سياسة لبنانية

تخبط سياسي في التعاطي مع ملف العسكريين المخطوفين

حصل تطور ميداني في منطقة القلمون مع توسيع تنظيم «داعش» نطاق سيطرته هناك حيث بات انهيار «الجيش الحر» مسألة وقت، وباتت «جبهة النصرة» محاصرة… وما يجري في القلمون هو نتيجة وامتداد لما جرى في الجبهة الجنوبية (درعا ـ السويداء) حيث تدور معارك بين «النصرة» و«لواء شهداء اليرموك» الذي أعلن مبايعته لـ «داعش». وبعدما كانت الجبهة الجنوبية تعد معقلاً لـ «النصرة»، فإنها تشهد خروقات متزايدة من جانب «داعش» وتمدداً في اتجاه القلمون في إطار توجه عام لدى هذا التنظيم للسيطرة على المعابر الحدودية مع لبنان ومع الأردن…
تنظيم داعش كان موجوداً في القلمون ويقاتل الى جانب «النصرة» (تعد منطقة القلمون معقلها الثالث بعد إدلب والجنوب)، قبل أن ينقلب عليها في الأيام الأخيرة مع وصول مسؤول شرعي جديد له الى القلمون هو «أبو الوليد المقدسي» الذي بدأ بمحاصرة مقاتلي «النصرة» و«الجيش الحر» والتمدد من بقعتين جغرافيتين صغيرتين للسيطرة على القلمون الشرقي والتوسع باتجاه القلمون الغربي الحدودي مع تلال عرسال في لبنان.
وهذا الوضع الجديد في القلمون ستكون له انعكاسات خطرة على المناطق اللبنانية المحاذية إذا اتجه «داعش» الى خوض معركة حاسمة وإذا اتجه أحد التنظيمين، «داعش» أو «النصرة»، تحت ضغط المواجهات الى محاولة خرق الحدود اللبنانية خصوصاً في عرسال. كما يعني هذا التطور أن ملف العسكريين سيحتاج الى مقاربة جديدة ورؤية مغايرة للتعامل مع تطورات وأحداث متسارعة، خصوصا إذا توسع القتال وسقط التفاهم القائم بين «النصرة» و«داعش» في هذه المنطقة، لتسريع عملية التفاوض عبر إحداث اختراقات جدية.

العسكريون المخطوفون
على صعيد العسكريين المخطوفين تسود حالة التخبط السياسي في بيروت والفوضى الحكومية العارمة في التعاطي مع هذا الملف. وكان آخر مظاهرها، بعد تسبّب قوى سياسية لبنانية في إضعاف موقف الدولة، تعدد الرؤوس المفاوضة من جانب الحكومة، وتعدد الوسطاء الذين لم ينل أي منهم تكليفاً حكومياً وإنما حصل بعضهم على تكليف جهات سياسية.
فبعد بروز اسم الشيخ وسام المصري كوسيط متطوّع بعلم جهات أمنية، برز اسم أحمد الفليطي (نائب رئيس بلدية عرسال) بتكليف من الوزير وائل أبو فاعور الذي أعطاه جنبلاط تفويضاً بالاتصال مع «داعش» و«النصرة». وبعدما كان المصري بدأ وساطته بمحاولة الحصول على تعهد من «داعش» و«النصرة» بوقف قتل العسكريين، فإن الفليطي، الذي لم يعلم الرئيس تمام سلام بشأنه ولم يطلعه أبو فاعور على أمره، قرر أن يبدأ مهمته بالحصول على تعهد لـ «داعش» بإطلاق النساء الموقوفات كمقدمة لقبول التفاوض.
وهذا التحرك الانفرادي من جهة جنبلاط، وربما يكون منسقاً مع تيار المستقبل، أثار حفيظة جهات في 8 آذار. وإذا كان الرئيس بري لا يغطي هذا التحرك فإن أوساطا قريبة من حزب الله تسأل عن الرهان الجنبلاطي المستجد على إمكانية التفاهم مع «داعش»، وعن أوراق القوة التي يملكها جنبلاط لفتح قنوات حوار مع الخاطفين، وعن الخبرة التي يمتلكها الوزير أبو فاعور لإدارة هذا الملف المعقد، وعن الهدف الذي يريد جنبلاط الوصول إليه وما إذا كان الأمر يقتصر على تحرير العسكريين وبينهم دروز، أو يتجاوز ذلك الى رغبة تحقيق خرق جدي عبر قنوات اتصال «جهادية» يمكن أن تستخدم لاحقاً في أي ترتيبات إذا خرجت الأوضاع عن السيطرة على الحدود اللبنانية – السورية…؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق