ذلك التعديل.

تعديل وزاري
ووفقاً لمصادر سياسية، فإن تعديلاً وزارياً محدوداً سوف يجري، لا سيما بعد الإطمئنان على نتائج المشاركة في الدستور، والموافقة عليه بنسبة زادت عن 95%. وأوضحت أن التعديل سوف يشمل سبع حقائب وزارية، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء حازم الببلاوي والرئيس المؤقت عدلي منصور غير راضين عن أداء ستة وزراء حاليين، هم وزراء: الكهرباء، الري، التعليم العالي، التموين والتجارة الداخلية، البترول، والتعاون الدولي.
ولفتت المصادر إلى أن رجل الأعمال حسن هيكل، مرشح لخلافة نائب رئيس الوزراء للشؤون الإقتصادية، ووزير التعاون الدولي الدكتور زياد بهاء الدين، وأفادت المصادر بأن المهندس إبرهيم محلب مرشح لشغل المنصب ذاته، متوقعة بأن تكون كفة نجل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، هي الأرجح في تلك المرحلة، لا سيما أنه يتمتع بعلاقات متشعبة داخلياً وخارجياً، إضافةً إلى أنه يملك رؤية واضحة لإقالة مصر من كبوتها الإقتصادية.
وأضافت المصادر أن إحتمالات إستقالة السيسي من منصبه كوزير للدفاع كبيرة جداً، من اجل الترشح للرئاسة، وأن اللواء صدقي صبحي، مرشح لخلافته في منصب وزير الدفاع، كما أن اللواء أحمد وصفي قائد الجيش الثاني مرشح لخلافة صبحي في منصب رئيس أركان القوات المسلحة.
وتحدثت المصادر نفسها، عن إتجاه عام داخل رئاسة الجمهورية لتعديل خريطة المستقبل، لإجراء الإنتخابات الرئاسية أولاً، بحيث يكون التعديل المنتظر بمثابة إستجابة لرغبة شعبية وسياسية في مصر، تطالب بأن تسبق الإنتخابات الرئاسية الإنتخابات البرلمانية. وأشارت المصادر إلى أن المادة 230 من الدستور، تمنح رئيس الجمهورية سلطة التشريع، وتعديل خريطة الطريق بما يخدم المصالح العليا للوطن.
وأشارت المصادر إلى أن إنتخاب رئيس للبلاد يأتي على رأس أولويات خطط الدولة لتحقيق الإستقرار في مصر، لا سيما أنه سيكون رمزاً للدولة، وهناك مؤشرات قوية على أن انتخاب الرئيس سوف يحقق الإستقرار، ويعيد دوران عجلة التنمية ويغير نظرة الغرب الى التغيير السياسي، الذي حصل في مصر عقب ثورة 30 حزيران (يونيو)، ومن ذلك رسالة في اتجاه الكونغرس الأميركي لرفع التجميد عن المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر.

احمد الحسبان
             

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق